الموقف محرج جدا يا أسماء
كيف يفترض بالشخص ان يتصرف هنا؟
نعم أعلم أن الموقف محرج، ولكن أحب أن يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود في هذه المسألة بصفة عامة يعني في عموم هذا المعنى، ثم ننتقل إلى المثال الذي ذكرته عن ذلك الرجل ...
الخيرية، فعل الخير، هل هو بلا حدود أم أن المقصود بأنه يكون بلا حدود مرسومة هو في إطار عدم إضرار الآخر وعدم إضرار المجتمع بالدخول في دائرة التشجيع على اللاذوق، وعلى الانتهازية...
طيب من هذا المنطلق سأخبركم بأمر، حينما تنتبهين أن الذي تفعلين معه خيرا يستغلّ طيبتك، ويكون انتباهك هذا صحيحا لا غبار عليه وليس مجرد شكوك، فأنت وأنت تكملين معه العمل تكملينه على مضض... هذا باعتبار البشرية والإحساس البشري العادي الذي ينفر من هذه التصرفات والذي لن نغيّبه، أو نجعله بالدرجة نفسها عند كل الناس، عندما ينتابك هذا الإحساس، ترى هل سيبقى العمل خالصا لوجه الله؟ هل سيخرج العمل نقيا لا تشوبه شائبة ؟ هل سيكون بإرادة وبفرح أم أنه سيكون على مضض ؟ ولن يكون له مذاق العمل الخالص الذي يكون صاحبه مرتاحا وهو يفعله .
فهنا برأيي أن يُعمل العمل على مضض فقد خرج من إطار الإخلاص لله ودخل فيه عنصر الإحراج والعمل من أجل تفادي الإحراج، وتفادي الرد على الشخص الآخر الذي وضعك بذلك الموقف المحرج .
ثم أيضا تأتي نقطة دورنا التغييري، والتربوي، في الحقيقة أتعرض لمثل هذا في مكتبتي مثلا، يرتاد المكتبة أطفال، قد ينقص الطفل نقود ليقتني شيئا من الأشياء، وأستطيع بكل سهولة أن أسامح ذلك الطفل فيما ينقصه، وهو شيء زهيد للغاية ، يعني لن يسمن ولن يغني من جوع بالنسبة لي، بل هو مقدار تافه، ولكنني أتعمد التأكيد على الطفل أن يأتيني بالباقي حتى يتعود على معنى الأمانة، ومعنى ردّ الحقوق للناس، وطبعا مع التأكيد أفهمه معنى ألا يرد ذلك الباقي وكيف هو ليس من شيم الأمناء وكذا من كلمات التشجيع ...وتنجح الطريقة مع كثيرين تعودوا ذلك مني، كما تعودت أن أعطيهم مع وعد منهم بأن يكملوا لي، وفي كل مرة أؤكد لهم على نفاسة ذلك التصرف منهم وهم يأتونني بالباقي، ومن أرى فيه الصدق، أعطيه بعدها حتى على سبيل الدَّين أشياء أثمن، ويأتيني بثمنها فعلا وقد دأب على معنى الوفاء بالوعد وحفظ أمانة الناس ورد الحقوق لأصحابها .
وأيضا هناك أطفال اعرف أمهاتهم، يأتيني أحيانا أحدهم بطفولة تامة، يمر على مكتبتي، وإذا به يطلب شيئا، لا أعطيه إياه، بل أفهمه بطريقة بسييييطة تصله أنه يجب ألا يعيد طلب شيء من أيّ كان، وأخيفه حتى من عواقب ذلك خاصة مع ما هو حاصل في مجتمعاتنا اليوم .
طبعا هذا مع الصغار، مع الكبار مثل تصرف هذا الرجل المتعلم المثقف، طبعا لا أنكر أنه صعب، ومحرج جدا، ولكن على الأقل على الأقل هذا الذي يتبين لي استغلاله وقلة ذوقه، وتجرؤه مرة مرتين، أكف في المرات القادمة ولا أبقى في إطار تلبية طلباته ثم أطفئ شيئا من غضبي بأن أقول إنما أنا أفعل الخير ولا يجب أن أفسد فعلي، بينما أنا أغلي من فرط انتباهي لاستغلاله وقلة ذوقه ...أيضا إن كانت البدايات مع هذا الشخص لاتخاذه صديقا، وهي قصة حقيقية حصلت مع زوج ابنة أختي، وهو في بدايات الطريق لمصادقة هذا الرجل، ربما هنا عليّ أن أعيد التفكير وأنا أكتشف فيه من هذه الأمور، ليس مرة ولا مرتين بل مرات، أعيد التفكير لأحسن اختيار من أصادق، ومن أتقرب منه ويتقرب مني، ومن أأتمن تصرفاته مع أولادي لئلا يأخذوا عنه الخطأ وهكذا ...
يبقى من باب إفهام هذا الشخص أنه يفعل ما لا يليق. أظنها هنا تتفاوت بتفاوت قوة شخصية الذي عرف هذا في ذلك الشخص . فالابتعاد عن المصادقة سهل، واتخاذ القرار في إطار الانتقاء أنه ليس أهلا لأن أنتقيه صديقا مقربا مؤتمنا سهل، يبقى إعلامه بذلك على سبيل النصيحة هذا هو الذي أراه صعبا ... فهل يكون أو ربما ألا يكون أحسن ؟ وقد قرر الآخر مثلا ألا يتخذه صديقا، وأن يبتعد عنه حتى لا يبقى في دائرة الاستغلال من طرفه.
ترى هل من المجدي نصحه ؟ بالنسبة لرأيي الشخصي هناك أصناف من الناس وقد شبوا على هذا، وتربوا عليه، كبروا وهم كذلك، ثم يتزوجون بمَن يكون مفهومه مشترك، فتجدهم يكوّنون شبه عصابة استغلال، هؤلاء النصح معهم كعدمه . فما رأيكم ؟