هل قصدت:
كيف يمكننا أن نربي الطفل على أخلاقيات و مبادئ ثابتة يستطيع أن يخرج بها إلى المجتمع ليؤثر أكثر مما يتأثر؟؟؟
كيف نصقل شخصيته ليميز بعقله الخبيث من الطيب في مستجدات الأحداث و المواقف؟؟
كيف نربيه على قيم و أفكار حياتية قابلة للتطبيق مستقبلا ؟؟
علينا أن نغرس في نفوسهم محبة الله و مخافته و ندرب عقولهم على التفكير المنهجي الذي يمكنهم من مواجهة التحديات الدنيوية و منافسة الأمم الأخرى بسلاح العلم الذي يتمكن به من الإصلاح في الأرض. ؟
قريبا من ذلك، مع بعض الاختلافات الجوهرية هنا:
١- إذا كنا سنربي الطفل على الأخلاق والمبادئ، فعلينا أن نربيه أيضا على أن المجتمع حوله لا يتعامل من هذا المنطلق !
أسهل مثال هنا هو التعاملات المادية، فالكثيرون ممن تربوا على المبادئ أو يحاولون العمل بها ينتهي بهم الأمر في أغلب الأحوال في مشاكل مالية وخسائر لا تنتهي !
فإما أن يعتزلوا التجارة والأعمال والمشاريع بكل أنواعها، ويبقون فقط في دور الموظف، وإما عليهم أن يدركوا أن مبادئهم وأخلاقهم التى تربوا عليها قد يتم استغلالها بشكل سيء من المجتمع، وأن يتربى إذا على مقولة الفاروق عمر
"لست بالخب، ولا الخب يخدعني".٢- تحديات التربية لم تعد قاصرة على الأخلاق والمبادئ والالتزام بالعبادات، ولكنها تتخطى ذلك لتتطلب فهما لواقع الأمة الحالي،فالنفوس الطيبة السوية تميل إلى الإيجابية والعمل، وقد يلتحق الشاب أو الفتاة بجماعة ترفع شعارات العمل للإسلام، ثم لا يلبث يستقبل الصدمات تلو الأخرى فيها وفي الرموز التي اتبعها، ومن ثم تحدث خلخلة شديدة تزعزع حتى أساسيات الإيمان نفسها.
٣- وأصعب التحديات وأشدها خطورة وتعقيدا، هو زرع الفكرة وبناء المنطق والمنظور الذي سيحكم به على الأمور فيما بعد،
والمشكلة هنا تبدأ من أنفسنا، فنحن نفترض مسبقا أننا على الصواب التام، وبالتالي نعمل على غرس مفاهيمنا وتصوراتنا في عقول ووجدان أبنائنا، حتى دون وعي منا في بعض الأحيان.والاسوأ، أننا لا نمتلك التصور الشامل للحياة، ولا نسعى لنقل مفاتيح الفهم لأبنائنا، وإنما نعطيهم النتائج المحسومة مسبقا على أنها حقائق لا جدال فيها، بل وكثيرا ما نفتقد نحن إلى تلك المفاتيح التي يمكننا بها صياغة التصور الشامل للوجود كله.
إننا لا ندع الفرصة لأبنائنا أن يأتوا بجديد عما نعرفه، بل نعمل غالبا على قتل أي محاولة أو فرصة لذلك، وقد يكون ذلك بدافع الخوف أو دون إدراك لما يحدث.ولو أخذنا مثالا بسيطا من نقاشنا هنا، فقد افترضتم أن الهدف الذي نبغي الوصول إليه هو
"مواجهة التحديات الدنيوية و منافسة الأمم الأخرى بسلاح العلم الذي يتمكن به من الإصلاح في الأرض."فمن قال أن هذا هو الهدف من حياتنا؟
ومما يزيد الأمور صعوبة، تلك الهجمة الفكرية الشرسة والصدمات المادية التي تتعرض لها الأجيال الحالية، حين تنشأ على منتجات وحضارة مادية مستوردة بالكامل من أعداء الله، فأنى لهم التفكير خارج إطار المعركة الذي يفرضونه؟
إننا لا نتحدث عن الفوز في معركة ما، وإنما هل هذه هي معركتنا معهم من الأساس؟