قصص الأنبياء عادة تكون تمشي على السياق التالي:
نبي مرسل يأتي بآية لتثبت أنه نبي من الله فيكذب قومه النبي والآية فيحق عليهم العذاب ويهلكهم الله
لكن لاحظت بأن هناك أنبياء لا تسري قصصهم على نفس المنوال
مثلا وهذه بعض الأمثلة:
إبراهيم لا آية ولا إهلاك (مثل الرسول لا آية بالمعنى الحسي له ولا إهلاك)
عيسى آية ولا إهلاك
نوح لا آية ومع ذلك أهلكهم الله
لوط لا آية ومع ذلك أهلكهم الله
هل هناك من حكمة؟
كيف نفهم هذه القصص التي لا تسير على نفس مسار باقي الأنبياء؟
والله اعلم .. أن الله عز وجل لم يقص علينا كل قصص اﻷنبياء، ولم يقص علينا كل ما جرى لكل نبي ممن قص علينا سيرته.
فالقرآن فيه ما نحتاج فقط من القصة
أما سنة الله في السابقين ففي حديث الشيخين البخاري ومسلم: ما من نبي قبلي إلا أوتي ما على مثله آمن البشر .... إلخ!
وعندما ذهب نبي الله موسى عليه السلام إلى فرعون طالبه باﻵية "إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين" وهو اﻷمر الذي أصر عليه كفار مكة .. وكان الله عز وجل يكتفي بالقرآن آية أكبر من كل ما جاء السابقين من آيات.
فالخلاصة .. أن الحديث يؤكد أن كل نبي آتاه الله آية من جنس ما يؤمن به قومه لتكون أبلغ في التأثير والله أعلم، وحديث فرعون إلى نبي الله موسى، وطلب المشركين من النبي .. يؤكد أن هذا هو عرف كل اﻷنبياء .. أن يأتوا بآيات.
أما كوننا ﻻ نعرفها، فليس هذا يعني أنها لم تكن .. والعلماء يجتهدون في معرفة آيات الرسل الذين قص الله علينا ذكرهم، فمن الطريق في ذلك أن بعضهم يقول إن اﻵية التي آتاها الله لهود عليه السلام هي القوة المفرطة التي جاء ذكرها في قوله تعالى: " إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ. مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ. إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم..." حيث كان قوم عاد أقوياء جدا فكان هو أقوى منهم..
أما عن الهلاك .. فهذه سنة الله في الناس ذكرها الله للنبي صلى الله عليه وسلم حين قال له: "وإن كادوا ليستفزونك من اﻷرض ليخرجوك منها، وإذا لا يلبثون خلافك إﻻ قليلا . سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا...
وتتأكد هذه السنة في قوم يونس عليه السلام لما خرج عنهم .. خافوا الهلاك فخرجوا إلى جبل التوبة كما تحكي اﻵثار .. ويقول الله عز وجل: "فلوﻻ كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إﻻ قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي.." يعني أنهم استحقوا العذاب فعلا لما خرج الرسول من عندهم، وإن كان الله عفا عنهم ﻷنه خرج بغير إذن ربه.
ولكن القرآن لم يقص علينا ما فعل الله بقوم إبراهيم عليه السلام بعدما اعتزلهم .. فلا ندري كيف مضت سنة الله فيهم.
أما بنو إسرائيل فكان هلاك الله لهم مؤكدا .. وهو استبدال أمة اﻹسلام بهم وتشتيتهم في اﻷرض وضرب الذلة والمسكنة عليهم.. كما توعدهم الله وأنفذ فيهم وعيده .. ولم يكن إهلاكهم بالقضاء عليهم تماما لحكمة أرادها الله عز وجل.
وهكذا.. والله أعلم