إن سمحت لي يا بنت نابلس أكتب قبلك، لأن الموقف موعده اليوم، بل منذ قليل
جاءتني إحدى أخواتي في الله، ونحن نتجاذب أطراف الحديث، والسي بالسي يذكر، حكت لي عن امرأة ورجل التقت بهما بينما كانت عند الطبيب، المرأة كبيرة والرجل متوسط في العمر، يحمل الرجل طفلا رضيعا، والمرأة تحمل طفلة، تبين لها من حكاية بينهما أن المرأة عمته ...
غادر الرجل القاعة وترك عمته بمعية الطفلَين، لا يقوى على الغدوّ والرواح بطفله بين النساء، فحملت عنها صديقتي الطفلة الرضيعة، استأنست صديقتي بملائكية من تحمل، وراحت تتجاذب والعمة أطراف الحديث، حتى أخبرتها أن للطفلين قصة غريبة عجيبة ....
بدأت تسمعها منها .......
قالت: إن أباهما ابن أخي، كما أن أمهما ابنة أخ آخر لي، لم يرزقا الذرية لخمسة عشر عاما كاملة، عالجت المرأة، طيلة تلك المدة، وجربت كل أنواع العلاجات لتحمل ولكن الله لم يشأ، حتى جاء اليوم الذي أخبروا فيه زوجها أنه لم يعد من أمل من أن تنجب زوجته ...
عاد الرجل لزوجته يصارحها أنه قد ملّ الانتظار وأنه غير مستعد لأن ينتظر أكثر، فإن أحببت بقيت زوجتي تشاركك فيّ امرأة أخرى، وإن أبيت طلقتك، ولكن بكل الأحوال أنا عازم على الزواج ....
صدمت المرأة من كلام زوجها، ولم تتقبله وأخبرته أنها ما تزال واثقة بالله تعالى وبعطائه، وحاولت معه دون جدوى...
وبقدر إصرار الرجل على الزواج ، كان إصرار زوجته على ألا تفارقه، وألا تطلّق ... احتدم النقاش بينهما، حتى أخذها لبيت أبيها، لم يعد يطيق مناقشتها بالأمر، بل إن عزمه الجديد قد ملأ عليه نفسه كلها، والمرأة وكعادتها وهذا الأمر يحزبها تلجأ إلى الله تعالى داعية سائلة الفرج من عنده، غير يائسة ولا قانطة من رمحته بها وبحياتها مع زوجها .... أصرت ألا تطلق، وكانت لينة العريكة مع أول محاولة إصلاح بينها وبين زوجها، وعادت بيتها متحدية إصرار زوجها وملله مناقشتها في الأمر ....
حاولت معه مرة ومرة، أقنعته أخيرا أن يخرجا إلى بلد آخر للفحص والعلاج ...وشاء الله سبحانه أن يكون مرادها، ورافقها زوجها إلى أطباء ذلك البلد، وأجريت لها فحوصات كثيرة أثبتت أن هناك إمكانية إنجاب ... واعدها الطبيب بعد ثلاثة شهور، وعادت وزوجها إلى موطنهما، وانقضت الشهور الثلاثة من غير نتيجة تذكر... والرجل لم يعد يطيق صبرا ... ولم يعد يثق فيمن يقول بإمكانية حملها .....
عاد بها بلاد الطبيب المواعد بعد الأشهر الثلاثة، فأعطاها علاجا جديدا على أن تعود إليه بعد عام كامل، أما وقد مدّ لها في الفترة، فإن الزوج قد كشر عن أنياب غضبه مرة أخرى وأبان يأسه ، ولم يعد يثق في شيء، وأقسم بالله ألا يعود بها المرة القادمة .....
لم تيأس المرأة، لجأت لله كعادتها، تناجيه وتدعوه، وتثبت عدم يأسها من رحمة الله التي ما تفتأ ترددها في كل حين، سألته سؤال المضطر الواثق به وبرحمته، سألته وهي في جو خانق من حال زوجها المصمم على أن يغلق كل باب في هذا الموضوع ....
ويشاء الله سبحانه أن يحدث أمره فيها، فتحمل المرأة في الشهور الأولى بعد عودتها من عند الطبيب، وما أن انقضى ذلك العام حتى وضعت المرأة الواثقة بربها عز وجل، توأما ولدا وبنتا بدل الواحد .....
وها هما اليوم عند الطبيب في يومهما الثالث بعد الولادة لأخذ حقنة التلقيح
وتواصل صديقتي وتخبرني أن الله سبحانه يشاء أن تعلم الجديد عن ذَينك الابنين عائشة ومحمود، تعلم أنهما قد بدءا يمشيان، وأن أمهما حامل مرة أخرى
بعد سبعة عشر عاما بما فيها عاما الطبيب الأخير يرزقها الله وهي التي لم تيأ من رحمته يوما رغم كل ما أحاط بها من ظروف ميئسة ...
عبرتي : الله سبحانه مع من يثق به، ومن ييأس من رحمة الله ويترك سؤاله يتركه الله.