لم أعلم بوجود ردود لهادية وبهي إلا عند إرسالي ولم أقرأها بعد
طيب يا نور، سأحاول الرد عليك خطوة بخطوة بعون الله تعالى
تبدئين بذكر الآيات القادحة بالمنافقين...
فتذكرين هذه الآية :
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ)[سورة نفال 60]
وطبعا لا خلاف أنك تركزين فيها على قول الله تعالى : "وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ "
أعطيني دليلا يا نور أنّ هذا القول من الله تعالى يعني به المنافقين ... السورة سورة الأنفال، وسورة الأنفال نعلم أنها النازلة بعد غزوة بدر، وغزوة بدر كانت ضد المشركين...
وتُعرف سورة الأنفال بأن فيها كثيرا من إرشادات إلهية للمؤمنين بكيفيات القتال، وهذه واحدة منها، وتخصّ الإعداد اللازم للتصدي للعدو...
"وآخرين من دونهم" تعني كل عدو سيُقبل عليه المسلمون ممن لا يعلمهم الرسول صلى الله عليه وسلم بعد، كل عدو ما يزال في علم الغيب عنهم، أما عدو الله وعدوّكم فهم كفار قريش، المشركون، وأما "آخرين من دونهم" فهُم إما اليهود الذين ستأتي اللقاءات بينهم وبين المسلمين، أو الروم ، أو الفرس وهم ما يزالون بعد لا يعلمونهم ...
وحتى وإن عُني بهم المنافقون، فهم الآن لا يعلمونهم، لأنها غزوة بدر الت لم يكن فيها من منافق واحد، بل كانوا جميعا مشركين ضد أوائل المهاجرين والأنصار (314) في العام الثاني للهجرة، مباشرة بعد نزول الأمر بالقتال، ولم يظهر النفاق بعد، لأن تاريخ ظهوره بعد غزوة بدر، وسيبدأ انكشافهم للمسلمين من غزوة أحد تحديدا (الثالث للهجرة)وبالتالي فالله يحذّر منهم، وهم الآن لا يعلمونهم، وسيعلمونهم بما يظهرون بقوة في الغزوات خاصة ... بل إنه لم تكد غزوة أحد تبدأ حتى انحسر عبد الله بن أبي بن سلول عن المسلمين بجماعته من المنافقين ...وعندها علموهم ...
بالنسبة لآيات التوبة:
"وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَوَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ * وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"
تقولين :
والله لم يقل "لن تعلمهم، نحن نعلمهم" بل قال لا تعلمهم، ولكن هل الآيات قالت : ستعلمهم؟؟!! إذا على اي أسسا نجزم أن الرسول سيعرفهم كلهم؟! هو قال سبحانه : لا تعلمهم، وربما لأنه إن قال لن تعلمهم فهذا يقتضي أنه لن ينكشف له أمر أحد منهم، بينما قضية عدالة الشخص هي قضية قد تكشفها التجارب وقد تكشفها المواقف، وقد ينكشف البعض منهم ويبقى الآخر مخفيا.
نعم، تحدثنا من قبل بشأن هذه الآية، وقلنا أن الله تعالى لم يقل "لن تعلمهم"... وأنه صلى الله عليه وسلم قد علمهم بعدها، بل الله تعالى أعلم نبيه بهم، في سياق السورة ذاتها، التي تحكي عن قصة آخر غزوة غزوة تبوك، التي خرج فيها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد عن ثلاثين ألف مقاتل...
ودعينا يا نور لا نجتزئ من السورة ومن سياقها، فنأخذ ما يدعم رأيا، ونترك ما يزيد الأمر بيانا، وتوضيحا
لماذا تغفلين في عرض السورة عن قوله تعالى :
"لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ(44) إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ(45)وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ(46) لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ(47) لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ(48) وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ(49) "
هذا حديث عن حال المنافقين إزاء الخروج لغزوة تبوك، انظري:
** ثبطهم الله
** أقعدهم عن الخروج
** ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله
ثم انظري إلى "لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ"
وهذه واحدة من علامات تبينهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحادثة ذاتها، في غزوة تبوك... والسورة نزلت على مراحل بين الاستعداد للغزوة، وخلالها، وبعدها ...
إذن قلنا عن تخلّفهم في غزوة تبوك التي خرج فيها ثلاثون ألف مقاتل، هؤلاء جميعا نزلت فيهم آية تبين نقاءهم التام، وتوبة الله عليهم في قوله تعالى :
"لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ(117)"هؤلاء جميعهم مبرؤون من ذرة النفاق...
ثم بعد عودتهم، يأتي المنافقون للمسلمين معتذرين، بعد العودة، ركزي جيدا، يعني بعدما قال له سبحانه "لا تعلمهم"، لتأتيه أخبارهم بعد ذلك، في حينها، بعلاماتهم التي يبينها الله تعالى :
يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(94)
انظري إلى تعليم الله تعالى المؤمنين كيف يردون عليهم، يعني أنهم يعلمونهم، وسيحدثونهم، وسيعرفون أنهم المنافقون، وسيردون عليهم بهذه الطريقة التي عُلّموها... وسيرى الله عملكم ورسولُه... ركزي في هذه أيضا
أنغفل كل هذه الآيات يا نور؟ والصحابة من قبل يعرفونهم، ويعرفون علاماتهم الكثيرة التي بينها القرآن الكريم، وقد ذكر الله تكاسلهم على الصلوات، وكان الصحابة يعرفون فيهم مثلا تثاقلهم عن صلاتي العشاء والفجر، وهذا في حديث صحيح...
وها هو الله تعالى إلى آخر عهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالحياة، ما زال يحذّر المؤمنين منهم، ويبين لهم صفاتهم ...
الآن يا نور :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ * فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ * ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَىوَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)[سورة المائدة 106 - 108]
تقولين في هذه الآيات، ما ليس من معناها يا نور، تقولين :
لآيات تطلب من المسلمين شاهدين : اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ
ثم تقول الآيات : فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ *
رغم أنهم اثنان ذوا عدل بمنظورنا نحن البشري، ولكن العجيب أنه : فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا !
كيف؟؟ أليسا ذوا عدل؟؟ كيف تغيرت بسبب التجربة نظرتنا إليهم ووجدناهما أنهما ليسا ذوا عدل؟؟
وفي هذا والله تعالى أعلم دليل واضح جليّ أن الأمر يخضع للتجربة البشرية، والقرآن يؤكد ذلك فيقول : ( ولتعرفنهم في لحن القول) وآيات أخريات تؤكد أن معرفتهم من خلال الحذر من صفاتهم الظاهرية المكشوفة لنا كبشر.
ركزي معي:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ "
يعني الله تعالى يعلم المسلمين كيف يوصون وهم في حال سفر، إذا ما رأوا من أنفسهم إشرافا على الموت، فذلك أن يستأمن على وصيته اثنين من المؤمنين، فإن لم يكن في سفره من مؤمن، فليكن من غير المؤمنين، أي نصراني، كافر ....آخران، المستحسن أن يكونا اثنين أيضا من هؤلاء غير المؤمنين...
"فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا " أي فإن وقع المسلمون على ما يبين إثم هذين غير المؤمنين، فعندها تحلّ شهادة غيرهما من أهل الميت... يعني هنا، ليس تغير العدالة، هو للمؤمنَين المنصوح أن يكونا ناقلَيْن لوصية الميت، وإنما عُني بذلك غير الاثنين من غير المؤمنين الذين يضطر المؤمن أن يستأمنهما على وصيته ليبلغاها لأهله في حال عدم وجود مؤمنين معه في السفر ...
وحادثة نزول هذه الآية واردة في صحيح البخاري، وكان الاثنان نصرانيَّين، وانظري إلى عدم قدرتنا على الاستغناء عن الحديث، وهو يلعب دورا كبيرا في التفسير الصحيح للقرآن، يعني هل نفسر بأهوائنا، وبظننا، ونترك الوارد في الصحيح في تفسير هذه الآية وتوضيح سبب نزولها ؟؟ هل نرتضي هذا ؟؟!!
وهنا تقولين :
ثم إن سمات المنافقين قد يكون فيها شيء من المطاطية فمثلا قد نجد شخص مسلم يتراخى عن الصلاة وينقض العهود لكنه مسلم، ولكنه يحمل صفات المنافقين،مما يعطي مطاطية تجعلنا لا نستطيع تمييز المنافق عن المسلم المتراخي. وحتى التخلف بالحرب كمثال فقد تخلف ثلاثة من المسلمين الخُلّص الذين تاب الله عليهم ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا) الخ الآية. وهؤلاء عرفوا من الوحي ولكن من دون الوحي كيف سيتميزوا؟؟؟ كيف سيتميز من تخلف عن المعركة زللا وكسلا عن من تخلف نفاقا؟؟
هناك نفاق عقيدة، ونفاق عمل، نفاق العقيدة هو الذي يبطن صاحبه الكفر ويظهر الإيمان، ونفاق عمل، هو الذي يكون من بعض صفات النفاق في المسلم، وهذا طبعا أمره أهون من الأول...
التخلّف في الحرب، تتحدثين عن الثلاثة الذين تخلّفوا، أولئك يا نور، لم يأتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم واعتذروا له بأعذار كاذبة، بينما المنافقون كانت سمتهم التي بينها الله في القرآن أن يأتوا ليعتذروا قبل الغزوة، أما كعب بن مالك وصاحباه فلم يفعلا ذلك، والقصة واردة في الصحيحين...
يقول كعب بن مالك بعدما عاد المسلمون من الغزوة، وذهب كعب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((
قلت يا رسول الله إنى لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن أخرج من سخطه بعذر. والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم بحديث كاذب ترضى به عنى، ليوشكن الله أن يسخطك على. ولئن حدثتك بصدق تغضب على فيه، إنى لأرجو عقبى ذلك من الله- تعالى- والله ما كان لي من عذر.
قال صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدق. فقم حتى يقضى الله فيك. وكان هناك رجلان قد قالا مثل ما قلت هما مرارة بن الربيع، وهلال بن أمية.))
فكان الصادق الذي لم يكذب، وإنما بين سبب تأخره بقوله أنه تكاسل عن التجهّز، ولما تجهز كانوا قد سبقوه وخرجوا، فحوسب على تكاسله أشد الحساب، ونعرف قصة اعتزال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين له خمسين يوما، حتى نزلت التوبة عليهم ...
انظري وأنت لا تعتمدين على الحديث الصحيح في تفسير القرآن، كيف يحدث عندك الخلط بين خطأ مؤمن وزلّته، وهو صادق لا يكذب، وبين تعمّد منافق كاذب، كافر بالله ... فكيف تكون السمات مطاطية ولا يقع التمييز فيها بين خطأ مؤمن وتعمّد منافق، والله تعالى بيّن صفات المنافقين...
آتي الآن إلى :
وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
تقولين :
طيب أليس هؤلاء من مجتمع الجيل الأول؟؟؟ ، هؤلاء مسلمووون عصاااااة من الجيل الأول وبالتأكيد ثبتت لهم فضيلة الرؤية لكن مع هذا هم : عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِم. لا نكاد نتأكد أنهم من أهل الجنة، بل: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِم.
لكن بتعريف الصحابة فهؤلاء فوق الجرح والتعديل وثبتت لهم فضيلة الرؤية، ثم بعدها قال الله:
نعم مجتمع الجيل الأول، وهل العدالة منعت الذنب عنهم؟؟ هل جعلتهم ملائكة؟؟
هل بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجتمع من البشر أم من الملائكة؟؟
تصفين خلطهم لعمل صالح بسيئ ب "عصاة"... وتشددين عليها، هكذا يا نور، ألا تراعين للصحابة قدرا مميزا ؟ أنرى أنفسنا خيرا منهم؟ أو حتى نرى أنفسنا نضاهيهم؟؟ لن أستدرّ عاطفة .... فهم ليسوا بحاجة لأن أستدرّ عاطفة عليهم، ولكن أنا أحدّث مسلمة تعرف قدرهم، وتعرف ما أبولوا، وتعرف كيف قدّرهم الله تعالى قبل أن نقدّرهم نحن ....
إنهم اعترفوا بذنوبهم ......... اعترفوا بها ....
هل جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجد ملائكة يمشون على الأرض؟؟
جيل الصحابة كان بينهم تفاضل، فليس أبو بكر كمن آمن بعد سنوات طويلة مثلا، وليس السابق كمن لم يسبق، ولكنهم جميعا يشتركون في أنهم اتبعوا لارسول صلى الله عليه وسلم، وصدقوا... وقدموا للإسلام وتسابقوا، وسارعوا في الخيرات ....
وإلى هنا وأتوقف، إلى مرة قادمة بإذن الله تعالى، فأنت تعلمين طول ما كتبت