حوار وقفت عليه .. جرى بين شابين .. لعلهما ممن اشتغل بالدرس أو الطلب .. جمع بينهما سمو الهدف وغربة الطريق
أقتبس عبارات منه
قل لي يا رجل ..
واكتم خبري ما استطعت
سأحدثك حديثا ما أحب أن يطلع عليه كثير من الناس
هات
لي أيام .. كأن قلبي قد غادرني
كأني أنفاسي تعلو وتهبط بصدر فارغ
.. تمام كأم موسى، أو هو أشد
.. أحس به، وأراه بين عيني، أشعر بابتسامته، بحنانه، برحمته .. يتجدد في العهد الذي عرفته منه حين أتيته ..
هو هو.. تتمثل مدينته بين عيني .. يداعبني هواؤها.. ويعلوني خشوعها
.. فهل ترى لي من سبيل؟
صلّ عليه!
صلى الله عليه وسلم
.. وحسب؟
ألا تكفيك
أحسب أننا لو وعينا كيف نصلي على الحبيب لتغير حالنا كثيرا
ما ذكرته الآن أصابني في مقتل !
وأحسب أني قلت لك من قبل
ليس من ذاق كمن عرف ، وليس الخبر كالعيان!!
فمن زار الحبيب هو أشد شوقاً ممن لم يزره قط !
فيحدث له كلما ذكر أمامه مقامه وتذكر حاله عندما كان هناك ..... نعم هناك !!
يختلج صدره شعور لا يوصف!!
يعرفه من جرب وحسب
انظر نفسك الآن وأنت تشاهد الصلاة من الحرم!
أو تشاهد نقل الصلاة من المدينة عند المقام الطاهر
وقارن ذلك بما كنت عليه من قبل زيارتك!!
فالخلاصة
هذا إحساس المحبين ... الذين ذاقوا بعضا
هو غيض من فيض
فأحسب أن حالنا _ أتكلم عن نفسي _ لا نذوق من حلاوتها إلا النزر اليسير
لأن الواردات على قدر الحال !!
فكلما زاد إيمانك وطهرت سريرتك رأيت من الحال ما لا يوصف
وهكذا تتفاوت المراتب !
ومنه تتفاوت مقادير الشوق
فلم أجد بعد كل هذا إلا أن أذكرك بأفضل شئ أراه يقربك من تلك الحال
الصلاة على الحبيب لها طعم .....
إلى الآن _ صدقا _ أفشل في الوصول إليه
مع قناعتي بآثارها ووارداتها قناعة قد تصل إلى حد المبالغة
!!
ولكن حسبك من كلام الشيخ الصالح حوى عنها
وكيف كان يعتبر مجالسها من أوائل واجبات المحضن التربوي
لأنه _ في ظني _ عرف ثمارها وذاقها
فأراد تربية الجيل بها ، وقد نجح لا ريب !!
كفى !!
سامحك الله
جئتك جريحا فأجهزت علي ..
أحيانا ..أحيانا .. تكون الصلاة عليه .. بدافع الطبع لا بدافع الشرع
.. كأنها روحك تبحث عن غذائها
هذا حق !
ولكن للأسف نحن لا نحسن غير الكلام
قد يمكث أحدنا يصف في الحال والواردات وفضل الذكر والصلاة على الحبيب دهرا كلاما يدك الجبال
ثم ماذا ؟!
قد يكون كلامنا بدافع الحب .. نعم الحب
ولكن لم نفشل كثيرا بل دائما في تحقيقه
نلقي باللوم تارة على أنفسنا وتارة على الدنيا وواقعنا
ونلقى من ضمائرنا أحيانا ما لا تطيقه الجبال الرواسي !!
حتى نود لو أننا ما خلقنا !!
هي لحظات ضعف يواجهها كل منا مع نفسه
نستأسد على الناس بكلمة أو كلمتين
بجزء نحفظه أو حديث نقرأه أو فتوى نعرفها
ونتجرأ على المشايخ والصالحين والعلماء
ونقول
فلان كان مبالغا عفا الله عنه
وفلان لم يحسن في كذا سامحه الله
وهذا وإن كان مسموحا في مقام العلم والدرس
ولكن
لم لا ننظر عبادتنا إلى عبادتهم ؟!
وحالنا دون حالهم !
هل يختلف الأمر ؟!
قد ترى ذلك
إلا أن الفرق عندي ليس بكبير
لأننا نلقى الله بهذا
ولا نلقاه بمسائل نحفظها وكلام نتشدق به
هل تذكر رسالتك التي أرسلتها لي
أجل
"أخي.. إنما يطلب العلم للتقوى، فاحذر أن يقسو فؤادك بدعوى العلم أو طلبه فإن "طهر النفس أزكى عند الله من إدراك الصواب"
أعدت قراءتها من يومين واستشعرت ما فيها
وهو حقا خلاصة الأمر
كان ماذا بعد أن حصلنا ما حصلنا _ ولعلك تعلم أني لا أقلل من شأن ذلك _
دائما أنظر إلى مساكين منتدى الأزهريين والرياحين مثلا
وتطاولهم على شيخ الإسلام أو ابن القيم وغيرهما من الأحياء والأموات
هل بلغ أحدهم ما بلغ ابن القيم مثلا من السلوك والحال ؟؟
الله يعلم ما في السرائر ... نعم ...
ولكن نتائج الأحوال تضح في المقال والفعال
وهذا واضح جلي مع هؤلاء عفا الله عنا وعنهم
.. أكمل رضي الله عنك
فقد نكأت جرحا طالما ظننتني ابتليت به وحدي
تعلم .. ما كتبت حرفا إلا وتوهمت أنك تنقله من دفاتري ..
كلماتك هذه .. قلت بعضا نصا على الأوراق وبقيتها منصوص كما كتبته أنت الآن تماما في عقلي
ولم يزل ينمو داخلي ويزداد .. واقعا مرئيا، وحديثا محكيا..
حتى سكت تماما.. وبقيت فترة لا أفعل ولا أحكي
ولا أحب الحديث فيها مع أحد
لعل السبب أن لا أحد !
هو تماما..
غربة .. ما أقساها
وهذه أول مرة أبوح بكل هذا جملة واحدة
ولو كان غيرك _ يعلم الله _ ما ذكرت شيئا
كنت من قبل ببساطة
أسمع حلقة مثلا لعمرو خالد وهو يحكي ببساطته المعهودة قصة صحابي من صحابة الحبيب
فتفعل بي ما تفعل !
أهو من صدق القائل وإخلاصه أم غير ذلك ... لا يهم
المهم هو ناتج الكلام !
كان فعلا جيدا جدا
أما الآن
فأنا أحسب أن هذا من سيئات لا أقول العلم
بل حتى الطلب ولو في بدايته
فسيطرة تفكيرك العلمي الذي اعتاد على أمر أذهب عنك ما كنت تجده من قبل
فكرت في ذلك من فترة
فقلت لعل المستوى لو ارتقى لكان أفضل
إلا أن الحال لا يتغير كثيرا !!
فتسمع للبوطي مثلا في الحكم أو لغيره من كبار الصالحين
فكدت أبكي !!!
وأنا ممن لا أحسن ارتقاء الحال من الكتب
نادرا ما فتحت كتابا في الرقائق وقرأته
لم أفعلها إلى الآن أن أتممت كتابا واحدا في هذا !!
تخيل !!
ليس لشئ ، إلا لأني لا أحسن الاستمداد الروحي من الكتابة
أحسه من صدق السامع أكثر
سبحان الله .. لا صبر لي على مداومة السماع أو المشاهدة التلفزيونية .. فإما بالملازمة الحية أو القراءة
ولبعض الكتب في قلبي سطور وعلامات .. لم تمح حتى اليوم
في هذا الباب فقط هو ما أسمع فيه ، ومثلك في الباقي
لم يبق لي إلا شئ واحد
لا أبوح به لأحد غيرك
أسأل الله أن لا يحرمني شيئا
أحسب أنه ماتبقى
ولو أحسنته لكفاني
ولو ذهب عني لذهب كلي
هو ... القرآن !
ماذا؟ أما زلت لم تحسنه؟!
فماذا عني؟
ليس عن القراءة أتكلم
فما أكثر محسنيها
ولكن من يقرأ مثلا كالمنشاوي ؟؟؟؟
آية واحدة منه لو مكثت للصباح لما استطعت أن أصف لك ......
كيف يفعل بي هذا الرجل
وقليل غيره إلا أنه على الرأس
أحيانا أقول هل كل الناس معه كما أنا معه ؟!!
هل يفعل بهم _ ومحبوه كثر _ كما يفعل بي
صدقا ... المنشاوي ...
والله لا أدري ما أقول !!
يا الله .. الأنوار.. مطايا القلوب والأسرار
ما كنت أفهمها .. هي للشيخ السكندري
كنت أقول القلوب مطايا الأنوار والأسرار.. فكيف يجعل الرجل الأنوار هي التي مطايا القلوب والأسرار ..
لعلها بانت الآن واتضحت
كيف؟
لم أفهم الجملة !
أنوار التمسناها من الحبيب.. كشف حجب قلوبنا وهتكت أسرارها..
أنسيت أن الحديث قد بدأ به
فانظر إلام انتهى!!
صدقت والله
صلى الله عليه وسلم
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه .. مجدا أو مقصرا .. وسلم تسليما كثيرا
عذرا.. عسانا ندخل فيمن يصلى عليه معه