المحرر موضوع: شيء من الحزن !  (زيارة 37276 مرات)

0 الأعضاء و 2 ضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

أحمد

  • زائر
شيء من الحزن !
« في: 2007-10-02, 15:15:08 »
 emo (30):

تبكي الخنساء رضي الله عنها أخاه صخرا فتقول:

ولولا كثرة الباكين حولي ، على إخوانهم لقتلت نفسي

فلنبك قليلا، لا وحدنا، ولكن مع من بكى:

(1)
قال الشاعر - أحمد بخيت - في رثاء والده وكان حدّادا بصعيد مصر " قمر جنوبي "

 
هون عليـك ، فـلا هنـاك ولا هنـا ، وجها لوجـه قـل لموتـك هـا أنـا
ضع عنك عبئك و الق خصمك  باسما ، فعلـى جسارتـه يـهـاب  لقـاءنـا
إن لم يكـن فـي العمـر إلا ساعـة ، علم حياتك كيـف نكـرم موتنـا  ؟!
لا تنتظـر خصمـا اقــل بسـالـة ، وارفـع جبينـك مثلـمـا عودتـنـا
تتبـرج الدنيـا ، ونكسـر كبـرهـا ، ونقـول : ياحمقـاء غـري  غيرنـا
لا نستجيـر مـن الجـراح ، وإنمـا ، من فـرط نخوتنـا نجيـر  جراحنـا
لـم يرتفـع جبـل أمـام  عيونـنـا ، إلا لنـرفـع فـوقـه اكتـافـنـا !!
إنـا وقـد نهـب الظـلام نجومـنـا ، نهدي الصبـاح لمـن سيأتـي بعدنـا
في زفـرة الفـرس الأخيـرة  قبلمـا ، يأتي اعتذار الموت عن موت  المنـى
سنقـول للرحمـن جــل  جـلالـه ، فلتعطنـا مـوتـا يلـيـق  بمثلـنـا
يا طائر الغربـات عشـك  موحـش ، فاهدأ لعلـك يـا غريـب ...  لعلنـا
سيقـول طفـل مـا، لدمعـة أمـه: ، ساعي البريد غـدا سيطـرق  بابنـا
سأنام كـي يأتـي الصبـاح  مبكـرا ، وسنشتـري لعبـا ، ونخبـز كعكنـا
نم ياضناي ! الطفل أصبح شاعـرا  ، وأبا ، وظـل الحلـم غضـا لينـا !!
عشرون عاما فـي انتظـار الملتقـى ، ثـم التقينـا كـي نـتـم  وداعـنـا
هون عليك ، وأعـط موتـك فرصـة ، واشكره أن وهب اغترابـك  موطنـا
يانائـيـا عـنـي بمـتـر واحــد ، الآن وسَّعـت المسـافـة بينـنـا !!
نلتف حولك ، نحن حولـك يـا أبـي ، فابسـط عبـاءات الحنـان  وضمنـا
قل مرحبـا ، قـل أي شـيء طيـب ، لا تتـرك الكابـوس يفسـد حلمـنـا
كنا نـرى الآبـاء حـول صغارهـم ، نشتاق أن تأتـي ، وأن تحكـي  لنـا
(ياما انتظرتك) ، وانتظرتك يا  أبـي ، الآن بادلنـي الحـديـث  مكفـنـا!!
زرنـا ولـو فـي كـل عـام مـرة ، واجلـس قليـلا كـي تدبـر  حالنـا
جيء ضاحكا ، أو ساخرا ، او غاضبا ، دلـل طفولتنـا ، وعاتـب طيشـنـا
سمـر شتائـي ، وشـاي  سـاخـن ، وسعالـك الحنَّـان يـؤنـس بيتـنـا
أخشى من النسيـان قـد يأتـي غـدا ، وتصير وحدك في الغياب ، ووحدنا  !
إنـا قصائـدك الجميلـة يـا أبــي ، الله أبدعـنـا ، وأنــت رويـتـنـا
نثـر هـي الأيـام نـثـرٌ بـاهـت ، وتصير شعرا كلمـا اتقـدت بنـا  !!
يبقـى معـي منـك الحيـاة قصيـدة ، والمـوت شعـرا والخلـود مـؤذنـا
أتأمـل "الـحـدَّاد" فــي  ستيـنـه ، قمـرا جنوبـيـا يـرنـق حولـنـا
ويقول : ياولدي تعبـت فخـذ  يـدي ، ثقل الحديـد علـيّ والظهـر انحنـى
أنصت لصوتي فيك صدقـا  جارحـا ، فالمـوت يعجـز ان يبـدل  صوتنـا
لا تحمل اسمي فوق صدرك  صخـرة ، أسماؤنـا وطـن يعـمـره  السـنـا
كن مـا أحبـك كـم احبـك فارسـا ، لا ينحني فقرا ولا يطغـى غنـى  !!
لا يشبـه الشعـراء ، يشبـه شعـره ، إن البنـاء الفـذ يشبـه مـن بـنـى
لا دمـع يبقـى كـل دمـع زائــل ، إلا الـذي بالحـب يغسـل  صدرنـا
دمـع المناحـة -دائمـا -  متأخـر ، فـي نطفـة الميـلاد نحمـل حتفنـا

ماما فرح

  • زائر
رد: شيء من الحزن !
« رد #1 في: 2007-10-03, 01:42:29 »

ألم هناك وحزن هنا ؟
سامحك الله .. وسامح شاعرك.. وجعتما قلبنا


ألم تسمع عن شيء من التفاؤل ؟
اختراع جديد نزل السوق .. جربه وادعي لي
  emo (30):
« آخر تحرير: 2007-10-03, 01:44:26 بواسطة ماما فرح »

أحمد

  • زائر
رد: شيء من الحزن !
« رد #2 في: 2007-10-03, 04:07:44 »

ألم هناك وحزن هنا ؟
سامحك الله .. وسامح شاعرك.. وجعتما قلبنا


ألم تسمع عن شيء من التفاؤل ؟
اختراع جديد نزل السوق .. جربه وادعي لي
  emo (30):

حتى التفاؤل قد لا يخلو من أنين  emo (30):


(2)
يترجل الفارس، فلا يُملَك إلا أن يُبكى، مذ قبض وربما حتى تقوم الساعة !..

حافظ يرثي فارس الشعر والهيجاء " محمود سامي البارودي "


رُدّوا عَلَـيَّ بَيانـي بَعـدَ   مَحمـودِ        إِنّي عَييتُ وَأَعيا الشِعـرُ مَجهـودي
ما لِلبَلاغَةِ غَضبـى لا تُطاوِعُنـي        وَما لِحَبلِ القَوافـي غَيـرَ مَمـدودِ
ظَنَّت سُكوتِيَ صَفحاً عَـن مَوَدَّتِـهِ        فَأَسلَمَتنـي إِلـى هَــمٍّ وَتَسهـيـدِ
وَلَو دَرَت أَنَّ هَذا الخَطبَ أَفحَمَنـي        لَأَطلَقَت مِـن لِسانـي كُـلَّ مَعقـودِ
لَبَّيكَ يا مُؤنِسَ المَوتـى وَموحِشَنـا        يا فارِسَ الشِعرِ وَالهَيجاءِ وَالجـودِ
مُلكُ القُلوبِ وَأَنـتَ المُستَقِـلُّ بِـهِ        أَبقى عَلى الدَهرِ مِن مُلكِ اِبنِ داوودِ
لَقَد نَزَحتَ عَنِ الدُنيا كَمـا  نَزَحَـت        عَنها لَياليكَ مِن بيضٍ وَمِـن سـودِ
أَغمَضتَ عَينَيكَ عَنها وَاِزدَرَيتَ  بِها        قَبلَ المَماتِ وَلَـم تَحفِـل بِمَوجـودِ
لَبَّيكَ يا شاعِراً ضَـنَّ الزَمـانُ بِـهِ        عَلى النُهـى وَالقَوافـي  وَالأَناشيـدِ
تَجري السَلاسَةُ في أَثنـاءِ مَنطِقِـهِ     تَحتَ الفَصاحَةِ جَريَ الماءِ في العودِ
في كُلِّ بَيتٍ لَـهُ مـاءٌ يَـرِفُّ بِـهِ         يَغارُ مِـن ذِكـرِهِ مـاءُ العَناقيـدِ
لَو حَنَّطـوكَ بِشِعـرٍ أَنـتَ قائِلُـهُ        غَنيتَ عَن نَفَحاتِ المِسـكِ وَالعـودِ
حَلَّيتَـهُ بَعـدَ أَن هَذَّبـتَـهُ بِسَـنـا        عِقدٍ بِمَدحِ رَسـولِ اللَـهِ  مَنضـودِ
كَفاكَ زاداً وَزَينـاً أَن تَسيـرَ إِلـى        يَومِ الحِسابِ وَذاكَ العِقدُ في الجيـدِ
لَبَّيكَ يا خَيرَ مَن هَزَّ اليَـراعَ وَمَـن        هَزَّ الحُسامَ وَمَن لَبّى وَمَـن نـودي
إِن هُدَّ رُكنُكَ مَنكوبـاً فَقَـد رَفَعَـت        لَكَ الفَضيلَةُ رُكنـاً غَيـرَ مَهـدودِ
إِنَّ المَناصِبَ فـي عَـزلٍ  وَتَولِيَـةٍ        غَيرُ المَواهِبِ فـي ذِكـرٍ  وَتَخليـدِ
أَكرِم بِها زَلَّةً فـي العُمـرِ واحِـدَةً        إِن صَحَّ أَنَّكَ فيهـا غَيـرُ مَحمـودِ
سَلوا الحِجا هَل قَضَت أَربابُهُ وَطَراً        دونَ المَقاديرِ أَو فـازَت  بِمَقصـودِ
كُنتَ الوَزيرَ وَكُنتَ المُستَعـانَ  بِـهِ        وَكانَ هَمُّـكَ هَـمَّ القـادَةِ الصيـدِ
كَم وَقفَـةٍ لَـكَ وَالأَبطـالُ طائِـرَةٌ          وَالحَربُ تَضرِبُ صِنديداً بِصِنديـدِ
تَقولُ لِلنَفسِ إِن جاشَت إِلَيـكَ بِهـا        هَذا مَجالُكِ سـودي فيـهِ أَو بيـدي
نَسَختَ يَومَ كَريدٍ كُـلَّ مـا نَقَلـوا        في يَومِ ذي قارَ عَن هاني بنِ مَسعودِ
نَظَمتَ أَعداكَ في سِلكِ الفَنـاءِ بِـهِ        عَلـى رَوِيٍّ وَلَكِـن غَيـرُ مَعهـودِ
كَأَنَّهُـم كَلِـمٌ وَالـمَـوتُ قافِـيَـةٌ           يَرمي بِـهِ عَرَبِـيٌّ غَيـرُ رِعديـدِ
أَودى المَعَرّي تَقِيُّ الشِعـرِ مُؤمِنُـهُ        فَكادَ صَرحُ المَعالي بَعـدَهُ يـودي
وَأَوحَشَ الشَرقُ مِن فَضلٍ وَمِن أَدَبٍ        وَأَقفَرَ الرَوضُ مِن شَـدوٍ وَتَغريـدِ
وَأَصبَحَ الشِعـرُ وَالأَسمـاعُ  تَنبِـذُهُ        كَأَنَّـهُ دَسَـمٌ فـي جَـوفِ مَمعـودِ
أَلوى بِهِ الضَعفُ وَاِستَرخَت أَعِنَّتُـهُ        فَراحَ يَعثُـرُ فـي حَشـوٍ وَتَعقيـدِ
وَأَنكَرَت نَسَمـاتُ الشَـوقِ مَربَعَـهُ        تُثيرُهـا خَطَـراتُ الخُـرَّدِ الخـودِ
لَو أَنصَفوا أَودَعوهُ جَـوفَ لُؤلُـؤَةٍ        مِن كَنزِ حِكمَتِهِ لا جَـوفَ أُخـدودِ
وَكَفَّنـوهُ بِـدَرجٍ مِـن صَحائِـفِـهِ        أَو واضِحٍ مِن قَميصِ الصُبحِ مَقدودِ
وَأَنزَلـوهُ بِأُفـقٍ مِـن مَطالِـعِـهِ        فَوقَ الكَواكِبِ لا تَحـتَ الجَلاميـدِ
وَناشَدوا الشَمسَ أَن تَنعي مَحاسِنَـهُ        لِلشَرقِ وَالغَربِ وَالأَمصارِ وَالبيـدِ
أَقـولُ لِلمَـلَإِ الغـادي  بِمَوكِـبِـهِ        وَالناسُ ما بَيـنَ مَكبـودٍ  وَمَفـؤودِ
غُضّوا العُيونَ فَإِنَّ الروحَ يَصحَبُكُم        مَـعَ المَلائِـكِ تَكريمـاً لِمَحمـودِ
يا وَيحَ لِلقَبرِ قَد أَخفـى سَنـا قَمَـرٍ        مُقَسَّـمِ الوَجـهِ مَحسـودِ التَجاليـدِ
يا وَيحَـهُ حَـلَّ فيـهِ ذو  قَريحَتُـهُ        لَها بِخِـدرِ المَعالـي أَلـفُ مَولـودِ
فَرائِـدٌ خُـرَّدٌ لَـو شـاءَ أَودَعَهـا        مُحصي الجَديـدِ سِجِـلّاتِ المَواليـدِ
كَأَنَّهـا وَهـيَ بِالأَلفـاظِ كاسِـيَـةٌ        وَحُسنُها بَيـنَ مَشهـودٍ وَمَحسـودِ
لَآلِـئٌ خَلـفَ بَلّـورٍ قَـدِ  اِتَسَقَـت        في بَيتِ دُهقانَ تَستَهوي نُهى  الغيـدِ
مَحمودُ إِنّي لَأَستَحييكَ فـي كَلِمـي        حَيّاً وَمَيتاً وَإِن أَبدَعـتُ  تَقصيـدي
فَاِعذِر قَريضِيَ وَاِعذِر فيـكَ قائِلَـهُ        كِلاهُما بَيـنَ مَضعـوفٍ وَمَحـدودِ
« آخر تحرير: 2007-10-03, 16:25:04 بواسطة أحمد »

أحمد

  • زائر
رد: شيء من الحزن !
« رد #3 في: 2007-10-03, 16:40:59 »
اعتدنا أن يرثي الشاعر غيره، وما حكي في رثاء النفس كان ضربا من البلاغة لا أكثر، ولكن الشاعر اليوم يرثي نفسه بالفعل !

هاشم الرفاعي شاب من الإخوان المسلمين يعتقل، ويحكم عليه بالإعدام، فيكتب هذه القصيدة كـ " رسالة في ليلة التنفيذ "


أبتاه، ماذا قد يخط بناني ، والحبل والجلاد منتظران

هذا الكتاب إليك من زنزانة  ،  مقرورة صخرية الجدران

لم تبقَ إلا ليلة أحيا بها  ،  وأحس أن ظلامها أكفاني

ستمر يا أبتاه لست أشك في ، هذا وتحمل بعدها جثماني


***

الليل من حولي هدوء قاتل  ،  والذكريات تمور في وجداني

ويهدني ألمي، فأنشد راحتي  ،  في بضع آيات من القرآن

والنفس بين جوانحي شفافة  ،  دب الخضوع بها فهز كياني

قد عشت أومن بالإله ولم أذق  ،  إلا أخيرًا لذة الإيمان

شكرًا لهم، أنا لا أريد طعامهم  ،  فليرفعوه، فلست بالجوعان

هذا الطعام المر ما صنعته لي  ،  أمي، ولا وضعوه فوق خوان

كلا، ولم يشهده يا أبتي معي  ،  أخوان لي جاءاه يستبقان

مدوا إليّ به يدًا مصبوغة  ،  بدمي، وهذي غاية الإحسان

والصمت يقطعه رنين سلاسل  ،  عبثت بهن أصابع السجان

ما بين آونة تمر.. وأختها  ،  يرنو إليّ بمقلتي شيطان

من كوة بالباب يرقب صيده  ،  ويعود في أمنٍ إلى الدوران

أنا لا أحس بأي حقد نحوه  ،   ماذا جني؟ فتمسه أضغاني

هو طيب الأخلاق مثلك يا أبي ، لم يبد في ظمأ إلى العدوان

لكنه إن نام عني لحظة  ، ذاق العيال مرارة الحرمان

فلربما وهو المروع سحنة  ،  لو كان مثلي شاعرًا لرثاني

أو عاد – من يدري؟ – إلى أولاده  ،  يومًا وذكر صورتي لبكاني

وعلى الجدار الصلب نافذة بها  ،  معنى الحياة غليظة القضبان

قد طالما شارفتها متأملاً  ،  في الثائرين على الأسى اليقظان

فأرى وجومًا كالضباب مصورًا   ،   ما في قلوب الناس من غليان

نفس الشعور لدى الجميع وإن همو   ،  كتموا، وكان الموت في إعلاني

ويدور همس في الجوانح ما الذي  ،  بالثورة الحمقاء قد أغراني؟

أولم يكن خيرًا لنفسي أن أرى ،  مثل الجميع أسير في إذعان؟

ما ضرني لو قد سكت، وكلما  ،  غلب الأسى بالغت في الكتمان

هذا دمي سيسيل، يجري مطفئًا   ،  ما ثار في جنبي من نيران

وفؤادي الموار في نبضاته  ، سيكف في غده عن الخفقان

والظلم باق، لن يحطم قيده  ،  موتي، ولن يودي به قرباني

ويسير ركب البغي ليس يضيره  ، شاة إذا اجتثت من القطعان


***

هذا حديث النفس حين تشف عن  ،  بشريتي.. وتمور بعد ثوان

وتقول لي: إن الحياة لغاية  ،  أسمى من التصفيق للطغيان

أنفاسك الحرى وإن هي أخمدت  ،  ستظل تغمر أفقهم بدخان

وقروح جسمك وهو تحت سياطهم  ،  قسمات صبح يتقيه الجاني

دمع السجين هناك في أغلاله  ،  ودم الشهيد هنا سيلتقيان

حتى إذا ما أفعمت بهما الربا  ،  لم يبق غير تمرد الفيضان

ومن العواصف ما يكون هبوبها  ،  بعد الهدوء وراحة الربان

إن احتدام النار في جوف الثرى  ،   أمر يثير حفيظة البركان

وتتابع القطرات ينزل بعده   ،   سيل يليه تدفق الطوفان

فيموج.. يقتلع الطغاة مزمجرًا   ،   أقوى من الجبروت والسلطان

أنا لست أدري، هل ستُذكر قصتي  ،  أم سوف يعروها دجى النسيان؟

أم أنني سأكون في تاريخنا   ،   متآمرًا أم هادم الأوثان؟

كل الذي أدريه أن تجرعي   ،  كأس المذلة ليس في إمكاني

لو لم أكن في ثورتي متطلبًا   ،   غير الضياء لأمتي لكفاني

أهوى الحياة كريمة.. لا قيد.. لا  ،  إرهاب.. لا استخفاف بالإنسان

فإذا سقطت سقطت أحمل عزتي  ،  يغلي دم الأحرار في شرياني


***

أبتاه، إن طلع الصباح على الدنى  ،  وأضاء نور الشمس كل مكان

واستقبل العصفور بين غصونه  ،  يومًا جديدًا مشرق الألوان

وسمعت أنغام التفاؤل ثرة  ،  تجري على فم بائع الألبان

وأتى – يدق كما تعود – بابنا  ،  سيدق باب السجن جلادان

وأكون بعد هنيهة متأرجحًا  ،  في الحبل مشدودًا إلى العيدان

ليكن عزاؤك أن هذا الحبل ما   ،  صنعته في هذي الربوع يدان

نسجوه في بلد يشع حضارة  ،  وتُضاءُ منه مشاعل العرفان

أو هكذا زعموا، وجيء به إلى  ،  بلدي الجريح على يد الأعوان

أنا لا أريدك أن تعيش محطمًا   ،   في زحمة الآلام والأشجان

إن ابنك المصفود في أغلاله   ،   قد سيق نحو الموت غير مدان

فاذكر حكايات بأيام الصبا  ،  قد قلتها لي عن هوى الأوطان

وإذا سمعت نشيج أمي في الدجى   ،   تبكي شبابًا ضاع في الريعان

وتكتم الحسرات في أعماقها  ،   ألمًا تواريه عن الجيران

فاطلب إليها الصفح عني، إنني  ،   لا أبتغي منها سوى الغفران

ما زال في سمعي رنين حديثها   ،    ومقالها في رحمة وحنان

أبنيَّ: إني قد غدوت عليلة   ،   لم يبق لي جلد على الأحزان

فأذق فؤادي فرحة بالبحث عن   ،   بنت الحلال ودعك من عصياني

كانت لها أمنية.. ريانة   ،   يا حسن آمال لها وأمان!

غزلت خيوط السعد مخضلا ولم   ،  يكن انتقاض الغزل في الحسبان

والآن لا أدري بأي جوانح   ،   ستبيت بعدي أم بأي جنان


***

هذا الذي سطرته لك يا أبي  ،  بعض الذي يجري بفكر عان

لكن إذا انتصر الضياء ومزقت  ،   بيد الجموع شريعة القرصان

فلسوف يذكرني ويكبر همتي  ،  من كان في بلدي حليف هوان

وإلى لقاء تحت ظل عدالة   ،  قدسية الأحكام والميزان
[/font][/size][/b]

أحمد

  • زائر
رد: شيء من الحزن !
« رد #4 في: 2007-10-04, 01:03:24 »
أتمنى سهولة التنسيق، وحبذا لو أضيفت أداة كتابة الشعر



للعائلة التيمورية يد بيضاء على اللغة، والدين معا، فهم أحد الرؤوس التي دافعت عن الفصحى والتزمتها، وعن الإسلام بعد سقوط دولة الخلافة، حيث كان أخوها أحمد باشا تيمور أحد الأعيان الذين وثق بهم الشيخ يوسف الدجوي لفتح جمعية لإعادة تنظيم العمل الإسلامي.

نشأت عائشة التيمورية في بيت أدبي متدين، وتزوجت وأنجبت "توحيدة" التي لم يكتب لها أن تري أمها صورتها في زي العروس، فقبضت قبيل الفرح بأيام !

أم ترثي ابنتها لنفسها..


إن سال من غرب العيون بحور..........فالدهر باغ والزمان غدور


فلكل عين حقُ مدرار الدِّما ..........ولكل قلب لوعة وثبور


ستر السنا وتحجبت شمس الضحى ..........وتغيبت بعد الشروق بدور


ومضى الذي أهوى وجرعني الأسى ..........وغدت بقلبي جذوة وسعير


ياليته لما نوى عهد النوى ..........وافى العيون من الظلام نذير


طافت بشهر الصوم كاسات الردى .......... سحرا وأكواب الدموع تدور


فتناولت منها ابنتي فتغيرت ...........وجنات خد شانها التغير


فذوت أزاهير الحياة بروضها.......... وانقد منها مائس ونضير


لبست ثياب السقم في صغر وقد ...........ذاقت شراب الموت وهو مرير


جاء الطبيب ضحى وبشر بالشفا..........إن الطبيب بطبه مغرور


وصف التجرع وهو يزعم أنه ...........بالبرء من كل السقام بشير


فتنفست للحزن قائلة له ..........عجل ببرئي حيث أنت خبير


وارحم شبابي إن والدتي غدت ..........ثكلى يشير لهى الجوى وتشير


وارأف بعين حرمت طيب الكرى..........تشكو السهاد وفي العيون فتور


لما رأت يأس الطبيب وعجزه ..........قالت ودمع المقلتين غزير


أماه قد كل الطبيب وفاتني ..........مما أؤمل في الحياة نصير


لو جاء عراف اليمامة يرتجي ..........برئي لرد الطرف وهو حسير


يا روع روحي حله نزع الضنى ..........عما قليل ورقها وتطير


أماه قد عز اللقاء وفي غد..........سترين نعشي كالعروس يسير


وسينتهي المسعى إلى اللحد الذي ..........هو منزلي وله الجموع تسير


قولي لرب اللحد رفقا بابنتي ..........جاءت عروسا ساقها التقدير


وتجلدي بإزاء لحدي برهة ............فتراك روح راعها المقدور


أماه قد سلفت لنا أمنية .........يا حسنها لو ساقها التيسير


كانت كأحلام مضت وتخلفت ..........مذ بان يوم البين وهو عسير


عودي إلى ربع خلا ومآثر ........قد خلفت عني لها تأثير


صوني جهاز العرس تذكارا فلي .........قد كان منه إبى الزفاف سرور


جرت مصائب فرقتي لك بعد ذا ..........لبس السواد ونفّذ المسطور


والقبر صار لغصن قدي روضة .............ريحانها عند المزار زهور


أماه لا تنسي بحق بنوتي ........قبري فيحزن المقبور

فأجبتها والدمع يحبس منطقي ............والدهر من بعد الجوار يجور


بنتاه ياكبدي ولوعة مهجتي..........قد زال صفو شانه التكدير


لا توصي ثكلى قد أذاب فؤادها.........حزن عليك وحسرة وزفير


قسما بغض نواظري وتلهفي .....مذ غاب إنسان وفارق نور


وبقبلتي ثغرا تقضى نحبه .........فحرمت طيب شذاه وهو عطير


والله لا أسلو التلاوة والدعا .......ما غردت فوق الغصون طيور


كلا ولا أنسى زفير توجعي ..........والقد منك لدى الثرى مدثور


إني ألفت الحزن حتى أنني ...........لو غاب عني ساءني التأخير


قد كنت لا أرضى التباعد برهة..........كيف التصبر والبعاد دهور


أبكيك حتى نلتقي في جنة ..........برياض خلد زيًّنتها الحور..

أحمد

  • زائر
رد: شيء من الحزن !
« رد #5 في: 2007-10-04, 13:23:52 »
أتقتير هنا وتبذير هناك !

عبارة قالها شيخ الأزهر التونسي العلامة " محمد الخضر حسين " لعبد الناصر حين خاض بالمصريين البراري والبحار ينهك القوى ويشغل الناس بحروب باليمن والجزائر رافعا فيما يدعي راية التحرير !

وأُقيل الشيخ وأُبعد، على غير غرابة؛ فجهاده سابقا لم تكن ينبئ عن مصير أقل من هذا، وحيث كان الأزهر لا يتولاه إلا كبار العلماء فالأجمل أن نلتفت لأمر زائد..
- ألف "علي عبد الرازق " كتاب الاسلام واصول الحكم، زعم فيه ان الاسلام لا علاقة له بالحكم والخلافة الاسلامية بدعة !، فكان للاستاذ الخضر حسين ردا عليه صارما - مطبوع ببيروت -، وساهم في عزل المؤلف من الأزهر وخلع رتبة العالمية عنه.
- ألف ردا على "طه حسين " في كتابه الشعر الجاهلي.
- كانت له مقالات بمجلة الاسلام والرسالة في مواجهة الاستشراق والفكر الغربي الذي حمله الدارسون بالخارج

ولم يخل الرجل إزاء كل ذلك من دمعة بكاء صافية، فقد توفت زوجته السيدة " زينب " بالقاهرة عام 1372 هـ وكان رحمه الله في التاسعة والسبعين من عمره فقال:

أعاذل غُضَّ الطرفَ عن جفني الباكي    *    فخطبُ  رمى  الأكبادَ  مني  بأشواك
ولي  جارة أودى  بها  سقمُ إلى    *    نوى   دون   منآها  المحيط  بأفلاك
أيا   جارتا   عهد اللقاء  قد  انقضى    *    وصمتكُ   إذ   أدعوك  آخر  ملقاك
أجارة    هذا   طائر   الموت   حائمٌ    *    ليَذْهبَ   من   زهر   الحياة  بمجناك
وكيف  يروم  الصحب  مني  تصَبُّراً    *    ومركبةٌ  حدباءُ أرْسَتْ بميناك
وكنت   ألاقي   كلما   جئتُ  مُئنساً    *    فمالي   ألاقي   اليوم  صيحةَ  مَنْعاك
حنانيك   هل   ساءتك   مني  خليقةٌ    *    فأنكرتِ    دنيانا    وآثرت   أخراك
وكنت  أعَزِّي  النفسَ  من  قبلُ  إنني    *    أفوت     قرير    المقتلين    بمَحياك
ولم   أدر   ما   طعمُ   المنون  فَذُقْتُهُ    *    مساءَ  لفظتِ  الروحَ  والعينُ ترعاك
هوى  بك  بينٌ  لستُ  أرجو وراءه    *    زماناً   يجود   الدهر   فيه  بمرآك
فهيهات  أن  أنساك ما عشت والأسى    *    يموج  بقلبي  ما  جَرَتْ  فيه ذكراك
وهيهات  لا  أنسى  مواطنَ  كنت لي    *    مُسَلِّيةً    لا    أُنْس    إلا   بمغناك
ولولاك   لم   أقض   اليراعةَ حقَّها    *    كأن    نسيجَ   الفكر   حِيْكَ   بيُمناك
لقد  صُنتِ  في الحالين عهداً فلا أرى    *    لدى   عسرةٍ   إلا   انطلاق مُحيَّاك
وأنت  التي  حبَّبْت  لي  العيشَ بعدما    *    سئمتُ  فَطيْبُ  العيش  بعض مزاياك
وإن    سامني   يومٌ   شكاةً   تدفَّقت    *    دموعك  من  جفن  يُخال هو الشاكي
يجافى  الكرى عيني إذا مسَّك الضنى    *    ويرتاح  ما  بين الحنايا لمنجاك
تمرُّ   بنا   الأيام   موصولة  المنى    *    فما    ضرَّنا   ألا   نكونَ  كأملاك
لياليك      أيامٌ     بمنزلة    اللِّوى    *    ومطلع    أقمار    السماء   بمأواك
أجارةٌ  لو  شاهدت  كيف  وقفت  في    *    مزارك   لكنْ   ما   ظفرت  بنجواك
إذاً   لرأيت   الحزنَ   يَصْلى   بناره    *    حشاً   وكأن   الحزنَ   شُدَّ  بأسلاك
وعُدْتُ   إلى   البيت   الكئيب كأنني    *    خلقت   فريداً   لست   أعرف إلاك
أغَصُّ   بشجو   كلما   مرَّ  موضعٌ    *    حللت   به   والنفسُ   مرآةُ  سيماك
ويبعث   أشجاني  هديرُ حمامةٍ    *    تنوح  كأن  الطيرَ  في  الجوِّ تنعاك
أجول    بفكري   أبتغي   لي  قربةً    *    أمُتُّ   بها   عندي  الدعاء برُحماك
تَجَرَّعْتُ  مرَّ  الصبر  علِّيْ  أراه في    *    حسابي    وعقباي   السليمةُ  عقباك
فطوبى   لك   القربى  لدى  الله  منةٌ    *    ونزلٌ  كريمٌ  في  منازل  نُسَّاك
« آخر تحرير: 2007-10-04, 13:25:55 بواسطة أحمد »

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: شيء من الحزن !
« رد #6 في: 2007-10-05, 21:36:11 »
دمع السجين هناك في أغلاله  ،  ودم الشهيد هنا سيلتقيان

حتى إذا ما أفعمت بهما الربا  ،  لم يبق غير تمرد الفيضان


يا لها من حكمة



وإلى لقاء تحت ظل عدالة   ،  قدسية الأحكام والميزان


وهذا هو العزاء

« آخر تحرير: 2007-10-05, 21:45:18 بواسطة ماما هادية »
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

أحمد

  • زائر
رد: شيء من الحزن !
« رد #7 في: 2007-10-06, 19:13:17 »
علي بن العباس بن جريج، ابن الرومي 221 - 281 هـ
شاعر كبير عاش في العصر العباسي الأول، كان الهجاء بين أقرانه، ولم يضاهيه قبل ولا بعد من الشعراء في الهجاء إلا الحطيئة الذي سجنه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لهجائه، وهو الذي هجا زوجته وأمه ثم هجا نفسه!!
وقد مات ابن الرومي بيد هجائه حيث قتله احد الامراء الذي سلط عليهم لسانه !
ورحم الله البحتري، الذي محا قبل ان يموت كل كلمة هجاء قالها وقال لا القى الله وفي عنقي شعر من هذا، فرحمه الله اذ لم يُحك عنه بيت هجاء واحد !

مات ولد ابن الرومي فحفظ لنا عين من عيون قصائد ابيه، حتى قيل: أعاد ابن الرومي برثاء ابنه ذكرى الخنساء في صخر !
والقصيدة ملأى بالمحسنات البديعية، وطرائف المعاني التي لا تخطؤها العين
 



  بكاؤكما  يشفي  وإن  كان  لا  يجدي   ***   فجودا  فقد  أودى  نظيركما   عندي
  بني   الذي   أهدته   كفاي    للثرى   ***   فيا عزة المهدى ويا  حسرة  المهدي
  ألا   قاتل    الله    المنايا    ورميها   ***   من القوم  حبات  القلوب  على  عمد
  توخى  حمام  الموت  أوسط  صبيتي   ***   فلله   كيف   اختار   واسطة   العقد
  على حين  شمت  الخير  من  لمحاته   ***   وآنست   من   أفعاله   آية   الرشد
  طواه  الردى  عني  فأضحى   مزاره   ***   بعيدا  على  قرب  قريبا   على   بعد
  لقد  أنجزت   فيه   المنايا   وعيدها   ***   وأخلفت  الآمال   ماكان   من   وعد
  لقد  قل  بين   المهد   واللحد   لبثه   ***   فلم ينس عهد المهد إذ ضم في  اللحد
  تنغص   قبل   الري    ماء    حياته   ***   وفجع    منه     بالعذوبة     والبرد
  ألح   عليه   النزف    حتى    أحاله   ***   إلى صفرة الجادي عن  حمرة  الورد
  وظل  على   الأيدي   تساقط   نفسه   ***   ويذوي كما يذوي القضيب من  الرند
  فيالك   من   نفس   تساقط    أنفسا   ***   تساقط  در   من   نظام   بلا   عقد
  عجبت  لقلبي  كيف  لم  ينفطر   له   ***   ولو  أنه  أقسى  من  الحجر   الصلد
  بودي   أني    كنت    قدمت    قبله   ***   وأن  المنايا  دونه  صمدت   صمدي
  ولكن   ربي   شاء   غير   مشيئتي   ***   وللرب  إمضاء  المشيئة   لا   العبد
  وما   سرني    أن    بعته    بثوابه   ***   ولو  أنه  التخليد   في   جنة   الخلد
  ولا   بعته   طوعا   ولكن   غصبته   ***   وليس على ظلم الحوادث  من  معدي
  وإني   وإن   متعت    بابني    بعده   ***   لذاكره  ما  حنت   النيب   في   نجد
  وأولادنا    مثل    الجوارح     أيها   ***   فقدناه   كان   الفاجع   البين   الفقد
  لكل    مكان    لا    يسد    اختلاله   ***   مكان  أخيه  في  جزوع   ولا   جلد
  هل  العين  بعد  السمع  تكفي  مكانه   ***   أم السمع بعد العين يهدي كما  تهدي
  لعمري:لقد  حالت  بي   الحال   بعده   ***   فيا ليت شعري كيف حالت  به  بعدي
  ثكلت   سروري   كله    إذ    ثكلته   ***   وأصبحت في لذات عيشي  أخا  زهد
  أريحانة   العينين   والأنف   والحشا   ***   ألا ليت شعري هل تغيرت عن عهدي
  سأسقيك ماء  العين  ما  أسعدت  به   ***   وإن كانت السقيا من الدمع لا  تجدي
  أعيني:جودا  لي  فقد  جدت   للثرى   ***   بأنفس   مما   تسألان   من    الرفد
  أعيني:إن    لا    تسعداني    ألمكما   ***   وإن تسعداني اليوم  تستوجبا  حمدي
  عذرتكما   لو   تشغلان   عن   البكا   ***   بنوم  وما  نوم  الشجي  أخي  الجهد
  أقرة    عيني:قد    أطلت     بكاءها   ***   وغادرتها  أقذى  من  الأعين  الرمد
  أقرة   عيني:لو   فدى   الحي   ميتا   ***   فديتك  بالحوباء   أول   من   يفدي
  كأني   ما   استمتعت   منك   بنظرة   ***   ولا  قبلة  أحلى  مذاقا   من   الشهد
  كأني   ما   استمتعت   منك   بضمة   ***   ولا  شمة  في  ملعب  لك  أو   مهد
  ألام  لما  أبدي  عليك   من   الأسى   ***   وإني لأخفي  منه  أضعاف  ما  أبدي
  محمد:ما    شيء     توهم     سلوة   ***   لقلبي  إلا  زاد   قلبي   من   الوجد
  أرى    أخويك     الباقيين     فإنما   ***   يكونان  للأحزان  أورى  من   الزند
  إذا   لعبا   في   ملعب   لك    لذعا   ***   فؤادي بمثل النار عن غير  ما  قصد
  فما  فيهما  لي   سلوة   بل   حزازة   ***   يهيجانها دوني  وأشقى  بها  وحدي
  وأنت  وإن  أفردت  في  دار  وحشة   ***   فإني بدار  الأنس  في  وحشة  الفرد
  أود  إذا  ما   الموت   أوفد   معشرا   ***   إلى عسكر  الأموات  أني  من  الوفد
  ومن  كان   يستهدي   حبيبا   هدية   ***   فطيف خيال منك في  النوم  أستهدي
  عليك   سلام    الله    مني    تحية   ***   ومن كل غيث صادق  البرق  والرعد
« آخر تحرير: 2007-10-06, 19:17:01 بواسطة أحمد »

أحمد

  • زائر
رد: شيء من الحزن !
« رد #8 في: 2007-10-09, 08:05:23 »
رثاء اليوم بلا عاطفة !، ولكنه كثير الحكمة

أبو الطيب "المتنبي" يرثي أم سيف الدولة، وقد أتى خبر وفاتها من أنطاكية:


1  نُعِدُّ المَشرَفِيَّةَ وَالعَوالي   وَتَقتُلُنا المَنونُ بِلا قِتالِ 

2  وَنَرتَبِطُ السَوابِقَ مُقرَباتٍ   وَما يُنجينَ مِن خَبَبِ اللَيالي 

3  وَمَن لَم يَعشَقِ الدُنيا قَديماً   وَلَكِن لا سَبيلَ إِلى الوِصالِ 

4  نَصيبُكَ في حَياتِكَ مِن حَبيبٍ   نَصيبُكَ في مَنامِكَ مِن خَيالِ 


5  رَماني الدَهرُ بِالأَرزاءِ حَتّى   فُؤادي في غِشاءٍ مِن نِبالِ 

6  فَصِرتُ إِذا أَصابَتني سِهامٌ   تَكَسَّرَتِ النِصالُ عَلى النِصالِ 

7  وَهانَ فَما أُبالي بِالرَزايا   لِأَنّي ما اِنتَفَعتُ بِأَن أُبالي 

8  وَهَذا أَوَّلُ الناعينَ طُرّاً   لِأَوَّلِ مَيتَةٍ في ذا الجَلالِ 

9  كَأَنَّ المَوتَ لَم يَفجَع بِنَفسٍ   وَلَم يَخطُر لِمَخلوقٍ بِبالِ 

10  صَلاةُ اللَهِ خالِقِنا حَنوطٌ   عَلى الوَجهِ المُكَفَّنِ بِالجَمالِ 

11  عَلى المَدفونِ قَبلَ التُربِ صَوناً   وَقَبلَ اللَحدِ في كَرَمِ الخِلالِ 

12  فَإِنَّ لَهُ بِبَطنِ الأَرضِ شَخصاً   جَديداً ذِكرُناهُ وَهُوَ بالي 

13  وَما أَحَدٌ يُخَلَّدُ في البَرايا   بَلِ الدُنيا تَؤولُ إِلى زَوالِ 

14  أَطابَ النَفسَ أَنَّكَ مُتَّ مَوتاً   تَمَنَّتهُ البَواقي وَالخَوالي 

15  وَزُلتِ وَلَم تَرى يَوماً كَريهاً   يُسَرُّ الروحُ فيهِ بِالزَوالِ

16  رِواقُ العِزِّ حَولَكِ مُسبَطِرٌّ   وَمُلكُ عَلِيٍّ اِبنِكِ في كَمالِ 

17  سَقى مَثواكَ غادٍ في الغَوادي   نَظيرُ نَوالِ كَفِّكِ في النَوالِ 

18  لِساحيهِ عَلى الأَجداثِ حَفشٌ   كَأَيدي الخَيلِ أَبصَرَتِ المَخالي 

19  أُسائِلُ عَنكِ بَعدَكِ كُلَّ مَجدٍ   وَما عَهدي بِمَجدٍ عَنكِ خالي 

20  يَمُرُّ بِقَبرِكِ العافي فَيَبكي   وَيَشغَلُهُ البُكاءُ عَنِ السُؤالِ 

21  وَما أَهداكِ لِلجَدوى عَلَيهِ   لَوَ أَنَّكِ تَقدِرينَ عَلى فَعالِ 

22  بِعَيشِكِ هَل سَلَوتِ فَإِنَّ قَلبي   وَإِن جانَبتُ أَرضَكِ غَيرُ سالي 

23  نَزَلتِ عَلى الكَراهَةِ في مَكانٍ   بَعُدتِ عَنِ النُعامى وَالشَمالِ 

24  تُحَجَّبُ عَنكِ رائِحَةُ الخُزامى   وَتُمنَعُ مِنكِ أَنداءُ الطِلالِ 

25  بِدارٍ كُلُّ ساكِنِها غَريبٌ   طَويلُ الهَجرِ مُنبَتُّ الحِبالِ 

26  حَصانٌ مِثلُ ماءِ المُزنِ فيهِ   كَتومُ السِرِّ صادِقَةُ المَقالِ 

27  يُعَلِّلُها نِطاسِيُّ الشَكايا   وَواحِدُها نِطاسِيُّ المَعالي 

28  إِذا وَصَفوا لَهُ داءً بِثَغرٍ   سَقاهُ أَسِنَّةَ الأَسلِ الطِوالِ 

29  وَلَيسَت كَالإِناثِ وَلا اللَواتي   تُعَدُّ لَها القُبورُ مِنَ الحِجالِ 

30  وَلا مَن في جَنازَتِها تِجارٌ   يَكونُ وَداعُها نَفضَ النِعالِ

31  مَشى الأُمَراءُ حَولَيها حُفاةً   كَأَنَّ المَروَ مِن زِفِّ الرِئالِ 

32  وَأَبرَزَتِ الخُدورُ مُخَبَّآتٍ   يَضَعنَ النَقسَ أَمكِنَةَ الغَوالي 

33  أَتَتهُنَّ المُصيبَةُ غافِلاتٍ   فَدَمعُ الحُزنِ في دَمعِ الدَلالِ 

34  وَلَو كانَ النِساءُ كَمَن فَقَدنا   لَفُضِّلَتِ النِساءُ عَلى الرِجالِ 

35  وَما التَأنيثُ لِاِسمِ الشَمسِ عَيبٌ   وَلا التَذكيرُ فَخرٌ لِلهِلالِ 

36  وَأَفجَعُ مَن فَقَدنا مَن وَجَدنا   قُبَيلَ الفَقدِ مَفقودَ المِثالِ 

37  يُدَفِّنُ بَعضُنا بَعضاً وَتَمشي   أَواخِرُنا عَلى هامِ الأَوالي 

38  وَكَم عَينٍ مُقَبَّلَةِ النَواحي   كَحيلٌ بِالجَنادِلِ وَالرِمالِ 

39  وَمُغضٍ كانَ لا يُغدي لِخِطبٍ   وَبالٍ كانَ يُفكِرُ في الهُزالِ 

40  أَسَيفَ الدَولَةِ اِستَنجِد بِصَبرٍ   وَكَيفَ بِمِثلِ صَبرِكَ لِلجِبالِ 

41  فَأَنتَ تُعَلِّمُ الناسَ التَعَزّي   وَخَوضَ المَوتِ في الحَربِ السِجالِ 

42  وَحالاتُ الزَمانِ عَلَيكَ شَتّى   وَحالُكَ واحِدٌ في كُلِّ حالِ 

43  فَلا غيضَت بِحارُكَ يا جَموماً   عَلى عَلَلِ الغَرائِبِ وَالدِخالِ 

44  رَأَيتُكَ في الَّذينَ أَرى مُلوكاً   كَأَنَّكَ مُستَقيمٌ في مُحالِ 

45  فَإِن تَفُقِ الأَنامَ وَأَنتَ مِنهُم   فَإِنَّ المِسكَ بَعضُ دَمِ الغَزالِ  

أحمد

  • زائر
رد: شيء من الحزن !
« رد #9 في: 2007-10-10, 15:14:20 »
شاعر مخضرم، بل أشعر بني هذيل كما قال فيه الأصمعي، وهذيل هم من هم فصاحة وبيان، لم يكتب له أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم، غير أنه أُتحِف بحضور جنازته، وله في ذلك قصيدة، أؤجلها لحينها إن شاء الله، عاش مجاهدا هو وابناؤه الخمسة، فمني بفقدهم جميعا في يوم واحدة، شهداء نحسبهم في سبيل الله، وكان قد جاوز الستين فكتب في رثائهم، وحكي أنه عرض قصيدته على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فنظر بها فإذا باولها اسم زوجته، والعرب تكني عادة عن الزوجة، فبكى كثيرا، حيث علم أن مصاب الرجل ليس بالهين أبدا  emo (30):
يقول: والقصيدة ملأى بابيات اشتهرت فيما بعد على انها من الحكمة

أَمِـنَ المَنـونِ وَريبِهـا   تَتَوَجَّـعُ        وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن    يَجـزَعُ
قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِـكَ  شاحِبـاً        مُنذُ اِبتَذَلتَ وَمِثـلُ مالِـكَ  يَنفَـعُ
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِـمُ    مَضجَعـاً        إِلّا أَقَضَّ عَلَيـكَ ذاكَ    المَضجَـعُ
فَأَجَبتُهـا أَن مـا لِجِسمِـيَ   أَنَّـهُ        أَودى بَنِيَّ مِـنَ البِـلادِ   فَوَدَّعـوا
أَودى بَنِـيَّ وَأَعقَبونـي    غُصَّـةً        بَعـدَ الرُقـادِ وَعَبـرَةً لا    تُقلِـعُ
سَبَقوا هَـوَىَّ وَأَعنَقـوا   لِهَواهُـمُ        فَتُخُرِّموا وَلِكُلِّ جَنـبٍ    مَصـرَعُ
فَغَبَرتُ بَعدَهُـمُ بِعَيـشٍ   ناصِـبٍ        وَإَخـالُ أَنّـي لاحِـقٌ    مُستَتبَـعُ
وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِـعَ   عَنهُـمُ        فَـإِذا المَنِيِّـةُ أَقبَلَـت لا تُـدفَـعُ
وَإِذا المَنِيَّـةُ أَنشَبَـت    أَظفارَهـا        أَلفَيـتَ كُـلَّ تَميمَـةٍ لا   تَنـفَـعُ
فَالعَيـنُ بَعدَهُـمُ كَـأَنَّ    حِداقَهـا        سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عـورٌ  تَدمَـعُ
حَتّـى كَأَنّـي لِلحَـوادِثِ   مَـروَةٌ        بِصَفا المُشَرَّقِ كُـلَّ يَـومٍ تُقـرَعُ
لا بُدَّ مِن تَلَـفٍ مُقيـمٍ    فَاِنتَظِـر        أَبِأَرضِ قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ
وَلَقَـد أَرى أَنَّ البُكـاءَ    سَفاهَـةٌ        وَلَسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِـن  يَفجَـعُ
وَليَأتِيَـنَّ عَلَيـكَ يَـومٌ    مَــرَّةً        يُبكـى عَلَيـكَ مُقَنَّعـاً لا   تَسمَـعُ
وَتَجَلُّـدي لِلشامِتـيـنَ   أُريـهِـمُ        أَنّي لَرَيبِ الدَهـرِ لا   أَتَضَعضَـعُ
وَالنَفـسُ راغِبِـةٌ إِذا   رَغَّبتَـهـا        فَـإِذا تُـرَدُّ إِلـى قَليـلٍ تَقـنَـعُ
كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمُ الهَـوى        باتوا بِعَيـشٍ ناعِـمٍ    فَتَصَدَّعـوا
فَلَئِن بِهِم فَجَـعَ الزَمـانُ   وَرَيبُـهُ        إِنّـي بِأَهـلِ مَوَدَّتـي   لَمُفَـجَّـعُ
وَالدَهرُ لا يَبقـى عَلـى   حَدَثانِـهِ        في رَأسِ شاهِقَـةٍ أَعَـزُّ    مُمَنَّـعُ
وَالدَهرُ لا يَبقـى عَلـى   حَدَثانِـهِ        جَونُ السَراةِ لَـهُ جَدائِـدُ   أَربَـعُ
صَخِبُ الشَوارِبِ لا يَزالُ    كَأَنَّـهُ        عَبـدٌ لِآلِ أَبـي رَبيعَـةَ   مُسبَـعُ
أَكَلَ الجَميمَ وَطاوَعَتـهُ    سَمحَـجٌ        مِثلُ القَنـاةِ وَأَزعَلَتـهُ    الأَمـرُعُُ
بِقَـرارِ قيعـانٍ سَقاهـا وابِــلٌ        واهٍ فَأَثجَـمَ بُـرهَـةً لا  يُقـلِـعُ
فَلَبِثنَ حينـاً يَعتَلِجـنَ    بِرَوضَـةٍ        فَيَجِدُّ حيناً في العِـلاجِ    وَيَشمَـعُ
حَتّى إِذا جَزَرَت مِيـاهُ    رُزونِـهِ        وَبِـأَيِّ حيـنِ مِـلاوَةٍ   تَتَقَـطَّـعُ
ذَكَرَ الوُرودَ بِها وَشاقـى    أَمـرَهُ        شُـؤمٌ وَأَقبَـلَ حَيـنُـهُ   يَتَتَـبَّـعُ
فَاِفتَنَّهُـنَّ مِـن السَـواءِ   وَمـاؤُهُ        بِثـرٌ وَعانَـدَهُ طَريـقٌ   مَهـيَـعُ
فَكَأَنَّهـا بِالجِـزعِ بَيـنَ    يُنابِـعٍ        وَأولاتِ ذي العَرجاءِ نَهبٌ    مُجمَعُ
وَكَأَنَّـهُـنَّ رَبـابَـةٌ   وَكَـأَنَّــهُ        يَسَرٌ يُفيضُ عَلى القِداحِ   وَيَصـدَعُ
وَكَأَنَّمـا هُـوَ مِـدوَسٌ    مُتَقَلِّـبٌ        في الكَفِّ إِلّا أَنَّـهُ هُـوَ    أَضلَـعُ
فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ الض        ضُرَباءِ فَـوقَ النَظـمِ لا    يَتَتَلَّـعُ
فَشَرَعنَ في حَجَراتِ عَذبٍ   بـارِدٍ        حَصِبِ البِطاحِ تَغيبُ فيهِ    الأَكرُعُ
فَشَرِبنَ ثُمَّ سَمِعـنَ حِسّـاً   دونَـهُ        شَرَفُ الحِجابِ وَرَيبَ قَرعٍ   يُقرَعُ
وَنَميمَـةً مِـن قانِـصٍ    مُتَلَبِّـبٍ        في كَفِّهِ جَـشءٌ أَجَـشُّ   وَأَقطُـعُ
فَنَكِرنَهُ فَنَفَـرنَ وَاِمتَرَسَـت  بِـهِ        سَطعاءُ هادِيَـةٌ وَهـادٍ    جُرشُـعُ
فَرَمى فَأَنفَذَ مِـن نَجـودٍ   عائِـطٍ        سَهماً فَخَـرَّ وَريشُـهُ    مُتَصَمِّـعُ
فَبَـدا لَـهُ أَقـرابُ هـذا   رائِغـاً        عَجِلاً فَعَيَّثَ في الكِنانَـةِ   يُرجِـعُ
فَرَمى فَأَلحَقَ صاعِدِيّـاً   مِطحَـراً        بِالكَشحِ فَاِشتَمَّلَت عَلَيـهِ الأَضلُـعُ
فَأَبَدَّهُـنَّ حُتوفَـهُـنَّ   فَـهـارِبٌ        بِذَمائِـهِ أَو بـارِكٌ    مُتَجَعـجِـعُ
يَعثُرنَ في حَـدِّ الظُبـاتِ   كَأَنَّمـا        كُسِيَت بُرودَ بَنـي يَزيـدَ   الأَذرُعُ
وَالدَهرُ لا يَبقـى عَلـى   حَدَثانِـهِ        شَبَـبٌ أَفَزَّتـهُ الكِـلابُ   مُـرَوَّعُ
شَعَفَ الكِلابُ الضارِياتُ    فُـؤادَهُ        فَإِذا يَرى الصُبحَ المُصَدَّقَ   يَفـزَعُ
وَيَعوذُ بِالأَرطـى إِذا مـا    شَفَّـهُ        قَطـرٌ وَراحَتـهُ بَلِيـلٌ   زَعـزَعُ
يَرمي بِعَينَيـهِ الغُيـوبَ وَطَرفُـهُ        مُغضٍ يُصَدِّقُ طَرفُهُ مـا   يَسمَـعُ
فَغَـدا يُشَـرِّقُ مَتنَـهُ فَبَـدا   لَـهُ        أَولـى سَوابِقَهـا قَريبـاً   تـوزَعُ
فَاِهتاجَ مِن فَزَعٍ وَسَـدَّ    فُروجَـهُ        غُبرٌ ضَـوارٍ وافِيـانِ    وَأَجـدَعُ
يَنهَشنَـهُ وَيَذُبُّـهُـنَّ   وَيَحتَـمـي        عَبلُ الشَـوى بِالطُرَّتَيـنِ   مُوَلَّـعُ
فَنَحـا لَهـا بِمُذَلَّقَـيـنِ   كَأَنَّـمـا        بِهِما مِنَ النَضحِ المُجَـدَّحِ   أَيـدَعُ
فَكَـأَنَّ سَفّودَيـنِ لَمّـا    يُقـتَـرا        عَجِلا لَهُ بِشَـواءِ شَـربٍ   يُنـزَعُ
فَصَرَعنَهُ تَحتَ الغُبـارِ    وَجَنبُـهُ        مُتَتَرِّبٌ وَلِكُـلِّ جَنـبٍ    مَصـرَعُ
حَتّى إِذا اِرتَدَّت وَأَقصَدَ    عُصبَـةً        مِنها وَقـامَ شَريدُهـا    يَتَضَـرَّعُ
فَبَـدا لَـهُ رَبُّ الكِـلابِ بِكَـفِّـهِ        بيضٌ رِهـافٌ ريشُهُـنَّ   مُقَـزَّعُ
فَرَمى لِيُنقِـذَ فَرَّهـا فَهَـوى   لَـهُ        سَهـمٌ فَأَنفَـذَ طُرَّتَيـهِ    المِنـزَعُ
فَكَبا كَمـا يَكبـو فِنيـقٌ    تـارِزٌ        بِالخُبـتِ إِلّا أَنَّـهُ هُـوَ   أَبــرَعُ
وَالدَهرُ لا يَبقـى عَلـى   حَدَثانِـهِ        مُستَشعِـرٌ حَلَـقَ الحَديـدِ مُقَنَّـعُ
حَمِيَت عَلَيهِ الدِرعُ حَتّى    وَجهُـهُ        مِن حَرِّها يَـومَ الكَريهَـةِ أَسفَـعُ
تَعدو بِهِ خَوصاءُ يَفصِـمُ جَريُهـا        حَلَقَ الرِحالَةِ فَهِيَ رِخـوٌ   تَمـزَعُ
قَصَرَ الصَبوحَ لَها فَشَرَّجَ   لَحمَهـا        بِالنَيِّ فَهِيَ تَثوخُ فيهـا    الإِصبَـعُ
مُتَفَلِّـقٌ أَنساؤُهـا عَـن   قـانِـيٍ        كَالقُرطِ صاوٍ غُبـرُهُ لا   يُرضَـعُ
تَأبى بِدُرَّتِها إِذا مـا  اِستُكرِهَـت        إِلّا الحَمـيـمَ فَـإِنَّـهُ   يَتَبَـضَّـعُ
بَينَنـا تَعَنُّقِـهِ الكُمـاةَ    وَرَوغِـهِ        يَوماً أُتيـحَ لَـهُ جَـرىءٌ   سَلفَـعُ
يَعدو بِهِ نَهِـشُ المُشـاشِ   كَأَنّـهُ        صَدَعٌ سَليـمٌ رَجعُـهُ لا    يَظلَـعُ
فَتَنادَيـا وَتَواقَـفَـت   خَيلاهُـمـا        وَكِلاهُمـا بَطَـلُ اللِقـاءِ مُخَـدَّعُ
مُتَحامِيَيـنِ المَجـدَ كُـلٌّ   واثِـقٌ        بِبَلائِـهِ وَاليَـومُ يَـومٌ    أَشـنَـعُ
وَعَلَيهِمـا مَسرودَتـانِ   قَضاهُمـا        داودٌ أَو صَنَـعُ السَوابِـغِ   تُـبَّـعُ
وَكِلاهُمـا فـي كَفِّـهِ    يَزَنِـيَّـةٌ        فيهـا سِنـانٌ كَالمَنـارَةِ   أَصلَـعُ
وَكِلاهُمـا مُتَوَشِّـحٌ ذا   رَونَــقٍ        عَضباً إِذا مَسَّ الضَريبَـةَ   يَقطَـعُ
فَتَخالَسـا نَفسَيهِـمـا    بِنَـوافِـذٍ        كَنَوافِـذِ العُبُـطِ الَّتـي لا   تُرقَـعُ
وَكِلاهُما قَد عاشَ عيشَـةَ   ماجِـدٍ        وَجَنى العَلاءَ لَو أَنَّ شَيئـاً   يَنفَـعُ

أحمد

  • زائر
رد: شيء من الحزن !
« رد #10 في: 2007-10-15, 16:57:49 »
اني ابتليت بأربع ما سلطـت      الا لعظـم بليتي وشقائـي
إبليس والدنيا ونفسي والهوى   كيف الخلاص وكلها أعدائي

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: شيء من الحزن !
« رد #11 في: 2007-10-15, 17:30:04 »
بالنسبة لشاعر بني هذيل.. أعجبني له هذا:

وَليَأتِيَـنَّ عَلَيـكَ يَـومٌ    مَــرَّةً        يُبكـى عَلَيـكَ مُقَنَّعـاً لا   تَسمَـعُ

اللهم ارحمنا برحمتك... لا نرجو سواك

والأبيات قبل البيت التالي:
وَالدَهرُ لا يَبقـى عَلـى   حَدَثانِـهِ        جَونُ السَراةِ لَـهُ جَدائِـدُ   أَربَـعُ
مفهومة تماما..
لكن بدءا من هذا البيت لم أعد أفهم شيئا، وكأن الأبيات كتبت بغير العربية... أيعقل أن نقرأ كل هذا الكم ولا نفقه شيئا؟ أم أنها أبيات ملفقة، لفقها شخص يحب الغريب من الالفاظ يستعرض به مواهبه... حقا لا أصدق انه في زمن حسان بن ثابت وكعب بن زهير رضي الله عنهما ... تكون مثل تلك اللغة التي لا نفهمها...
فما تفسيركم للأمر؟
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: شيء من الحزن !
« رد #12 في: 2007-10-15, 17:49:17 »



10  صَلاةُ اللَهِ خالِقِنا حَنوطٌ   عَلى الوَجهِ المُكَفَّنِ بِالجَمالِ 

11  عَلى المَدفونِ قَبلَ التُربِ صَوناً   وَقَبلَ اللَحدِ في كَرَمِ الخِلالِ 

هذه من أردأ ما قاله المتنبي، ومن أردأ ما قاله الشعراء عموما... هكذا قيل لي...

وأما رثاء ابن الرومي فلا يعدله رثاء أبدا... ولم أقرأ أصدق منه ولا أوجع...
غفر الله له...


وما   سرني    أن    بعته    بثوابه   ***   ولو  أنه  التخليد   في   جنة   الخلد
  ولا   بعته   طوعا   ولكن   غصبته   ***   وليس على ظلم الحوادث  من  معدي

سبحان الله
المصائب المقدرة علينا ستصيبنا لا محالة... فإن صبرنا أجرنا، وإن جزعنا أثمنا، وقدر الله ماض لا يرده صبرنا ولا جزعنا....
وعلى قدر الإيمان يكون الصبر...

وإنما الصبر عند الصدمة الأولى...

اللهم اجعلنا عند القضاء من الصابرين، وعند العطاء من الشاكرين...
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

أحمد

  • زائر
رد: شيء من الحزن !
« رد #13 في: 2007-10-16, 00:30:55 »
الأبيات ليست منتحلة، وما بها من صعوبة يحل بمعرفة أن هذيل أوسع العرب حديثا، ومعرفة حال القصيدة، فهو من البيت المشار إليه يبدأ في وصف حال أبنائه عند الموت
ربما أعود قريبا مع تبيين بعض الالفاظ الغريبة، لعلها تفيد فهم القصيدة إن شاء الله



10  صَلاةُ اللَهِ خالِقِنا حَنوطٌ   عَلى الوَجهِ المُكَفَّنِ بِالجَمالِ 

11  عَلى المَدفونِ قَبلَ التُربِ صَوناً   وَقَبلَ اللَحدِ في كَرَمِ الخِلالِ 

هذه من أردأ ما قاله المتنبي، ومن أردأ ما قاله الشعراء عموما... هكذا قيل لي...

نعم، فرغم الاتفاق على أنها من ابرع قصائده، لكن ما أسخف التعبير عن الجمال بالكفن والصون بتراب القبر وكرم الخلال باللحد !!!
سبحان الله
المصائب المقدرة علينا ستصيبنا لا محالة... فإن صبرنا أجرنا، وإن جزعنا أثمنا، وقدر الله ماض لا يرده صبرنا ولا جزعنا....
وعلى قدر الإيمان يكون الصبر...

وإنما الصبر عند الصدمة الأولى...

اللهم اجعلنا عند القضاء من الصابرين، وعند العطاء من الشاكرين...
[/size]
آمين  emo (30):
« آخر تحرير: 2007-10-16, 02:46:15 بواسطة أحمد »

أحمد

  • زائر
رد: شيء من الحزن !
« رد #14 في: 2007-10-16, 02:43:39 »
صارت بعدُ منبت مراثي البلدان، فأكمل عليها بعض من رثى الأندلس بعد مؤلفها أبي البقاء الرندي، وعارضها شوقي في رثاء دمشق حين وطئتها فرنسا بالقرن الرابع عشر الهجري

لكل  شيءٍ  إذا   ما   تم     نقصانُ        فلا  يغر   بطيب   العيش     إنسانُ

هي  الأمورُ  كما   شاهدتها     دولٌ        من  سره   زمن   ساءتهُ     أزمانُ

وهذه  الدار  لا  تُبقي   على   أحدٍ        ولا  يدومُ  على  حالٍ   لها     شانُ

أينَ الملوكُ ذووا التيجان  من    يَمَنٍ        وأينَ    منهم    أكاليلٌ      وتيجانُ؟

وأينَ  ما  شَادهُ  شدادُ  في  إرمٍ    ؟        وأينَ ماساسهُ في  الفرسِ  ساسسانُ

وأينَ ما  حازهُ  قارونُ  من    ذهبٍ        وأينَ   عادٌ    وشدّاد      وقحطان؟

أتى  على  الكل  أمرٌ  لا  مَردّ    لهُ        حتى قضوا  فكأنّ  القومَ  ما    كانوا

لو صارَ ما كانَ من مُلكٍ ومن  مَلكٍ        كما حَكى عن خوالي الطيف وسنانُ

فجائع    الدهر    أنواع      منوعة        وللزمانِ      مَسراتٌ      وأحزان

وللحوادثِ      سُلوانٌ        يُسهلها        وما  لمَا   حل   بالإسلام     سُلوانُ

دَهى  الجزيرة  أمرٌ  لا  عَزاء    لهُ        هوى   لهُ   أحدٌ    وأنهدّ      ثهلانُ

تبكي الحنيفية  البيضاءُ  من    أسفٍ        كما  بكى   لفراق   الإلفِ   هيمانُ

عَلى  ديارٍ   من   الإسلام     خالية        قد  أقفرت  ولها   بالكفر     عُمرانُ

حيثُ المساجدُ قد صَارت كنائسَ   ما        فيهنّ    إلا    نواقيسٌ       وصلبانُ

حتى المحاريب تبكي  وهي    جامدةٌ        حتى  المنابر  تَرثي  وهي    عيدانُ

ياغافلاً  ولهُ  في  الدهر     موعظة        إن كنتَ  في  سِنَةٍ  فالدهر    يقظانُ

تلك  المصيبةُ  أنست   ما     تقدمها        وما لها  من  طوال  الدهر    نسيانُ

ياراكبينَ   عِتاقَ   الخيلِ     ضَامرة        كأنّها  في  مجال   السبقِ     عُقبانُ

وحاملينَ   سيوفَ   الهندِ    مُرهفة        كأنها   في   ظلام   النقعِ     نيرانُ

أعندَ  كمُ  نبأ   من   أهلِ     أندلسٍ        فقد  سَرى  بحديث   القوم   ركبانُ

كم يستغيث بنا  المستضعفونَ    وهم        قتلى  وأسرى  فما   يهتز     إنسانُ

مَاذا  التقاطعُ  في   الإسلام     بينكمُ        وأنتمُ     ياعبادَ     الله       إخوانُ

ألا   نُفوسٌ    أبياتٌ    لها      هِمَمٌ        أمَا  على  الخير  أنصارٌ   وأعوانُ

يَا  مَن   لذلة   قومٍ   بعد     عِزهمُ        أحالَ    حالهمُ    جَورٌ      وطغيانُ

بالأمس  كانوا  ملوكاً  في    منازلهم        واليومَ هُم  في  بلاد  الكفر    عُبدانُ

لمثلِ  هذا  يذوبُ  القلبُ  مِن    كمَدٍ        إن كانَ  في  القلب  إسلامٌ    وإيمانُ

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: شيء من الحزن !
« رد #15 في: 2007-10-16, 10:52:24 »

لمثلِ  هذا  يذوبُ  القلبُ  مِن    كمَدٍ        إن كانَ  في  القلب  إسلامٌ    وإيمانُ
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

أحمد

  • زائر
رد: شيء من الحزن !
« رد #16 في: 2007-10-18, 06:25:14 »

قَدَّمتُ بَينَ يَدَيَّ نَفسـاً   أَذنَبَـت        وَأَتَيتُ بَينَ الخَوفِ    وَالإِقـرارِ
وَجَعَلتُ أَستُرُ عَن سِواك ذُنوبَها        حَتّى عَبيتُ فَمُنَّ لـي  بِسِتـارِ


شوقي

ماما فرح

  • زائر
رد: شيء من الحزن !
« رد #17 في: 2007-10-18, 06:56:17 »
صارت بعدُ منبت مراثي البلدان، فأكمل عليها بعض من رثى الأندلس بعد مؤلفها أبي البقاء الرندي، وعارضها شوقي في رثاء دمشق حين وطئتها فرنسا بالقرن الرابع عشر الهجري

لكل  شيءٍ  إذا   ما   تم     نقصانُ        فلا  يغر   بطيب   العيش     إنسانُ

هي  الأمورُ  كما   شاهدتها     دولٌ        من  سره   زمن   ساءتهُ     أزمانُ

وهذه  الدار  لا  تُبقي   على   أحدٍ        ولا  يدومُ  على  حالٍ   لها     شانُ

أينَ الملوكُ ذووا التيجان  من    يَمَنٍ        وأينَ    منهم    أكاليلٌ      وتيجانُ؟

وأينَ  ما  شَادهُ  شدادُ  في  إرمٍ    ؟        وأينَ ماساسهُ في  الفرسِ  ساسسانُ

وأينَ ما  حازهُ  قارونُ  من    ذهبٍ        وأينَ   عادٌ    وشدّاد      وقحطان؟

أتى  على  الكل  أمرٌ  لا  مَردّ    لهُ        حتى قضوا  فكأنّ  القومَ  ما    كانوا

لو صارَ ما كانَ من مُلكٍ ومن  مَلكٍ        كما حَكى عن خوالي الطيف وسنانُ

فجائع    الدهر    أنواع      منوعة        وللزمانِ      مَسراتٌ      وأحزان

وللحوادثِ      سُلوانٌ        يُسهلها        وما  لمَا   حل   بالإسلام     سُلوانُ

دَهى  الجزيرة  أمرٌ  لا  عَزاء    لهُ        هوى   لهُ   أحدٌ    وأنهدّ      ثهلانُ

تبكي الحنيفية  البيضاءُ  من    أسفٍ        كما  بكى   لفراق   الإلفِ   هيمانُ

عَلى  ديارٍ   من   الإسلام     خالية        قد  أقفرت  ولها   بالكفر     عُمرانُ

حيثُ المساجدُ قد صَارت كنائسَ   ما        فيهنّ    إلا    نواقيسٌ       وصلبانُ

حتى المحاريب تبكي  وهي    جامدةٌ        حتى  المنابر  تَرثي  وهي    عيدانُ

ياغافلاً  ولهُ  في  الدهر     موعظة        إن كنتَ  في  سِنَةٍ  فالدهر    يقظانُ

تلك  المصيبةُ  أنست   ما     تقدمها        وما لها  من  طوال  الدهر    نسيانُ

ياراكبينَ   عِتاقَ   الخيلِ     ضَامرة        كأنّها  في  مجال   السبقِ     عُقبانُ

وحاملينَ   سيوفَ   الهندِ    مُرهفة        كأنها   في   ظلام   النقعِ     نيرانُ

أعندَ  كمُ  نبأ   من   أهلِ     أندلسٍ        فقد  سَرى  بحديث   القوم   ركبانُ

كم يستغيث بنا  المستضعفونَ    وهم        قتلى  وأسرى  فما   يهتز     إنسانُ

مَاذا  التقاطعُ  في   الإسلام     بينكمُ        وأنتمُ     ياعبادَ     الله       إخوانُ

ألا   نُفوسٌ    أبياتٌ    لها      هِمَمٌ        أمَا  على  الخير  أنصارٌ   وأعوانُ

يَا  مَن   لذلة   قومٍ   بعد     عِزهمُ        أحالَ    حالهمُ    جَورٌ      وطغيانُ

بالأمس  كانوا  ملوكاً  في    منازلهم        واليومَ هُم  في  بلاد  الكفر    عُبدانُ

لمثلِ  هذا  يذوبُ  القلبُ  مِن    كمَدٍ        إن كانَ  في  القلب  إسلامٌ    وإيمانُ

ياااااااااااااه
ومازال الحال هو الحال

فرنسا وطئت ورثينا
انجلترا وطئت ورثينا
عصابات اليهود وطئت ورثينا
أمريكا وطئت ورثينا

ألن نفرح يوماً؟
« آخر تحرير: 2007-10-18, 06:58:17 بواسطة ماما فرح »

أحمد

  • زائر
رد: شيء من الحزن !
« رد #18 في: 2007-10-20, 12:16:19 »
ما أقسى بكاء البلدان .. نحياه مع الشاعر قلبا وقالبا، بل قد نود لو نطقت قريحته بأكثر !

يبكي شوقي بلدة بأوربا الشرقية تسقط عنها رايات الخلافة الإسلامية بعد جهاد في الدفاع مرير وبعد أن ظلت أرضا للإسلام ما ظلت

يـا أُخـتَ أَندَلُـسٍ عَلَيـكِ   سَـلامُ        هَـوَتِ الخِلافَـةُ عَنـكِ   وَالإِسـلامُ
نَزَلَ الهِلالُ عَـنِ السَمـاءِ    فَلَيتَهـا        طُوِيَـت وَعَـمَّ العالَميـنَ   ظَــلامُ
أَزرى بِـهِ وَأَزالَـهُ عَـن    أَوجِـهِ        قَـدَرٌ يَحُـطُّ البَـدرَ وَهـوَ    تَمـامُ
جُرحانِ تَمضي الأُمَّتـانِ    عَلَيهِمـا        هَــذا يَسـيـلُ وَذاكَ لا    يَلـتـامُ
بِكُما أُصيـبَ المُسلِمـونَ    وَفيكُمـا        دُفِنَ اليَـراعُ وَغُيِّـبَ    الصَمصـامُ
لَـم يُطـوَ مَأتَمُهـا وَهَـذا مَـأتَـمٌ        لَبِسوا السَوادَ عَلَيـكِ فيـهِ   وَقامـوا
ما بَينَ مَصرَعِها وَمَصرَعِكِ اِنقَضَت        فيمـا نُحِـبُّ وَنَـكـرَهُ    الأَيّــامُ
خَلَتِ القُـرونُ كَلَيلَـةٍ    وَتَصَرَّمَـت        دُوَلُ الفُـتـوحِ كَأَنَّـهـا   أَحــلامُ
وَالدَهرُ لا يَألـو المَمالِـكَ    مُنـذِراً        فَـإِذا غَفَلـنَ فَمـا عَلَيـهِ   مَــلامُ
مَقدونِيـا وَالمُسلِـمـونَ   عَشـيـرَةٌ        كَيـفَ الخُئولَـةُ فيـكِ    وَالأَعمـامُ
أَتَرَينَهُـم هانـوا وَكـانَ بِعِـزِّهِـم        وَعُلُـوِّهِـم يَتَخـايَـلُ  الإِســلامُ
إِذ أَنتِ نـابُ اللَيـثِ كُـلَّ  كَتيبَـةٍ        طَلَعَـت عَلَيـكِ فَريسَـةٌ    وَطَعـامُ
مـا زالَـتِ الأَيّـامُ حَتّـى   بُدِّلَـت        وَتَغَيَّـرَ الساقـي وَحـالَ   الـجـامُ
أَرَأَيتِ كَيفَ أُديلَ مِن أُسدِ    الشَـرى        وَشَهِـدتِ كَيـفَ أُبيحَـتِ   الآجـامُ
زَعَمـوكِ هَمّـاً لِلخِلافَـةِ    ناصِبـاً        وَهَـلِ المَمالِـكُ راحَـةٌ    وَمَـنـامُ
وَيَقولُ قَـومٌ كُنـتِ أَشـأَمَ    مَـورِدٍ        وَأَراكِ سائِغَـةً عَلَـيـكِ  زِحــامُ
وَيَراكِ داءَ المُلـكُ نـاسُ    جَهالَـةٍ        بِالمُلـكِ مِنهُـم عِـلَّـةٌ    وَسَـقـامُ
لَو آثَروا الإِصلاحَ كُنـتِ   لِعَرشِهِـم        رُكنـاً عَلـى هـامِ النُجـومِ   يُقـامُ
وَهـمٌ يُقَيِّـدُ بَعضُهُـم بَعضـاً   بِـهِ        وَقُيـودُ هَـذا العـالَـمِ   الأَوهــامُ
صُوَرُ العَمـى شَتّـى وَأَقبَحُهـا   إِذا        نَظَـرَت بِغَيـرِ عُيونِهِـنَّ   الـهـامُ
وَلَقَد يُقامُ مِنَ السُيوفِ وَلَيـسَ   مِـن        عَثَـراتِ أَخـلاقِ الشُعـوبِ   قِيـامُ
وَمُبَشِّـرٍ بِالصُلـحِ قُلـتُ    لَعَـلَّـهُ        خَيرٌ عَسـى أَن تَصـدُقَ   الأَحـلامُ
تَـرَكَ الفَريقـانِ القِتـالَ   وَهَــذِهِ        سِلـمٌ أَمَـرُّ مِـنَ القِتـالِ   عُـقـامُ
يَنعى إِلَينا المَلِـكَ نـاعٍ لَـم  يَطَـأ        أَرضـاً وَلا اِنتَقَلَـت بِـهِ  أَقــدامُ
بَـرقٌ جَوائِبُـهُ صَواعِـقُ   كُلُّـهـا        وَمِنَ البُـروقِ صَواعِـقٌ    وَغَمـامُ
إِن كانَ شَـرٌّ زارَ غَيـرَ    مُفـارِقٍ        أَو كـانَ خَيـرٌ فَالمَـزارُ    لِـمـامُ
بِالأَمسِ أَفريقـا تَوَلَّـت    وَاِنقَضـى        مُلكٌ عَلـى جيـدِ الخِضَـمِّ   جِسـامُ
نَظَمَ الهِـلالُ بِـهِ مَمالِـكَ    أَربَعـاً        أَصبَحـنَ لَيـسَ لِعَقدِهِـنَّ نِـظـامُ
مِن فَتحِ هاشِمَ أَو أُمَيَّـةَ لَـم   يُضِـع        آساسَـهـا تَـتَـرٌ وَلا    أَعـجـامُ
وَاليَومَ حُكـمُ اللَـهِ فـي    مَقدونِيـا        لا نَقـضَ فيـهِ لَنـا وَلا    إِبــرامُ
كانَت مِنَ الغَربِ البَقِيَّـةُ   فَاِنقَضَـت        فَعَلـى بَنـي عُثمـانَ فيـهِ   سَـلامُ
أَخَـذَ المَدائِـنَ وَالقُـرى   بِخِناقِهـا        جَيـشٌ مِـنَ المُتَحالِفيـنَ    لُـهـامُ
غَطَّت بِهِ الأَرضُ الفَضاءَ    وَجَوَّهـا        وَكَسَـت مَناكِبَهـا بِــهِ   الآكــامُ
تَمشي المَناكِرُ بَيـنَ أَيـدي    خَيلِـهِ        أَنّـى مَشـى وَالبَغـيُ    وَالإِجـرامُ
وَيَحُثُّـهُ بِاِسـمِ الكِـتـابِ   أَقِـسَّـةٌ        نَشَطوا لِما هُوَ في الكِتـابِ  حَـرامُ
وَمُسَيطِرونَ عَلى المَمالِكِ   سُخِّـرَت        لَهُـمُ الشُعـوبُ كَأَنَّـهـا  أَنـعـامُ
مِن كُلِّ جَزّارٍ يَرومُ الصَـدرَ    فـي        نـادي المُلـوكِ وَجَــدُّهُ   غَـنّـامُ
سِكّيـنُـهُ وَيَميـنُـهُ   وَحِـزامُــهُ        وَالصَولَـجـانُ جَميعُـهـا   آثــامُ
عيسـى سَبيلُـكَ رَحمَـةٌ    وَمَحَبَّـةٌ        فـي العالَميـنَ وَعِصمَـةٌ   وَسَـلامُ
ما كُنتَ سَفّـاكَ الدِمـاءِ وَلا   اِمـرَأً        هـانَ الضِعـافُ عَلَيـهِ  وَالأَيتـامُ
يا حامِلَ الآلامِ عَـن هَـذا الـوَرى        كَثُـرَت عَلَـيـهِ بِاِسـمِـكَ    الآلامُ
أَنتَ الَّذي جَعَـلَ العِبـادَ  جَميعَهُـم        رَحِماً وَبِاِسمِـكَ تُقطَـعُ    الأَرحـامُ
غَطَّت بِهِ الأَرضُ الفَضاءَ    وَجَوَّهـا        وَكَسَـت مَناكِبَهـا بِــهِ   الآكــامُ
تَمشي المَناكِرُ بَيـنَ أَيـدي    خَيلِـهِ        أَنّـى مَشـى وَالبَغـيُ    وَالإِجـرامُ
وَيَحُثُّـهُ بِاِسـمِ الكِـتـابِ   أَقِـسَّـةٌ        نَشَطوا لِما هُوَ في الكِتـابِ  حَـرامُ
وَمُسَيطِرونَ عَلى المَمالِكِ   سُخِّـرَت        لَهُـمُ الشُعـوبُ كَأَنَّـهـا  أَنـعـامُ
مِن كُلِّ جَزّارٍ يَرومُ الصَـدرَ    فـي        نـادي المُلـوكِ وَجَــدُّهُ   غَـنّـامُ
سِكّيـنُـهُ وَيَميـنُـهُ   وَحِـزامُــهُ        وَالصَولَـجـانُ جَميعُـهـا   آثــامُ
عيسـى سَبيلُـكَ رَحمَـةٌ    وَمَحَبَّـةٌ        فـي العالَميـنَ وَعِصمَـةٌ   وَسَـلامُ
ما كُنتَ سَفّـاكَ الدِمـاءِ وَلا   اِمـرَأً        هـانَ الضِعـافُ عَلَيـهِ  وَالأَيتـامُ
يا حامِلَ الآلامِ عَـن هَـذا الـوَرى        كَثُـرَت عَلَـيـهِ بِاِسـمِـكَ    الآلامُ
أَنتَ الَّذي جَعَـلَ العِبـادَ  جَميعَهُـم        رَحِماً وَبِاِسمِـكَ تُقطَـعُ    الأَرحـامُ
أَتَتِ القِيامَـةُ فـي وِلايَـةِ   يوسُـفٍ        وَاليَـومَ بِاِسمِـكَ مَرَّتَيـنِ    تُـقـامُ
كَم هاجَهُ صَيـدُ المُلـوكِ   وَهاجَهُـم        وَتَكـافَـأَ الفُـرسـانُ   وَالأَعــلامُ
البَغـيُ فـي ديـنِ الجَميـعِ   دَنِيَّـةٌ        وَالسَلـمُ عَهـدٌ وَالقِتـالُ    زِمــامُ
وَاليَومَ يَهتِفُ بِالصَليـبِ  عَصائِـبٌ        هُـم لِـلإِلَـهِ وَروحِــهِ   ظُــلّامُ
خَلَطوا صَليبَكَ وَالخَناجِرَ    وَالمُـدى        كُــلٌّ أَداةٌ لِــلأَذى    وَحِـمــامُ
أَوَ مـا تَراهُـم ذَبَّحـوا  جيرانَهُـم        بَيـنَ البُيـوتِ كَأَنَّـهُـم    أَغـنـامُ
كَم مُرضَعٍ في حِجرِ نِعمَتِـهِ    غَـدا        وَلَهُ عَلـى حَـدِّ السُيـوفِ    فِطـامُ
وَصَبِيَّـةٍ هُتِكَـت خَميلَـةُ   طُهرِهـا        وَتَناثَـرَت عَـن نَـورِهِ الأَكـمـامُ
وَأَخـي ثَمانيـنَ اِستُبيـحَ    وَقـارُهُ        لَم يُغنِ عَنـهُ الضَعـفُ   وَالأَعـوامُ
وَجَريحِ حَـربٍ ظامِـئٍ وَأَدوهُ   لَـم        يَعطِـفـهُـمُ جُـــرحٌ دَمٍ    وَأُوامُ
وَمُهاجِريـنَ تَنَكَّـرَت    أَوطانُـهُـم        ضَلّوا السَبيلَ مِنَ الذُهـولِ وَهامـوا
السَيفُ إِن رَكِبوا الفِـرارَ    سَبيلُهُـم        وَالنِطعُ إِن طَلَبـوا القَـرارَ    مُقـامُ
يَتَلَفَّـتـونَ مُوَدِّعـيـنَ   دِيـارَهُـم        وَاللَحـظُ مـاءٌ وَالدِيـارُ ضِــرامُ
يـا أُمَّـةً بِفَـروقَ فَـرِّقَ   بَينَـهُـم        قَـدَرٌ تَطيـشُ إِذا أَتـى    الأَحـلامُ
فيـمَ التَخـاذُلُ بَينَكُـم وَوَراءَكُــم        أُمَـمٌ تُضـاعُ حُقوقُهـا   وَتُـضـامُ
اللَـهُ يَشهَـدُ لَـم أَكُـن    مُتَحَزِّبـاً        فـي الـرُزءِ لا شِيَـعٌ وَلا أَحـزامُ
وَإِذا دَعَوتُ إِلـى الوِئـامِ   فَشاعِـرٌ        أَقصـى مُنـاهُ مَحَـبَّـةٌ    وَوِئــامُ
مَن يَضجُرُ البَلـوى فَغايَـةُ   جَهـدِهِ        رُجعى إِلـى الأَقـدارِ    وَاِستِسـلامُ
لا يَأخُذَنَّ عَلى العَواقِـبِ    بَعضُكُـم        بَعضـاً فَقِدمـاً جـارَتِ    الأَحكـامُ
تَقضي عَلى المَرءِ اللَيالـي أَو    لَـهُ        فَالحَمـدُ مِـن سُلطانِهـا   وَالــذامُ
مِن عادَةِ التاريـخِ مِـلءُ    قَضائِـهِ        عَـدلٌ وَمِـلءُ كِنانَتَـيـهِ   سِـهـامُ
ما لَيـسَ يَدفَعُـهُ المُهَنَّـدُ    مُصلَتـاً        لا الكُتـبُ تَدفَـعُـهُ وَلا   الأَقــلامُ
إِنَّ الأُلى فَتَحـوا الفُتـوحَ  جَلائِـلاً        دَخَلوا عَلى الأُسدِ الغِياضَ    وَنامـوا
هَـذا جَـنـاهُ عَلَيـكُـمُ   آبـاؤُكُـم        صَبـراً وَصَفحـاً فَالجُنـاةُ  كِـرامُ
رَفَعوا عَلى السَيفِ البِناءَ فَلَـم   يَـدُم        مـا لِلبِنـاءِ عَلـى السُيـوفِ   دَوامُ
أَبقى المَمالِكَ مـا المَعـارِفُ   أُسُّـهُ        وَالعَـدلُ فيـهِ حـائِـطٌ   وَدِعــامُ
فَإِذا جَرى رَشـداً وَيُمنـاً    أَمرُكُـم        فَاِمشوا بِنـورِ العِلـمِ فَهـوَ   زِمـامُ
وَدَعوا التَفاخُرَ بِالتُـراثِ وَإِن غَـلا        فَالمَجدُ كَسـبٌ وَالزَمـانُ    عِصـامُ
إِنَّ الـغُـرورَ إِذا تَمَـلَّـكَ   أُمَّــةً        كَالزَهرِ يُخفي المَـوتَ وَهـوَ   زُؤامُ
لا يَعدِلَـنَّ المُلـكَ فـي    شَهَواتِكُـم        عَرَضٌ مِـنَ الدُنيـا بَـدا   وَحُطـامُ
وَمَناصِبٌ في غَيرِ مَوضِعِهـا   كَمـا        حَلَّـت مَحَـلَّ القُـدوَةِ   الأَصـنـامُ
المُلكُ مَرتَبَةُ الشُعـوبِ فَـإِن   يَفُـت        عِـزُّ السِيـادَةِ فَالشُعـوبُ    سَـوامُ
وَمِـنَ البَهائِـمِ مُشبَـعٌ    وَمُـدَلَّـلٌ        وَمِـنَ الحَريـرِ شَكيمَـةٌ   وَلِـجـامُ
وَقَفَ الزَمانُ بِكُم كَمَوقِـفِ   طـارِقٍ        اليَـأسُ خَلـفٌ وَالرَجـاءُ   أَمــامُ
الصَبـرُ وَالإِقـدامُ فيـهِ إِذا    هُمـا        قُتِـلا فَأَقتُـلُ مِنهُـمـا الإِحـجـامُ
يُحصي الدَليلُ مَـدى مَطالِبِـهِ    وَلا        يَحصي مَـدى المُستَقبِـلِ    المِقـدامُ
هَذي البَقِيَّـةُ لَـو حَرَصتُـم   دَولَـةٌ        صالَ الرَشيدُ بِهـا وَطـالَ  هِشـامُ
قِسـمُ الأَئِمَّـةِ وَالخَلائِـفِ    قَبلَكُـم        في الأَرضِ لَم تُعدَل بِـهِ    الأَقسـامُ
سَرَتِ النُبُوَّةُ فـي طَهـورِ   فَضائِـهِ        وَمَشـى عَلَيـهِ الوَحـيُ   وَالإِلهـامُ
وَتَدَفَّـقَ النَهـرانِ فيـهِ   وَأَزهَـرَت        بَغـدادُ تَحـتَ ظِلالِـهِ    وَالـشـامُ
أَثرَت سَواحِلُـهُ وَطابَـت    أَرضُـهُ        فَالـدُرُّ لُـجٌّ وَالنُـضـارُ   رَغــامُ
شَرَفاً أَدِرنَةُ هَكَـذا يَقِـفُ    الحِمـى        لِلغاضِبـيـنَ وَتَثـبُـتُ   الأَقــدامُ
وَتُـرَدُّ بِالـدَمِ بُقعَـةٌ أُخِـذَت    بِـهِ        وَيَمـوتُ دونَ عَرينِـهِ   الضِرغـامُ
وَالمُلكُ يُؤخَذُ أَو يُـرَدُّ وَلَـم    يَـزَل        يَرِثُ الحُسامَ عَلـى البِـلادِ   حُسـامُ
عِرضُ الخِلافَةِ ذادَ عَنـهُ    مُجاهِـدٌ        في اللَهِ غازٍ فـي الرَسـولِ   هُمـامُ
تَستَعصِمُ الأَوطـانُ خَلـفَ   ظُباتِـهِ        وَتَعُـزُّ حَـولَ قَنـاتِـهِ   الأَعــلامُ
عُثمانُ فـي بُردَيـهِ يَمنَـعُ جَيشَـهُ        وَاِبنُ الوَليـدِ عَلـى الحِمـى   قَـوّامُ
عَلِمَ الزَمانُ مَكانَ شُكري    وَاِنتَهـى        شُكـرُ الزَمـانِ إِلَيـهِ    وَالإِعظـامُ
صَبراً أَدِرنَـةُ كُـلُّ مُلـكٍ    زائِـلٌ        يَومـاً وَيَبقـى المـالِـكُ   الـعَـلّامُ
خَفَـتِ الأَذانُ فَمـا عَلَيـكِ   مُوَحِّـدٌ        يَسعى وَلا الجُمَـعُ الحِسـانُ   تُقـامُ
وَخَبَت مَساجِدُ كُـنَّ نـوراً   جامِعـاً        تَمـشـي إِلَـيـهِ الأُســدُ وَالآرامُ
يَدرُجنَ في حَـرَمِ الصَـلاةِ   قَوانِتـاً        بيـضَ الإِزارِ كَأَنَّـهُـنَّ    حَـمـامُ
وَعَفَت قُبورُ الفاتِحينَ وَفُـضَّ   عَـن        حُفَـرِ الخَلائِـفِ جَنـدَلٌ  وَرِجـامُ
نُبِشَت عَلى قَعسـاءِ عِزَّتِهـا  كَمـا        نُبِشَت عَلـى اِستِعلائِهـا  الأَهـرامُ
في ذِمَّةِ التاريـخِ خَمسَـةُ    أَشهُـرٍ        طالَـت عَلَيـكِ فَكُـلُّ يَـومٍ  عـامُ
السَيـفُ عـارٍ وَالوَبـاءُ   مُسَـلَّـطٌ        وَالسَيـلُ خَـوفٌ وَالثُلـوجُ   رُكـامُ
وَالجـوعُ فَتّـاكٌ وَفيـهِ   صَحـابَـةٌ        لَو لَم يَجوعوا في الجِهادِ    لَصامـوا
ضَنّوا بِعِرضِكِ أَن يُباعَ    وَيُشتَـرى        عِرضُ الحَرائِرِ لَيسَ فيـهِ    سُـوامُ
ضـاقَ الحِصـارُ كَأَنَّمـا   حَلَقاتُـهُ        فَـلَـكٌ وَمَقذوفاتُـهـا  أَجـــرامُ
وَرَمـى العِـدى وَرَمَيتِهِـم بِجَهَنَّـمٍ        مِمّـا يَصُـبُّ الـلَـهُ لا الأَقــوامُ
بِعتِ العَـدُوَّ بِكُـلِّ شِبـرٍ    مُهجَـةً        وَكَـذا يُبـاعُ المُلـكُ حيـنَ   يُـرامُ
ما زالَ بَينَكِ في الحِصـارِ    وَبَينَـهُ        شُـمُّ الحُصـونِ وَمِثلُهُـنَّ    عِطـامُ
حَتّـى حَـواكِ مَقابِـراً   وَحَوَيـتِـهِ        جُثَثـاً فَـلا غَبـنٌ وَلا   اِستِـذمـامُ

أحمد

  • زائر
رد: شيء من الحزن !
« رد #19 في: 2007-10-31, 09:10:15 »
يبكي الشاعر نفسه لزوجته

لا تَعذَلِـيـه فَــإِنَّ الـعَـذلَ   يُولِـعُـهُ        قَـد قَلـتِ حَقـاً وَلَكِـن لَيـسَ   يَسمَعُـهُ
جـاوَزتِ فِـي لَومـهُ حَـداً   أَضَـرَّبِـهِ        مِـن حَيـثَ قَـدرتِ أَنَّ اللَـومَ    يَنفَعُـهُ
فَاستَعمِلِـي الرِفـق فِـي تَأِنِيبِـهِ    بَـدَلاً        مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنـى القَلـبِ    مُوجعُـهُ
قَد كـانَ مُضطَلَعـاً بِالخَطـبِ    يَحمِلُـهُ        فَضُيَّقَـت بِخُطُـوبِ المَهـرِ    أَضلُـعُـهُ
يَكفِيـهِ مِـن لَوعَـةِ التَشتِيـتِ أَنَّ    لَـهُ        مِـنَ النَـوى كُـلَّ يَـومٍ مـا    يُروعُـهُ
مـا آبَ مِــن سَـفَـرٍ إِلّا وَأَزعَـجَـهُ        رَأيُ إِلـى سَفَـرٍ بِالـعَـزمِ    يَزمَـعُـهُ
كَأَنَّمـا هُـوَ فِـي حِــلِّ    وَمُرتـحـلٍ        مُـوَكَّـلٍ بِفَـضـاءِ الـلَـهِ    يَـذرَعُـهُ
إِنَّ الزَمـانَ أَراهُ فـي الرَحِيـلِ    غِنـىً        وَلَو إِلى السَـدّ أَضحـى وَهُـوَ   يُزمَعُـهُ
تـأبـى المطـامـعُ إلا أن تُجَـشّـمـه        للـرزق كـداً وكـم مـمـن   يـودعُـهُ
وَمـا مُجـاهَـدَةُ الإِنـسـانِ تَوصِـلُـهُ        رزقَـاً وَلادَعَـةُ الإِنـسـانِ    تَقطَـعُـهُ
قَـد وَزَّع اللَـهُ بَيـنَ الخَلـقِ    رزقَهُـمُ        لَـم يَخلُـق اللَـهُ مِـن خَلـقٍ   يُضَيِّعُـهُ
لَكِنَّهُـم كُلِّفُـوا حِرصـاً فلَسـتَ    تَـرى        مُستَرزِقـاً وَسِـوى الغايـاتِ    تُقنُـعُـهُ
وَالحِرصُ في الرِزاقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت        بَغِـيُ أَلّا إِنَّ بَغـيَ المَـرءِ   يَصـرَعُـهُ
وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِـن حَيـثُ   يَمنَعُـه        إِرثـاً وَيَمنَعُـهُ مِـن حَيـثِ    يُطمِـعُـهُ
اِستَودِعُ اللَـهَ فِـي بَغـدادَ لِـي    قَمَـراً        بِالكَـرخِ مِـن فَلَـكِ الأَزرارَ   مَطلَـعُـهُ
وَدَّعـتُـهُ وَبــوُدّي لَــو   يُوَدِّعُـنِـي        صَفـوَ الحَـيـاةِ وَأَنّــي لا   أَودعُــهُ
وَكَم تَشبَّثَ بـي يَـومَ الرَحيـلِ   ضُحَـىً        وَأَدمُـعِـي مُسـتَـهِـلّاتٍ  وَأَدمُـعُــهُ
لا أَكُذبث اللَهَ ثـوبُ الصَبـرِ    مُنخَـرقٌ        عَـنّـي بِفُرقَـتِـهِ لَـكِـن    أَرَقِّـعُــهُ
إِنّـي أَوَسِّـعُ عُـذري فِـي    جَنايَـتِـهِ        بِالبيـنِ عِنـهُ وَجُـرمـي لا   يُوَسِّـعُـهُ
رُزِقـتُ مُلكـاً فَلَـم أَحسِـن سِياسَـتَـهُ        وَكُـلُّ مَـن لا يُسُـوسُ المُلـكَ   يَخلَعُـهُ
وَمَن غَـدا لابِسـاً ثَـوبَ النَعِيـم    بِـلا        شَكـرٍ عَلَيـهِ فَــإِنَّ الـلَـهَ يَنـزَعُـهُ
اِعتَضتُ مِن وَجـهِ خِلّـي بَعـدَ   فُرقَتِـهِ        كَأسـاً أَجَـرَّعُ مِنهـا مــا   أَجَـرَّعُـهُ
كَم قائِـلٍ لِـي ذُقـتُ البَيـنَ قُلـتُ   لَـهُ        الذَنـبُ وَاللَـهِ ذَنبـي لَسـتُ    أَدفَـعُـهُ
أَلا أَقمـتَ فَـكـانَ الـرُشـدُ أَجمَـعُـهُ        لَـو أَنَّنِـي يَـومَ بـانَ الرُشـدُ    اتبَعُـهُ
إِنّــي لَأَقـطَـعُ أيّـامِـي وَأنفِـنُـهـا        بِحَسـرَةٍ مِنـهُ فِـي قَلـبِـي   تُقَطِّـعُـهُ
بِمَـن إِذا هَجَـعَ النُـوّامُ بِــتُّ    لَــهُ        بِلَوعَـةٍ مِنـهُ لَيلـى لَسـتُ    أَهجَـعُـهُ
لا يَطمِئـنُّ لِجَنبـي مَضـجَـعُ   وَكَــذا        لا يَطمَئِـنُّ لَـهُ مُـذ بِنـتُ   مَضجَـعُـهُ
ما كُنـتُ أَحسَـبُ أَنَّ المَهـرَ   يَفجَعُنِـي        بِـهِ وَلا أَنّـض بِـي الأَيّـامَ  تَفجـعُـهُ
حَتّى جَـرى البَيـنُ فِيمـا بَينَنـا    بِيَـدٍ        عَسـراءَ تَمنَعُنِـي حَـظّـي   وَتَمنَـعُـهُ
حَتّى جَـرى البَيـنُ فِيمـا بَينَنـا    بِيَـدٍ        عَسـراءَ تَمنَعُنِـي حَـظّـي   وَتَمنَـعُـهُ
فِي ذِمَّـةِ اللَـهِ مِـن أَصبَحَـت   مَنزلَـهُ        وَجـادَ غَيـثٌ عَلـى مَغنـاكَ    يُمرِعُـهُ
مَـن عِنـدَهُ لِـي عَـهـدُ لا   يُضيّـعُـهُ        كَمـا لَـهُ عَهـدُ صِـداقٍ لا   أُضَيِّـعُـهُ
وَمَـن يُـصَـدِّعُ قَلـبـي ذِكــرَهُ   وَإِذا        جَـرى عَلـى قَلبِـهِ ذِكـري    يُصَدِّعُـهُ
لَأَصـبِـرَنَّ لِـمَـهـرٍ لا    يُمَتِّـعُـنِـي        بِـهِ وَلا بِـيَ فِــي حــالٍ   يُمَتِّـعُـهُ
عِلماً بِـأَنَّ اِصطِبـاري مُعقِـبُ  فَرَجـاً        فَأَضيَـقُ الأَمـرِ إِن فَكَّـرتَ  أَوسَـعُـهُ
عَسى اللَيالـي الَّتـي أَضنَـت    بِفُرقَتَنـا        جِسمـي سَتَجمَعُنِـي يَومـاً    وَتَجمَـعُـهُ
وَإِن تُـغِـلُّ أَحَــدَاً مِـنّـا   مَنـيَّـتَـهُ        فَمـا الَّـذي بِقَضـاءِ الـلَـهِ   يَصنَـعُـهُ