نملة مذعورة
صوت هائل زلزل الأرض فوق مسكنها..
أطلت النملة مذعورة فلم تر إلا غباراً كثيفاً يملأ المكان..
تسلقت جداراً مجاوراً علها تشاهد شيئاً ولكنها سمعت ضوضاء شديدة فعادت مسرعة لبيتها وتوارت خلف ورقة شجر ذابلة تخفي مدخله..
هدأ تصاعد الغبار بعد قليل فأطلت برأسها من مخبئها تنظر بحذر..
- ما هذا؟ ماهذه الأقدام التي تدب على الأرض؟
إنها أقدام غليظة ترتدي أحذية سوداء ضخمة.. يا إلهي، لقد عادوا من جديد..
وخرجت نملة أخرى مذعورة تسأل:
- ماذا حدث؟
- عادوا مرة أخرى، عاد اللصوص لتعنيف صاحب البيت لأنه مازال يقاوم سرقتهم لبيته..
- يا إلهي، هل هدموا منزلاً آخر؟
- يبدو ذلك.
- انظري! أقدام دامية تركض..
وأقدام صغيرة مذعورة تجري هنا وهناك..
وأيدي صغيرة تجمع بقايا أشياء..
بقايا لعبة صغيرة..
ودفتر ممزق وكتاب المطالعة..
وقلم مكسور..
- وهناك.. انظري هناك.. أيدي قوية تجمع الحجارة..
- نعم أراها.. سيقذفون أصحاب الأحذية السوداء الضخمة بالحجارة الآن..
انظري.. الآن يختبيء أصحاب الأحذية السوداء الضخمة خلف سياراتهم الحديدية المخيفة..
انظري.. هاهم قد اختبئوا ولم يعد يبدو منهم إلا هذا الشيء المخيف في أيديهم الغليظة.. ما اسمه؟
- اسمه؟ هممم.. لا أدري.. سمعتهم يقولون بندقية.. أو مدفع رشاش.. شيء كهذا.
- نعم نعم.. ولكن لماذا يختبئون من الحجارة؟ أيخافون منها إلى هذا الحد؟
- يبدو أن بها ما يخيفهم فعلاً وإلا لما اختبئوا منها خلف سياراتهم.
- معك حق.. ولكني مازلت لا أفهم.. ماذا تحمل هذه الحجارة بداخلها لتخيفهم هكذا؟
مضى الوقت واقترب الليل..
وذهب أصحاب الأقدام الغليظة والسيارات الحديدية إلى أوكارهم..
ودخل النمل مساكنه.. وآوى الجميع إلى بيوتهم..
إلا أصحاب الأقدام الصغيرة..
باتوا في العراء يحلمون ببيت جديد.. ولعبة جديدة..
ووطن حقيقي ليس به أقدام غليظة..
ولا أحذية سوداء ضخمة..
ولا قلوب حديدية صدئة..
ومن بعيد.. حمل الهواء أصداء أصوات آتية من أعماق السكون...
خيبر خيبر يا يهود....
جيش محمد سوف يعود
سوف يعود..
سوف يعود