** هل كل الصحابة عدول ؟؟ **
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
قبل أن نناقش هل فعلا كل الصحابة عدول سنسرد آيات تدل على فضل الصحابة :
(الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)[سورة آل عمران 172 - 173]
(إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَىٰ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)[سورة الفتح 26]
(لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)[سورة الفتح 18]
(وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ۚ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ)[سورة الحجرات 7]
(وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ۚ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)[سورة اﻷنفال 62 - 64]
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[سورة الفتح 29]
(وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ ۚ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ ۚ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ * وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[سورة التوبة 99 - 104]
(لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[سورة التوبة 117 - 118]
(لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[سورة الحشر 8 - 10]
تعليق على الآية الأخيرة :
أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ.. فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ... هذه الآية عظيمة الدلالة إذ أنها تشير صراحة إلى صدقهم : أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ. ومن كان الله شاهدا على صدقه فقد استغنى عن كل شهادة من البشر، ومن كان الله شاهدا على صدقه فمحااال أن يكذب على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
إذاً قضية فضل الصحابة ثابتة بالآيات ووصفهم بالصدق والفلاح لا نقاش فيه، لكن الإشكال هو :
أن المحدثين يشملون بالصحابة كل من رأى الرسول وآمن به ومات على الإسلام. لنرَ تعريف الصحابة وبغض النظر إن وجدنا بعض الاختلافات في التعريفات فتعريف الصحابي هو:
الصحابى هو من لقى النبى صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على اﻻسﻼم فيدخل فيمن لقيه طالت مجالسته أو قصرت ومن روى عنه ولم يرو ومن غزا معه أو لم يغزو ومن رآه رؤية ولم يجالسه ومن لم يره لعارض كالعمى ثم انه يدخل فى قوله مومنا به كل مكلف من الجن واﻻنس.
ومصطلح الصحابة يشمل حتى الصبيان والأطفال الذين مجرد ثبت أنهم رأوا النبي، سواء رأوه يوم الفتح أو في حجة الوداع، أو سوى ذلك صلى الله عليه وآله وسلم
المصدر :تعريف الصحابى - ملتقى أهل الحديث
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=274697والسؤال هل فعلا بهذا التعريف كل الصحابة عدول؟؟؟ هل كل من لقي رسول الله وأظهر إيمانا ثبتت له شهادة الآيات التي نزلت بالصحابة؟؟؟
ما من دليل شرعي يحصر الصحابة في أناس معينين ويدلل عليهم ويعتبرهم جميعا عدول ! بل لننظر قوله تعالى ونُمعن فيه :
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ)[سورة التوبة 101]
دلت الآية على وجود منافقين بين الصحابة، نعم في مجتمع المدينة ممن ثبتت لهم رؤية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم،ولننظر تفاسير الآية :
تفسير ابن كثير :
يخبر تعالى رسوله صلوات الله وسلامه عليه أن في أحياء العرب ممن حول المدينة منافقون وفي أهل المدينة أيضا منافقون " مردوا على النفاق " أي مرنوا واستمروا عليه ومنه يقال شيطان مريد ومارد ويقال تمرد فلان على الله أي عتا وتجبر وقوله " لا تعلمهم نحن نعلمهم " لا ينافي قوله تعالى " ولو نشاء لأريناكم فلعرفتم بسيماهم ولتعرفهم في لحن القول " لأن هذا من باب التوسم فيهم بصفات يعرفون بها لا أنه يعرف جميع من عنده من أهل النفاق والريب على التعيين وقد كان يعلم أن في بعض من يخالطه من أهل المدينة نفاقا وإن كان يراه صباحا ومساء وشاهد هذا بالصحة ما رواه الإمام أحمد في مسنده حيث قال حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن النعمان بن سالم عن رجل عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم يزعمون أنه ليس لنا أجر بمكة فقال " لتأتينكم أجوركم ولو كنتم في حجر ثعلب " وأصغى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسه فقال " إن في أصحابي منافقين " ومعناه أنه قد يبوح بعض المنافقين والمرجفين من الكلام بما لا صحة له ومن مثلهم صدر هذا الكلام الذي سمعه جبير بن مطعم وتقدم في تفسير قوله " وهموا بما لم ينالوا " أنه صلى الله عليه وسلم أعلم حذيفة بأعيان أربعة عشر أو خمسة عشر منافقا وهذا تخصيص لا يقتضي أنه اطلع على أسمائهم وأعيانهم كلهم والله أعلم وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي عمر البيروتي من طريق هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد حدثنا بن جابر حدثني شيخ ببيروت يكنى أبا عمر أظنه حدثني عن أبي الدرداء أن رجلا يقال له حرملة أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: الإيمان ههنا وأشار بيده إلى لسانه.
والنفاق ههنا وأشار بيده إلى قلبه ولم يذكر الله إلا قليلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم " اللهم اجعل له لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وارزقه حبي وحب من يحبني وصير أمره إلى خير".
فقال يا رسول الله: إنه كان لي أصحاب من المنافقين وكنت رأسا فيهم أفلا آتيك بهم؟ قال " من أتانا استغفرنا له ومن أصر فالله أولى به ولا تخرقن على أحد سترا ".
قال وكذا رواه أبو أحمد الحاكم عن أبي بكر الباغندي عن هشام ابن عمار به وقال عبدالرزاق أخبرنا معمر عن قتادة في هذه الآية أنه قال ما بال أقوام يتكلفون علم الناس فلان في الجنة وفلان في النار فإذا سألت أحدهم عن نفسه قال لا أدري لعمري أنت بنصيبك أعلم منك بأحوال الناس ولقد تكلفت شيئا ما تكلفه الأنبياء قبلك قال في الله نوح عليه السلام " وما علمي بما كانوا يعملون " وقال نبي الله شعيب عليه السلام " بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ " وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم " لا تعلمهم نحن نعلمهم "
تفسير التحرير والتنوير :
وأشير بقوله : لا تعلمهم نحن نعلمهم } إلى أن هذا الفل الباقي من المنافقين قد أراد الله الاستيثار بعلمه ولم يُطلع عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم كما أطلعه على كثير من المنافقين من قبلُ.
وإنما أعلمه بوجودهم على الإجمال لئلا يغتر بهم المسلمُون ، فالمقصود هو قوله : { لا تعلمهم }.
وجملة { نحن نعلمهم } مستأنفة.
والخبر مستعمل في الوعيد ، كقوله : { وسيرى الله عملكم ورسوله } [ التوبة : 94 ] ، وإلا فإن الحكم معلوم للمخاطب فلا يحتاج إلى الإخبار به.
وفيه إشارة إلى عدم الفائدة للرسول صلى الله عليه وسلم في علمه بهم ، فإن علم الله بهم كاف.
تفسير زهرة التفاسير :
أي بعض من حولكم من الأعراب منافقون أتقنوا النفاق وأجادوه، حتى إنهم ليحسنون إخفاء ما في بطونهم، فلا تعرفهم في لحن القول، كما تعرفغيرهم ممن تكشف بعض أمرهم، فقال الله تعالى عنهم: (... وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ...)، ولقد قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا تَعْلَمُهُمْ) أي مع فطنتك وقوة حسك، (نَحْنُ نَعْلَمُ) المتكلم هو الله جل جلاله، وهو يعلم ما تسره النفوس، وما يناجون به فيما بينهم، وهذا نفاق فيمن حولكم، أي يحيطون بدياركم ويجب الحذر منهم والاحتياط لهم، وتكشف أمرهم حتى لَا يخدعوكم.
(وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) الذين يتتبعون عورات المؤمنين، ويتسمعون مواضع الضعف فيكم، وهؤلاء أصلاء في النفاق من وقت أن رأوا القوة فيكم، فأسرُّوا الكفر وأظهروا الإسلام، ودأبوا على النفاق ولجوا فيه، حتى صار النفاق عليهم سهلًا ميسرا، وعبر الله تعالى عن دأبهم في النفاق (مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ) وتجردوا له حتى خلصت نفوسهم له حتى صاروا لَا يستطيعون الصدق لو أرادوه، والإخلاص لأمر من الأمور، ولقد صاروا مهرة، من مرد فلان على العمل، إذا مهر فيه.
ولذلك رتب على مرد أن الرسول الفطن الأريب لَا يعلمهم، والله علام الغيوب، وما تحدث به النفوس يعلمهم، وإن الله إذ يعلمهم يعذبهم في الدنيا والآخرة.
وهنا تفاسير الآية لمن أراد الاستزادة:
https://www.mosshaf.com/ar/main.
.
.
عودة لموضوعنا : القاعدة الحديثة تقول أن كل الصحابة عدول، والآيات تُثبت وجود منافقين بين الصحابة، أي أنه ليس كل من رأى رسول الله كان عدلا !!!!! لا بل قد يكون منافقا مرد على النفاق لا يعلمه رسول الله .
والسؤال : إذا كان في المدينة منافقين لا يعلمهم رسول الله فهل نحن البشر العاديين بمقاييسنا البشرية هل نستطيع أن نعلمهم علم يقيني؟؟؟
لننظر :
البحر المحيط
{ ياأيها الذين ءَامَنُواْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ } أجمعوا أنها نزلت في الوليد بن عقبة وقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً إلى بني المصطلق وكانت بينه وبينهم إحنة في الجاهلية ، فلما شارف ديارهم ركبوا مستقبلين إليه فحسبهم مقاتليه فرجع وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : قد ارتدوا ومنعوا الزكاة .
فبعث خالد بن الوليد فوجدهم يصلون فسلموا إليه الصدقات فرجع.
هنا تفسير الآية :
https://www.mosshaf.com/ar/mainبحسب الرواية فإن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يؤمّن على الوليد بن عقبة ويرسله ليجمع الصدقة، وعقبة يكذب على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ورسول الله يصدق عقبة ولا يعرف كذبه، وفي رواية : فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله "منعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟" يعني الرسول حتى يسأله لم أراد قتل رسوله بناء على خبر عقبة الفاسق! (التفاسير كلها موجودة بالرابط )
وفي هذا -إن صحت الروايات- تصديق لخبر القرآن أنه حتى الرسول قد ينخدع بعدالة الشخص وصدقه، وإن لم تصح هذه الروايات فالآيات على عدم علم الرسول بحقيقة الرجال دليل ، قال تعالى :
( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ) [سورة البقرة : 204]
وقال أيضاً (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ)[سورة المنافقون 4]
يُفهم من الآيتين أن الله يوضح للرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم أنه عليه السلام قد ينخدع بظاهر المنافقين فيُعجبه قولهم: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ " وإن يقولوا يسمع رسول الله لقولهم (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ..
لكن الحقيقة أنهم : وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَام،،، هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ..
والحقيقة أنهم قد يكونون من : وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ..
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لا يميز البواطن السوداء، ويأخذ بالظاهر ويعجبه قول بعض الناس رغم انهم ألد الخصام، فهذا يعني أننا لسنا مستثنيون من الأحكام البشرية الظاهرية التي تُخطئ وتصيب..
إذاً، نحن بشر.. ولم نمتلك النظر لقلوب البشر، وأحكامنا على البشر ستظل بشرية (و راوي ثقة/و راوي عدل) أيضا ليست سوى تقديرات بشرية تُخطئ وتُصيب، وطبعاً هناك جهود جبارة من العلماء لمعرفة عدالة الرواة وصدقهم، وليس هذا الكلام من باب الاستقلال بجهدهم ولكن إذا كان صلوات ربي وسلامه عليه قد خُدِع بعدالة الشخص فإذن من الذي سيحدد لنا عدالة الشخص لنثبت صدقية خبره؟؟؟
تساؤلات كثيرة إجابتها بالنهاية : هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى.
طبعاً ليس بيدنا إنكار أن الله سبحانه وهبنا قدرات لنحكم على الأشخاص لكنها ظاهرية مثل قول الله عن المنافقين : (وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ ۚ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ)[سورة محمد 30]
ومثل (عفى الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين)
مثل تخلفهم عن الحرب وإتيانهم الصلاة على كسل.. الخ الخ..
يعني نحن نعرفهم بلحن القوم وبالأشياء الظاهرة لكن البواطن لم نطلع عليها لذا أحكامنا قد تتصف بالصحة ولكن قد تتصف بالخطأ ومن الدلائل على ذلك أن بعض الرواة مختلف فيهم فتجد راوٍ يوثقه عالم، ونفس الراوي لا يوثقه عالم آخر! . وحتى صفات التكاسل عن الصلاة أو التخلف عن الحرب قد يقع بها إنسان غير منافق كما حصل مع بعض الصحابة وتخلفوا عن الجهاد مع أنهم ليسوا منافقين وتاب الله عليهم، وقد يكسل المؤمن المستقيم مثلا عن الصلاة مع أنه أنه ليس منافقا مما لا يعطينا إمكانية في كل مرة بجزم قاطع يقيني بنفاق الشخص إذا انطبقت المواصفات،، وحتى أن هناك تساؤل : هل الذين مردوا على النفاق قد انتبهوا لهذه الآيات الدالة على نفاقهم فحاولوا ان يتمظهروا بعكسها حتى لا يُكشف نفاقهم وبهذا هم مردوا على النفاق ؟؟؟؟
تساؤلات كثيرة إجابتها بالنهاية : هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى.
نقطة أخرى مهمة بالصحابة رضوان الله عليهم وهي أن الصحابة مجتمع كامل كبير ، وكما أي مجتمع ليس كل إنسان فيهم مؤهل لنقل العلم، بل سيكون فيهم الفطن النبيه وفيهم الأمي البسيط الغير الفقيه وفيهم وفيهم .. وقد ينقلون حديثا أو قصة كما فهموه هم وليس كما حصلت القصة بالضبط، يعني أحياناً تجد انسان تفكيره بسيط يقول لك الشيخ الفلاني قال لي كذا وكذا.. ويقول لك كلام تعرف من جهالة الكلام مباشرة أن الشيخ بريئ منه. والشخص الناقل تقي وورع أمين لكنه بسيط ونقل فهمه الخاطئ ، فالتقوى والعدالة قد لا تكونان كافيتان لنقل العلم، وقد سمعنا عن بعض التابعين كمثال قصة العباد المخلصين الذين كانوا يضعون أحاديث في فضل بعض العبادات بنية حسنة ليحببوا الناس في العبادة! فهؤلاء أناس عدول وطيبيون ومخلصون لكن... جهلهم أدى بهم للكذب على الرسول بحسن نية.
لهذه الأسباب تجري على المحدثين تدقيقات غير العدالة وهي الضبط، وأن يكون الراوي تام الضبط لا يخلط او ينسى -ويُعفى عن الخطأ اليسير - وتجري تحقيقات وتدقيقات بشأن الحديث مثل أن لا تكون فيه علةٌ ولا شذوذ.
لكن الصحابة عند المحدثين لم تجرِ عليهم أي من هذه التدقيقات !! فالصحابة عندهم تُـقبل روايتهم بلا نظر سواء صحابي ضابط أم غير ضابط؟! فقيه أم غير فقيه؟! .. فقط يكفي عند المحدثين أنه صحابي وانتهى الأمر !
يعني حتى على افتراض أن الصحابة كلهم عدول بلا استثناء حتى بأطفالهم الذين ثبتت عدالتهم لمجرد رؤية الرسول، حتى على افتراض عدالتهم أجمع فهذا ليس سبباً لإقرار أنهم المجتمع بأسره ضباط لا يخلطون ولا يغفلون ولا ينسون وأن روايتهم كلهم تفيد اليقين لا الظن!!!!
من السهل أكثر ان نحكم على الأحياء وأحكامنا ستكون أعمق دقة لكن المشكلة أن الأحاديث لم تكد تكتب إلا على رأس المئة ولم تكد تُكتب بشكل منهجي علمي وتفلتر من الأقوال والفتاوى إلا بعد أكثر من 200 سنة على موت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقد كانت مكتوبة ومختلطة مع الفتاوى وأقوال الصحابة حتى جاء البخاري وفلترها، أي أن الفلترة هذه ومن ثم الحكم بثقة الرواة هو حكم على ثلاثة أجيال تقريبا !! وأقصر سند موجود عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مكون من ثلاث طبقات من الرواة، اي ثلاثة أجيال ، هذا أقصر سند ، لذا فكل جهود البخاري ومسلم في الحُكم على الرواة هي مُقتصرة على ما علموه من ظواهر الرُّواة ! الرُّواة الذين أدركوهم وأيضاً الحكم على الرواة الذين لم يدركوهم ولم يعيشوا معهم !!!
نؤكد أخيراً أنه من يَقُل أن البخاري ومسلم اطّـلعا على القلوب ولا يُحتمل أن يُخطئا في الحكم على ظواهر الأشخاص فهو ينسب لهما صفة غير موجودة حتى عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم !!!!!!
ونختم بقوله جل في علاه (فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ)[سورة النجم 32]
هو أعلم بمن اتقى!
انظر :
ح20 في سبيل الحكمة - اسرائليات - عدنان الرفاعي
http://youtu.be/Il2UnXjvlMk__
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=1679508642332419&id=100008198982069مراجع :
شرح رسالة مصطلح الحديث لابن عثيمين
https://www.youtube.com/watch?v=sKoPkSCHWRg&list=PLTLoq2kjOgHrpcIRJHQN-4ECwyE0-JGTA