الحمد لله على منته وفضله أن أعانني على العودة مرة ثانية بعد انقطاع كبير
سلام عليكم ورحمة الله و بركاته
وصلت في التلخيص آخر مرة الى القواعد الايمانية، وبحول الله سيكون الآتي يتحدث عن الايمانيات، الايمان بالله تعالى
الايمان بالله
الايمان بالله يتضمن اربع قضايا 1. الله موجود بلا موجد
2. هو رب العالمين
3. أنه هو المعبود وحده
4. لايعبد معه غيره
• وجود الله:انطلاقا من القاعدة السادسة التي تقول أن الاعتقاد بوجود الله من البديهية التي تدرك بالحدس النفسي قبل الدليل العقلي، والسؤال الذي يتبادر الى اذهاننا هو كيف؟
العقل الباطن يؤمن بوجوده بالحدس، والعقل الواعي يؤمن بوجوده بالدليل، الدليل على وجوده في أنفسنا فنحن نشعر بوجوده، نلجأ إليه في الشدائد و الملمات، لكن اذا كان هذا ما يحصل فلماذا لا ينتبهون: والجواب انهم لا يفكرون في أنفسهم كما قال سبحانه جل في علاه" وفي انفسكم افلا تبصرون" وفي قول آخر "نسوا الله فأنساهم أنفسهم"، إنهم يفرون من انفسهم، لا يستطيع أحد ان يبقى خاليا بنفسه بلا عمل، ويشتغل عنها بأي شيء كأن نفسه عدو له يكرهه، وينفر منه، أكثر الناس تجدهم يأكلون ويشربون، وينامون ويستيقظون يحرصون على اللذة وينفرون من الالم، يصبح الواحد منهم فيذهب الى عمله، ثم يعود منه ويعمد الى التسلية، وهكذا تمر كل أيامه، اما المسلم فلا يكتفي بهذا، بل يسأل نفسه:
من اين جئت؟
والى اين اسير؟
ما المبدأ؟
وما المصير؟ينظر كل منا فيجد أن حياته لم تبدأ بالولادة، فقد سبقت اطوار نموه في بطن أمهن وقبل ذلك كان دما يجري في عروق أبيه، وهذا الدم جاء مما يتناوله الإنسان من الغذاء،فقد كان نباتا من الارض، فهو بذلك مر بكثير من المراحل في تكوينه لا يدري منها شيئا،
فكيف يوجد نفسه بعقله وإرادته وقد كان موجودا قبل أن يكون له عقل وإرادة؟
فإذا كان الانسان موجودا قبل وجود إرادته، فهل يمكن أن يقال أنه هو الذي أوجد نفسه؟
وهل خلق من العدم من دون فاعل ولا خالق؟ هذا مستحيل
وهذا ديكارت المعروف بمبدأ الشك، اذ شك في كل شيء ولما وصل الى نفسه، فلم يستطع ان يشك فيها، اذ لابد من المشكك لذلك قال كلمته الشهيرة
" انا افكر فأنا موجود"وأفضل قصة تحاكي هذا المشهد قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام مع الآفلين، اذ أنه رفض عبادة صنم يصنعه الناس بأيديهم، وراح يبحث له عن إله، فلما جن عليه الليل رأى النجوم، فظن أنه وجد الهه، وإذا بالقمر يخفي النجوم، فتبادر الى ذهنه انه هذا هو، وإذا بالشمس تنير الارض بنورها ويختفي القمر، فقال هذا هو ربي، لكن كلا الشمس تذهب وتترك الكون مظلما ليس هذا هو، فلم يبق امامه الا احتمال واحد وهو الصحيح، وهو أن وراء كل هذه الجمادات كلها، إلها قادرا عظيما هو الذي أوجدها وأوجدني وأوجد كل شيء :
"أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون" السخفاء من الملحدين يقولون بأن الطبيعة هي من أوجدت الانسان، الطبيعة كلمة على وزن فعيلة أي مطبوعة
فمن طبعها؟ فأجابونا أن الطبيعة هي المصادفة........قانون الاحتمالات
فمن بين ما قلناه لهم، اي مصادفة هذه التي جعلت في اللسان تسعة آلاف عقدة صغيرة كلها تصلح للتذوق، وفي كل أذن مئة ألف خلية للسمع، وفي كل عين مئة وثلاثين مليون خلية كلها تصلح لاستقبال الضوء. ومن أعجب العجب، ومن أظهر الأدلة على وجود الله، أن هذا الفضاء بكل ما فيه موجود بصورة مصغرة، بحيث لا يدرك العقل دقتها وصغرها.
• الله رب العالمين: القضية الثانية من قضايا الايمان بالله
الله هو موجد عالم الحيوان وعالم النبات، عالم الافلاك، الظاهر لنا وما غيب علينا، اوجدها من العدم ووضع لها نواميس عجيبة.
لكن هل يكفي الايمان بها ليكون الانسان مؤمنا؟
بل اذا جاءك من يقول أنه يعرف بأنه هو الخالق، وهو الرب، هل تعتبره بهذا وحده مؤمنا؟ الاجابة لا
التعليل:
كفار قريش اذا سئلوا عنه اعترفوا به ولم ينكروه، بل إن إبليس شر خلقه، ما انكر أن الله رب "رب بما اغويتني" وقوله جل في علاه" رب فانظرني" فهو مقر بأن الله ربه.
• الله مالك الكون يتصرف فيه كما يشاء، حر بملكه، يحيي، ويميت لانستطيع ان ندفع عن أنفسنا شيئا، لا دفعا ولا نفعا.
• الاله المعبود يقر معظمم الناس انه هو مالك الملك، المتصرف بالكون ولكن ها يكفي هذا ليكون مؤمنا؟ الاجابة لا
أن نؤمن بأنه هو المتصرف لا تكفي بل لابد من الايمان، بأنه هو المعبود وحده، اذا اعترفت بأن الله موجود، وأنه رب العالمين، وأنه مالك الكون، فلا نعبد معه غيره وهذا المعنى يتوضح جليا في سورة الناس في قوله عز وجل
"قل اعوذ برب الناس، ملك الناس، اله الناس" فملاحظ يسال لماذا تكرر لفظ الناس، يقول الشيخ هنا أن الله يقول لهم" هذه ثلاث قضايا متماثلة متكاملة، كل قضية مستقلة بنفسها، مع ارتباطها بأختها. فهو ربهم وخالقهم، والمتصرف فيهم، وهو المستحق وحده للعبادة، لايجوز أن يكون له شريك فيها "
ومقتضى ذلك التصديق بالقضايا الثلاث، فما بالكم تصدقون بالاولى والثانية وترفضون الثالثة؟
كيف تفرقون بين المتماثلات؟
فتقبلون بعضا وتأبون بعضا؟ والثلاث سواء في الثبوت،
لاسبيل الى التفريق بينهما في الحكم؟ [/size]