أهلا وسهلا أسماء وزهراء
طيب سأبدأ بسؤالك المهم يا أسماء
فرصة حقيقة لمزيد من الاطلاع على لغتنا، لكن وأنا أقرأ ما كتبتهن الأخوات جال في خاطري سؤال، حول كلمة نعمة و نعمت ما الفرق بينهما، فتارة نجدها في المصحف مكتوبة بالتاء المربوطة، وتارة اخرى نجدها بالتاء المفتوحة، بدوري أنا سوف ابحث بإذن الله.
و أردت أن نتشارك الفائدة.
بارك الله فيكم وجزاكم كل خير
نعم يا أسماء ليست كلمة "نعمة" وحدها التي تكتب تارة بتاء مفتوحة وأخرى بتاء مربوطة في القرآن، بل كلمات أخرى أيضا منها: "شجرة"، "رحمة"، "سنّة"،"جنّة" .
وفي بسط التاء وربطها حكمة في الرسم العثماني، وليس أمرا متعلقا بالقواعد، بل أمرها متعلق بالرسم العثماني الذي يبسط ويغلق التاءات حسب مفهوم الكلمة في سياقها... كيف ذلك ؟
"نعمة"، و"نعمت" ...وردت في القرآن الكريم بتاء مفتوحة إحدى عشرة مرة، وكل "نعمت" بتاء مبسوطة أو مفتوحة، تحمل في رسمها مدلول الشيء المفتوح، المعروف، غير المجهول، الظاهر المكشوف ... بمعنى أن هناك نعما ظاهرة وأخرى باطنة .
ويقول سبحانه :"
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ(20) " -لقمان-
فالنعم إذن من الله تعالى ظاهرة وباطنة، منها ما نستطيع فهمه ومعرفته، وهو ظاهر لنا مكشوف، ومنها ما لا نستطيع فهمه، فهو باطن مخفيّ عنا سرّه ...
فأما النعم الظاهرة للعيان التي تُحسّ وترى فهي التي تأتي معها الكلمة بتاء مبسوطة أي: "نعمت"، هي نعم يبسطها الله لعباده فتبدو لهم جلية غير خفية، فقد عرفوها ...
من مثل قوله تعالى :"وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ
نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ
إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً..." -آل عمران:103-
نعمة الله هنا هي التأليف بين قلوبهم من بعد ما كانوا أعداء، فهي نعمة يحسّونها ويرونها بأعينهم، مكشوفة لهم، ظاهرة، فجاء رسمها بتاء مفتوحة "نعمت"
ومن مثل قوله سبحانه: "فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُواْ
نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ(114)"-النحل-
وهذه آية من سورة النعم سورة "النحل" والأمر هنا بالشكر، ولا يشكر الإنسان عادة إلا نعمة ظهرت له تستدعي الشكر، فلما ظهرت استدعى الحال أمرَه بالشكر .
وكقوله تعالى : "وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ
نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ(34)"...فوصف الإنسان بأنه ظلوم كفار دليل على أن النعمة ظاهرة له، وهو يكفر بها ويجحدها.
أما التاء المربوطة في "نعمة"، فأنّ النعمة باطنة غير ظاهرة، ورسمها يدلّ على خفيّ ما فيها، كما الصرّة التي يجمع ما فيها، وتشدّ
كقوله تعالى : "وَإِنْ تَعُدُّوا
نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ(18)" -النحل-
فهنا على خلاف ما سبق في الآية 34 من سورة إبراهيم أعلاه،ففيها النعمة ظاهرة فجحدوها، فأعقب ذلك منهم بوصف الإنسان بالظلوم الكفار، أما هنا(آية النحل) فالنعمة لما كانت خفية، أعقبت ب"إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ" .مما يدلّ أن الله تعالى يعلم من الإنسان قصورا على أن يدركها كلها، ويحصيها كلها ،فمنها ما يعرف ويكشف له، ومنها ما لا يعرف ويبقى خفيا عنه،والله لا يكلف الإنسان إلا ما يستطيع، كانت منه المغفرة والرحمة، زد على ذلك أن للعلماء قولا آخر في ربط التاء، وهو أنّ أهل هذه النعمة (المربوطة) مستمتعمون بها، غير منقطعة عنهم، فهي مستمرة معهم، أما "نعمت" فهي التي كُفِرت وأخرج منها أهلها . كقوله تعالى (مرسومة بتاء مفتوحة) : "وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ(72)" -النحل- وهي نعمة سبق لهم التمتع بها، فكفروها، فبسطت تاؤها لخروجهم منها .
وأما قبض التاء أو ربطها في قوله تعالى : "مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ(2) "-القلم- فهذه نعمة لا تقطع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،فهو محاط بنعمة لا يخرج منها .ظاهرة وباطنة .
والأمر كذلك في غيرها من كلمات، من مثل كلمة "جنة" حتى أنهم يقولون:" خير الجنات جنّتُ الواقعة"
بمعنى ورود كلمة جنة في سورة الواقعة بالتاء المفتوحة، في قوله تعالى : "فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ(88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ(89)"-الواقعة-
ذلك أن هذه الجنة جنة المقربين التي تعلو كل درجات الجنان، فما في ما دونها من الدرجات كله موجود فيها، وليس كغيرها من جنان أدنى درجة، ما يكون فيما هو أعلى منها لا يكون فيها، فلما عرف كل نعيم الجنان فيها هي كانت "جنّت" ولم تكن "جنة"
جميل جدا معرفة سر هذا الاختلاف بين ربط التاء وبسطها ....