ليست قصة غريبة عليّ، ولكنني كلما ذكرتها، كلما قرأتها، كلما سمعتها وكأنها الجديدة، تذرف عيني منها، ينصدع قلبي لبعدها عن حالنا، أتشوق ... أتساءل هل تراك ربي ستحيينا لنرى ولو معشار ما فيها ؟؟
كان الرجل يجوب أطراف المدينة، سمع امرأة تئن، تقدم من البيت....
استغرب أن يضرب أحدهم خباءه في هذا المكان الموحش، لماذا لا يكون بالمدينة؟!!
رأى رجلا مضطربا بين جيئة وذهاب ،يفرك يديه، وصوت المرأة بالخِباء يعلو تارة ويخبو أخرى.
اقترب منه وسأله من أنت؟
قال: أنا رجل من البادية جئت لأمير المؤمنين أسأله من فضله.
قال: وما هذا الصوت؟
أجاب مرتعبا: انطلق لحاجتك يرحمك الله....
لكن الرجل السائل كرر السؤال، ولم يبال
أجاب الرجل: هي زوجتي دب فيها الطلق ولست أدري ما أفعل.
قال: هل عندها أحد؟
قال : لا.
هرع الرجل لزوجته وهو يقول: هل لك في أجر ساقه الله إليك؟
قالت: وكيف؟
قال: امرأة داهمها الطلق ولا تجد معينا...
فرحت بذلك وأسرعت تلملم أغراضا تحتاجها المرأة عند الطلْق، وأخذا معهما ما يحتاجانه ، وحثّا الخطى نحو ذلك الخباء بأطراف المدينة.
أنين المرأة وصراخها ما يزال يملأ الأجواء ....بقي الرجلان خارجا، ودخلت إليها زوجة صاحبنا
جعل صاحبنا يوقد النار، وينادي زوج المرأة أن يعينه، ففعل....
قطع أمرهما صوت المولود......
نادت المرأة : يا أمير المؤمنين بشّر صاحبك بغلام .
اندهش الرجل وذهل ....
أمير المؤمنين ؟!! أيعقل أن يكون هذا الكهل الذي أمامه عمر بن الخطاب !!
بدأ العرق يتصبب من جبينه، فانتبه عمر بن الخطاب لذلك وأحب أن يكسر قلقه، فقال له مداعبا: مكانك كما أنت . لم يفهم الرجل مراده، حتى رآه يحمل القدر ويضعه على النار ....!
ونادى زوجته:يا أم كلثوم .....
هرعت قائلة: لبيك يا أمير المؤمنين...
فقال: خذي وأشبعي المرأة من الطعام...ففعلت أم كلثوم، وأشبعت المرأة، ثم أخذه أمير المؤمنين للرجل وهو يقول: كل يا رجل ...كل ...فقد سهرت من الليل حتى أنهكت ....
اغرورقت عينا الرجل بالدموع، وهو يشكر أمير المؤمنين على صنيعه، وهو لا يصدق أن من أمامه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، والتي بالداخل زوجته أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، وبنت فاطمة الزهراء رضي الله عنهم أجمعين ...
ودّع أميرالمؤمنين الرجل وهو يقول، إذا كان الغد فائتِنا نأمر لك بما يصلحك ...........
---------------
ذو شجون ...............