أتقتير هنا وتبذير هناك !
عبارة قالها شيخ الأزهر التونسي العلامة " محمد الخضر حسين " لعبد الناصر حين خاض بالمصريين البراري والبحار ينهك القوى ويشغل الناس بحروب باليمن والجزائر رافعا فيما يدعي راية التحرير !
وأُقيل الشيخ وأُبعد، على غير غرابة؛ فجهاده سابقا لم تكن ينبئ عن مصير أقل من هذا، وحيث كان الأزهر لا يتولاه إلا كبار العلماء فالأجمل أن نلتفت لأمر زائد..
- ألف "علي عبد الرازق " كتاب الاسلام واصول الحكم، زعم فيه ان الاسلام لا علاقة له بالحكم والخلافة الاسلامية بدعة !، فكان للاستاذ الخضر حسين ردا عليه صارما - مطبوع ببيروت -، وساهم في عزل المؤلف من الأزهر وخلع رتبة العالمية عنه.
- ألف ردا على "طه حسين " في كتابه الشعر الجاهلي.
- كانت له مقالات بمجلة الاسلام والرسالة في مواجهة الاستشراق والفكر الغربي الذي حمله الدارسون بالخارج
ولم يخل الرجل إزاء كل ذلك من دمعة بكاء صافية، فقد توفت زوجته السيدة " زينب " بالقاهرة عام 1372 هـ وكان رحمه الله في التاسعة والسبعين من عمره فقال:
أعاذل غُضَّ الطرفَ عن جفني الباكي * فخطبُ رمى الأكبادَ مني بأشواك
ولي جارة أودى بها سقمُ إلى * نوى دون منآها المحيط بأفلاك
أيا جارتا عهد اللقاء قد انقضى * وصمتكُ إذ أدعوك آخر ملقاك
أجارة هذا طائر الموت حائمٌ * ليَذْهبَ من زهر الحياة بمجناك
وكيف يروم الصحب مني تصَبُّراً * ومركبةٌ حدباءُ أرْسَتْ بميناك
وكنت ألاقي كلما جئتُ مُئنساً * فمالي ألاقي اليوم صيحةَ مَنْعاك
حنانيك هل ساءتك مني خليقةٌ * فأنكرتِ دنيانا وآثرت أخراك
وكنت أعَزِّي النفسَ من قبلُ إنني * أفوت قرير المقتلين بمَحياك
ولم أدر ما طعمُ المنون فَذُقْتُهُ * مساءَ لفظتِ الروحَ والعينُ ترعاك
هوى بك بينٌ لستُ أرجو وراءه * زماناً يجود الدهر فيه بمرآك
فهيهات أن أنساك ما عشت والأسى * يموج بقلبي ما جَرَتْ فيه ذكراك
وهيهات لا أنسى مواطنَ كنت لي * مُسَلِّيةً لا أُنْس إلا بمغناك
ولولاك لم أقض اليراعةَ حقَّها * كأن نسيجَ الفكر حِيْكَ بيُمناك
لقد صُنتِ في الحالين عهداً فلا أرى * لدى عسرةٍ إلا انطلاق مُحيَّاك
وأنت التي حبَّبْت لي العيشَ بعدما * سئمتُ فَطيْبُ العيش بعض مزاياك
وإن سامني يومٌ شكاةً تدفَّقت * دموعك من جفن يُخال هو الشاكي
يجافى الكرى عيني إذا مسَّك الضنى * ويرتاح ما بين الحنايا لمنجاك
تمرُّ بنا الأيام موصولة المنى * فما ضرَّنا ألا نكونَ كأملاك
لياليك أيامٌ بمنزلة اللِّوى * ومطلع أقمار السماء بمأواك
أجارةٌ لو شاهدت كيف وقفت في * مزارك لكنْ ما ظفرت بنجواك
إذاً لرأيت الحزنَ يَصْلى بناره * حشاً وكأن الحزنَ شُدَّ بأسلاك
وعُدْتُ إلى البيت الكئيب كأنني * خلقت فريداً لست أعرف إلاك
أغَصُّ بشجو كلما مرَّ موضعٌ * حللت به والنفسُ مرآةُ سيماك
ويبعث أشجاني هديرُ حمامةٍ * تنوح كأن الطيرَ في الجوِّ تنعاك
أجول بفكري أبتغي لي قربةً * أمُتُّ بها عندي الدعاء برُحماك
تَجَرَّعْتُ مرَّ الصبر علِّيْ أراه في * حسابي وعقباي السليمةُ عقباك
فطوبى لك القربى لدى الله منةٌ * ونزلٌ كريمٌ في منازل نُسَّاك