طبعا فاكرين المسابقة اللي اقترحها جواد، والتم لم تجد سوى متسابق واحد هو العبد الفقير، فقرر الامتناع .. ولله في خلقه شئون !
المهم: هذا ملخص حلقات الأندلس التي قدمها الدكتور راغب السرجاني، أنشرها بعون الرحمن حلْقة حلْقة للافادة
وقد غيرت في ترتيب الحديث شيئا، فمقام الحديث يختلف عن مقام الكتابة، وأضفت زيادات بالأخضر من فضل الله علي
(1)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: " فاقصص القصص لعلهم يتفكرون"، والمتأمل للقرآن الكريم يجد ثلثه من القصص، قصص الأنبياء والصالحين والطالحين والمفسدين، " لقد كان في قصصهم عبرة"، فليس الحديث في التاريخ بكاء على لبن مسكوب، أو تحريك للعواطف، وإلهاب للمشاعر، بل دعوة:
1- للتفكر والتدبر، لننقب معا في صورة مجملة عن صفحة من أهم صفحات التاريخ الإسلامي
2- ولنكشف زيف المحرفين لحقائق تاريخنا
3- ولنتعرف على سنة الله في تغيير الأمم وتبدل الأحوال، فلعلنا نعيش الآن أحداثا لا تختلف عما جرى من ألف عام إلا في اختلاف الأسماء، والعاقل من يتعظ.
ولتاريخ الأندلس مزيات خاصة، منها:
1- طول العهد، فهي ما يقارب من ثلثي العهد الإسلامي كله
2- كثرة التبدل والتغير، فيظهر فيه فيظهر فيه سنن الله في كونه بوضوح شديد
3- جهل الأكثرين بهذه الحقبة المهمة خاصة مع انتشار الاباطيل.
وقبل الخوض في التاريخ، نأخذ وقفة مع الفتوحات الإسلامية عامة ثم الأندلس خاصة.
الجهاد نوعان:
1- جهاد الدفع، أي دفع العدو عنك، وهو بين معروف متفق عليه بين العقلاء وغيرهم
2- جهاد الطلب، وهو جهاد نشر الدعوة الإسلامية، فرسالة المؤمن تبليغ دينه إلى جميع أهل الأرض، وعندما يقاوم حكام البلاد هذه الدعوة يدافع المؤمن عن دعوته بالقوة، فلا نقاتل الشعوب الغافلة، لا نقاتل العباد في صوامعهم، ولا النساء في بيوتهن واسواقهن، ولا الأطفال، بل القتال موجه لمن منع الدعوة حقها في بلوغ كل الناس، ثم لهم بعد أن يعرفوها أن يختاروا الإسلام أو يرفضوه، فلا إكراه في الدين، ولكن من المهم أن تصلهم صحيحة أولا، والمسلم حين يرفع سيفه، وهو داعية إلى الله فهو كمن رأى إنسانا يريد الانتحار فأخذه بالقوة ومنعه وبصره بحقيقة ما يفعل وانه مهلك نفسه لا محالة، فاذا ما تبين له ان هذا الشخص قد فهم كلامه وتبين له الصواب، تركه وما شاء.
وليس من الصحيح أن نفترض أن يترك الحكام دعوة الإسلام بلا أذى أو اضطهاد، وما فتح بالتجارة كبعض بلاد آسيا كان قليلا جدا مقارنة ببقية ما فتح بالسيف، وذلك أن التاريخ يطبق أنه ما من داعية إلى دين إلا وأوذي هو ومن تبعه، وقصص الأنبياء في القرآن تشهد بذلك، وحتى اليوم في أوربا لم يترك لدعاة الاسلام حرية الدعوة الا حين كانوا مطمئنين إلى ضعف قوتهم وقلة انصارهم، وها هم فور ان ظهرت بشائر تكتلاتهم حوربوا ومنعوا واضطهدوا باسم الارهاب، واذا كانوا لا يرتضون قيام دولة اسلامية في وسط افريقيا، فهل سيرتضون قيامها ببدلهم!
- كما أن دين الإسلام، يفرض بذاته وطنا على معتنقيه، إذ يحتاجون إلى مؤسسات للزكاة، والأوقاف، وادارة المساجد، وانشاء المدارس، واقامة الحدود، وغير ذلك مما يقتضي وجود ادارة حاكمة ترعى كل ذلك وتحفظه، وهو ما يحتم وجود خلافة إسلامية تبسط سلطانها على كل بقعة بها قلب مؤمن، أو نفس ندعوها للإسلام -
ومن العجيب أن يلام المسلمون على فتوحاتهم العسكرية، ولا تلام إسرائيل على ما فعلته في فلسطين وغيرها، وكانت وما زالت اسرائيل دولة دينية في المقام الأول، يلام المسلمون على ما اعطوا الناس من حريات ووفروا لهم من أمان، ولا تلام صربيا على ما فعلته مع البوسنة وكوسوفو، والسوفييت مع سائر الجمهوريات الاسلامية هناك، والصين مع المسلمين هناك، وبريطانيا في الهند، وفرنسا في الشمال الافريقي!
والمسلمون بفتوحاتهم لا يبتغون الدنيا، وانما يحملون رسالة حملها الله اياهم في دينهم الذي يعتنقونه، والفتح لا يكره احدا على الاسلام، انما يبصر الناس بهذا الدين، ثم من شاء اسلم ومن شاء كفر
وها هو غياب الاسلام عن العالم أدى على سبيل المثال إلى وفاة عشرين مليون إنسان بمرض الإيدز، ذلك المرض الأخلاقي! وأدى إلى انتشار الفتن والاضطرابات والمذابح هنا وهناك مما يفوق ضحاياه مئات الاضعاف من قتلى الفتوحات الاسلامية.
والاندلس هي شبه الجزيرة الأيبيرية، وتاخذها الان أسبانيا والبرتغال، وتبلغ مساحتها 600 ألف كيلو متر مربع، وقد سكنها في القرن الاول الميلادي قبائل همجية وحشية أتت من بلاد الاسكندناف – السويد وجيرانها – وهذه القبائل هي قبائل الفاندال، أو الواندال وسميت البلاد بفاندالسيا ثو حرفت الى اندولسيا، وكانت همجية جدا حتى ان كلمة فانداليسم في الانجليزية تعني الوحشية والهمجية، ثم حكمها أي الاندلس قبائل القوط الغربيين وهم النصارى الذي شهدوا فتح الاندلس من قبل المسلمين.
وقد بلغ المسلمون قبل فتح الانمدلس الى اقصى شمال افريقيا فلم يب امامهم الا المحيط الاطلنطي والصحراء الكبرى والاندلس، فكان التطبيق العملي لقوله تعالى: "قاتلوا الذين يلونكم" هو التوجه لفتح الاندلس، وكان ذلك عام 92 هـ في عهد الامويين تلك الدولة التي ظلمت كثيرا في هذا العصر، وظلم أعلامها الكبار الذين على راسهم الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وفي عهد تلك الدولة كانت اكثر الفتوحات وقد اعتاد الناس الجهاد مرتين في العام، وكتبت السنة، وفتحت الدواوين ورتبت مجالس العلم، ولكنه الهجوم الاعمى لابطال الحضارة الاسلامية
وكانت اوربا قبل الاسلام في جهل عظيم وظلم بين فالناس لا تغتسل الا في العام مرة وتعتبر ادرانها صحة وعافية، وبعض القبائل لا لغة لها مكتوبة ولا منطوقة، ويحرقون أحباء المتوفى أحياء عند دفنه! ثم صارت بعد الفتح ما صارت، فسبحان الله!