لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ(111)إنهم لن يضروكم إلا أذى ما كنتم تلك الأمة القوية ... وإن يقاتلوكم يولّوكم الأدبار ثم لا يُنصَرون ... حتى إذا ما قاتلوكم لن يقووا على مواجهتكم ... نعم تلك حقيقة ... حقيقة وليست خيالا ... وإن الفاصل بين فهْمِنا لها كما هي وتخيّلها بنسج أخيلتنا شعرة كما ذكرتُ ...
شعرة الشروط ... ولهذا نجد اليوم من يعترض، ويجد اعتراضَه قويا وهو يصيح قائلا: ولكن ليس هذا هو الواقع ! ليس الواقع ! أفيقوا إنكم المترنّحون في عالم الخيال ! أي تولية للأدبار منهم اليوم وهم المنتصرون على المسلمين، وهم أهل السلاح والقوة والسطوة ... والمادة وووو ... أي تولية للأدبار هي منهم ؟؟
إنهم إن يقاتلوكم وأنتم أقوياء بخيريّتكم الناشئة عن اعتصامكم بالله وعن طاعتكم لأمره، وانتهائكم عن نهيه، لن يصمُدوا أمامكم ... ليس من سحر ساحر أو شعوذة مشعوذ يحدث ذلك، بل لأنكم إذ اعتصمتم بالله، تعلمتم أنّ الأخذ بأسباب الدنيا سبب لتمكين الأمة، وأن العمل وإتقانه سبب للتمكين وللعزّة، ولتفادي سطوة الآخر وسيطرته عليكم، وأنّ العلم وسيلة من وسائل التمكين، وأنّ التجهّز وإعداد العُدّة من أسباب القوة والتمكين، وفوق كل هذا أنتم على ربكم متوكلون، به مستنصرون، موقنون أن النصر من عنده وحده ... فكيف لا يولّي دبره من يفكر بقتال من هم في هذه القوة ؟! ولقد تحقّق ذلك في أزمنة ماضية ولم يكن محض خيال ...
هكذا هو الفهم السليم لآيات القرآن لا فهم المسلم القشّة الذي تعوّد أن يتخذ من العزّة والسيادة التي حققها المسلمون الأقوياء قالبا جامدا يريد غصبا أن يجعله على مقاس القشّة ... !الفهم الذي يعرف ترتيب التعليمات القرآنية ترتيبا يجعل منها القاعدة، والتركيبات الدوائية فيه تركيبا يجعل منها علاجا شافيا ...
ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ نعم ثم لا ينصرون ... ولنتأمل كيف بُني الفعل للمجهول إعرابا، ولكنه حقيقة هو من أمر الله تعالى حتى يتأكّد أن النصر من عنده سبحانه لا من غيره، فكيف يُنصَر مَن لا يوحد الله ولا يجاهد في سبيل إعلاء كلمته في الأرض على من هو في سبيل الله قويّ مستعصم به سبحانه، موفّر لشروط القوة الداخلية، آخذ بالتركيب المبيّن في الوحي الإلهي المنير للدرب ...
ولقد عرفنا نصر الله لعباده المؤمنين في مواقع كانت غلبة العدد فيها للعدو، ولكنّ المسلمين بحالهم القوية، وبخيريتهم أمكنهم الله منهم، ونصرهم... حاربوا اليهود مرارا، في غزوات مختلفة، في بني قينقاع، وفي بني النضير، وبني قريظة وفي خيبر ... وكانوا بين إحدى اثنتين إجلاء أُجلوه من البلاد صاغرين أذلة، وبين قتل ...
ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ(112)هكذا جعل الله حالهم... أولئك الفسقة من أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا الإيمان الصحيح، الإيمان الذي جاء به القرآن الكريم... والذي بُعِث به محمد صلى الله عليه وسلم ... ضربت عليهم الذلة، إذ الذلّة هي ما يُفرَض على المرء لا من ذاته بل من خارجها، فهي مضروبة عليه بفعل تقوّي أهل الحق ... وبفعل أخذهم بأسباب القوّة اللازمة ... بفعل تلك الأمة القوية الخيّرة التي بها تُعلى كلمة الله في الأرض ... هكذا هو حال المؤمن، وهكذا بالمقابل هو حال الكافر أمامه... إذ أي عزة هي له والعزة من الله ؟!
ولكنّ الاستثناء الواقع هو أنّهم قائمون في الأرض بحبل من الله وحبل من الناس، فأما حبل الله فهو ما يكون من معاهدات أو قوانين يقضي بها الإسلام في تعاملاته مع غير المسلمين سِمتُها العدل والحق، وخاصة الجزية التي كانت تُفرض من ديار الإسلام على غير المسلمين الذين يبقون على دينهم إن اختاروا البقاء عليه، وهم إذ تحميهم الدولة المسلمة وتقضي بحقوق المواطنة لهم، وبعدم التعرض لهم وعدم إيذائهم، وتركهم لدينهم وعبادتهم، يدفعون الجزية لها، وهذا حبل من الله لأهل الكتاب قضى به عَبْر عباده الممكّنين في الأرض ... فالمسلمون يقضون بحبل الله تعالى، وذلك حظهم من حبل الناس، بمعنى أنهم الوسيلة لإنفاذ أمر الله في أهل الكتاب ...
وأما الحبل الذي من الناس، فعرفنا منه ما كان من عامة الناس لا من المسلمين وحدهم مع اليهود الذين شُرّدوا في الأرض، الذين هاموا على وجوههم في بلدان العالم :"
وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا" وبنوا لهم مستوطنات فيها، وعملوا هناك وسعوا بالربا وبالإفساد بين أهل تلك البلاد حتى ضجوا منهم، وأنكروا أفعالهم وسوء مساعيهم بينهم بأكل أموال الناس... وتسلقوا في تلك البلاد وتسللوا بين أهلها بالتحايل والتلاعب والمكائد حتى سيطروا على مقاليدها اقتصادا وسياسة. كلّ ذلك بحبل الناس الذين مكّنوهم مما تمكّنوا منه ...وإلى يومنا نعرف مثالا بارزا حبل أمريكا لليهود في العالم .
وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَوذلك ما جنوه... الغضب من الله وضرب المسكنة عليهم، والمسكنة -بخلاف الذلّة- هي ما يكون من ذات المرء لا من خارجها. وليس ذلك من فراغ، بل من كفرهم بآيات الله، ومن قتلهم الأنبياء. ولقد عرفنا من قبل : " ومَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ" .
يقول في ذلك أبو زهرة : "
والمسكنة ضعف نفسي، وصغار ينال القلب، فيستصغر الشخص نفسه، ويحس بهوانها مهما تكن لديه أسباب القوة متوافرة متضافرة، والفرق بينها وبين الذلة أن الذلة هوان تجيء أسبابه من الخارج بأن يكون بفرض من قوى، أو يكون نتيجة انهزام حربي، أما المسكنة فهي هوان ينشأ من النفس لعدم إيمانها بالحق، واتباعها للمادة، وإن توارث الذلة قرونا طويلة يورث هذه المسكنة، إن بواء اليهود والنصارى بغضب الله، وضرب المسكنة عليهم، لَا استثناء فيه، بل هو أمر مستمر إلى يوم القيامة ما داموا على حالهم، ولا يغرنك ما عند النصارى وتقلبهم في البلاد، بل انظر إليهم إن أصابت فريقا منهم هزيمة فإنهم يخرون للأذقان يبكون صاغرين، مما يدل على أن المسكنة في طبيعتهم؛ إذ عزة الحق قد فارقتهم." –زهرة التفاسير-
ويعود القرآن العظيم لتقرير إنصافه كما تعودنا منه ...
لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ(113) يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ(114) وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ(115)إنه سبحانه بعدما أقرّ حال: " وأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ" ... يأتي الآن على حال المؤمنين منهم ...
فلقد أنصف لما أعلن أنّ "منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون"، ثم جاء بتفصيل حال كل فريق
فهذا الآن تفصيل حال المؤمنين منهم ...
لا يستوون ... منهم أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون .
ولقد قيل بمعنيين لقيامهم هذا، ولإيمانهم، منهم من قال أنهم الذين بقوا على أمر الله منهم، ولم يتركوه كما تركه غيرهم، وقد روي عن ابن عباس أنه قال في معنى أمة قائمة : "
أمة مهتدية قائمة على أمر الله لم تنزع عنه وتتركه كما تركه الآخرون وضيعوه " وروي عن قتادة أنه كان يقول في الآية: " ليس كل القوم هلك، لقد كان فيهم بقية ".
ومنهم من قال أنه إيمانهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخولهم في الإسلام، ونعرف منهم عبد الله بن سلام اليهودي، والنجاشي والعدد من البطارقة الذين آمنوا لما عرفوا الحق من القرآن، وعند الله تعالى يكفي هؤلاء على قلة عددهم وهو سبحانه الذي لا يريد ظلما للعالمين، يكفي عددهم ليُذكروا في القرآن استثناء، وليُكرّموا بذكرهم فيه ...
وعندي أن هؤلاء هم المعنيون، هؤلاء الذين لحقوا بركب الإيمان الصحيح، والقرائن على ذلك عندي أكثر من واحدة ... فهم :
1- يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ السجود هنا جاء تدليلا على الصلاة، وهذه خصيصة من خصائص المسلمين، صلاة العتمة، صلاة الليل والتي لا توجد عند غيرهم من أهل الكتاب، وقد جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "
أخَّر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليلةً صلاةَ العشاءِ ثُمَّ خرَج إلى المسجدِ فإذا النَّاسُ ينتظِرونَ الصَّلاةَ فقال أما إنَّه ليس من أهلِ الأديانِ أحدٌ يذكُرُ اللهَ عزَّ وجلَّ هذه السَّاعةَ غيرُكم قال ونزَلَت هذه الآيةُ {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ} حتَّى بلَغ {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} " –صحيح ابن حبان-
2- القرينة الثانية على أنه قيام وإيمان أهل الإسلام الصفات المذكورة لهم في الآية الموالية :
يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ(114)2-أ)إيمان بالله، وليس الاعتقاد بالتثليث لا بتوحيده إيمانا يذكره الله تعالى لأهله ويُشيد به، ويُعلي من شأن أصحابه ... بل إنما هو الإيمان الصحيح الذي فيه الاعتقاد السليم في الله تعالى، إلا إذا كان المعنيون به المؤمنون من سلف أهل الكتاب الذين آمنوا بأنبيائهم واتبعوهم وماتوا على الإيمان الصحيح الذي جاؤوهم به ... وإنّ هؤلاء ليس قويا الشاهد بذكرهم في هذا المقام، لأن الله تعالى بصدد بيان حال الفئة الفاسقة من أهل الكتاب، والفئة المؤمنة منهم للمسلمين حال نزول القرآن، ولقد عرفنا بيان حال الفسقة منهم المعاصرين للمسلمين وكيف أنهم لن يضروهم إلا أذى، وكيف يكونون في حال قتالهم لهم، ويبقى الأقوى أن يتبين حال المؤمنين منهم المعاصرين للمسلمين بالمقابل لا مَن كان قبلهم . والله أعلم.
2-ب)ثم الإيمان باليوم الآخر، هذا اليوم الذي قال الله تعالى في سورتنا هذه : "
ومَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ"
فإيمانهم باليوم الآخر الذي يُثني عليه الله تعالى، يقتضي إيمانا صحيحا، إيمان هو الإسلام لا غيره ...
2-ج) وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وكلها صفات منبثقة عن الإيمان الصحيح .
2-د) القرينة الأخيرة هي إقرار الله تعالى :
وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ.
زيادة على ذلك فإن القرآن فيه من ذكر أحوال هؤلاء المؤمنين من أهل الكتاب إيمان الإسلام، الإيمان الذي جاء به القرآن، للمعاصرين للبعثة النبوية، لا لمَن قبلهم ممن عاصر الأنبياء واتبعوهم اتباعا سليما وماتوا على الإيمان الصحيح ... جاءت تلك الآيات تصف المؤمنين منهم بالقرآن :
يعدّد الإمام الشنقيطي تلك الآيات فيقول :
**ذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهَا تَتْلُو الْكِتَابَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ وَتُؤْمِنُ بِاللَّهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: " الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ" –البقرة:121-
**وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ، وَأَنَّهُمْ خَاشِعُونَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، وَهُوَ قَوْلُهُ: " وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا" –آل عمران:199-
**وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُمْ يَفْرَحُونَ بِإِنْزَالِ الْقُرْآنِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: " وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ" –الرعد:36-
**وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ إِنْزَالَ الْقُرْآنِ مِنَ اللَّهِ حَقٌّ، وَهُوَ قَوْلُهُ: " وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ..."-الأنعام: من114-.
**وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُمْ إِذَا تُلِيَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ خَرُّوا لِأَذْقَانِهِمْ سُجَّدًا، وَسَبَّحُوا رَبَّهُمْ، وَبَكَوْا، وَهُوَ قَوْلُهُ:" إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا" –الإسراء: 107/108/109-
**وَقَالَ فِي بُكَائِهِمْ عِنْدَ سَمَاعِهِ أَيْضًا: " وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ" –المائدة:83-.
**وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، تُؤْتَى أَجْرُهَا مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: " وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(51) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ(52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53)أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا..." -القصص-
ومَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَوهؤلاء الموصوفون بتلك الصفات الإيمانية لن يُكفَروا الخير الذي فعلوه، بل سيجازيهم عليه رب العزة، وسيثيبهم . و"
عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ " قرينة أخرى على أنهم أهل الإيمان السليم. أهل التقوى والصلاح الذي جاء به القرآن .