المحرر موضوع: في ظلال القرآن  (زيارة 134975 مرات)

0 الأعضاء و 3 ضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: في ظلال القرآن
« رد #200 في: 2013-06-14, 18:30:47 »
لا أدري يا أم عبد الله ما يقصد بنصب الشجر.  وفيك بارك الله

-----------------------



ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: في ظلال القرآن
« رد #201 في: 2013-06-16, 15:23:46 »
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: في ظلال القرآن
« رد #202 في: 2013-06-17, 14:07:16 »
القطمير . الفتيل . النقير.

يسأل البعض عن معنى قوله تعالى ( ولا يظلمون فتيلا ) فما معنى الفتيل ؟
وكذا في الآية الأخرى ( ولا يظلمون نقيراً ) فما معنى النقير ؟
وأيضاً وصف الله المعبودات الأخرى بأنهم ( ما يملكون من قطمير ) فما معنى هذا ؟
ثق تماماً أنك لن تتأثر بالقرآن ولن يلامسَ المعنى الجميل فيه قلبكَ إلا بمعرفة تلك المفردات .كل هذه الكلمات ( نقير وقطمير وفتيل ) موجودة في نوى التمر.وقد ذُكرت في الآيتين التاليين :
ثلاثٌ في النواةِ مسمياتٌ
فقطميرٌ لفافتها الحقيرُ
وما في شقِّها يدعى فتيلاً
ونقطة ظهرها فهي النقيرُ




* أولاً : القطمير :
ذكرت هذه الكلمة في القرآن مرة واحدة ، وهي اللفافة التي على نوى التمر ، وهي غشاء رقيق يتبين في الصورة.
بعد أن عرفت المعنى اقرأ هذه الآية :
( يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُـونَ مِن دُونِهِ مَــا يَمْلِكُــونَ مِـن قِطْمِيــرٍ )

* ثانياً : الفتيل :
ذكرت في القرآن ثلاث مرات. وهو خيط رفيع موجود على شق النواة
تأمل بعد ذلك قوله تعالى : ( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُــونَ فَتِيــلًا )

* ثالثاً : النقير :
وقد يكون هذا أصغر مثل ضربه الله في القرآن. وهو نقطة صغيرة تجدها على ظهر النواة في الجهة المقابلة للشق ، يتضح بيانه في الصورة

ذكرت في القرآن مرتان ، كلاهما في سورة النساء ، الأولى وصف الله بها الإنسان لو كان عنده نصيب من الملك فلن يؤتـي النــاس نقيــراً:( أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً(53))
والثاني قوله تعالى : ( وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُــونَ نَقِيــرًا )

من على صفحة الشيخ متولي الشعراوي
« آخر تحرير: 2013-06-17, 14:09:01 بواسطة حازرلي أسماء »
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل سيفتاب

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 7766
  • الجنس: أنثى
  • إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ
رد: في ظلال القرآن
« رد #203 في: 2013-06-17, 17:43:33 »
سبحان الله العظيم سبحان العلي سبحان الله القدير

جزاك الله خيرا يا أسماء على هذا النقل الرائع

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: في ظلال القرآن
« رد #204 في: 2013-06-17, 18:14:23 »
سبحان الله العظيم سبحان العلي سبحان الله القدير

جزاك الله خيرا يا أسماء على هذا النقل الرائع



سبحانه جلّ في عُلاه.. وإياك يا سيفتاب الحبيبة  emo (30):

-----------------------------------------------------------
ولنتأمل ما يقوله الشعراوي رحمه الله في الفرق بين الموت والقتل، وهو قول بديع

الله قد جعل القتل مقابلاً للموت، صحيح أنهما ينتهيان بأن لا روح، لكن هناك فرق بين أن تؤخذ الروح بدون هذه الوسائل. وأن تترك الروح البدن لأن بنيته قد تهدمت. وإياك أن تظن أن الروح لا تخضع لقوانين معينة، إن الروح لا تحل إلا في مادة خاصة، فإذا انتهت المقومات الخاصة في المادية فالروح لا تسكنها، فلا تقل: إنه عندما ضربه على رأسه أماته! لا، هو لم يخرج الروح لأن الروح بمجرد ما انتهت البنية تختفي.
والمثال الذي يوضح ذلك: لنفترض أن أمامنا نوراً، إذا كسرت الزجاجة يذهب النور. هل الزجاجة هي النور؟ لا، لكن الكهرباء لا تظهر إلا في هذه الزجاجة، كذلك الروح لا توجد إلا في بنية لها مواصفات خاصة، إذن فالقاتل لا يخرج الروح ولكنه يهدم البنية بأمر محس؛ فالأمر الغيبي وهو الروح لا يسكن في بنية مهدومة.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: في ظلال القرآن
« رد #205 في: 2013-06-18, 08:38:37 »
في ذكرى وفاة شيخنا الغالي الشعراوي رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى من جناته،(يوم أمس17/06/1998 )آخر كلمات له، كم نحتاجها ....

https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=Uo1FHdfDWiw#!
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل سيفتاب

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 7766
  • الجنس: أنثى
  • إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ
رد: في ظلال القرآن
« رد #206 في: 2013-06-19, 10:38:53 »
رحمه الله كلمات رائعة
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: في ظلال القرآن
« رد #207 في: 2013-06-19, 10:55:07 »
عن سورة المائدة (1)

في الحقيقة سورة المائدة من السور الرائعة الرائعة، وهل يحقّ لي أن أصف سورة من القرآن بالرائعة؟ ، فكيف حال غيرها ؟! أهي الأقل روعة؟ أهي الأقل جمالا ؟!

حاشا وكلا .... بل كلها جمال ورونق، وبهاء، وعلم ، ونور، وشفاء وخير عظيم لا يضاهيه خير ...
وهكذا فعلا إخوتي وجدت حالي وأنا بين حنايا القرآن العظيم، وفي ظلاله الوارفة، وجدتني مع سورة البقرة أعايشها، وألامس لآلئها، وأتحسس جواهرها، وأملّي قلبي بنورها، وأسعد بمعايشتها ... بل إنني وأنا أنهي فترة مكوثي في رحابها من تدبّر وعيش، وكأنني أغادر حبيبا،غاليا، أعزّي نفسي بأنني الملازمة قراءتها كلما مررت بها في ختمة من الختمات، فكنت كلما عدت إليها وجدت الحنين والشوق والحب يغمرني، وهي التي تغدق كلما مررتَ بها....

ونزلت على آل عمران ضيفة،وأطلت المكوث، وفي قلبي حب عميق للبقرة، وأنس عظيم كان لي بها، وحلاوة ولذة ما بعدها لذة كنت أقضيها مع آياتها العظيمات، نزلت على آل عمران وأنا أحمل الحب الأول ولا أراني سأحبّ مثلما أحببت .... ولكنْ تُلقي المعجزة الإلهية العظيمة "القرآن" التي كانت معجزة محمد صلى الله عليه وسلم فكفت ووفت وزادت، تلقي بظلالها على نفسي فأجد الحب يتجدد، والتعلّق يتجدد، والنور يتجدّد وأجد الحبّ الأول وقد أضيف له حب ثان .... emo (30):

وهكذا من آل عمران إلى النساء، القصة ذاتها والحال ذاتها ..... وصولا إلى المائدة ....
يااااه يالهذه المائدة العظيمة ..... وأنا الآن على مشارف توديعها بعد مكوث دام طويلا .... نعم على مشارف الوداع وأنا أجهّز نفسي ليوم عظيم، إنه يوم الصفحة الأخيرة .... وأي صفحة أخيرة هي صفحة المائدة وما أدراك ما المائدة ..... emo (30):

تلك التي كنت كلما مررت بها قراءة أبكتني، أبكتني بكاء حب عظيم، بكاء إجلال، بكاء ذل أمام عظمة الله تعالى وجلاله وصدق أنبيائه وحُسن أدبهم مع ذي الجلال والإكرام ، بتقديرهم الله حقّ حقّ حقّ قدره فهم إذا سئلوا عرفوا كيف يجيبون، وإذا قال الله لهم عرفوا أنه علام الغيوب يقول ويسأل، فكيف يكون لهم مِن علم وهم في حضرة علام الغيوب، وكيف وهم الصادقون الصدّيقون الذين يعلمون أنه يعلم ما في أنفسهم ولا يعلمون ما في نفسه .....!!

كنت ومازلت تلك حالي مع صفحتك الأخيرة أيتها المائدة العظيمة .... يا كل إحسان..... كيف لا ؟ و: "لأنها عطية من قول العرب: ماد فلان فلانا يميده ميدا إذا أحسن إليه، فالمائدة على هذا القول، فاعلة من الميد بمعنى معطية"....!

هي المائدة إذن يا إخوان ....  emo (30):

فهي إذن سورة العقود، لورود الأمر بالوفاء بالعقود في أولها .....
فهل تعلمون أن اسمها أيضا   "سورة الأخيار"،ذلك أنّ الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسمّونها سورة الأخيار أي الذين يوفون بالعهود .

وهل تعلمون أنها سورة مدنية إلا آية واحدة منها "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً".  -من الآية 3- نزلت ف يحجة الوداع .

وهل تعلمون أن في وقت نزولها روايات مختلفة، أغلبها القول بنزولها عام الحديبية (06 للهجرة) ، بعد عودة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية إلى المدينة، وذلك بعد سورة "الممتحنة".

وهل تعلمون أن عائشة رضي الله عنها روت أنها من آخر ما نزل قال جبير بن نفير : دخلت على عائشة رضي الله عنها فقالت : هل تقرأ سورة " المائدة " ؟ فقلت : نعم ، فقالت : فإنها من آخر ما أنزل الله ، فما وجدتم فيها من حلال فأحلّوه وما وجدتم فيها من حرام فحرّموه.

وعن تركيباتها البلاغية المعجزة تأملوا معي هذا الذي قيل في آياتها الأولى:

ذكروا عن أصحاب الفيلسوف الكندي إذ قالوا له: "أيها الحكيم اعمل لنا مثل هذا القرآن، فقال: نعم، أعمل مثل بعضه، فاحتجب أياماً كثيرة ثم خرج فقال: والله ما أقدر، ولا يطيق هذا أحد، إني فتحت المصحف فخرجت سورة المائدة، فنظرت فإذا هو قد نطق بالوفاء، ونهى عن النكث، وحلل تحليلاً عاماً، ثم استثنى استثناء، ثم أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين، ولا يقدر أحد أن يأتي بهذا إلا في إجلاد (أي مجلدات) !  emo (30):

-------------------------------------------------------------------

والمائدة حينما نتأمل فموضوعها وجوّها كله حول الوفاء بالعقود، وفيها تربية ربانية راقية لأسس المجتمع الإسلامي وخصائص حضارته، كما جاء في ذلك وفي خصائصها الحضارية كتاب بعنوان : "خصائص الأمة الإسلامية الحضارية كما تبينها سورة المائدة" لمؤلفه عبد الرحمن النجدي...

فيها ستة عشر نداء بـ "يا أيها الذين آمنوا"، فيها كلها أوامر ونواهٍ للمؤمنين تؤسس لمجتمع قوامه الوفاء بالعهود، هو مجتمع الأخيار، مجتمع خير أمة أخرجت للناس، فيها كيف يتدرّج الله سبحانه مع نفس المؤمن، فيريده مؤمنا موفيا بعهوده، وهي عهده مع الله تعالى وعهده مع نفسه وعهده مع الناس، وكلها تنبثق عن عقد هو بين الله وعبده الذي أقر أنه به مؤمن، فكان بإقراره بإيمانه بالله ربا ملزَما أن يوفي بشروط ذلك العقد الذي طرفُه الأعلى هو الله سبحانه وتعالى الذي لا يخلف الميعاد ولا يخلف عهده ....

وهذا المؤمن الذي يوفي بعهوده هذه، مؤمن يؤمر أن يعظم شعائر الله، وأن يعرف لها حرمتها على الوجه الأكمل لا على الوجه الذي كان مشوّها في جاهلية أبقت على جلال المكان وأحاطته بخرافاتها.... مؤمن يحلّ له الله ما يحلّ لجسمه لإشباع غريزة جوعه، في حدود من طيبات أحلها، ومحرمات حرمها، وأنه ما أحل للمؤمنين إلا الطيبات، وما بقي محرما فخبيث لا يرقى أن يكون للمؤمن غذاء .... نعم يشبعه، يطعمه من جوع، أولا لأن مؤمنا جوعانا مؤمن همّه بطنه، همّه جوعه، همّه ما يسدّ رمقه ورمق عياله .... -ولننظر لمجتمعاتنا وهي التي لم تعد تأكل مما تزرع !-

ثم يشبع غريزة فيه خلقه الله عليها بحدود ...بطرق بيّنها، فأحل له المحصنات ، المحصنات، تأملوا كيف أنهنّ حتى من المؤمنات محصنات ولسن أي مؤمنات! ليحصنّهم، ويحفظنَهم ...وهو ذا مشبع الغرائز بما حدد الله له من طيب غير خبيث، يتوجّه إلى روحه ليمنحها الغذاء كما منح جسمه الغذاء.... ولبى حاجته البشرية ....
يعدّه للقاء روحي عظيم ليس أعظم منه لقاء، لقاء ربه بصلواته، فيعلّمه التطهر للارتقاء، يعلّمه أن يطهر جسده وهو يتوجه لتطهير روحه ...فإذا المؤمن طاهر ظاهرا وباطنا ....

وهذا المؤمن الآن... المُشبع جسدا وروحا ... بما أحل الله وبما يحب الله، كيف لا يكون مؤهلا لأن يؤمر بأن يكون قوّاما لله، كما ينبغي أن يقوم لله، شاهدا بالقسط، بالعدل، عادلا فلا يجور ولا يظلم ، فرد عادل، لإقامة مجتمع عادل....فإذا اهتماماته قد خرجت الآن من دائرة نفسه إلى دائرة غيره ...إلى مجتمعه ...إنه الفرد الذي يؤهل لأن يؤسس المجتمع القويم، المجتمع الراقي، المجتمع العادل ....

وفي خلال هذا وذاك، ها هو العلي القدير العظيم، يذكر  هذا المؤمن بنعمه عليه بأن كف أيدي المريدين سوءا به عنه...كيف دفع المشركين عن رسوله صلى الله عليه وسلم بالرعب يلقى في قلوبهم، بالعزة في وجوه المؤمنين، إنه يذكره بنعمة العزة وكيف كان جزاء من صدق الله، كيف أرعب أعداءه منه، إنه يذكره بعزة المؤمن وهي تلقي بظلال القوة والمنعة .... ليعلّمه أن يكون عزيزا وأن يعدّ لهذه النعمة نفسه ...وتأتيه دروس وأمثلة من ناس نقضوا ما عاهدوا الله عليه فباؤوا بالخسار والبوار، وحتى لا يكون المؤمن على نهجهم .... ليعدّه، ليؤهله أنما سبيل عزته تقوى الله وابتغاء الوسيلة إليه والجهاد في سبيله ....

وكل ما ذكرت يا إخوتي  لو تتأملون هي انتقالات من الله عز وجل في نداءاته للذين آمنوا بــ :"يا أيها الذين آمنوا" فعُدّوا وانتقِلوا بمعانيها، لنرى هذا الزخم الرائع الراقي السامي من التربية الربانية للفرد المؤمن وللأمة المؤمنة المسلمة، ولتأسيس حضارتها على هذه الأسس العظيمة ...... وتتوالى الأوامر، وتتوالى متسلسلة تسلسلا منطقيا يعدّ المؤمن ويعلمه ويأتيه بالأمثلة من قصص الغابرين  .....

ولو نكمل  مع 16 نداء، كلها سلسلة لؤلئية من التربية العظمية والتأسيس العظيم لحضارة الأمة المسلمة ..............فمن ذا يأتينا منكم بهذه النداءات المتسلسلة التي ذكرناها في كلامنا أعلاه ....وليكن لغزا بسيطا جديدا ... ::)smile:  وبعدها إن أحببتم نكمل .

يتبع...
« آخر تحرير: 2013-06-19, 11:02:44 بواسطة حازرلي أسماء »
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: في ظلال القرآن
« رد #208 في: 2013-06-19, 10:57:02 »
عن سورة المائدة (2)

ونكمل مع السلسلة اللؤلؤية emo (30):


وبعد أن أصبح هذا المؤمن الذي يؤمر أول ما يؤمر أن يوفي بالعقود ، مشبع حاجة الجسد والروح، الطاهر ظاهرا وباطنا، العادل المقيم للعدل، الذي لا يحمله بغضه لأحد على أن يظلمه، فهو العادل مع مَن أحب ومع مَن كره، المتذكر لعزة المؤمنين وسؤددهم وكيف كان الله ناصرهم، باعث الرعب في قلوب أعدائهم، هذا المؤمن العامل على أن يبقى سليل هؤلاء الأعزة باتخاذهم مثالا له وقدوة، حتى إذا ما حاكت في أمته صروف الدّهر لم ينقطع الأمل ولا العمل على استرجاع تلك العزة على نهج السلف الصالح الذي مضى قبلهم، هذا المجتمع المؤمن، هذا المجتمع المسلم الموصول بربه، فهو متّقيه، ومبتغي الوسيلة إليه المجاهد في سبيله...في سبيل أن يمنع الدين من صدّ الصادّين والمبتغين تحكيم أهوائهم في الأرض بمحاربة شرع الله وحُكمه وأهله ...

وفي ثنايا هذا كلّه، بين النداء والنداء،تأتي من الله الدروس للمؤمنين، بذكر أحوال الأمم السابقة، والذين اختصوا بالرسالات من قبلهم وبالأنبياء، وكيف كان مآلهم لما نقضوا العهود واستكبروا وعاندوا،حتى لا يكونوا على خطاهم،ثم يُعلّم المجتمع المسلم كيف يقيم الحدود، كيف يطهّر نفسه من الأدران، كيف يحارب الخبائث التي لا جَرَم من وجودها مع الأنفس الضعيفة،يعلّمه كيف يحافظ على سلامته، بالأمر الحاسم والحدّ الرادع الذي يكون فيه الردع والتخويف لمن تسوّل له نفسه أن يزيد الفساد على الفساد فيستسهل المجتمع الفساد فينكر المعروف، ويعرف المنكر...فهذا السارق تقطع يده...

وكما حافظ على الإسلام وبقائه وسؤدده وانتشاره بالدعوة للجهاد في سبيل الله،وبدفع من يريد بالإسلام والمسلمين أذى من الخارج، كذلك بالموازاة يحافظ على المجتمع المسلم من أذى داخله بإقامة الحدود،هذا المجتمع الذي هو قوام هذه الأمة القائدة الرائدة، وهو هو  قوام الحفاظ على الإسلام .

وفي الثنايا أيضا يعلم المسلمين أحوال أعداء متربصين منافقين يتغلغلون في أوساط المجتمع ويعيشون معه، وهم مريدون به السوء، يعلّمهم حال اليهود وطباعهم وكيدهم بالإسلام والمسلمين، ويعلّمهم أنهم كانوا أهل كتب وبعثت فيهم الرسل، وكيف أنهم لم يحكّموا أمر الله ولا حكمه،وكيف تذبذبوا وبدّلو وحرّفوا،ليعلّمهم بكل هذا أنّ كتابهم ونبيهم صلى الله عليه وسلم هما النور الذي يجب اتباع هديه، وأنّ ما عداه هوى وحكم جاهلية...

وهو سبحانه يعلّمهم من أحوالهم وتقلباتهم ونكوصهم وتمردهم على أمر خالقهم حتى يصل بهم إلى الأمر منه سبحانه ألا يتخذوهم أولياء، ليكون سبحانه وتعالى بما عرض عنهم وعن أحوالهم قد استوفى الحجة والأسباب فلا يكون لهم بعد الله حجة ....

فهذا دفاع عن الدين من أعدائه بالجهاد، وهذه حماية للمجتمع المسلم من داخله بإقامة الحدود، وهذه الآن حماية للعقيدة من أن تنالها أهواء المضطربين، وإذا ما دقّقنا وتأملنا لوجدنا كل تبنٍّ لقوانين الوضع الهوائية نابع من نفث أهل الكتاب في عقول المتبنّين من أبناء الأمة ...وبهذه الحمايات، وهذه الحصانات كلها تتكون الحضارة الإسلامية بخصائصها النقية ...

ويا لهذا القرآن العظيم ...ويالإعجازه وعلاجه لكل حالة من حالاتنا..! ويالعلم العليم الخبير بما كان وبما هو كائن اليوم، وبما سيكون .... فإذا النداء الموالي للمؤمنين يخصّ الذين يرتدّون عن دينهم، عن الإسلام ،وأن الله مقيّض لهذا الدين من سيدافع عنه وأنه غنيّ عنهم، وما ارتدادهم ونحن نتأمل إلا من تلك الموالاة، ومن ذلك الذوبان الذي يأخذ صاحبه كل مأخذ حتى يأخذ منه دينَه ... وهل يرضى اليهود والنصارى عن المسلم إلا إذا اتبع ملّتهم ؟!!....

وينادي الله المؤمنين من بعدها يدعوهم ألا يوالوا المستهزئين بدينهم ليعلّمهم الاعتزاز به، والذود عنه ذود الروح عن الروح ....وكم هي حال كثر من أبناء أتنا اليوم حالهم كحال من يستحي بدينه فهو متبع كل ناعق من الغرب على أنه التمدن والرقي والتحضر...

فماذا بعد كل هذا التعليم والتوضيح والتبيين مِن تعليم ؟!! وأي حجة لنا بعد كل هذا؟  والواحد من أبناء الإسلام ينصهر فيهم ويواليهم أكثر من موالاة بعضهم بعضا ...!!

هي إذن الحضارة الإسلامية بخصوصيتها، بتفرّدها، بكمالها، بعزّتها، وبمعرفتها مواطن النقص والعيب والعوار فيما سواها، وبأستاذيتها على هذا العالم كلّه...

وفي الثنايا أيضا وقبل الوصول بالمؤمنين إلى أمر آخر وإلى نداء آخر، سبحانه جلّ في علاه  وبعدما عرّف المؤمنين ببعد أهل الكتاب عما أنزل إليهم في الكتاب، يعرّفهم بشناعة أباطيلهم وتجرئهم على ذات الله تعالى، وباعتقادهم المحرّف، وتقرير من الله حاسم وقوي بأن من اعتقد ذلك فهو كافر، "لقد كفر"، مع تقرير الحق من الله تعالى بتبيين حقيقة سيدنا عيسى عليه السلام،والحديث عن مغالاتهم في دينهم غير الحقّ، وتقرير من الله عن عداوة بعضهم وشدة عداوة بعضهم الآخر للمسلمين...

ومع تبيين مغالاتهم في دينهم غير الحق، يأتي الأمر من الله سبحانه بعدها للمؤمنين بألا يحرموا ما أحل الله من الطيبات، وفي ذلك منهم مغالاة هي من جنس مغالاة أهل الكتاب التي بينها سبحانه، وتعدٍّ على أمر هو لله الذي يحلل ويحرّم، وليس للعباد.

ثم يأتي التحريم النهائي لأكثر ما كان سائدا بين العرب وعرفوا به، ولأكثر ما كان له سلطان عليهم، ذلك التحريم النهائي للخمر في مرحلته الأخيرة الحاسمة،والذي تشرف به سورة المائدة. هكذا ليكتمل حال المؤمنين على أكمل وجه، هكذا ليتبيّن رشد المؤمن من بعد ما كان التدرج معه في هذا الأمر، وقد آن الأوان لأن يصبح التحريم كليا ونهائيا وبلا شروط ... وقد كان من الصحابة من سأل عمّن كان ممن معهم واستشهد في أحد وفي بطنه من الخمر، والذين بيّن سبحانه أنه لا جناح عليهم وقد امتثلوا لأمر الله بالشكل الذي كان وعايشوه، وهم لم يحيَوا لأمر التحريم النهائي ....
وبهذا يكمل للمؤمن حاله في هذه السورة، تكمل صفاته، وتمتد سلسلته الؤلؤية الربانية فيها الحسم والكمال ...

والآن وقد اكتمل حال المؤمن وصفاته، هل على هذا لم يبقَ له من تتبّع ولا امتحان ولا اختبار؟!
كلا ... بل إنّ اجتماع الصفات الحميدة واكتمال الحال من دواعي التأهيل للاختبار، هل من ثبات على تلك الحال، أم أنها حال عابرة خفيفة سرعان ما تهزها الرياح ....
فيأتي ابتلاء الله سبحانه للمؤمنين، يبلوهم بشيء من الصيد الذي حرمه عليهم وهم حُرُم، يقربه منهم، يزينه لهم، وهُم في ذلك الزمان كان عَيشهم كله من صيد يصطادونه ، يتكبدون لأجله الصعاب، ويشقون لأجله الصحاري، وهو اليوم بين أيديهم ييسره الله لهم وهم حُرُم ، تناله أيديهم ورماحهم بلا مشقة ولا عذاب....

فكيف سيكون حالهم ؟ وكيف سيكون مدى امتثالهم، وكيف هو وفاؤهم بالعقود، وكيف هو تعلّمهم من أحوال أهل الكتاب الذين نقضوا من قبلهم، وما كانوا موفّين، وهل من فرق بينهم وبين أهل الكتاب حين ابتلوا بالسبت، والحيتان الشرّع ؟!  هكذا كان الدرس من قبل وبالابتلاء يأتي التطبيق

نعم إنه أوان الاختبار، وإنها الأهلية للاختبار .... ومفتاح الامتثال خشية الله بالغيب، والتوفية بالعقد كما قُبلت من قبل شروطه ....وهكذا حال المؤمن مع كل اختبار، حاله مع فتن الدنيا، ومع أبواب فتنتها المفتّحة... هكذا هو من امتحان لامتحان .... وهكذا هو زيادة كماله كلما نجح في امتحان يقدّمه لامتحان أصعب ...

ويعلمنا الله فيما يعلمنا بهذا، كيف بدأ السورة بتحريم، ثم جاء عليه بسلسلة من التربيات والتأهيل، ثم جاء ليختبر مدى استيعاب عبده لما أمره به ...

ومما سبق، فلننظر فإذا العقيدة السليمة رأس الحفاظ على المجتمع المسلم والأمة المسلمة .....فلننظر وإذا التحذير من أن تنالنا سَموم المبطلين، أو أن ننجرف مع المنجرفين، أو أن ننصهر فنصبح بلا هوية بل نصبح شراذم هويات ليست منا وليست لنا.........

قد تعمدت ألا أذكر الآيات في سياق ما كتبت، حتى يعود كل منا للسورة فيجد النداء المقابل لما هو هنا ... emo (30):

ولم يبقَ من النداءات "يا أيها الذين آمنوا" إلا القليل القليل emo (30):

يتبع...
« آخر تحرير: 2013-06-19, 11:02:58 بواسطة حازرلي أسماء »
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: في ظلال القرآن
« رد #209 في: 2013-06-19, 11:05:13 »
عن سورة المائدة (3)

أين وصلنا من النداءات الربانية للذين آمنوا من عباده ؟ إلى اختبار الله تعالى لعباده بالصيد تناله أيديهم ورماحهم، فلا يجهدون في الحصول عليه، ليرى أين هم من وفائهم بالعقود والعهود، ومن امتثالهم، ومن غيرهم ممن سبقهم من أمم لم يكن إيمانها بالقوة التي وفوا بها بعهد أو أبقوا بها على ميثاق، بل كانوا الناقضين ...وليس الصيد وحده هو الذي عُني ،بل إن الكثير من أبواب الفتن التي تَعرِضُ للمؤمن في هذه الدنيا  على هذا تقاس ....

ومن بعد الإخبار بذلك البلاء، وأنه اختبار لقوة الإيمان ولمدى الوفاء بالعهد،ولمدى خشية الله بالغيب، يأتي الأمر من الله تعالى مرة أخرى ألا يصطاد المؤمن وهو مُحرم، من شدة تأمين الله تعالى في ذلك الحِمى لمخلوقاته كلها، وتأكيدا على أنه سبحانه إذا قضى بتحريم أمر فإنما هو عقد بين العبد وربه ألا يقربه، وألا يأتيه وفي هذه المرة نصَّ سبحانه على العقوبة تقابل تعمّد إتيان هذا الفعل المحرّم ، عقوبة تلقي بظلال الحزم والقوة والفصل، والحد، الحدّ الذي يعلي شأن حرمات الله تعالى، ويخوّف من تسول له نفسه التعدي عليها، وتلقي في المجتمع ظلال تعظيم حرمات الله ...

وإذا تأملنا العقوبة والحد  emo (30):  فلنتأمل  emo (30):  : أن يقدم مثل ما قتل من النّعم، أو إطعام مساكين أو عدل ذلك صياما، فأما العقابان الأولان، فكل منهما يعود نفعه على المجتمع، في صورة توحي بأن ما هو عقوبة للفرد منفعة للجماعة، توحي بأن الفرد في خدمة الجماعة، توحي بأن الفرد جزء من الجماعة وأنّه ملزَم بها .... وبأنه لا يعيش فردا، بل يعيش مع جماعته مواليا لها، مصدرا لخيرها ونفعها حتى وهو في مقام العقوبة والحد ...."وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(179)"-البقرة-....ليأتي في المقام الأخير عقوبة تخص نفسه ولا يتعدى خيرها لغيره، إنها الأخيرة .... emo (30):

وحتى نصل النداء الموالي، يعقب سبحانه ما حرّم بما أحلّ، وبتعظيم حِماه، الكعبة، والأشهر الحرم في تثنية وإعادة لتعريف جلال مقام حِمى الله تعالى وشعائره ....وسبحانه الذي عرّفنا أنه يحلّ الطيبات، يعلمنا كيف أن كثرة الخبيث ولو أعجبتْ لا تستوي والطيّب،وهو سبحانه يحرم الخبيث ويحلّ الطيب، يعلّمنا كيف نرى بعين البصيرة...

ثم ينادي الله عباده المؤمنين، يربّيهم تربية ربانية في مقام من مقامات هذه الحياة، يعلّمهم  واقعية هذا الدين العظيم، و معالجته لحاجات الناس الواقعية بعيدا عن الخيال، وعن التنطّع، وعن التعنيت الفارغ الذي ليس إلا مضيعة للوقت، يتعلم المؤمن كم أنّ دينه يذهب عنه كل حيرة، ويُجلي له الحقيقة كما تستوعبها طاقته العقلية والقلبية، ويوفّر عليه إهدار طاقته فيما لا يُجدي نفعا...
دين حق وحقيقة، دين لا يحب الخُرافة، ولا يحب الخوض فيها، ويبيّن فراغات الخوض في الخُرافة، وأن كل ما هو ليس من واقع حياة الإنسان خُرافة وجهد ضائع هباء، وديننا لا يحبّ تضييع الجهد هباء، بل كل دقيقة من حياة المؤمن ثمينة، غالية، ما ذهب منها لن يعود ....وعلى هذا دعاهم ألا يسألوا عن أشياء مقام الصمت فيها أحرى، حتى لا يكونوا على خطى من سأل وسأل فيما يجب وما لا يجب فلم يجدِ سؤاله نفعا له، بل جعله يمضي في غيّه واستكباره وعناده لا يعرف فرقا بين علم الله تعالى المحيط بكل شيء وبين علمه المحدود ....

والآن هذا المؤمن الذي رباه ربه، الذي اختار له منهجه، الذي أعطاه وأغدق عليه، ليؤهله أن يكون فردا يخدم مجتمعه وينفعه وقد هيأ له نفسَه، هذا المؤمن الذي ينبّهه ألا يكون على خطى من سبقوه من المستكبرين الخائضين، السائلين ما لا يُسأل، هذا الموفي بعهوده، العادل، القوّام لله، الذي يعرف خبط السابقين وخلطهم، الذي له سَمته وميزته وخصوصيته، الذي يعلم أن ما بين يديه كمال في كمال ليس فيه عوار ولا تعروه شائبة ولا شِية فيه،المجاهد في سبيل الله وفي سبيل إعلاء كلمته، الذي يعيش من أجل رسالته في الأرض، الذي يخشى ربه بالغيب، الذي يُبتلى على قدر إيمانه فينجح في امتحاناته ويرتقي، وعندما يرتقي كل هذا الارتقاء، يعلّم ألا يضيع طاقته هباء بل فيما هو واقعي بين يديه، في حياته، فلا يلهو بعقله ذات اليمين وذات الشمال لأن وجهته قد حددت، وقد حددها، وهي محددة لا تغيير فيها ولا تقليب لها، ولا تبديل.... وبعد كل هذا، ماذا يضرّه من ضلال الضالين إن هو ثبت على حاله، وأيقن أنه الحال الصحيح وأنه الحق، وملأ قلبَه اليقين، لا يضره من ضلّ، ولا تأخذه رياح الهوى، ورياح الفساد ورياح المفسدين، ولا يلهو بعقله لاهٍ، ولا يأخذه عن الحق آخذ ....

ثم هو المؤمن العادل، المنصف المرتقي في رحاب الله، القوّام لله، هو الذي يوصَى ألاّ يضيّع الحق حتى والموت مقبلة عليه، وهو عليها مقبل، عن الحياة مدبر، يعلّمه أن يوصي لمن خلفه بحقوقهم، وكله بشروطه، وبآدابه، وبالشهادة،يعلّمه أن يوفّي بالعقود حتى مع آخر رمق له في الحياة ....وكما أوصى بحق العبد على العبد، يسأل سبحانه رسله عن وصيّته سبحانه لهم ان يبلغوها لعباده، فتلك كانت وصية بين العبد والعبد، وهذه وصية الله لرسله، "شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ "-الشورى-

وتنتهي النداءات ... وبانتهائها يتبين الحق من الباطل، يتبين صدق الصادقين بين يدي الله تعالى يوم ينفع الصادقين صدقهم، يتبين مآل الموفين بعقدهم مع الله، يتبين الحق، يتبيّن كيف يعرف الإجابةَ من وفّى بعهده مع الله .... يتبيّن علمه المحيط بالشواهد وبالغيوب ...

وهكذا تنبني خصائص المجتمع المسلم وخصائص الحضارة الإسلامية، من هذه السورة التي تربي المؤمن وتعدّه وتبين له معالم الطريق، وتعطيه غذاءه وسلاحه الذي عليه أن يتوشحه في معركة الحياة وفي وجه المعتدين ...عزيزا غير ذليل، قويا غير ضعيف، متيقنا غير متذبذب، ثابتا غير متزعزع ...يعلم علم اليقين أنه حامل الشعلة والراية وليس الذي ينتظر من ينير له دربا أو يعلمه مسلكا بين المسالك ....! فهل بعد تعليم الله من تعليم ؟!! وهل بعد تربية الله من تربية ؟!
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل رحيمة

  • شباب جديد
  • *
  • مشاركة: 122
  • أستغفر الله الحي القيوم و أتوب إليه
رد: في ظلال القرآن
« رد #210 في: 2013-06-29, 20:41:01 »
ماشاء الله.. لسورة المائدة وقع خاص في قلبك يا أسماء.. ماشاء الله تبارك الله...
~سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم~

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: في ظلال القرآن
« رد #211 في: 2013-07-10, 15:06:39 »
ماشاء الله.. لسورة المائدة وقع خاص في قلبك يا أسماء.. ماشاء الله تبارك الله...

أهلا وسهلا بك يا رحمية، وأعتذر عن تأخري في الرد عليك  emo (30):

نعم لسورة المائدة ما لها في نفسي، وهكذ هو القرآن كله إذا ما عايشناه وتدبرناه . emo (30):

---------------------------------------

هذا مقطع للدكتور فاضل السامرائي يشرح فيه قوله سبحانه وتعالى : "مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ(17)" -البقرة-

مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ( مثال المنافقين )
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: في ظلال القرآن
« رد #212 في: 2013-07-11, 16:57:38 »
مع سورة النمل في رمضان  emo (30):  عييتُ في الاختيار حقا، وأنا أختار أي سورة نتدارس رمضانهذا العام، كلما وليت وجهي شطر سورة رأيتها رائعة، جميلةن غنية، معلمة، حتى شاء الله تعالى أن ينتهي الأمر بي عند "النمل" ....

-----------------
طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ(1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ(2)

الإيمان يحتاج إلى جُهد، ألا إنَّ سلعة الله غالية، تريد جنَّةً عرضها السماوات والأرض، تريد أن تسعد إلى الأبد، تريد أن تكون من عَلِيَّة خلق الله عزَّ وجل، من الذين اصطفاهم لدخول الجنَّة، ولا تريد أن تبذل وقتاً أو جهداً في الدنيا لمعرفة الله عزَّ وجل ؟‍ هذا شيءُ عُجاب، هذا الذي يخوض ويلعب ولا يدري لِمَ يخوض ويلعب هذا إنسانٌ تائهٌ ضال، إذاً من قوله تعالى:

﴿ هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) ﴾

 يتَّضح أن الإيمان قبل القرآن، لو أن القرآن قبل الإيمان لقال الله عزَّ وجل: " هدىً وبشرى للناس "، بينما هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم وابتعدوا عن ربِّهم، وصف الله القرآن بحقِّهم بأنه عمى عليهم، بأنه لا يزيدهم إلا ضلالاً، إلا بُعداً، إلا خسارا.
 من هم المؤمنون ؟ هؤلاء الذين يُعَدُّ القُرآن لهم هدىً وبُشرى، فأحياناً الإنسان لا يهتم بالطُرُق إلا إذا كان مسافراً، إذا كان مسافراً يقصد بلدةً معيَّنة، وفي هذه البلدة يُعَلِّق آمالاً عريضة على بلوغها، عندئذٍ يُصْغِي إلى النشرة الجويَّة، يصغي إلى حالة الطُرُق، يقرأ بعنايةٍ بالغة اللافتات من هنا البلد الفلاني، من هنا الفلاني، يديم الإصغاء إلى حالة الطُرُق، والنظر إلى اللافتات، والأسهم والإشارات، وهذا سببه الحرص على بلوغ هذه البلدة، فأنت إذا أردت الله عزَّ وجل، أردت أن تصل إليه، من هذه الإرادة الجازمة يأتي اهتمامك لمعرفة كتابه، وأمره ونهيه، ووعده ووعيده، ماذا يُحِب وماذا يكره، ماذا يأمر وماذا ينهى، ماذا يَعِدُ المؤمنين وماذا يَعِدُ الكافرين، فلا يمكن أن نهتمَّ بالقرآن إلا إذا عرفنا الواحد الديَّان.
 أعيد وأكرِّر: " أوتينا الإيمان قبل القرآن "، فلابدَّ من وقفةٍ طويلة لمعرفة الله، لابدَّ من وقفةٍ طويلة في هذا الكون لمعرفة الخالق، لمعرفة المُربي، لمعرفة المسيِّر، عندئذٍ ترى أن قرآنه، وكلامه، وكتابه في أعلى درجة من اهتمامك، وعنايتك، وبحثك عن الحقيقة.

دكتور راتب النابلسي
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: في ظلال القرآن
« رد #213 في: 2013-07-11, 17:31:24 »
يا إلهي لكم أعجبتني هذه الجزئية ! الإيمان قبل القرآن وهو قول الصحابة :"أوتينا الإيمان قبل القرآن"...

هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ(2) -النمل-

هذا القرآن، فيه الهدى للمؤمنين بالله، للذين صدقوا بالله تعالى، وبما أنزل وبمن بعث ....الإيمان هو أساس الهدى بالقرآن ...فمن لا إيمان له لا هدى له بالقرآن ...

فلنتأمل إخوتي :

وإن الإنسان ليقرأ الآية أو السورة مرات كثيرة , وهو غافل أو عجول , فلا تنض له بشيء ; وفجأة يشرق النور في قلبه , فتتفتح له عن عوالم ما كانت تخطر له ببال . وتصنع في حياته صنع المعجزة فى تحويلها من منهج إلى منهج , ومن طريق إلى طريق .

وكل النظم والشرائع والآداب التي يتضمنها هذا القرآن , إنما تقوم قبل كل شيء على الإيمان . فالذي لا يؤمن قلبه بالله , ولا يتلقى هذا القرآن على أنه وحي من عند الله وعلى أن ما جاء فيه إنما هو المنهج الذي يريده الله . الذي لا يؤمن هذا الإيمان لا يهتدي بالقرآن كما ينبغي ولا يستبشر بما فيه من بشارات .

إن في القرآن كنوزا ضخمة من الهدى والمعرفة والحركة والتوجيه . والإيمان هو مفتاح هذه الكنوز . ولن تفتح كنوز القرآن إلا بمفتاح الإيمان . والذين آمنوا حق الإيمان حققوا الخوارق بهذا القران . فأما حين أصبح القرآن كتابا يترنم المترنمون بأياته , فتصل إلى الآذان , ولا تتعداها إلى القلوب . فإنه لم يصنع شيئا , ولم ينتفع به أحد . . لقد ظل كنزا بلا مفتاح !


سيد قطب
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: في ظلال القرآن
« رد #214 في: 2013-07-12, 14:57:33 »
تساءلت أختنا رحيمة عن الفرق بين "أوقد" و"استوقد" وهذه الأخيرة التي جاءت في قوله تعالى :
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ(17) -البقرة-

فكان لها تدبّر في هذه الآية، وهو التالي :

سبحان الله كم هو جميل الفرق بين الضوء و النور...
لنعد إلى السين في (استوقد)و ما تضفيه على الكلمة من معاني مختلفة عن تلك التي نجدها في( أوقد).. شخص يستوقد نارا ليس كمن يوقدها.. الذي يستوقد يظهر عليه ضعف مقدرته على إيقادها بمفرده.. لهاذا السبب هو يطلب المساعدة مِن مَن يستطيع أن يوقد النار.. يطلب إيقاد النار أي يبذل سببا وهو طلبه بحد ذاته و أسباب أخرى أيضا.. و الأمر مختلف بين نار الدنيا و النار المذكورة في الآية لان الأخيرة ترمز للهدى.. ما أريد الإشارة إليه هو أن هذا المثل ضُرب للمنافقين.. جاءوا المدينة.. جاءوا رسول الله.. إذن استوقدوا نارا.. ثم إذا أصبحوا أمام الهدى باعوها مقابل الضلال.. و يذكرني المثل باليهود.. زعموا أنهم إذا ما جاءهم رسول ليتبعنّه و لينصرنّه.. فلما بعث محمد صلى الله عليه و سلم من العرب كفروا و اعرضوا.. هم أيضا أرادوا الهدى.. حتى إذا جاءتهم رفضوها و باعوها.. تماما كمن استوقد نارا.. طلب الاضاءة و الهدى و النور ثم اعرض عنها فذهب الله بنورهم كله.. طيب هذه معاني.. لكن ماهي الدروس التي نتعلمها؟(لكي يكون التدبر كاملا كما قال الشيخ الذي أتيتي لنا به على المنتدى) أهم الدروس التي نتعلمها: هو أن الهداية بيد الله.. هو سبحانه من يوقد النار.. نحن نستوقد.. نطلب الهداية.. نبذل الأسباب.. نقرأ كتب.. نبحث.. ندعو: اهدنا الصراط المستقيم في كل الصلوات كل يوم كل ركعة.. ثم نتوكل حق التوكل على الله.. هو من يهدي و هو من يوفق.. ( و ما تشاؤون إلا أن يشاء الله) فإذا ما عرفنا الهدى و طريق الوصول إلى الله كان حريا بنا ان نسلكه و أن لا نعرض عنه.. و بذلك نخالف اليهود و المنافقين.. و أين مبدأ النور؟ أين أجد النور لأضيء به حياتي و طريقي؟ كتاب الله و سنة نبيه.. و مكان آخر: في بيوت أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه.. لماذا هذه الاية؟ لماذا المساجد؟ لأنها أول آية تأتي مباشرة بعد اية النور في سورة النور التي تقول: الله نور السماوات و الأرض.. الأجمل في هذا كله و ما نسأل الله أن يؤتينا إياه هو الآتي: النور بنفع صاحبه.. لكن الضياء يتعداه.. فينفع الآخرين أيضا.. تخيلي أناس آخرين في الظلام و يبحثون عن النور.. ثم يلمحون ضوءا بجانبهم ألن يتوقفوا عنده؟ بلى.. و يستضيئون به حتى يصبحون هم أيضا حملة نور و ضياء.. ذاك هو نور و ضياء النبي و سنته صلى الله عليه و سلم.. الذي أضاء الأمة كلها و أخرجها من الظلام إلى النور.. فهو سراج منير.. و هدى و ضياء للمؤمنين.. وما وصلنا من علم العلماء كأمثال ابن القيم و ابن تيمية ماهو إلا قبس من ذلك النور.. فبعد أن كانوا صالحين منيرين أصبحوا مصلحين مضيئين.. (نسأل الله أن نكون منهم: كنتم خير أمة) و قد ذكرهم الله في القرءان أيضا.. أين؟ في الآية الثانية بعد آية النور( رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله و إقام الصلاة)
إذن من أراد الهدى فليبذل لها الأسباب من دعاء و طلب علم.. و ليبدأ من القرءان و السنة و بيوت الله و علم ورثة الأنبياء..
والله تعالى أجل و أعلم

رحيمة


فكتبت عن جزئية المنافقين وسماعهم القرآن:

بارك الله فيك يا رحيمة ياااه كم أحب هذه الأجواء!! نعم هكذا يقرأ قرآننا، ولا يقرأ أبدا حروفا وكفى... لا يقرأ حروفا وكفى...
ولكن يا رحيمة بخصوص الاستيقاد نعم أنا معك أن من استوقد قد طلب أن توقد له، والمنافقون قد سمعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنهم لم يؤمنوا حق الإيمان،فهم لم يطلبوا بل كانوا إذا قَرَأ عليهم القرآن كالخشب المسنّدة، وهم بشكل من الأشكال لم يطلبوا الهدى، فهم لو طلبوه بإخلاص لنالوه كدأب كل من استهدى صادقا فهداه الله ...ولكنني أراهم مثلهم كمثل الذي أوقدوا له النار وهو لا يعرف قيمتها، أي أنه لم يطلب إيقادها من باب أنه يعرف منفعتها، بل استوقدها وهو غير عارف بقيمتها، فلما أضاءت ما حوله، فتبين له الطريق من ضوئها أعرض ولم يقبل بذاك الطريق بل اشترى الضلالة بالهدى اشترى الظلمة بالنور، فلم يبقَ له من نور، اشترى العمى بالإبصار، والصمم بالسمع، والبكم بالنطق... ياااه ما أروعها من أجواء أجواء القرآن نورك الله بنوره
« آخر تحرير: 2013-07-12, 15:00:35 بواسطة حازرلي أسماء »
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: في ظلال القرآن
« رد #215 في: 2013-07-12, 17:27:20 »
إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ(11)
فلنحذر هنا حذرا شدييييدا فإنه لغةً :

الاستثناء المنقطع

 هؤلاء الذين ظلموا ليسوا مرسلين، هذا اسمه استثناء مُنقطع، ما معنى الاستثناء المنقطع و المتصل ؟ تقول: حضر الطلاب إلا خالداً، خالد طالب، هذا استثناءٌ متصل، فإذا كان المستثنى منه من جنس المستثنى فهو استثناء متصل، أما الاستثناء المُنقطع كأنْ تقول: حضر الطلاب إلا المدرس، المدرس ليس طالباً، من نوعٍ آخر، لكن اشترك معه في الحضور، وتخلف المدرس، فإذا كان المستثنى منه من غير جنس المستثنى يقال له: استثناء منقطع.
 قد يفهم إنسان:

﴿إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ﴾
 منهم.. لا، أعوذ بالله، الأنبياء معصومون عن أن يظلموا، العصمة صفةٌ ثابتة للأنبياء، معاذ الله أن يقع نبيٌ في ظلم أحد، وكل قصةٍ ترويها الكُتب الإسرائيلية، أو ما يسمى في التفاسير الإسرائيليات، عن أن هذا النبي فعل كذا وكذا، وهذا النبي فعل كذا وكذا كل ذلك من قبيل الإساءات أو التجاوزات أو الافتراءات، هذه القصص لا أصل لها، ولا صِحَّةَ لها لأن العصمة صفةٌ أساسيةٌ لجميع الأنبياء والمرسلين، إذاً:

﴿ إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ(11) ﴾

راتب النابلسي
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل رحيمة

  • شباب جديد
  • *
  • مشاركة: 122
  • أستغفر الله الحي القيوم و أتوب إليه
رد: في ظلال القرآن
« رد #216 في: 2013-07-14, 05:01:15 »
تساءلت أختنا رحيمة عن الفرق بين "أوقد" و"استوقد" وهذه الأخيرة التي جاءت في قوله تعالى :
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ(17) -البقرة-

فكان لها تدبّر في هذه الآية، وهو التالي :

سبحان الله كم هو جميل الفرق بين الضوء و النور...
لنعد إلى السين في (استوقد)و ما تضفيه على الكلمة من معاني مختلفة عن تلك التي نجدها في( أوقد).. شخص يستوقد نارا ليس كمن يوقدها.. الذي يستوقد يظهر عليه ضعف مقدرته على إيقادها بمفرده.. لهاذا السبب هو يطلب المساعدة مِن مَن يستطيع أن يوقد النار.. يطلب إيقاد النار أي يبذل سببا وهو طلبه بحد ذاته و أسباب أخرى أيضا.. و الأمر مختلف بين نار الدنيا و النار المذكورة في الآية لان الأخيرة ترمز للهدى.. ما أريد الإشارة إليه هو أن هذا المثل ضُرب للمنافقين.. جاءوا المدينة.. جاءوا رسول الله.. إذن استوقدوا نارا.. ثم إذا أصبحوا أمام الهدى باعوها مقابل الضلال.. و يذكرني المثل باليهود.. زعموا أنهم إذا ما جاءهم رسول ليتبعنّه و لينصرنّه.. فلما بعث محمد صلى الله عليه و سلم من العرب كفروا و اعرضوا.. هم أيضا أرادوا الهدى.. حتى إذا جاءتهم رفضوها و باعوها.. تماما كمن استوقد نارا.. طلب الاضاءة و الهدى و النور ثم اعرض عنها فذهب الله بنورهم كله.. طيب هذه معاني.. لكن ماهي الدروس التي نتعلمها؟(لكي يكون التدبر كاملا كما قال الشيخ الذي أتيتي لنا به على المنتدى) أهم الدروس التي نتعلمها: هو أن الهداية بيد الله.. هو سبحانه من يوقد النار.. نحن نستوقد.. نطلب الهداية.. نبذل الأسباب.. نقرأ كتب.. نبحث.. ندعو: اهدنا الصراط المستقيم في كل الصلوات كل يوم كل ركعة.. ثم نتوكل حق التوكل على الله.. هو من يهدي و هو من يوفق.. ( و ما تشاؤون إلا أن يشاء الله) فإذا ما عرفنا الهدى و طريق الوصول إلى الله كان حريا بنا ان نسلكه و أن لا نعرض عنه.. و بذلك نخالف اليهود و المنافقين.. و أين مبدأ النور؟ أين أجد النور لأضيء به حياتي و طريقي؟ كتاب الله و سنة نبيه.. و مكان آخر: في بيوت أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه.. لماذا هذه الاية؟ لماذا المساجد؟ لأنها أول آية تأتي مباشرة بعد اية النور في سورة النور التي تقول: الله نور السماوات و الأرض.. الأجمل في هذا كله و ما نسأل الله أن يؤتينا إياه هو الآتي: النور بنفع صاحبه.. لكن الضياء يتعداه.. فينفع الآخرين أيضا.. تخيلي أناس آخرين في الظلام و يبحثون عن النور.. ثم يلمحون ضوءا بجانبهم ألن يتوقفوا عنده؟ بلى.. و يستضيئون به حتى يصبحون هم أيضا حملة نور و ضياء.. ذاك هو نور و ضياء النبي و سنته صلى الله عليه و سلم.. الذي أضاء الأمة كلها و أخرجها من الظلام إلى النور.. فهو سراج منير.. و هدى و ضياء للمؤمنين.. وما وصلنا من علم العلماء كأمثال ابن القيم و ابن تيمية ماهو إلا قبس من ذلك النور.. فبعد أن كانوا صالحين منيرين أصبحوا مصلحين مضيئين.. (نسأل الله أن نكون منهم: كنتم خير أمة) و قد ذكرهم الله في القرءان أيضا.. أين؟ في الآية الثانية بعد آية النور( رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله و إقام الصلاة)
إذن من أراد الهدى فليبذل لها الأسباب من دعاء و طلب علم.. و ليبدأ من القرءان و السنة و بيوت الله و علم ورثة الأنبياء..
والله تعالى أجل و أعلم

رحيمة


فكتبت عن جزئية المنافقين وسماعهم القرآن:

بارك الله فيك يا رحيمة ياااه كم أحب هذه الأجواء!! نعم هكذا يقرأ قرآننا، ولا يقرأ أبدا حروفا وكفى... لا يقرأ حروفا وكفى...
ولكن يا رحيمة بخصوص الاستيقاد نعم أنا معك أن من استوقد قد طلب أن توقد له، والمنافقون قد سمعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنهم لم يؤمنوا حق الإيمان،فهم لم يطلبوا بل كانوا إذا قَرَأ عليهم القرآن كالخشب المسنّدة، وهم بشكل من الأشكال لم يطلبوا الهدى، فهم لو طلبوه بإخلاص لنالوه كدأب كل من استهدى صادقا فهداه الله ...ولكنني أراهم مثلهم كمثل الذي أوقدوا له النار وهو لا يعرف قيمتها، أي أنه لم يطلب إيقادها من باب أنه يعرف منفعتها، بل استوقدها وهو غير عارف بقيمتها، فلما أضاءت ما حوله، فتبين له الطريق من ضوئها أعرض ولم يقبل بذاك الطريق بل اشترى الضلالة بالهدى اشترى الظلمة بالنور، فلم يبقَ له من نور، اشترى العمى بالإبصار، والصمم بالسمع، والبكم بالنطق... ياااه ما أروعها من أجواء أجواء القرآن نورك الله بنوره
[/size]

جميل أنك أوردتيه هنا أسماء.. جزاك الله خيرا...
 لكن ماذا لو تخصصين لكل سورة موضوع خاص بها عشان يسهل إيجاد المعلومات و لا تختلط السور ببعض؟
إيش رايك تفتحين موضوع خاص بالبقرة.. تدبرا و كل المتشابهات التي فيها... حيكون أكثر تنظيــما في رأيي..
~سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم~

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: في ظلال القرآن
« رد #217 في: 2013-07-16, 17:15:37 »
نعم يا رحيمة بعد رمضان بإذن الله ننظم الموضوع أنا وأنت ...إن شاء الله نقسمه بحيث نخصص لكل سورة موضوعا ... emo (30):
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل رحيمة

  • شباب جديد
  • *
  • مشاركة: 122
  • أستغفر الله الحي القيوم و أتوب إليه
رد: في ظلال القرآن
« رد #218 في: 2013-08-01, 02:47:00 »
تخيّل لو سألك أحدهم هذا السؤال :

لماذا وردت في هذه الآية :
"مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ" من الآية 4 من سورة الأحزاب

كلمة "رجل" بدل كلمة "بشر" أو "إنسان" مثلا أو كلمة "مرء" يعني "لامرئ" ، أو أي كلمة عامة تشمل الجنسَيْن معا ووردت "رجل"، أليس لكل إنسان قلب واحد ؟ هل للمرأة قلبان ؟ لماذا وردت "رجل" بالذات ؟

كيف سيكون جوابك ؟  emo (30):


قرأت الجواب من قبل
جواب مدهش حقا D:
~سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم~

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6545
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: في ظلال القرآن
« رد #219 في: 2013-08-02, 11:00:13 »
تخيّل لو سألك أحدهم هذا السؤال :

لماذا وردت في هذه الآية :
"مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ" من الآية 4 من سورة الأحزاب

كلمة "رجل" بدل كلمة "بشر" أو "إنسان" مثلا أو كلمة "مرء" يعني "لامرئ" ، أو أي كلمة عامة تشمل الجنسَيْن معا ووردت "رجل"، أليس لكل إنسان قلب واحد ؟ هل للمرأة قلبان ؟ لماذا وردت "رجل" بالذات ؟

كيف سيكون جوابك ؟  emo (30):


قرأت الجواب من قبل
جواب مدهش حقا D:

قبس من سورة الأحزاب الرائعة، أنهينا تفسيرها وتدبرها هذا الأسبوع، أكثر من رائعة، زاخرة، عامرة، كلها تربية، كلها تبيان لحقيقة البشرية في الإنسان ثم كيف تطوّع هذه البشرية بضعفها لترقى، والله سبحانه وتعالى يتقبل هذه البشرية ويرشدها لما يهذبها ويقويها ...رائعة رائعة ... قضينا معها أوقاتا ولا أحلى
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب