طيب ..
و لأنني تقريباً اصغركم سناً , و لكن لي عدة تجارب حولية يمكنني قياس كلامكم عليها ..
أولاً : الزواج فطرة صدقوني , لم يحركنا إليها أي شيء , لكن - بالطبع - يوجد الكثير من الاشياء التي زادت رغبتنا إليها , اولها ضمائرنا التي تأبى علينا الانزلاق .. و ما في الوسائل الاعلامية او حتي الحياتية من جبر للمشاعر علي التحرك , و هي امور معروفة طبعاً ..فلماذا نفكر في الحرام و لنا المنفذ الطبيعي ؟
لا اذكر انني قد سمعت أبداً من يحثنا او يدفعنا علي التفكير بالزواج , لا أحد مطلقاً , بل يستغرب الجميع إذ يروننا لم نكمل العشرين و نفكر فيه , بل و يستهجنون تصرفنا هذا أشد إستهجان .. و يتعجبون منه أيما تعجب , بل و نجد من تحاول إسكاتنا لأننا صغيرات و " عيب " الحديث في هذه الامور .. كأن الأمور تخفي علي أحد .. يريدون أن نعيش فيما نعيش و ألا نفكر - في افضل الاحوال - في الحلال , لكن إن قررت منّا واحدة أن تخرج للمصاحبة و الدردشة مع الشباب او الوقوع في علاقة حب فإنه يقال مجرد مراهقة .. و " بكرة ربنا يهديها " , بل و ربما يؤخذ الامر بمأخذ السخرية ..لا بأس إذن إن خرجت البنت مع الولد و ارتدت ما شاء لها ان ترتدي و قامت بما اتفق عليه .. ثم في ناحية أخرى , من تفكر في الزواج تُعد من الجاهلات او -كما يقال لنا بالنص- قليلات الادب !
لا يدفعنا أحد إلي التفكير في الزواج مطلقاً , و ما الزواج اصلاً , هو حب و سكينة و راحة نفس و بدن .. لا يجب أن تكون الصورة هي حماة و اخت زوج و سلفة و مشاكل و غضب و صراخ ! - من الاصل , هنّ اللاتي صنعن من الزواج هذه المنظومة الاخيرة ..لهذا يخوفوننا منها ..
علي كل حال , كل ما تجدونه من البنات في الشوارع ما هو إلا صرخة طويلة مكتومة .. " نحن نريد الزواج " !
ثانياً , أيضاً الامومة فطرة , جُبلت الفتيات منذ صغرهن علي اللعب بالدمي بحنان شديد , "لماذا لا يفعل الصبية؟"..ببساطة تصل الفتاة إلي سن العشرين و هي في أوج رغبتها في طفل .. لربما لا اتفهم جموح هذا الشعور , لكن بالوقت سأجد نفسي أمامه .. كل النساء يردن أطفالاً , فما العيب إذن إن وفرنا زيجات مبكرة جيدة للشباب , فعندها سيتم إشباع رغبة الامومة قبل جموحها و سيطرتها علي اعصاب الشابة ..و لا أجد أي عيب بصراحة أن تفكر طفلة صغيرة في أن تكون أماً , علي كل حال - لو سِرنا علي طريق المراعاة و توفير الفرص - فإنه يتم تفهيمها أنها ستتزوج يوماً و ستحصل علي طفل حقيقي ترعاه و تهتم به غير اللعبة , لكن عليها أن تكبر و تصير إنسانة صالحة ..
ثم , أليس من الافضل غرس القيم الاساسية التي لها الاولية الكبري منذ الصغر؟ العمل لم يكن هو الاولية يوماً , لا اقول يجب تربيتها لمجرد حصولها علي طفل " فقطططط " بل علي أن تكون في اول الامر طفلة طيبة , ثم إنسانة صالحة , ثم زوجة كريمة , ثم ستصبح بطبيعة الحال أماً مذهلة .. التركيز علي صنع إنسانة طيبة قبل اي شيء , قبل إعدادها أن تكون زوجة او أماً ..و صدقوني لا تعارض ابداً ..
ثالثا: و هي النقطة الاكثر إثارة للغيظ , عن العمل ..في الواقع , لم اكن اتصور ان ادرس لمدة 18 سنة ثم اتزوج و اجلس في البيت .. " لاحظوا -اتزوج و اجلس في البيت ! " ..وكنت اعارض هذا اشد المعارضة , فلو كنت قد -تنازلت - و تزوجت , فليس من حق احد أن يمنعني من العمل !! .. انا لست تِرساً ولا خادماً له و لأبنائه "
" و لا امارس اي شيء في الدنيا سوى الطبخ و التنظيف و التربية ..و يا ويلي من التربية !!
كان هذا تفكيري حتي فترة قصيرة , ثم ما لبث أن استضاحت لي الامور و تجلت ..بغض الطرف عن الطبخ و التنظيف و غيره - انا احسبها من ثوابت المرأة - و بغض الطرف ايضا عن الزوج .. أية تربية هي التي سأربيها لابني او ابنتي او توأميّ و أنا اخرج منذ طليعة الشمس و حتي قرب غيابها ! , لن اتركهم - كما يفعل بعضهن - إلي حماتي(!!) أو إلي جارتي (!!!!!) .. و بالمناسبة , من تلك النقطة .. ينهار جيل آتِ بأكمله .. أم مرهقة دائما و غير متفرغة و تعتبر التربية مجرد إطعام و إطعام و إطعام ! ..و أب غاضب غير مستقر النفس لأن الزوجة دائما مشغولة و غير مهتمة بنفسها و لا تملك وقتاً له و لا لاحتياجاته الطبيعية .. وصدقوني هناك الكثير من الامثلة الحية علي هذه النقطة .. و سينشيء هذا جيل كامل لا يقدس معني التربية - لانه لم يتعرض لها اصلاً - , و كثر ٌ هم من يعتقدون أن كلمة " مش متربي " مهينة , لماذا لا تواجهون الامر .. أنت لم تترب بالفعل , لم يجلس إليك ابواك يحدثونك عن حميد الخُلق و لم يأخذوك يوماً إلي المسجد ولم يعينوك علي حِلمك و هدفك .. لم يفعلوا سوى ما يُفعل بالدببة .. هو الصرف بدون حساب - او بحساب - و كذلك الطعام " لو فعلوا! .. كثير من يبخل علي اولاده حتي بالطعام " !
يعني يا جماعة باختصار , اصلا الدراسة و العمل لا يغنيان عن الاحسان في التربية ابداً .. اري لو انني تزوجت و انا ادرس , و انجبت .. فاولادي لهم الهمّ الاول .. و ليرطم من يريد رأسه باغلظ حائط ..و عندما اجد وقت فراغ , اعود إلى العمل , ليس العكس !
لكن علي كل حال منطلق رغبة النساء في العمل هو كره الجلوس في البيت .. و هي مشكلة كبيرة بالمناسبة !
و علي فكرة يا ماما هادية , مثال الطبيبة كان فيه الكثير جداً من التناقض مع مثال الام المتفرغة .. اصلا اسألي اي ابنة أمها او ابوها طبيب , و ستخبرك عن كمّ المساويء التي يجدونها .. لو استطاعت الام أن توفق بصورة كبيرة , فلا بأس .. و لكني للاسف سأختار الزوجة المتفرغة - علي أن يكون لها هدف جانبي آخر , فلا يكونن زوجها و اولادها هو كل شيء ..