تقضّى الليل سريعًا وأنا أقرأ كتابًا توافر عليه أربعة من أعمدة الفكر الإسلامي........... هم مالك بن نبي مؤلفا........ وعبد الصبور شاهين مترجمًا........ وأبو فهر مقدّما......... ومحمد عبد الله دراز مصدّرًا......... كان هذا الكتاب (الظاهرة القرآنية) الذي أسعدني كثيرًا أن أجد عنه كلامًا هنا..........
وقد اتّفق لي -هذا الأسبوع- أن أطالع في كتابين علمين في التحليل النفسي للديانات.......... هما كتاب فرويد عن (موسى الإنسان وديانة التوحيد) وكتاب مالك بن نبي (الظاهرة القرآنية)..........
وإن لمحت تعارضًا بين محتوى الأديان وأوّليّات علم التحليل النفسي............
بمعنى أنني لم أقبل فكرة فرويد عن نشأة الديانات التي بسط القول عنها في كتاباته عن الطوطم والتابو........... ولا اعتبار النبوّات أمرًا ناتئًا من اللا شعور إلى الشعور.......... وعلى العكس أومن أن النبوة أمر موضوعي طارئ ليس للنبي أي تدخّل في استحضاره بل على العكس يبدو الأمر مفاجئًا للنبي ومفزعًا......... ومع ذلك لا يسعى إلى كبته بل يشتاقه ويستاء لانقطاعه............. الأمر نفسه يتكرر عند الحديث عن النبوءات والأحلام التى تستشرف المستقبل....... فالنبوءة تصدق وهي على ذلك أمر لا يدخل فيما يسيغه العقل الجمعي بل يناقضه ويناقض ما يعرض للذات النبوية....... فالنبوة إذن أمر موضوعي خارج عن الذوات وليست مفرزًا مجتمعيًا أو ناتج خبرة أو دراسة أو رؤية مسبقة.......... وتخالف الكشف في كون النبي يثق بنبوته وورود الوحي عليه من الرب سبحانه ثقة تقطع كل شك.............
كل هذه النقاط جلّى الأستاذ بن نبي بأسلوب عصري رائع..... على الرغم من مرور أكثر من ستين سنة على إصدار الكتاب في طبعته الأولى.......