منقووووووووووووول
الفطر 1428هـ.. عيد المحجبات في تونس
تونس - "أكاد أطير من شدة الفرح.. فعيد الفطر يهل علينا اليوم الجمعة بعد أن حملت نفحات شهر رمضان إلى كل محجبة على أرض تونس بشرى سارة بل نصرا كبيرا".. هكذا تقول "أماني" لـ"إسلام أون لاين".
"أماني" هي فتاة محجبة فضل والدها أن تنقطع عن دراستها الجامعية على أن تنزع حجابها امتثالا لإرادة أمن الجامعة.
وتعكس فرحتها فرحة مضاعفة لكل المحجبات في تونس بعيد الفطر لهذا العام، فبالإضافة إلى الفرحة التي يدخلها عادة العيد على الشارع التونسي، تعيش المحجبات لحظات فرح أخرى هي الأسعد في تاريخهن، كما يقول العديد منهن.
ويرجع ذلك إلى صدور حكم قضائي غير مسبوق مؤخرا انتصر للمحجبات حين اعتبر الحملة التي ظلت السلطات تشنّها عليهن منذ سنة 1981- تاريخ صدور أول منشور يمنع الحجاب في المدارس والأماكن العامة باعتباره "زيا طائفيا يؤشر على التطرف"- غير دستورية وغير قانونية وضد الحريات.
"هذه شهادة كبيرة لنا على أننا لم نكن متطرفات أو طائفيات- كما حاولت أن تروج لذلك بعض الأجنحة المتطرفة داخل السلطة- وهي شهادة لنا على أننا كنا ضحايا بالإضافة إلى كون الحكم تعويضا شخصيا لي عن خسارتي لدراستي بسبب الحجاب".. تضيف أماني والدموع تترقرق في عينيها.
وبعد أن أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بـ "إبطال" قرار وزير التربية القاضي بإيقاف "سعيدة عدالة" مُدرّسة التعليم الثانوي عن العمل لمدة 3 أشهر مع وقف مرتبها لارتدائها الحجاب وتغطيتها رأسها وذلك بناء على المنشور 102، تفكر أماني جيدا في رفع دعوى مماثلة من أجل إثبات حقها في دخول الجامعة بالحجاب دون التعرض لمضايقات.
أما منى (29 سنة) العاملة بمصنع للنسيج، اعتبرت الحكم "بداية لحياة جديدة" بالنسبة لها. وأضافت: "كثيرا ما كانت فرائصي ترتعد من شدة الخوف كلما مررت أمام مركز للأمن أو مرّ بي أحد الأعوان، ولكنّي اليوم وبفضل هذا الحكم أصبحت أمشي في الطريق وأنا أكثر اطمئنانا".
وقالت منى إنها أصبحت تحتفظ على الدوام بنسخة من الحكم الجديد في جيبها للاستدلال بها على عدم شرعية أي إجراء قد يتخذ بحقها بسبب ارتدائها الحجاب.
طال انتظاره
وإذا كان العديد من المحجبات قد عبرن عن سعادتهن الكبيرة بهذا الحكم واعتبرنه كسبا لهنّ بعد عقود من المعاناة عايشن فيها الملاحقات البوليسية والطرد من الشغل والدراسة، فإن العديد من المنظمات الحقوقية قد رحبت أيضا بالحكم واعتبرته "انتصارا طال انتظاره".
وقالت لجنة الدفاع عن المحجبات في بيان، حصلت "إسلام أون لاين" على نسخة منه، إن الحكم "خطوة انتظرها كل الحقوقيين الشرفاء داخل وخارج الوطن". ودعت اللجنة السلطة إلى احترام أحكام القضاء وإلى "التفعيل الفوري لهذا القرار على أرض الواقع".
من جهته، اعتبر محمد النوري رئيس منظمة "حرية وإنصاف" للدفاع عن حقوق الإنسان في تونس أن "الحكم ستكون له انعكاسات إيجابية على المحجبات اللاتي أصبح لديهن سند قانوني يبطل مفعول المناشير اللادستورية التي طالما استندت إليها الإدارة للتنكيل بهن".
وعن تواصل بعض مظاهر التشديد على المحجبات، قال النوري: "أعتقد أن هذه المظاهر لا تعدو أن تكون اجتهادات شخصية لأناس اتخذوا من مواقعهم الإدارية مطايا لتنفيذ رؤاهم ومواقفهم الإيديولوجية المعادية لهوية الشعب".
زياد الدولاتلي القيادي بحركة النهضة اعتبر من جهته يوم صدور الحكم "عرسا لكل بنت".
وقال الدولاتلي: "فرحت كثيرا بالحكم، باعتباري أبا لفتاة محجبة عانت مثل غيرها من التشديد عليها بسبب زيها الإسلامي، واعتقادي أن أغلب العائلات فرحت مثلي بهذا الحكم؛ ما جعل عيد الفطر لهذه السنة عيدين، وذلك على الرغم من الشوائب التي يمكن أن ترافق تطبيق هذا الحكم".
إشارات
وتزامن صدور هذا الحكم التاريخي مع عدة "إشارات" اعتبرت - من قبل بعض المراقبين السياسيين في تونس - لافتة ودالة على بداية تغيّر جذري في موقف السلطة من الحجاب.
ومن تلك الإشارات اعتبار جريدة "الصريح" التونسية القريبة من السلطة في مقال صادر بعددها ليوم الأحد الماضي "أنه لا مجال للشك في شرعية فرض الحجاب".
ورأت الصحيفة أن الآية 59 من سورة الأحزاب التي يقول فيها المولى جل وعلا: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما".. تعد بمثابة "دستور سماوي رائع يحافظ على وقار المرأة وحشمتها وتأمن المرأة من خلاله على نفسها من الاعتداءات التي نقرأ عنها يوميا في الصحف من خطف واغتصاب".
وتعد هذه المرة الأولى منذ عشرات السنين التي تتجرأ فيها صحيفة تونسية على أن تدلي برأيها بمثل هذا الوضوح.
ومن تلك الإشارات أيضا ظهور الرئيس التونسي زين العابدين على شاشة التلفزيون الرسمي وهو يكرم عددا من المحجبات كنّ من بين مجموعة من المتفوقين في حفظ وتفسير القرآن الكريم، منهم وصال النصراوي ورقية طه جابر العلواني الأستاذة بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بجامعة البحرين.
كما تحدثت بعض التسريبات الصحفية عن ارتداء البنت الكبرى للرئيس التونسي الحجاب وعن رفضها الرضوخ للضغوط التي سلطت عليها من داخل القصر الرئاسي من أجل نزعه. كما تحدثت هذه التسريبات عن وقوفها وراء إطلاق قناة "الزيتونة" للقرآن الكريم التي يملكها زوجها رجل الأعمال المعروف صخر الماطري.
ومع تنامي الإقبال على ارتداء الحجاب في تونس رغم التضييق الرسمي، شهدت العاصمة التونسية انتشارا لافتا للحجاب في الأيام الماضية مع إقبال آلاف العائلات من الأحياء الشعبية بالعاصمة تونس - التي ترتفع فيها نسبة المحجبات - على شراء ملابس وحلويات العيد