طيب، خلاصة كلامكم، أني أيضا، وأنا طالب، مُحمل برسالة ما، والمطلوب أن أصل فيها غاية الكمال، وكل مرتبة دونها فهي تقصير!
نعم، معكم حق، ولا خلاف أراه بين العقلاء إلى هذا الحد
تأملي معي قوله تعالى:
سيقول الذين اشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا باسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون الا الظن وان انتم الا تخرصون
فهؤلاء الكفار قد احتجوا لكفرهم بأنهم واقعون تحت مشيئة الله، وأنه لو شاء لهم الإيمان لكانوا في زمرة المؤمنين، وكان الجواب الأيسر والأقطع عليهم: ومن أدراكم أن المكتوب عليكم هو الكفر؟!
اعملوا، ما كلفتم به قدر جهدكم، ثم دعوا: التحصيل، والحساب لله!
فلست مخاطبا بأن أغرس الإيمان في قلبي، ليكون كإيمان أبي بكر، وإنما مطالب باتخاذ كل سبب يؤدي إلى ذلك، ما استطعت، وأدع لله أمرين:
تحصيل الإيمان بالفعل في قلبي
ثم حسابي على ما فعلت
وهنا:
أخاطب أنا كطالب مثلا بكل ما من شأنه أن يؤدي إلى حصولي على أكبر قدر من العلم والدرجات، كمذاكرة وحضور محاضرات وما شابه، ولا ألتفت إلى أن المصحح قد يظلمني في التصحيح، أو أني قد أمرض يوم الامتحان، أو يأتي الامتحان من خارج المنهج، أو أو
يقول ابن عطاء:
اراداتك التجريد مع إقامة الله إياك في الأسباب من الشهوة الخفية
ثم إذا ما سلمت ورقة امتحاني انتهى خطاب تكليفي وجاء دور جني الثمرة أو التماس العذر أعاذكم الله
أين الآباء إذن من مرحلتي التكليف والحساب؟
أرى أن التكليف لا ينتهي إلا بالأجل، أحياكم الله في الخير
، ومن كان في التكليف، فقد أساء الأدب إذا اعتذر
وإذا عدت لمثالي كطالب، فهناك طالب لا يستطيع شراء الكتب، وطالب سكنه بعيد عن الكلية، وطالب لا يقوى على احتمال المذاكرة .. وهكذا
كلها ابتلاآت واسباب خارجية .. إلا أن احتجاجه أثناء العام الدراسي بشيء من ذلك أمر في غاية السخف، فكم من طالب فاق دفعته وهو أفقرهم، وكم من طالب فاقهم وهو أبعدهم، وكم وكم..
إنما عليه أن يستغل كل ما لديه ويعمل كل ما بوسعه قدر جهده وطاقته وعلى الله التكلان، وفق من شاء وخيب من شاء
أما أن نجد آباء يتباكون على ابنائهم لوجود التليفزيون والكمبيوتر والبلاي ستيشن والجيران والاقارب .. سبحان الله!
الامر بيدك .. تصرف الان ودعك من البكاء .. أعلم انك لن تجعل من ابنائك ابطال زمانهم، ولكن ليس هذا بزمان الاعتذار والتماس الحجج، وانما وقت البذل والاجتهاد، والعمل، ودع التحصيل والجزاء لله بعد