المحرر موضوع: موضوعي !  (زيارة 115550 مرات)

0 الأعضاء و 3 ضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

أحمد

  • زائر
رد: موضوعي !
« رد #160 في: 2009-04-21, 22:52:55 »
بسم الله الرحمن الرحيم

كانت لي كتابات، وكانت لي رسائل، وعهدي مع التدوين قديم، آخذ منه ويأخذ مني حتى لا يكاد يُعرف أحمد بغير نثر، ويوشك أن يأتي يوم تُعرف فيه آدابي عنوانَ الأدب كافة لهذا العصر، ومعلما بارزا بين سائر العصور، ألفته وألفني، رغم كثير خصامنا، وشديد عراكنا، وإباء كل منا الآخر ونفرته الرجوع إليه، خانني وخنته، وملكني وملكته، ولا أحسبنا على عهد الآن ولا ذمة، بل إنها عهود الحياة التي جمعت بين شمس لا تدرك القمر، وقمر لا يمكنه سبقها، إنه أن تطول الخصومة وتشتد، وتدوم وتحتد، حتى يألف الخصم خصمه، ويعتاد الند نده، فلا تتنازل له، ولا تأمل أيضا في الفوز التام عليه، والعكس كذلك!.. وإن خسف القمر ليال، وكسفت الشمس أياما، فإننا، الأرضيين، لم نزل ننعم بدفء هذي وجمال هذا بقية العام، ولا ندر عما بينهما شيئا، بل لا يكاد ينحو إلى ما ذكرته آنفا ناحٍ إلا رميناه بالجنون والسفه وعبث القول، أو بالفلسفة والتنجيم!
إن أولئك الذين لا أدخر عنهم حرفا أكتبه، وأولئك الذين يتناولون كلماتي بعين الشغوف، يحسبون أنني إنما أكتب فراغ بال أو صفاء ذهن، أو تفريغ هم، وتنفيس كرب، ويذهب بعضهم إلى اعتبار حديث الكاتب عن نفسه غرورا أو اعتدادا بنفسه، وحديثه عن قلمه وكتاباته إفلاسا وبور بضاعة، فبظنهم أن الكاتب حين يثني عليه مثن أو يمدحه مادح فإنه ينطلق متحدثا عن نفسه أضعاف ما كتب من قول حسن لقي عليه كلمة ثناء، وبظنهم أن الكاتب حين يخاطب قلمه أو يقول إنه لا يجد ما يكتبه في معنى كذا أو كذا فإنه قد أفلس جيب أفكاره، وبارت كلماته، وما يدري أولئك أنهم أنفسهم ربما يعرفون من مفردات العربية فوق ما يعرفه كاتبهم، ويحفظون من تراكيبها أكثر مما يحفظ، بل يتقنون قواعدها أحسن مما يتقن، ولو أنهم شحذوا أقلامهم وهذبوا أوراقهم  لسطروا من بديع الكلمات ما يعجز عنه أديبهم وشاعرهم، غير أنهم يدركون أنهم لو فعلوا لخرج البيان أبدانا لا أرواح بها، وعقولا لا قلوب لها، وآذانا لا حس فيها، وعيونا بغير بريق أو لمعان. ولا تعجب!
فما سر الكتابة كيف نفتتح وكيف نختم، كيف نلتفت وكيف نشاكل، كيف نستعير وكيف نتجوز، كيف نطنب وكيف نوجز؟ وأين تقع الحروف من الأسماء والأفعال، ومتى يكون الظرف أنسب ومتى يكون الحرف أجمل؟! ما سر الكتابة مراعاة جرس الكلام وموسيقاه وحسب، وما سرها خلوه عن المشكل والغريب والمعقد وكفى، أبدا لم تك الكتابة يوما علما وقواعد يتقنها من يتقنها فيصير من فوره أديبا، وينساها من ينساها فيبيت ليلته كسيفا لا يكاد يبين. ولم تكن أيضا بالتي يدعيها كل ممسك بدعوى الحس والشعور، فيملأ آذاننا بحديث لا يعرف فيه الجار من المجرور، ولا يميز فيه بين الغريب والمشهور.
واعجب الآن كيف شئت إذا أقول لك: الكتابة أيضا ليست علما زاوج عاطفة، أو موهبة آخت مرانا، أو حسا صادق معنى، ثم اعجب أكثر إن أحببت إذ وصفت لك الكتابة وصفا تشعر منه أني لا أتحدث عن هذا الثلاثي البسيط: إنسان وقلم وورقة، بل ربما أحسست أنني نسيت ما كنت أتكلم عنه وطفقت أصف لك آمال شاب أعزب على أعتاب الزواج، أو أحلام فتاة شبت عن طوق أبيها، بل ربما خلتني أصف مشهدا من داخل عقل رجل جاوز السبعين يريد العبور بجيشه الصغير من أفريقية إلى أقصى المغرب الأوربي ثم المرور عبر القارة البيضاء بلدا بلدا متجاوزا سلاسل شاهقات من جبال، وشعوبا وقبائل لا تنتهي، مؤملا الوصول إلى القسطنطينية بأقصى المشرق من القارة نفسها، إن الأمر قد تجاوز الطموحات والآمال، بل تجاوز الأفكار التي يصفها الناس بالجنون أو التهور، إنها حياة أخرى غير التي نعرفها، إنه لا ينظر إلى ما مر من عمره وهل سيعيش حتى يعبر البحر أصلا أو لا، إنه ينظر إلى نفسه هناك ولا ينظر إلى أي شيء قبل!
إنها حياة فوق هذه الحياة، حياة لا يدري الإنسان فيها كيف ستكون رحلته مع رفيقيه، قلمه وورقته، لا يدري أيهم سيأخذ من الآخر، أيهم سينال منه، أيهم ستكون له الجولة، لا يدري أي الكلمات ستكون الأولى ومن ستكون الأخرى ومن ستكون بينهما - وانتبه إلى تلك الاحتمالات العقلية الحاصرة التي كثرت اليوم - إنه، وظنه أنهما مثله كذلك، ينظر إلى نفسه عالما ذا شعور، وشاعرا ذا عاطفة، وكاتبا ذا ملكة، ورب قلم ذا اقتدار، يخطو بعينيه إلى بعد لا يدري مداه، إنما يراه قد بلغ فيه غايته، وحقق به إربته، حتى إذا ما وصل إليه فوجئ به أكثر مما فوجئ به قارئه، وتأكد لهما معا ما قيل أولا: ليس الكاتب من يعلم العربية، ويحسن العاطفة، ولا الكتابة بتنميق اللفظ وضبط المعنى، وليس السبيل إليها صدفة أو مرانا، إنما هي ذلك الشي الذي تراه فتشعر بروعته ولا تدرك سره أو تحاول بلوغ شأوه.


حازرلي أسماء

  • زائر
رد: موضوعي !
« رد #161 في: 2009-04-22, 06:47:54 »
بسم الله الرحمن الرحيم

كانت لي كتابات، وكانت لي رسائل، وعهدي مع التدوين قديم، آخذ منه ويأخذ مني حتى لا يكاد يُعرف أحمد بغير نثر، ويوشك أن يأتي يوم تُعرف فيه آدابي عنوانَ الأدب كافة لهذا العصر، ومعلما بارزا بين سائر العصور، ألفته وألفني، رغم كثير خصامنا، وشديد عراكنا، وإباء كل منا الآخر ونفرته الرجوع إليه، خانني وخنته، وملكني وملكته، ولا أحسبنا على عهد الآن ولا ذمة، بل إنها عهود الحياة التي جمعت بين شمس لا تدرك القمر، وقمر لا يمكنه سبقها، إنه أن تطول الخصومة وتشتد، وتدوم وتحتد، حتى يألف الخصم خصمه، ويعتاد الند نده، فلا تتنازل له، ولا تأمل أيضا في الفوز التام عليه، والعكس كذلك!.. وإن خسف القمر ليال، وكسفت الشمس أياما، فإننا، الأرضيين، لم نزل ننعم بدفء هذي وجمال هذا بقية العام، ولا ندر عما بينهما شيئا، بل لا يكاد ينحو إلى ما ذكرته آنفا ناحٍ إلا رميناه بالجنون والسفه وعبث القول، أو بالفلسفة والتنجيم!
إن أولئك الذين لا أدخر عنهم حرفا أكتبه، وأولئك الذين يتناولون كلماتي بعين الشغوف، يحسبون أنني إنما أكتب فراغ بال أو صفاء ذهن، أو تفريغ هم، وتنفيس كرب، ويذهب بعضهم إلى اعتبار حديث الكاتب عن نفسه غرورا أو اعتدادا بنفسه، وحديثه عن قلمه وكتاباته إفلاسا وبور بضاعة، فبظنهم أن الكاتب حين يثني عليه مثن أو يمدحه مادح فإنه ينطلق متحدثا عن نفسه أضعاف ما كتب من قول حسن لقي عليه كلمة ثناء، وبظنهم أن الكاتب حين يخاطب قلمه أو يقول إنه لا يجد ما يكتبه في معنى كذا أو كذا فإنه قد أفلس جيب أفكاره، وبارت كلماته، وما يدري أولئك أنهم أنفسهم ربما يعرفون من مفردات العربية فوق ما يعرفه كاتبهم، ويحفظون من تراكيبها أكثر مما يحفظ، بل يتقنون قواعدها أحسن مما يتقن، ولو أنهم شحذوا أقلامهم وهذبوا أوراقهم  لسطروا من بديع الكلمات ما يعجز عنه أديبهم وشاعرهم، غير أنهم يدركون أنهم لو فعلوا لخرج البيان أبدانا لا أرواح بها، وعقولا لا قلوب لها، وآذانا لا حس فيها، وعيونا بغير بريق أو لمعان. ولا تعجب!
فما سر الكتابة كيف نفتتح وكيف نختم، كيف نلتفت وكيف نشاكل، كيف نستعير وكيف نتجوز، كيف نطنب وكيف نوجز؟ وأين تقع الحروف من الأسماء والأفعال، ومتى يكون الظرف أنسب ومتى يكون الحرف أجمل؟! ما سر الكتابة مراعاة جرس الكلام وموسيقاه وحسب، وما سرها خلوه عن المشكل والغريب والمعقد وكفى، أبدا لم تك الكتابة يوما علما وقواعد يتقنها من يتقنها فيصير من فوره أديبا، وينساها من ينساها فيبيت ليلته كسيفا لا يكاد يبين. ولم تكن أيضا بالتي يدعيها كل ممسك بدعوى الحس والشعور، فيملأ آذاننا بحديث لا يعرف فيه الجار من المجرور، ولا يميز فيه بين الغريب والمشهور.
واعجب الآن كيف شئت إذا أقول لك: الكتابة أيضا ليست علما زاوج عاطفة، أو موهبة آخت مرانا، أو حسا صادق معنى، ثم اعجب أكثر إن أحببت إذ وصفت لك الكتابة وصفا تشعر منه أني لا أتحدث عن هذا الثلاثي البسيط: إنسان وقلم وورقة، بل ربما أحسست أنني نسيت ما كنت أتكلم عنه وطفقت أصف لك آمال شاب أعزب على أعتاب الزواج، أو أحلام فتاة شبت عن طوق أبيها، بل ربما خلتني أصف مشهدا من داخل عقل رجل جاوز السبعين يريد العبور بجيشه الصغير من أفريقية إلى أقصى المغرب الأوربي ثم المرور عبر القارة البيضاء بلدا بلدا متجاوزا سلاسل شاهقات من جبال، وشعوبا وقبائل لا تنتهي، مؤملا الوصول إلى القسطنطينية بأقصى المشرق من القارة نفسها، إن الأمر قد تجاوز الطموحات والآمال، بل تجاوز الأفكار التي يصفها الناس بالجنون أو التهور، إنها حياة أخرى غير التي نعرفها، إنه لا ينظر إلى ما مر من عمره وهل سيعيش حتى يعبر البحر أصلا أو لا، إنه ينظر إلى نفسه هناك ولا ينظر إلى أي شيء قبل!
إنها حياة فوق هذه الحياة، حياة لا يدري الإنسان فيها كيف ستكون رحلته مع رفيقيه، قلمه وورقته، لا يدري أيهم سيأخذ من الآخر، أيهم سينال منه، أيهم ستكون له الجولة، لا يدري أي الكلمات ستكون الأولى ومن ستكون الأخرى ومن ستكون بينهما - وانتبه إلى تلك الاحتمالات العقلية الحاصرة التي كثرت اليوم - إنه، وظنه أنهما مثله كذلك، ينظر إلى نفسه عالما ذا شعور، وشاعرا ذا عاطفة، وكاتبا ذا ملكة، ورب قلم ذا اقتدار، يخطو بعينيه إلى بعد لا يدري مداه، إنما يراه قد بلغ فيه غايته، وحقق به إربته، حتى إذا ما وصل إليه فوجئ به أكثر مما فوجئ به قارئه، وتأكد لهما معا ما قيل أولا: ليس الكاتب من يعلم العربية، ويحسن العاطفة، ولا الكتابة بتنميق اللفظ وضبط المعنى، وليس السبيل إليها صدفة أو مرانا، إنما هي ذلك الشي الذي تراه فتشعر بروعته ولا تدرك سره أو تحاول بلوغ شأوه.




 emo (30):

وكثيرا ما يفوق وصف علاقة الكاتب بقلمه قوة قلمِه.... emo (30):
« آخر تحرير: 2009-04-22, 08:14:46 بواسطة حازرلي أسماء »

غير متصل فارس محب

  • شباب جديد
  • *
  • مشاركة: 18
  • الجنس: ذكر
  • لكم احبك يارجل
رد: موضوعي !
« رد #162 في: 2009-04-22, 09:29:47 »
بسم الله الرحمن الرحيم

كانت لي كتابات، وكانت لي رسائل، وعهدي مع التدوين قديم، آخذ منه ويأخذ مني حتى لا يكاد يُعرف أحمد بغير نثر، ويوشك أن يأتي يوم تُعرف فيه آدابي عنوانَ الأدب كافة لهذا العصر، ومعلما بارزا بين سائر العصور، ألفته وألفني، رغم كثير خصامنا، وشديد عراكنا، وإباء كل منا الآخر ونفرته الرجوع إليه، خانني وخنته، وملكني وملكته، ولا أحسبنا على عهد الآن ولا ذمة، بل إنها عهود الحياة التي جمعت بين شمس لا تدرك القمر، وقمر لا يمكنه سبقها، إنه أن تطول الخصومة وتشتد، وتدوم وتحتد، حتى يألف الخصم خصمه، ويعتاد الند نده، فلا تتنازل له، ولا تأمل أيضا في الفوز التام عليه، والعكس كذلك!.. وإن خسف القمر ليال، وكسفت الشمس أياما، فإننا، الأرضيين، لم نزل ننعم بدفء هذي وجمال هذا بقية العام، ولا ندر عما بينهما شيئا، بل لا يكاد ينحو إلى ما ذكرته آنفا ناحٍ إلا رميناه بالجنون والسفه وعبث القول، أو بالفلسفة والتنجيم!
إن أولئك الذين لا أدخر عنهم حرفا أكتبه، وأولئك الذين يتناولون كلماتي بعين الشغوف، يحسبون أنني إنما أكتب فراغ بال أو صفاء ذهن، أو تفريغ هم، وتنفيس كرب، ويذهب بعضهم إلى اعتبار حديث الكاتب عن نفسه غرورا أو اعتدادا بنفسه، وحديثه عن قلمه وكتاباته إفلاسا وبور بضاعة، فبظنهم أن الكاتب حين يثني عليه مثن أو يمدحه مادح فإنه ينطلق متحدثا عن نفسه أضعاف ما كتب من قول حسن لقي عليه كلمة ثناء، وبظنهم أن الكاتب حين يخاطب قلمه أو يقول إنه لا يجد ما يكتبه في معنى كذا أو كذا فإنه قد أفلس جيب أفكاره، وبارت كلماته، وما يدري أولئك أنهم أنفسهم ربما يعرفون من مفردات العربية فوق ما يعرفه كاتبهم، ويحفظون من تراكيبها أكثر مما يحفظ، بل يتقنون قواعدها أحسن مما يتقن، ولو أنهم شحذوا أقلامهم وهذبوا أوراقهم  لسطروا من بديع الكلمات ما يعجز عنه أديبهم وشاعرهم، غير أنهم يدركون أنهم لو فعلوا لخرج البيان أبدانا لا أرواح بها، وعقولا لا قلوب لها، وآذانا لا حس فيها، وعيونا بغير بريق أو لمعان. ولا تعجب!
فما سر الكتابة كيف نفتتح وكيف نختم، كيف نلتفت وكيف نشاكل، كيف نستعير وكيف نتجوز، كيف نطنب وكيف نوجز؟ وأين تقع الحروف من الأسماء والأفعال، ومتى يكون الظرف أنسب ومتى يكون الحرف أجمل؟! ما سر الكتابة مراعاة جرس الكلام وموسيقاه وحسب، وما سرها خلوه عن المشكل والغريب والمعقد وكفى، أبدا لم تك الكتابة يوما علما وقواعد يتقنها من يتقنها فيصير من فوره أديبا، وينساها من ينساها فيبيت ليلته كسيفا لا يكاد يبين. ولم تكن أيضا بالتي يدعيها كل ممسك بدعوى الحس والشعور، فيملأ آذاننا بحديث لا يعرف فيه الجار من المجرور، ولا يميز فيه بين الغريب والمشهور.
واعجب الآن كيف شئت إذا أقول لك: الكتابة أيضا ليست علما زاوج عاطفة، أو موهبة آخت مرانا، أو حسا صادق معنى، ثم اعجب أكثر إن أحببت إذ وصفت لك الكتابة وصفا تشعر منه أني لا أتحدث عن هذا الثلاثي البسيط: إنسان وقلم وورقة، بل ربما أحسست أنني نسيت ما كنت أتكلم عنه وطفقت أصف لك آمال شاب أعزب على أعتاب الزواج، أو أحلام فتاة شبت عن طوق أبيها، بل ربما خلتني أصف مشهدا من داخل عقل رجل جاوز السبعين يريد العبور بجيشه الصغير من أفريقية إلى أقصى المغرب الأوربي ثم المرور عبر القارة البيضاء بلدا بلدا متجاوزا سلاسل شاهقات من جبال، وشعوبا وقبائل لا تنتهي، مؤملا الوصول إلى القسطنطينية بأقصى المشرق من القارة نفسها، إن الأمر قد تجاوز الطموحات والآمال، بل تجاوز الأفكار التي يصفها الناس بالجنون أو التهور، إنها حياة أخرى غير التي نعرفها، إنه لا ينظر إلى ما مر من عمره وهل سيعيش حتى يعبر البحر أصلا أو لا، إنه ينظر إلى نفسه هناك ولا ينظر إلى أي شيء قبل!
إنها حياة فوق هذه الحياة، حياة لا يدري الإنسان فيها كيف ستكون رحلته مع رفيقيه، قلمه وورقته، لا يدري أيهم سيأخذ من الآخر، أيهم سينال منه، أيهم ستكون له الجولة، لا يدري أي الكلمات ستكون الأولى ومن ستكون الأخرى ومن ستكون بينهما - وانتبه إلى تلك الاحتمالات العقلية الحاصرة التي كثرت اليوم - إنه، وظنه أنهما مثله كذلك، ينظر إلى نفسه عالما ذا شعور، وشاعرا ذا عاطفة، وكاتبا ذا ملكة، ورب قلم ذا اقتدار، يخطو بعينيه إلى بعد لا يدري مداه، إنما يراه قد بلغ فيه غايته، وحقق به إربته، حتى إذا ما وصل إليه فوجئ به أكثر مما فوجئ به قارئه، وتأكد لهما معا ما قيل أولا: ليس الكاتب من يعلم العربية، ويحسن العاطفة، ولا الكتابة بتنميق اللفظ وضبط المعنى، وليس السبيل إليها صدفة أو مرانا، إنما هي ذلك الشي الذي تراه فتشعر بروعته ولا تدرك سره أو تحاول بلوغ شأوه.


                       حقا ماقلت يا أخى...
                       سلمت يداك فهى كذلك  emo (30):
اجتهد ان تكون..,واستعن بالله..,وجد فى الطلب

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: موضوعي !
« رد #163 في: 2009-04-22, 09:35:46 »
 emo (30):
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

أحمد

  • زائر
رد: موضوعي !
« رد #164 في: 2009-04-22, 23:18:09 »
بسم الله الرحمن الرحيم

كانت لي كتابات، وكانت لي رسائل، وعهدي مع التدوين قديم، آخذ منه ويأخذ مني حتى لا يكاد يُعرف أحمد بغير نثر، ويوشك أن يأتي يوم تُعرف فيه آدابي عنوانَ الأدب كافة لهذا العصر، ومعلما بارزا بين سائر العصور، ألفته وألفني، رغم كثير خصامنا، وشديد عراكنا، وإباء كل منا الآخر ونفرته الرجوع إليه، خانني وخنته، وملكني وملكته، ولا أحسبنا على عهد الآن ولا ذمة، بل إنها عهود الحياة التي جمعت بين شمس لا تدرك القمر، وقمر لا يمكنه سبقها، إنه أن تطول الخصومة وتشتد، وتدوم وتحتد، حتى يألف الخصم خصمه، ويعتاد الند نده، فلا تتنازل له، ولا تأمل أيضا في الفوز التام عليه، والعكس كذلك!.. وإن خسف القمر ليال، وكسفت الشمس أياما، فإننا، الأرضيين، لم نزل ننعم بدفء هذي وجمال هذا بقية العام، ولا ندر عما بينهما شيئا، بل لا يكاد ينحو إلى ما ذكرته آنفا ناحٍ إلا رميناه بالجنون والسفه وعبث القول، أو بالفلسفة والتنجيم!
إن أولئك الذين لا أدخر عنهم حرفا أكتبه، وأولئك الذين يتناولون كلماتي بعين الشغوف، يحسبون أنني إنما أكتب فراغ بال أو صفاء ذهن، أو تفريغ هم، وتنفيس كرب، ويذهب بعضهم إلى اعتبار حديث الكاتب عن نفسه غرورا أو اعتدادا بنفسه، وحديثه عن قلمه وكتاباته إفلاسا وبور بضاعة، فبظنهم أن الكاتب حين يثني عليه مثن أو يمدحه مادح فإنه ينطلق متحدثا عن نفسه أضعاف ما كتب من قول حسن لقي عليه كلمة ثناء، وبظنهم أن الكاتب حين يخاطب قلمه أو يقول إنه لا يجد ما يكتبه في معنى كذا أو كذا فإنه قد أفلس جيب أفكاره، وبارت كلماته، وما يدري أولئك أنهم أنفسهم ربما يعرفون من مفردات العربية فوق ما يعرفه كاتبهم، ويحفظون من تراكيبها أكثر مما يحفظ، بل يتقنون قواعدها أحسن مما يتقن، ولو أنهم شحذوا أقلامهم وهذبوا أوراقهم  لسطروا من بديع الكلمات ما يعجز عنه أديبهم وشاعرهم، غير أنهم يدركون أنهم لو فعلوا لخرج البيان أبدانا لا أرواح بها، وعقولا لا قلوب لها، وآذانا لا حس فيها، وعيونا بغير بريق أو لمعان. ولا تعجب!
فما سر الكتابة كيف نفتتح وكيف نختم، كيف نلتفت وكيف نشاكل، كيف نستعير وكيف نتجوز، كيف نطنب وكيف نوجز؟ وأين تقع الحروف من الأسماء والأفعال، ومتى يكون الظرف أنسب ومتى يكون الحرف أجمل؟! ما سر الكتابة مراعاة جرس الكلام وموسيقاه وحسب، وما سرها خلوه عن المشكل والغريب والمعقد وكفى، أبدا لم تك الكتابة يوما علما وقواعد يتقنها من يتقنها فيصير من فوره أديبا، وينساها من ينساها فيبيت ليلته كسيفا لا يكاد يبين. ولم تكن أيضا بالتي يدعيها كل ممسك بدعوى الحس والشعور، فيملأ آذاننا بحديث لا يعرف فيه الجار من المجرور، ولا يميز فيه بين الغريب والمشهور.
واعجب الآن كيف شئت إذا أقول لك: الكتابة أيضا ليست علما زاوج عاطفة، أو موهبة آخت مرانا، أو حسا صادق معنى، ثم اعجب أكثر إن أحببت إذ وصفت لك الكتابة وصفا تشعر منه أني لا أتحدث عن هذا الثلاثي البسيط: إنسان وقلم وورقة، بل ربما أحسست أنني نسيت ما كنت أتكلم عنه وطفقت أصف لك آمال شاب أعزب على أعتاب الزواج، أو أحلام فتاة شبت عن طوق أبيها، بل ربما خلتني أصف مشهدا من داخل عقل رجل جاوز السبعين يريد العبور بجيشه الصغير من أفريقية إلى أقصى المغرب الأوربي ثم المرور عبر القارة البيضاء بلدا بلدا متجاوزا سلاسل شاهقات من جبال، وشعوبا وقبائل لا تنتهي، مؤملا الوصول إلى القسطنطينية بأقصى المشرق من القارة نفسها، إن الأمر قد تجاوز الطموحات والآمال، بل تجاوز الأفكار التي يصفها الناس بالجنون أو التهور، إنها حياة أخرى غير التي نعرفها، إنه لا ينظر إلى ما مر من عمره وهل سيعيش حتى يعبر البحر أصلا أو لا، إنه ينظر إلى نفسه هناك ولا ينظر إلى أي شيء قبل!
إنها حياة فوق هذه الحياة، حياة لا يدري الإنسان فيها كيف ستكون رحلته مع رفيقيه، قلمه وورقته، لا يدري أيهم سيأخذ من الآخر، أيهم سينال منه، أيهم ستكون له الجولة، لا يدري أي الكلمات ستكون الأولى ومن ستكون الأخرى ومن ستكون بينهما - وانتبه إلى تلك الاحتمالات العقلية الحاصرة التي كثرت اليوم - إنه، وظنه أنهما مثله كذلك، ينظر إلى نفسه عالما ذا شعور، وشاعرا ذا عاطفة، وكاتبا ذا ملكة، ورب قلم ذا اقتدار، يخطو بعينيه إلى بعد لا يدري مداه، إنما يراه قد بلغ فيه غايته، وحقق به إربته، حتى إذا ما وصل إليه فوجئ به أكثر مما فوجئ به قارئه، وتأكد لهما معا ما قيل أولا: ليس الكاتب من يعلم العربية، ويحسن العاطفة، ولا الكتابة بتنميق اللفظ وضبط المعنى، وليس السبيل إليها صدفة أو مرانا، إنما هي ذلك الشي الذي تراه فتشعر بروعته ولا تدرك سره أو تحاول بلوغ شأوه.




 emo (30):

وكثيرا ما يفوق وصف علاقة الكاتب بقلمه قوة قلمِه.... emo (30):

كان الجواب شيئا آخر..!

لنقل أني لم أفهم.. هل يمكن التوضيح؟!

 :emoti_64:


بسم الله الرحمن الرحيم

كانت لي كتابات، وكانت لي رسائل، وعهدي مع التدوين قديم، آخذ منه ويأخذ مني حتى لا يكاد يُعرف أحمد بغير نثر، ويوشك أن يأتي يوم تُعرف فيه آدابي عنوانَ الأدب كافة لهذا العصر، ومعلما بارزا بين سائر العصور، ألفته وألفني، رغم كثير خصامنا، وشديد عراكنا، وإباء كل منا الآخر ونفرته الرجوع إليه، خانني وخنته، وملكني وملكته، ولا أحسبنا على عهد الآن ولا ذمة، بل إنها عهود الحياة التي جمعت بين شمس لا تدرك القمر، وقمر لا يمكنه سبقها، إنه أن تطول الخصومة وتشتد، وتدوم وتحتد، حتى يألف الخصم خصمه، ويعتاد الند نده، فلا تتنازل له، ولا تأمل أيضا في الفوز التام عليه، والعكس كذلك!.. وإن خسف القمر ليال، وكسفت الشمس أياما، فإننا، الأرضيين، لم نزل ننعم بدفء هذي وجمال هذا بقية العام، ولا ندر عما بينهما شيئا، بل لا يكاد ينحو إلى ما ذكرته آنفا ناحٍ إلا رميناه بالجنون والسفه وعبث القول، أو بالفلسفة والتنجيم!
إن أولئك الذين لا أدخر عنهم حرفا أكتبه، وأولئك الذين يتناولون كلماتي بعين الشغوف، يحسبون أنني إنما أكتب فراغ بال أو صفاء ذهن، أو تفريغ هم، وتنفيس كرب، ويذهب بعضهم إلى اعتبار حديث الكاتب عن نفسه غرورا أو اعتدادا بنفسه، وحديثه عن قلمه وكتاباته إفلاسا وبور بضاعة، فبظنهم أن الكاتب حين يثني عليه مثن أو يمدحه مادح فإنه ينطلق متحدثا عن نفسه أضعاف ما كتب من قول حسن لقي عليه كلمة ثناء، وبظنهم أن الكاتب حين يخاطب قلمه أو يقول إنه لا يجد ما يكتبه في معنى كذا أو كذا فإنه قد أفلس جيب أفكاره، وبارت كلماته، وما يدري أولئك أنهم أنفسهم ربما يعرفون من مفردات العربية فوق ما يعرفه كاتبهم، ويحفظون من تراكيبها أكثر مما يحفظ، بل يتقنون قواعدها أحسن مما يتقن، ولو أنهم شحذوا أقلامهم وهذبوا أوراقهم  لسطروا من بديع الكلمات ما يعجز عنه أديبهم وشاعرهم، غير أنهم يدركون أنهم لو فعلوا لخرج البيان أبدانا لا أرواح بها، وعقولا لا قلوب لها، وآذانا لا حس فيها، وعيونا بغير بريق أو لمعان. ولا تعجب!
فما سر الكتابة كيف نفتتح وكيف نختم، كيف نلتفت وكيف نشاكل، كيف نستعير وكيف نتجوز، كيف نطنب وكيف نوجز؟ وأين تقع الحروف من الأسماء والأفعال، ومتى يكون الظرف أنسب ومتى يكون الحرف أجمل؟! ما سر الكتابة مراعاة جرس الكلام وموسيقاه وحسب، وما سرها خلوه عن المشكل والغريب والمعقد وكفى، أبدا لم تك الكتابة يوما علما وقواعد يتقنها من يتقنها فيصير من فوره أديبا، وينساها من ينساها فيبيت ليلته كسيفا لا يكاد يبين. ولم تكن أيضا بالتي يدعيها كل ممسك بدعوى الحس والشعور، فيملأ آذاننا بحديث لا يعرف فيه الجار من المجرور، ولا يميز فيه بين الغريب والمشهور.
واعجب الآن كيف شئت إذا أقول لك: الكتابة أيضا ليست علما زاوج عاطفة، أو موهبة آخت مرانا، أو حسا صادق معنى، ثم اعجب أكثر إن أحببت إذ وصفت لك الكتابة وصفا تشعر منه أني لا أتحدث عن هذا الثلاثي البسيط: إنسان وقلم وورقة، بل ربما أحسست أنني نسيت ما كنت أتكلم عنه وطفقت أصف لك آمال شاب أعزب على أعتاب الزواج، أو أحلام فتاة شبت عن طوق أبيها، بل ربما خلتني أصف مشهدا من داخل عقل رجل جاوز السبعين يريد العبور بجيشه الصغير من أفريقية إلى أقصى المغرب الأوربي ثم المرور عبر القارة البيضاء بلدا بلدا متجاوزا سلاسل شاهقات من جبال، وشعوبا وقبائل لا تنتهي، مؤملا الوصول إلى القسطنطينية بأقصى المشرق من القارة نفسها، إن الأمر قد تجاوز الطموحات والآمال، بل تجاوز الأفكار التي يصفها الناس بالجنون أو التهور، إنها حياة أخرى غير التي نعرفها، إنه لا ينظر إلى ما مر من عمره وهل سيعيش حتى يعبر البحر أصلا أو لا، إنه ينظر إلى نفسه هناك ولا ينظر إلى أي شيء قبل!
إنها حياة فوق هذه الحياة، حياة لا يدري الإنسان فيها كيف ستكون رحلته مع رفيقيه، قلمه وورقته، لا يدري أيهم سيأخذ من الآخر، أيهم سينال منه، أيهم ستكون له الجولة، لا يدري أي الكلمات ستكون الأولى ومن ستكون الأخرى ومن ستكون بينهما - وانتبه إلى تلك الاحتمالات العقلية الحاصرة التي كثرت اليوم - إنه، وظنه أنهما مثله كذلك، ينظر إلى نفسه عالما ذا شعور، وشاعرا ذا عاطفة، وكاتبا ذا ملكة، ورب قلم ذا اقتدار، يخطو بعينيه إلى بعد لا يدري مداه، إنما يراه قد بلغ فيه غايته، وحقق به إربته، حتى إذا ما وصل إليه فوجئ به أكثر مما فوجئ به قارئه، وتأكد لهما معا ما قيل أولا: ليس الكاتب من يعلم العربية، ويحسن العاطفة، ولا الكتابة بتنميق اللفظ وضبط المعنى، وليس السبيل إليها صدفة أو مرانا، إنما هي ذلك الشي الذي تراه فتشعر بروعته ولا تدرك سره أو تحاول بلوغ شأوه.


                       حقا ماقلت يا أخى...
                       سلمت يداك فهى كذلك  emo (30):

جبر الله بخاطرك دوما

جزاكم الله خيرا

 emo (30):

emo (30):

 emo (30):

ماما فرح

  • زائر
رد: موضوعي !
« رد #165 في: 2009-04-23, 06:24:51 »

بجماليون

emo (30):

أحمد

  • زائر
رد: موضوعي !
« رد #166 في: 2009-04-23, 06:39:36 »

بجماليون

emo (30):

الله يسامحك

 ::cry::

:emoti_64:

سامحكم الله
ظننت أنني أخطأت في النحو

 :emoti_351:

الآن لم أعرف تحديدا هل حطم بجماليون جالاتا أم تزوجها وأنجبت له؟!


 :emoti_404:

ماما فرح

  • زائر
رد: موضوعي !
« رد #167 في: 2009-04-23, 06:43:45 »

ليس مهماً ما فعل هو بها

المهم ما فعلته هي به

افتتانه بها أخرجه عن الطريق

هي كانت وسيلته لتوصيل الرسالة فصار هو ألعوبة في محراب عشقها

كلماتك وسيلة لا غاية فاحذر من الوقوع في غرامها فتأخذك بعيداً بعيداً عن الطريق  emo (30):

أحمد

  • زائر
رد: موضوعي !
« رد #168 في: 2009-04-23, 06:47:22 »

ليس مهماً ما فعل هو بها

المهم ما فعلته هي به

افتتانه بها أخرجه عن الطريق

هي كانت وسيلته لتوصيل الرسالة فصار هو ألعوبة في محراب عشقها

كلماتك وسيلة لا غاية فاحذر من الوقوع في غرامها فتأخذك بعيداً بعيداً عن الطريق  emo (30):


 :blush::


آه
إن كان كده ماشي

جزاكم الله خيرا

emo (30):

سبحان الله

!

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: موضوعي !
« رد #169 في: 2009-04-23, 09:54:27 »
من هو بجماليون؟  وما قصته

أريد أن اعرفها
  emot::
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

ماما فرح

  • زائر
رد: موضوعي !
« رد #170 في: 2009-04-23, 10:05:39 »
 

emo (30):

اقتباس
بجماليون التاريخي ملك صور من 820 ق م إلى 774 ق م.
في الميتولوجيا الإغريقية والرومانية العتيقة، كان رجل يسمى بجماليون  (Pygmalion) كان نحّات عظيم يكره النساء، فصنع تمثال من العاج يمثل امرأة جميلة، ووقع في الحب. زينها باللباس الغالية واللؤلؤ، وأخيرا يوم عيد فينوس دعا الهة الحب فينوس أن تحيي التمثال، فأحيته لما عاد من العيد . سمى التمثال الحي جالاتيا وتزوجها، فولدت لهما بنت إسمها بافوس أسست مدينة بافوس في قبرص.


اقتباس
وأسطورة بجماليون أسطورة إغريقية، مفادها أن بجماليون الفنان نحت تمثالا لامرأة، هي جالاتا، وبلغ من إتقان الصنعة أنه أعجب بتمثاله وانتظر منه أن ينطق. فلما أيس من نطق جالاتا أقبل على التمثال وحطمه..وهذه الأسطورة تمثل الصراع بين الفن والحياة,


قصدت من الإشارة إلى الأسطورة أننا أحياناً نفعل ما فعله بجماليون

نفتن بموهبة أعطاها الله لنا لتكون وسيلة فنحولها لغاية ونطرب لأنفسنا ثم نطرب لإطراء الغير لموهبتنا فتصير هي غايتنا وننسى الغاية الحقيقية

هل نجا أحد من ذلك؟

أظننا كلنا وقعنا فيها بشكل أو بآخر

والمحظوظ من يجد على الطريق من يجذبه ويعيده

كم من داعية وقع في فتنة كهذه ؟ فصار نجماً تحت الأضواء وكان الأحرى به أن يجلس على الأرض بين تلاميذه يذكرهم بالله .. لا أن يتطاول إلى النجوم بعد أن ظن أنه يستحق مرتبة أعلى منها ونسي أنها نفسها آية من آيات الله لا تتخطى مسارها

أنا غلسة جداً اليوم أليس كذلك؟  sad:(

أترككم الآن قبل أن أصيبكم بالكآبة


  emo (30):
« آخر تحرير: 2009-04-23, 10:16:05 بواسطة ماما فرح »

أحمد

  • زائر
رد: موضوعي !
« رد #171 في: 2009-04-23, 11:24:15 »


emo (30):

اقتباس
بجماليون التاريخي ملك صور من 820 ق م إلى 774 ق م.
في الميتولوجيا الإغريقية والرومانية العتيقة، كان رجل يسمى بجماليون  (Pygmalion) كان نحّات عظيم يكره النساء، فصنع تمثال من العاج يمثل امرأة جميلة، ووقع في الحب. زينها باللباس الغالية واللؤلؤ، وأخيرا يوم عيد فينوس دعا الهة الحب فينوس أن تحيي التمثال، فأحيته لما عاد من العيد . سمى التمثال الحي جالاتيا وتزوجها، فولدت لهما بنت إسمها بافوس أسست مدينة بافوس في قبرص.


اقتباس
وأسطورة بجماليون أسطورة إغريقية، مفادها أن بجماليون الفنان نحت تمثالا لامرأة، هي جالاتا، وبلغ من إتقان الصنعة أنه أعجب بتمثاله وانتظر منه أن ينطق. فلما أيس من نطق جالاتا أقبل على التمثال وحطمه..وهذه الأسطورة تمثل الصراع بين الفن والحياة,


قصدت من الإشارة إلى الأسطورة أننا أحياناً نفعل ما فعله بجماليون

نفتن بموهبة أعطاها الله لنا لتكون وسيلة فنحولها لغاية ونطرب لأنفسنا ثم نطرب لإطراء الغير لموهبتنا فتصير هي غايتنا وننسى الغاية الحقيقية

هل نجا أحد من ذلك؟

أظننا كلنا وقعنا فيها بشكل أو بآخر

والمحظوظ من يجد على الطريق من يجذبه ويعيده

كم من داعية وقع في فتنة كهذه ؟ فصار نجماً تحت الأضواء وكان الأحرى به أن يجلس على الأرض بين تلاميذه يذكرهم بالله .. لا أن يتطاول إلى النجوم بعد أن ظن أنه يستحق مرتبة أعلى منها ونسي أنها نفسها آية من آيات الله لا تتخطى مسارها

أنا غلسة جداً اليوم أليس كذلك؟  sad:(

أترككم الآن قبل أن أصيبكم بالكآبة


  emo (30):

بالعكس

ما أجمل هذا الحديث لو أن له قلوبا واعية

جزاكم الله خيرا

emo (30):

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: موضوعي !
« رد #172 في: 2009-04-24, 22:38:51 »
 :emoti_133:

ترددت كثيرا قبل أن أكتب المشاركة التالية

ولكن شعوري الحقيقي -ودون مجاملة- أننا أصبحنا -بفضل الله تعالى- أسرة واحدة متحابة، يحرص أفرادها بعصهم على بعض، ويتحمل بعضنا أخطاء بعض، فإما يوجه، وإما يغضي الطرف لحين، وإما يتسامح... وفي كل هذا يحدونا رضا الله تعالى، والتماس المصلحة والمنفعة لأفراد هذه الأسرة في حاضرهم ومستقبلهم... هذا الشعور هو الذي شجعني على كتابة هذه المشاركة...

عندما قرأت خاطرة أحمد الاخيرة (وان كنت لا زلت في حيرة من أمري كيف يوزع خواطره بين مواضيعه، وأتمنى ان استخلص منهجيته في هذا.. ولكن بلا حدوى :emoti_138: ) ... المهم...
عندما قرأت هذه الخاطرة، ابتسمت لجملة مرت علي في الاسطر الأولى، وقلت لنفسي.. لن يتوب أحمد عن الثناء على كتاباته، هل سينطبق عليه قول أمي (من عيلة شاكر روحه)؟ ثم اندمجت مع الخاطرة، ونسيت ما ورد في تلك العبارة...
وفهمت من الخاطرة أنه يعبر عن احساس الكاتب نحو قلمه وورقته، والعلاقة الوثيقة التي تنشأ بينهم، بحيث أنه يمسك قلمه لمجرد اشتياقه اليه، وان كان لا يدري الى اين سيقوده هذا القلم، ولا ما سيخطه بها..
صورة جميلة رائعة رسمها أحمد -كعادته- ببراعة ورشاقة...
وربما يثير هذا فينا التساؤل الذي طرحته ماما فرح... هل الكتابة وسيلة أم غاية؟ وإن كنا نؤمن أنها وسيلة، فعلى الكاتب أن يكون حذرا لئلا ينجرف بقلمه الى حيث يحيد عن هدفه، كما حصل لبجماليون
لكن الحقيقة، ان الكاتب حين يملك قلبا طاهرا، فإنه لا يمسك إلا قلما طاهرا كذلك... وعندها.. سواء قاد هو القلم أو قاده القلم، فلن يسطر به إلا خيراً إن شاء الله... وهكذا نحسب أحمد، ولا نزكيه على الله...

بقيت هذه العبارات التي تشعر القارئ بإعجاب الكاتب بنفسه.. .. كالعبارة التالية:
اقتباس
ويوشك أن يأتي يوم تُعرف فيه آدابي عنوانَ الأدب كافة لهذا العصر، ومعلما بارزا بين سائر العصور،
لكن المدهش أن أحمد قصد بها التمني والترجي، والأمل بالله عز وجل ان تصبح كتاباته كذلك، ولم يقصد تقرير حقيقة واقعة أو رأي يراه... 
emo (30):

وهل يعقل ان كاتبا متمكنا مثله يخونه التعبير في عبارة كهذه؟  emo (30):
هذا ما حصل بالفعل...

والآن دعونا نعيد قراءة الخاطرة باستبعاد هذه العبارة وحدها...


بسم الله الرحمن الرحيم

كانت لي كتابات، وكانت لي رسائل، وعهدي مع التدوين قديم، آخذ منه ويأخذ مني حتى لا يكاد يُعرف أحمد بغير نثر،  ألفته وألفني، رغم كثير خصامنا، وشديد عراكنا، وإباء كل منا الآخر ونفرته الرجوع إليه، خانني وخنته، وملكني وملكته، ولا أحسبنا على عهد الآن ولا ذمة، بل إنها عهود الحياة التي جمعت بين شمس لا تدرك القمر، وقمر لا يمكنه سبقها، إنه أن تطول الخصومة وتشتد، وتدوم وتحتد، حتى يألف الخصم خصمه، ويعتاد الند نده، فلا تتنازل له، ولا تأمل أيضا في الفوز التام عليه، والعكس كذلك!.. وإن خسف القمر ليال، وكسفت الشمس أياما، فإننا، الأرضيين، لم نزل ننعم بدفء هذي وجمال هذا بقية العام، ولا ندرِ عما بينهما شيئا، بل لا يكاد ينحو إلى ما ذكرته آنفا ناحٍ إلا رميناه بالجنون والسفه وعبث القول، أو بالفلسفة والتنجيم!
إن أولئك الذين لا أدخر عنهم حرفا أكتبه، وأولئك الذين يتناولون كلماتي بعين الشغوف، يحسبون أنني إنما أكتب فراغ بال أو صفاء ذهن، أو تفريغ هم، وتنفيس كرب، ويذهب بعضهم إلى اعتبار حديث الكاتب عن نفسه غرورا أو اعتدادا بنفسه، وحديثه عن قلمه وكتاباته إفلاسا وبور بضاعة، فبظنهم أن الكاتب حين يثني عليه مثن أو يمدحه مادح فإنه ينطلق متحدثا عن نفسه أضعاف ما كتب من قول حسن لقي عليه كلمة ثناء، وبظنهم أن الكاتب حين يخاطب قلمه أو يقول إنه لا يجد ما يكتبه في معنى كذا أو كذا فإنه قد أفلس جيب أفكاره، وبارت كلماته، وما يدري أولئك أنهم أنفسهم ربما يعرفون من مفردات العربية فوق ما يعرفه كاتبهم، ويحفظون من تراكيبها أكثر مما يحفظ، بل يتقنون قواعدها أحسن مما يتقن، ولو أنهم شحذوا أقلامهم وهذبوا أوراقهم  لسطروا من بديع الكلمات ما يعجز عنه أديبهم وشاعرهم، غير أنهم يدركون أنهم لو فعلوا لخرج البيان أبدانا لا أرواح بها، وعقولا لا قلوب لها، وآذانا لا حس فيها، وعيونا بغير بريق أو لمعان. ولا تعجب!
فما سر الكتابة كيف نفتتح وكيف نختم، كيف نلتفت وكيف نشاكل، كيف نستعير وكيف نتجوز، كيف نطنب وكيف نوجز؟ وأين تقع الحروف من الأسماء والأفعال، ومتى يكون الظرف أنسب ومتى يكون الحرف أجمل؟! ما سر الكتابة مراعاة جرس الكلام وموسيقاه وحسب، وما سرها خلوه عن المشكل والغريب والمعقد وكفى، أبدا لم تك الكتابة يوما علما وقواعد يتقنها من يتقنها فيصير من فوره أديبا، وينساها من ينساها فيبيت ليلته كسيفا لا يكاد يبين. ولم تكن أيضا بالتي يدعيها كل ممسك بدعوى الحس والشعور، فيملأ آذاننا بحديث لا يعرف فيه الجار من المجرور، ولا يميز فيه بين الغريب والمشهور.
واعجب الآن كيف شئت إذا أقول لك: الكتابة أيضا ليست علما زاوج عاطفة، أو موهبة آخت مرانا، أو حسا صادق معنى، ثم اعجب أكثر إن أحببت إذ وصفت لك الكتابة وصفا تشعر منه أني لا أتحدث عن هذا الثلاثي البسيط: إنسان وقلم وورقة، بل ربما أحسست أنني نسيت ما كنت أتكلم عنه وطفقت أصف لك آمال شاب أعزب على أعتاب الزواج، أو أحلام فتاة شبت عن طوق أبيها، بل ربما خلتني أصف مشهدا من داخل عقل رجل جاوز السبعين يريد العبور بجيشه الصغير من أفريقية إلى أقصى المغرب الأوربي ثم المرور عبر القارة البيضاء بلدا بلدا متجاوزا سلاسل شاهقات من جبال، وشعوبا وقبائل لا تنتهي، مؤملا الوصول إلى القسطنطينية بأقصى المشرق من القارة نفسها، إن الأمر قد تجاوز الطموحات والآمال، بل تجاوز الأفكار التي يصفها الناس بالجنون أو التهور، إنها حياة أخرى غير التي نعرفها، إنه لا ينظر إلى ما مر من عمره وهل سيعيش حتى يعبر البحر أصلا أو لا، إنه ينظر إلى نفسه هناك ولا ينظر إلى أي شيء قبل!
إنها حياة فوق هذه الحياة، حياة لا يدري الإنسان فيها كيف ستكون رحلته مع رفيقيه، قلمه وورقته، لا يدري أيهم سيأخذ من الآخر، أيهم سينال منه، أيهم ستكون له الجولة، لا يدري أي الكلمات ستكون الأولى ومن ستكون الأخرى ومن ستكون بينهما - وانتبه إلى تلك الاحتمالات العقلية الحاصرة التي كثرت اليوم - إنه، وظنه أنهما مثله كذلك، ينظر إلى نفسه عالما ذا شعور، وشاعرا ذا عاطفة، وكاتبا ذا ملكة، ورب قلم ذا اقتدار، يخطو بعينيه إلى بعد لا يدري مداه، إنما يراه قد بلغ فيه غايته، وحقق به إربته، حتى إذا ما وصل إليه فوجئ به أكثر مما فوجئ به قارئه، وتأكد لهما معا ما قيل أولا: ليس الكاتب من يعلم العربية، ويحسن العاطفة، ولا الكتابة بتنميق اللفظ وضبط المعنى، وليس السبيل إليها صدفة أو مرانا، إنما هي ذلك الشي الذي تراه فتشعر بروعته ولا تدرك سره أو تحاول بلوغ شأوه.



ماذا ترون؟
كاتب يصف علاقة جميلة قوية راقية بينه وبين قلمه وورقته، ويعبر عن مشاعره وهو يمسك بهما ويبدأ رحلته بالكتابة.. أليس كذلك؟
(وان كان عقدنا وجعلنا نيأس من أن تتحسن يوما ما كتاباتنا او يرتقي اسلوبها..  sad:(  لكن ماشي)

لعلني فقط أرجو أحمد ان يحاول مراجعة خواطره، واستبعاد ما قد يوهم القراء من عباراته بعكس المعنى الذي يريد...

هذا اجتهادي.. والله تعالى أعلى وأعلم
نسأله عز وجل أن يصلح لنا سرائرنا وعلانيتنا، ويطهر قلوبنا من كل وصف يبعدنا عن مشاهدته ومحبته ومعرفته

« آخر تحرير: 2009-04-26, 10:05:05 بواسطة ماما هادية »
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

أحمد

  • زائر
رد: موضوعي !
« رد #173 في: 2009-04-26, 09:41:13 »
:emoti_133:

ترددت كثيرا قبل أن أكتب المشاركة التالية

ولكن شعوري الحقيقي -ودون مجاملة- أننا أصبحنا -بفضل الله تعالى- أسرة واحدة متحابة، يحرص أفرادها بعصهم على بعض، ويتحمل بعضنا أخطاء بعض، فإما يوجه، وإما يغضي الطرف لحين، وإما يتسامح... وفي كل هذا يحدونا رضا الله تعالى، والتماس المصلحة والمنفعة لأفراد هذه الأسرة في حاضرهم ومستقبلهم... هذا الشعور هو الذي شجعني على كتابة هذه المشاركة...

عندما قرأت خاطرة أحمد الاخيرة (وان كنت لا زلت في حيرة من أمري كيف يوزع خواطره بين مواضيعه، وأتمنى ان استخلص منهجيته في هذا.. ولكن بلا حدوى :emoti_138: ) ... المهم...
عندما قرأت هذه الخاطرة، ابتسمت لجملة مرت علي في الاسطر الأولى، وقلت لنفسي.. لن يتوب أحمد عن الثناء على كتاباته، هل سينطبق عليه قول أمي (من عيلة شاكر روحه)؟ ثم اندمجت مع الخاطرة، ونسيت ما ورد في تلك العبارة...
وفهمت من الخاطرة أنه يعبر عن احساس الكاتب نحو قلمه وورقته، والعلاقة الوثيقة التي تنشأ بينهم، بحيث أنه يمسك قلمه لمجرد اشتياقه اليه، وان كان لا يدري الى اين سيقوده هذا القلم، ولا ما سيخطه بها..
صورة جميلة رائعة رسمها أحمد -كعادته- ببراعة ورشاقة...
وربما يثير هذا فينا التساؤل الذي طرحته ماما فرح... هل الكتابة وسيلة أم غاية؟ وإن كنا نؤمن أنها وسيلة، فعلى الكاتب أن يكون حذرا لئلا ينجرف بقلمه الى حيث يحيد عن هدفه، كما حصل لبجماليون
لكن الحقيقة، ان الكاتب حين يملك قلبا طاهرا، فإنه لا يمسك إلا قلما طاهرا كذلك... وعندها.. سواء قاد هو القلم أو قاده القلم، فلن يسطر به إلا خيراً إن شاء الله... وهكذا نحسب أحمد، ولا نزكيه على الله...

بقيت هذه العبارات التي تشعر القارئ بإعجاب الكاتب بنفسه.. .. كالعبارة التالية:
اقتباس
ويوشك أن يأتي يوم تُعرف فيه آدابي عنوانَ الأدب كافة لهذا العصر، ومعلما بارزا بين سائر العصور،
لكن المدهش أن أحمد قصد بها التمني والترجي، والأمل بالله عز وجل ان تصبح كتاباته كذلك، ولم يقصد تقرير حقيقة واقعة أو رأي يراه... 
emo (30):

وهل يعقل ان كاتبا متمكنا مثله يخونه التعبير في عبارة كهذه؟  emo (30):
هذا ما حصل بالفعل...

والآن دعونا نعيد قراءة الخاطرة باستبعاد هذه العبارة وحدها...


بسم الله الرحمن الرحيم

كانت لي كتابات، وكانت لي رسائل، وعهدي مع التدوين قديم، آخذ منه ويأخذ مني حتى لا يكاد يُعرف أحمد بغير نثر،  ألفته وألفني، رغم كثير خصامنا، وشديد عراكنا، وإباء كل منا الآخر ونفرته الرجوع إليه، خانني وخنته، وملكني وملكته، ولا أحسبنا على عهد الآن ولا ذمة، بل إنها عهود الحياة التي جمعت بين شمس لا تدرك القمر، وقمر لا يمكنه سبقها، إنه أن تطول الخصومة وتشتد، وتدوم وتحتد، حتى يألف الخصم خصمه، ويعتاد الند نده، فلا تتنازل له، ولا تأمل أيضا في الفوز التام عليه، والعكس كذلك!.. وإن خسف القمر ليال، وكسفت الشمس أياما، فإننا، الأرضيين، لم نزل ننعم بدفء هذي وجمال هذا بقية العام، ولا ندرِ عما بينهما شيئا، بل لا يكاد ينحو إلى ما ذكرته آنفا ناحٍ إلا رميناه بالجنون والسفه وعبث القول، أو بالفلسفة والتنجيم!
إن أولئك الذين لا أدخر عنهم حرفا أكتبه، وأولئك الذين يتناولون كلماتي بعين الشغوف، يحسبون أنني إنما أكتب فراغ بال أو صفاء ذهن، أو تفريغ هم، وتنفيس كرب، ويذهب بعضهم إلى اعتبار حديث الكاتب عن نفسه غرورا أو اعتدادا بنفسه، وحديثه عن قلمه وكتاباته إفلاسا وبور بضاعة، فبظنهم أن الكاتب حين يثني عليه مثن أو يمدحه مادح فإنه ينطلق متحدثا عن نفسه أضعاف ما كتب من قول حسن لقي عليه كلمة ثناء، وبظنهم أن الكاتب حين يخاطب قلمه أو يقول إنه لا يجد ما يكتبه في معنى كذا أو كذا فإنه قد أفلس جيب أفكاره، وبارت كلماته، وما يدري أولئك أنهم أنفسهم ربما يعرفون من مفردات العربية فوق ما يعرفه كاتبهم، ويحفظون من تراكيبها أكثر مما يحفظ، بل يتقنون قواعدها أحسن مما يتقن، ولو أنهم شحذوا أقلامهم وهذبوا أوراقهم  لسطروا من بديع الكلمات ما يعجز عنه أديبهم وشاعرهم، غير أنهم يدركون أنهم لو فعلوا لخرج البيان أبدانا لا أرواح بها، وعقولا لا قلوب لها، وآذانا لا حس فيها، وعيونا بغير بريق أو لمعان. ولا تعجب!
فما سر الكتابة كيف نفتتح وكيف نختم، كيف نلتفت وكيف نشاكل، كيف نستعير وكيف نتجوز، كيف نطنب وكيف نوجز؟ وأين تقع الحروف من الأسماء والأفعال، ومتى يكون الظرف أنسب ومتى يكون الحرف أجمل؟! ما سر الكتابة مراعاة جرس الكلام وموسيقاه وحسب، وما سرها خلوه عن المشكل والغريب والمعقد وكفى، أبدا لم تك الكتابة يوما علما وقواعد يتقنها من يتقنها فيصير من فوره أديبا، وينساها من ينساها فيبيت ليلته كسيفا لا يكاد يبين. ولم تكن أيضا بالتي يدعيها كل ممسك بدعوى الحس والشعور، فيملأ آذاننا بحديث لا يعرف فيه الجار من المجرور، ولا يميز فيه بين الغريب والمشهور.
واعجب الآن كيف شئت إذا أقول لك: الكتابة أيضا ليست علما زاوج عاطفة، أو موهبة آخت مرانا، أو حسا صادق معنى، ثم اعجب أكثر إن أحببت إذ وصفت لك الكتابة وصفا تشعر منه أني لا أتحدث عن هذا الثلاثي البسيط: إنسان وقلم وورقة، بل ربما أحسست أنني نسيت ما كنت أتكلم عنه وطفقت أصف لك آمال شاب أعزب على أعتاب الزواج، أو أحلام فتاة شبت عن طوق أبيها، بل ربما خلتني أصف مشهدا من داخل عقل رجل جاوز السبعين يريد العبور بجيشه الصغير من أفريقية إلى أقصى المغرب الأوربي ثم المرور عبر القارة البيضاء بلدا بلدا متجاوزا سلاسل شاهقات من جبال، وشعوبا وقبائل لا تنتهي، مؤملا الوصول إلى القسطنطينية بأقصى المشرق من القارة نفسها، إن الأمر قد تجاوز الطموحات والآمال، بل تجاوز الأفكار التي يصفها الناس بالجنون أو التهور، إنها حياة أخرى غير التي نعرفها، إنه لا ينظر إلى ما مر من عمره وهل سيعيش حتى يعبر البحر أصلا أو لا، إنه ينظر إلى نفسه هناك ولا ينظر إلى أي شيء قبل!
إنها حياة فوق هذه الحياة، حياة لا يدري الإنسان فيها كيف ستكون رحلته مع رفيقيه، قلمه وورقته، لا يدري أيهم سيأخذ من الآخر، أيهم سينال منه، أيهم ستكون له الجولة، لا يدري أي الكلمات ستكون الأولى ومن ستكون الأخرى ومن ستكون بينهما - وانتبه إلى تلك الاحتمالات العقلية الحاصرة التي كثرت اليوم - إنه، وظنه أنهما مثله كذلك، ينظر إلى نفسه عالما ذا شعور، وشاعرا ذا عاطفة، وكاتبا ذا ملكة، ورب قلم ذا اقتدار، يخطو بعينيه إلى بعد لا يدري مداه، إنما يراه قد بلغ فيه غايته، وحقق به إربته، حتى إذا ما وصل إليه فوجئ به أكثر مما فوجئ به قارئه، وتأكد لهما معا ما قيل أولا: ليس الكاتب من يعلم العربية، ويحسن العاطفة، ولا الكتابة بتنميق اللفظ وضبط المعنى، وليس السبيل إليها صدفة أو مرانا، إنما هي ذلك الشي الذي تراه فتشعر بروعته ولا تدرك سره أو تحاول بلوغ شأوه.



ماذا ترون؟
كاتب يصف علاقة جميلة قوية راقية بينه وبين قلمه وورقته، ويعبر عن مشاعره وهو يمسك بهما ويبدأ رحلته بالكتابة.. أليس كذلك؟
(وان كان عقدنا وجعلنا نيأس من أن تتحسن يوما ما كتاباتنا او يرتقي اسلوبها..  sad:(  لكن ماشي)

لعلني فقط أرجو أحمد ان يحاول مراجعة خواطره، واستبعاد ما قد يوهم القراء من عباراته بعكس المعنى الذي يريد...

هذا اجتهادي.. والله تعالى أعلى وأعلم
نسأله عز وجل أن يصلح لنا سرائرنا وعلانيتنا، ويطهر قلوبنا من كل وصف يبعدنا عن مشاهدته ومحبته ومعرفته



بعيدا عن أي مجاملة
وعن مضمون هذه المشاركة الذي يحمل الكثير من الدفاع عني

فإنها بحق فاقت الكثير مما قرأت وكتبت روعة بيان وجمال أسلوب

فتح الله عليكم

أما جوابي فابتسامة عريضة تحمل كل معان الخير لي ولكم ولجميع المؤمنين


emo (30):

شذراتي أفكار مازالت دون النضج فهي تلتمس من شمس المنتدى دفئا ونورا
أما موضوعي فصرير أقلام لا تنتهي
« آخر تحرير: 2009-04-26, 10:07:24 بواسطة أحمد »

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: موضوعي !
« رد #174 في: 2009-04-26, 10:16:48 »


اقتباس
شذراتي أفكار مازالت دون النضج فهي تلتمس من شمس المنتدى دفئا ونورا
أما موضوعي فصرير أقلام لا تنتهي

طيب ... هكذا فهمنا... جزاك الله خيرا..

فالشذرات للنقاش والتشريح إذن.. وموضوعي للاستمتاع بالخواطر، وربما العزف على نفس أوتارها
...   emo (30): (أحنا بقى عمالين نقطع في اوتارها..::)smile:
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

أحمد

  • زائر
رد: موضوعي !
« رد #175 في: 2009-07-12, 11:46:54 »
في الملتقى كتبتُ


بسم الله الرحمن الرحيم

حياكم الرحمن جميعا

تمضي بنا الدنيا، تأخذ منا ونأخذ منها، ولا يكاد يقر للإنسان فيها حال، أو يدوم له بها مآل..


وأعلم علْمَ اليوم والأمس قبله .. ولكنني عن علم ما في غدٍ عمِي

طال الغياب، وتكرر الاعتذار، وملت الشوقَ القلوبُ،..!

فجئتُ.. مرهفَ السمع حينا، هامسا بقلمي حينا أقل!

عسانا نحفظ ودا يجمعنا به عند الحوض وفي ظل العرش.. آمين

لا يسعني في أغلب الأحيان متابعة الملتقى إلا عن كثب بعيد، وكم تجتذبني الموضوعات إلى المشاركة ثم تحول الحوائل، فإن ابتعدت ما قرأتُ، وإن اقتربت ما كتبتُ،.. وبين هذين تفتقد النفس محاورتكم، والحياة معكم، ولو عبر هذه الصفحات.. ولو تعلمون، لإني أحوج إليكم منكم، وأكثر شوقا..

ومازلت على حالي.. لا أدري متى أعود، وكيف يتيسر لي الخطاب.. فراودتني فكرة أن أمد بيننا قناة تواصل، ألتزم فيها كلما تيسر نقل شيء مما سبق تدوينه سماعا أو بحثا أو مُدارسة، لا يختص بفن معين، ولا يهدف إلا إلى صحبة الأخيار، وأنتم كذلك

هي مسائل، وبعضها مشكِل، بعضها كذلك غريب، وآخر مشهور.. وربما ييسر الله فيكون تفصيل بعد إجمال وربما أكتفي بما كتبت أول مرة دون تعقيب أو توضيح.. والأمر كله لله

لنتابع،..

ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا

أخوكم
 emo (30):

بسم الله الرحمن الرحيم

مسألة المجاز ومشكلة التأويل

1- اللفظ غير المعنى، والعلاقة بينهما أربعة إجمالا تسعة تفصيلا..

أولا: أن يكون اللفظ واحدا والمعنى واحدا أيضا، وهو ثلاثة أقسام
1 - العلم. وهو اللفظ الموضوع لفرد واحد، كلفظ زَيْد والشخص المسمى به
2 - المتواطئ. وهو اللفظ الموضوع لأكثر من فرد ويصدق عليهم جميعا بالتساوي، كلفظ حيوان والحيوانات المختلفة، فه اللفظ يصدق على كل منها صدقه على الآخر [ويسمى المشترك المعنوي]
3 - المشكك. وهو اللفظ الموضوع لأكثر من فرد ويصدق عليهم بنسب مختلفة، كالنور فإنه يصدق على شعاع الشمس والمصباح والقمر والشمعة، وهي متفاوتة.

ثانيا: أن يكون اللفظ متعددا والمعنى متعددا أيضا، وهو
4 - المتباين. وهي الألفاظ التي دل كل منها على معنى غير الآخر، كلفظ إنسان ولفظ نبات، والمعنى المطابق لكل منهما الذي يغاير الآخر تماما.

ثالثا: أن يكون اللفظ متعددا والمعنى واحدا، وهو:
5 - المترادف. وهي الألفاظ التي دلت جميعا على معنى واحد، كالأسد والقسورة والغضنفر.. كلها ألفاظ متعددة لمعنى واحد.

رابعا: أن يكون اللفظ واحدا والمعنى متعدد، وهو أربعة أقسام:
6 - المشترك. وهو اللفظ الصادق على أكثر من معني بالتساوي، كلفظ القرء، فإنه يطلق على الحيض إطلاقه على الطهر.
7 - الحقيقة. وهو اللفظ المستعمل في وضعه الأول وهذا الوضع باق على اشتهاره واستعماله، كالأسد إذا أريد به الحيوان المعروف.
8 - المنقول. وهو اللفظ الذي اشتهر في غير وضعه الأول حتى غلبه في الاستعمال، كالصلاة فإنه وضع أولا للدعاء ثم اشتهر في العبادة المعروفة حتى صار استعماله فيها أشهر من استعماله في الدعاء [ويسمى الحقيقة العرفية]
9 - المجاز. وهو اللفظ المستعمل في غير وضعه الأول مع أن الوضع الأول باق على اشتهاره واستعماله، كالأسد إذا أريد به الرجل الشجاع مثلا.

2- الاستعمال من صفة المتكلم، والحمل من صفة السامع، والوضع قبلهما!

المتكلم إذا أراد الكلام، تخير اللفظ الدال على المعنى الذي يريد التعبير عنه، فلا يجوز له أبدا التعبير بالمباين، وإن أراد التعبير بما يحتمل أكثر من معنى، سواء كان مشتركا أو منقولا أو مجازا.. التزم أن يترك للسامع ما يدل على قصده أحد المعاني المحتملة.

السامع إذا أراد فهم الكلام التزم أن يفهمه على وجهه، فلا يجوز له أبدا حمل اللفظ على المباين له، وإن سمع كلاما يحتمل أكثر من معنى فعليه أن يبين ما حمله على فهم أحدها بعينه دون غيره من المعاني المحتملة.

يضبط كل هذا "عقد الوضع" وهو تعارف العرب على جعل كل لفظ مستعمل بإزاء معنى. أو تعارف طائفة خاصة على ذلك إن اللفظ منقولا.

3- متى عُرِف الوضع فلا إشكال إلا فيما يتعدد فيه المعنى ويتحد اللفظ، وهو كما سبق أربعة أنواع:

المشترك. يجب على المتكلم نصب ما يعين المعنى الذي يريده، ولا يجوز للسامع أن يفهم الكلام على معنى ما إلا إذا بين ما حمله على اختيار هذا المعنى دون غيره مما يشترك فيه اللفظ.
كلفظ القرء. استدل الحنفية على أن المراد بها في الآية الحيض، واستدل الشافعية على أن المراد الطهر.
أما حمل الكلام على معنى ما دون دليل فهو تحكم غير مقبول، وكذا إلقاء الكلام المشترك دون ما يبين المراد به هزر يتنزه عنه.

الحقيقة. لا يجب على المتكلم تبيين ما يدل على قصده إياها، لأنها الوضع الأول للفظ الباقي على اشتهاره، فهو المعنى إذا أطلق اللفظ
وكذلك لا يجوز للسامع حمل الكلام على غير حقيقته مالم يبين دليلا دفعه إلى ذلك.

المنقول. لا يجب على المتكلم تبيين ما يدل على قصده مادام يتكلم مع الطائفة التي نقلته، كأن يتكلم النحوي بين النحاة عن الحال أو الظرف، وكذلك لا يجوز لأحد من أهل هذه الطائفة حمل الكلام على غير المنقول مالم يبين دليلا دفعه إلى ذلك
أما خارج هذه الطائفة فيلتزم المتكلم بالوضع اللغوي الأول، فإن أراده فليس عليه أن يبين ما يدل عليه، وإن أراد غيره التزم أن يبينه

المجاز. يجب على المتكلم أن يلتزم أمرين إذا أراد التعبير عن المعنى بغير لفظه الذي وضع له أولا:

- أن يبين دليلا على أنه يريد هذا المعنى
- أن يستخدم لفظا يكون بين معناه الأول والمعنى الذي يريد التعبير عنه علاقة.
فمن أراد التعبير عن الرجل الشجاع بالأسد. التزم أن يبين دليلا يوضح أنه يريد هذا المعنى لا معنى الحيوان المعروف، ويلزمه أن يكون المعنى الأول للفظ أسد وهو الحيوان المعروف بينه وبين المعنى الذي أراد أن يعبر عنه علاقة، كالشجاعة مثلا أو المهابة أو نحو ذلك.


4- التأويل: صرف اللفظ عن وضعه الأول وحمله على معنى غير مشهور فيه.

التأويل إذن من صفة السامع.

فهو يدعي أن المتكلم لم يقصد من اللفظ وضعه الأول، وإنما يقصد معنى كذا. فالتأويل إذن: ادعاء أن الكلام مستعمل على طريقة المجاز.
فعلى السامع أن يجري الكلام على شروط المجاز. أي أن عليه أن يبين الدليل الذي دفعه إلى حمل اللفظ على غير وضعه الأول، وعليه أن يبين العلاقة بين الوضع الأول للفظ والمعنى الذي حمل اللفظ عليه.
فإن أقام ذلك بشكل صحيح.. قُبِل تأويله، وإن أبانه بشكل فاسد فتأويله مردود، وإن لم يبنه أبدا بل ادعاه عاريا فهو لعب لا تأويل

ورحم الله تاج الدين السبكي حين قال: التأويل صرف اللفظ عن ظاهره فإن كان لدليل فصحيح، أو لما يُظن دليلا ففاسد، أو لا لشيء فلعب لا تأويل.


رضي الله عن كل من استفدنا من حرفا في المعرفة به عز وجل  emo (30):

مسألة الدليل العقلي والنقلي، ومشكلة التعارض بينهما والترجيح

1- لأهل السنة في تأسيس البناء المعرفي تشييد فائق، يتلخص في نقاط ثلاث:
- المعرفة ممكنة، خلافا لمن ذهب إلى استحالتها وهم السوفسطائية
- المعرفة مراتب، علم فظن فشك فوهم.
- وسائل المعرفة تختلف باختلاف درجاتها فالمعرفة المقبولة بوجه عام (العلم والظن) وسائلها ثلاثة هي: الحس والنظر العقلي والخبر.

2- فإذا تعارضت معرفتان تعارضا تاما قدم الأعلى رتبة منهما على الأقل، سواء كانتا حسيتين أو عقليتين أو خبريتين، أو مختلفتين. ولا يُفرض التعارض بين القطعيات.

3- لا نقول إذن العقلي مقدم على النقلي ولا النقلي مقدم على العقلي، ولا الحسي مقدم عليهما أو مؤخر.. بل نقول: القطعي أيا كان مقدم على الظني أيا كان، أو بعبارة أعم: الأعلى رتبة أيا كان مقدم على الأقل أيا كان أيضا!

4- ورحم الإمام البنا حين قال:
وقد يتناول كل من النظر الشرعى والنظر العقلى ما لا يدخل في دائرة الآخر ، ولكنهما لن يختلفا في القطعى، فلن تصطدم حقيقة علمية صحيحة بقاعدة شرعية ثابتة، ويُأَوَّل الظنى منهما ليتفق مع القطعى، فإن كانا ظنيين فالنظر الشرعى أولى بالإتباع حتى يثبت العقلى أو ينهار

ثم كُتب لي:
يا حيا الله سيد شباب الملتقى ..

عودا حميدا يا رجل ..!
ائذن لي أن آخذ مكاني في درسك هنا ..! فلعل الله يرفعنا بكم بسطة في العلم والفهم ..!
وهو لعمر الله درس يأبه به أولو الألباب لما فيه من عبرة وتذكرة لمن ألقى السمع وهو شهيد ..!

 اقتباس: 
   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أزهري صميم 
   
 
 
   
    3- لا نقول إذن العقلي مقدم على النقلي ولا النقلي مقدم على العقلي، ولا الحسي مقدم عليهما أو مؤخر.. بل نقول: القطعي أيا كان مقدم على الظني أيا كان، أو بعبارة أعم: الأعلى رتبة أيا كان مقدم على الأقل أيا كان أيضا!

4- ورحم الإمام البنا حين قال:
وقد يتناول كل من النظر الشرعى والنظر العقلى ما لا يدخل في دائرة الآخر ، ولكنهما لن يختلفا في القطعى، فلن تصطدم حقيقة علمية صحيحة بقاعدة شرعية ثابتة، ويُأَوَّل الظنى منهما ليتفق مع القطعى، فإن كانا ظنيين فالنظر الشرعى أولى بالإتباع حتى يثبت العقلى أو ينهار

 
   
 

أفلا تبسط لنا في مفهوم هذه القاعدة الشرعية إن كان من عند الأصوليين أو الفقهاء ..؟!! فقد دارت جدالات شتى في تعارض الحقائق العلمية بالقواعد الشرعية ..!
والإشكال ليس مني ولا عندي ..!! فإني لأسمع الكلمة - الصحيحة - من رسول الله فيصدق بها كل جسدي من ظاهر وباطن ..!!
لكن هب أن بين أيدينا قاعدة علمية ثابتة صحيحة عليها إجماع أولي النهي في هذا العلم ..! ثم عارضها نص شرعي من السنة أفئن سلمنا عقولنا للعلم يدخل في إيماننا النقص والشك ..؟!! ولئن سلمنا للنص السنيّ أفيدخل في عقولنا النقص والشك ..؟؟!

لا ريب أن القواعد الشرعية يقبلها العقل ولا تردها العادة ..!

لكن لو وقعنا على تعارض نقلي وعقلي وكان في كفة العقلي حجرا يرجح كفّته فلمن نلقي عقولنا وأفهامنا ..؟؟!!


ننهي هذه النقطة يا مولانا ثم نعرض لسواها لو أذنت لنا ..


دم خاشعاً ..



... المرشد

فأجبتُ

بسم الله الرحمن الرحيم

المرشد الحبيب وهبك الله سرور أهل الجنة

القضية كما علمنا يا أخي قضية تقديم قطعي على ظني، بعيدا عن كون أحدهما عقليا والآخر نقليا، مع اعتبار أن التقديم والتأخير لا يصار إليه أصلا إلا بعد استنفاد محاولات الجمع بينهما.

والإشكال في تعارض نتائج المختبرات مع الأخبار المنقولات.. كتابا أو سنة.

أما نتائج المختبرات فتستفاد بالحس أو بالاستنتاج العقلي، وكلاهما قد يكون ظنيا وقد يكون قطعيا، فأداة الإحساس قد لا تكون دقيقة مئة بالمئة كما يعلم أرباب المختبرات، والاستنتاج العقلي كذلك قد يبنى على لزوم بين أو علة مؤثرة، وقد يبنى على لزوم خفي أو علة متوهمة.

وأما الأخبار المنقولات فينظر لها من جانبين، جانب الثبوت وجانب الدلالة. والمقطوع به من جانب الثبوت نوعان فقط:
الخبر المتواتر، وخبر الواحد المؤيد بالمعجزة.
والقطع في دلالات الألفاظ عند الشافعية بعيد يلزمه السلامة من معارضات عشرة!
والقطع فيها عند الحنفية قريب إلا أن الظن كثير أيضا

فالتعارض المخوف هو التعارض بين ما ثبت من نتائج المختبرات قطعا، كأن يكون محسوسا مشاهدا رأي العين مثلا، أو استنتاجا عقليا بديهيا، وبين ما ثبت من الأخبار بطريق القطع ودل دلالة قاطعة لا تحتمل.

ومثل هذا لا يوجد ولن يوجد أبدا بإذن الله..

وكلما أنعمت النظر بين ما يثار إشكاله اليوم، وما أثير إشكاله أمس، وما سيثار.. تجد أنك إما أمام نظريات علمية لم يشتد عودها في المختبرات بعد، أو أمام أخبار تحتمل من الدلالات ما يسع أهل الكوفة! وربما كان أيضا في ثبوتها نظر بعيد

وتعارض الظنيات لا يمتنع، فلا ينقص من إيمان العبد أن يتوقف في دلالة خبر قوي لديه خلافها، ولا ينقص من عقل المؤمن أن يتوقف عن ظاهرة غلب عليه الإيمان بخلافها.
فما دام الأمر ظن وغلبة احتمال ليس إلا فابحث ولا حرج

هناك أمر آخر،..

ذهب كثير من الأصوليين إلى تخصيص العام بالحس وبالعقل وعدوهما ضمن المخصصات المعتبرة، بل بدأ بهما أحد علماء الأصول المعاصرين بيتا نظم فيه المخصصات الثمانية.

أكمل رضي الله عنك  emo (30):


أحمد

  • زائر
رد: موضوعي !
« رد #176 في: 2009-07-27, 12:19:12 »
لم يكن بكاؤنا يوما ضعفا أو انهزاما، ولم يكن كذلك استسلاما أو رضا بواقع مخز أليم، لم تكن دمعاتنا ملهاة عن واجب قمنا وما زلنا نقوم به، لم يك خفق قلوبنا بما يظهر له من آثار على جوارحنا شيئا سيئا أبدا

إنها أنات صدى أنس على وحشة الطريق، وهي دمعات طهر تغسل ما يعلق من بلاياه، إنها المحركات حين تعطب المحركات، والمحسنات حين تجمد النسمات، إنها ما بقي لنا وقد آل الحال لما آل إليه فيكون لنا بها ما لسائر الناس من درك لما يسمونه "حلاوة الحياة"


غير متصل ازهرية صغيرة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 995
  • الجنس: أنثى
رد: موضوعي !
« رد #177 في: 2009-07-27, 12:50:18 »
جزاك الله خيرا يااحمد

رب لا تحرمنا من قلمك
اللهم كم عاهدناك بألا نعود.. فما كان منا إلا نقض العهود
وهانحن نعاهدك على ألا نعود، فإن عدنا فعد علينا بالمغفرة يا ودود

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15899
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: موضوعي !
« رد #178 في: 2009-08-02, 11:36:50 »
جزاك الله خيرا يااحمد

رب لا تحرمنا من قلمك

 emo (30):

آمين
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

أحمد

  • زائر
رد: موضوعي !
« رد #179 في: 2009-08-30, 00:13:18 »
في هواكم رمضان عمره .. ينقضي ما بين إحياء وطي

.. علها تكون سبب عودة إلى هنا.

تابعونا

ودعواتكم

 emo (30):