طيب يا زينب، تابعت الفيديو، وسأكون صريحة، لي مآخذ على الأخ المحاضر،وسأذكر لك واحدة منها، وهي الأولى، وقد استشهد بآية الأنعام : "وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ(133) "
وتحدث عن تفسير الطبري لها، وذكر أنه يتبين من تفسيره وقوعه على استشكال لغوي، وفي الحقيقة يا زينب، عدت لتفسير الطبري وانظريه:
ومعنى " مِنْ" في هذا الموضع التعقيب, كما يقال في الكلام: " أعطيتك من دينارك ثوبًا ", بمعنى: مكانَ الدينار ثوبًا, لا أن الثوب من الدينار بعضٌ, كذلك الذين خوطبوا بقوله: (كما أنشأكم)، لم يرد بإخبارهم هذا الخبر أنهم أنشئوا من أصلاب قوم آخرين, ولكن معنى ذلك ما ذكرنا من أنَّهم أنشئوا مكان خَلْقٍ خَلَف قوم آخرين قد هلكوا قبلهم .
ما وجدت هذا أبدا بالتعقيد الذي وصفه، لأنني أرى أنه يريد أن يسقط شيئا من تفسيره على ما رؤيته هو، بينما لو نقرأ تفسير الطبري مجردا عن رأيه لوجدناه بسيطا عاديا مقبولا مفهوما لا يوحي بأن الطبري وجد أي نوع من أنواع الاستشكالات اللغوية، وأنا هنا أستغرب تفسيره لـ"قوم آخرين" أن معناها أجناس أخرى غير الإنس والجن ... لماذا؟! ألسنا نح البشر فعلا من ذرية قوم آخرين، ألسنا من ذرية آدم، ومن ذرية سلالاته المختلفة ؟ أين المشكلة في أن تبقى "قوم" في إطار الجنس الواحد "الإنسان" ؟
كما لا أخفيك أنني لاحظت قفزه من شيء لشيء في إطار إيحاء معين بأننا درجنا على أن خلق آدم كان من تراب و مباشرة هكذا بلا مراحل، طيب يا زينب، من أين لنا هذا التصور؟؟ نحن نعلم جميعا أن خلق آدم عليه السلام مر بمراحل بينها سبحانه في القرآن، كما نعلم أن كل أمر خلقه سبحانه وتعالى في "كن" لعظمته وطلاقة قدرته، ولا يمنع أن "كن" هذه أرادها الله تعالى أن تكون في مجموع تلك المراحل، الطين، الحمأ المسنون، ثم النفخ ....
أيضا رأيت أنه ينتقل من شيء لشيء في إيحاء أن نظرية التطور لا يجب نفيها كما لا توجب الإثبات، فهو بين بين، كما أنه في خضم كل هذا يفتقر للإثبات العلمي الذي يقول وكأنه لا يوجد من يقوم به، بينما هناك من الأوربيين أنفسهم من ينقضون النظرية علميا استنادا لاكتشافات كسرتها، وكما نتابع الدكتور صبري هنا وهو لا يستند للقرآن، بل للعلم .فمن أين إذن نرفع عصا اللوم وكأنه لا وجود لأمثال هؤلاء العلماء ...
ثم ما معنى هذا الارتقاء الذي يصفه هو، النبات بالملايير، والحيوانب الملايير، ثم الإنسان... لا أفهم إلامَ يريد الوصول .
كما لا أفهم كيف يقلب آية "إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم"، فيريد أن يعكس المثال، وكأنه عادي هذا العكس ثم يبني عليه. ثم لا أدري كيف يريد أن يقول بنظرية التطور في غير الإنسان، فهل محتم علينا أن نقبل منها جزءا حتى نفسره ب بهذه الطريقة؟! فهي حتى في ميزان العلم نظرية وليست حقيقة، فكيف نبني عليها فهما للحياة وهي أصلها الصدفة حتى ولو اختزلناها لعالم المخلوقات الأخرى حيوان ونبات...! وحتى في عالم النبات والحيوان نفى العلم هذه النظرية. وبالتالي فهنا عملية تكيّف مع النظرية بطريقة ما وإن كانت جزئية، وهذا ليس محتما أبدا، ونحن بين أيدينا القرآن أولا ثم العلم .