هناك سؤال آخر عام ما الفرق بين "ف" و "و" في القرآن
هذا مثال من سورة البقرة أيضا:
وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)
هنا يا زينب:
وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35)الواو تفيد أمورا كثيرة في اللغة العربية يا زينب، فهي قد تفيد الاستئناف ،وتفيد العطف، وتفيد القسم، وتفيد المعيّة، وقد تكون زائدة للتوكيد، ولننظر للعطف هنا :
وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ
وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا
وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35)
وللمعية في :
أَنتَ
وَزَوْجُكَ
وكذلك للفاء أدوارها في اللغة، فتوجد فاء السببية وفاء التعقيب مثلا ...
انظري للفاء مثلا هنا
وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ
فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ
وهي تعني السببية، وفاء السببية هي التي يكون ما قبلها سببا لما بعدها، وتقترن بالفعل المضارع فيُنصب، وكذلك الحال هنا : "فتكونَا" انظري كيف نصب ما بعدها، فعل مضارع ناقص منصوب وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة . (يعني أصلها تكونان، فلما نصبتها فاء السببية أصبحت "فتكونَا").
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا
فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ..
هي هنا غالبا في الأولى تعني التعقيب، وتعقيبها يكون بلا مهلة، يعني فوريا ، وفي الثانية هي سببية، فما قبلها كان سبب إخراجهما مما كانا فيه، وهو إزلال الشيطان لهما عنها .
أما :
وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)
فانظري إلى الواو هنا، كيف هي استئنافية يا زينب، وما يزيد في إثبات ذلك الرسم العثماني الذي يقف بحرف الوقف "ص" عند قوله سبحانه : "مِمَّا كَانَا فِيهِ" ليستأنف ما بعدها
وهذا رسم الآيات في الصورة التالية، لتري حرف الوقف "ص" بعد "مِمَّا كَانَا فِيهِ":
وانظري باقي علامات الوقف، لنرى كيف أن كل واو بعدها، غالبا هي للاستئناف .
والله أعلم.
وهكذا يا زينب، فكل حرف في القرآن العظيم، له موضعه الصحيح الدقيق الذي يناسب المعنى، ويناسب السياق. وزيادة في الفائدة، هذان تسجيلان قصيران للدكتور فاضل السامرائي، عن هذا الموضوع.
فلا يخاف ، سبب إضافة الفاءفاستجبنا له فنجيناه وأهله ، ونجيناه وأهله