المحرر موضوع: أوثق عرى الإيمان  (زيارة 6001 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فارس الشرق

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 827
  • الجنس: ذكر
  • وحشيتي سرج على عبل الشوى نهد مراكله نبيل المحزم
أوثق عرى الإيمان
« في: 2012-06-12, 00:07:54 »
الحب في الله والبغض في الله

وثق الشرع الحنيف مفهوم الأخوة بين المسلمين، وعمق عندهم مفهوم الولاء والبراء،
فجعل مرتبة الحب في الله والبغض في الله من أهم وأعظم المراتب في الدين،
فالحب في الله والبغض في الله هما أوثق عرى الإيمان،

جاءَ في الأثَرِ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه:
«يَا أَبَا ذَرٍّ، أَيُّ عُرَى الإِيمَانِ أَوْثَقُ»؟ قَالَ: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ الـحُبُّ فِي الله، وَالبُغْضُ فِي الله».

استُعِيرت العُرَى لِـمَا يُتَمَسَّكُ به من أمْرِ الدِّينِ ويُتَعَلَّقُ به من شُعَبِ الإيمانِ وأصُولِه وأرْكانِه، وذلك لأنَّ مَنْ كَانَ الله ورسولُه أحبَّ إليه مِـمَّا سِوَاهُما فقد صَارَ حُبُّه كُلُّه لله، ويَلْزَمُ مِنْ ذلك أنْ يكونَ بُغْضُه لله ومُوَالاتُه له ومعاداتُه له، وأنْ لا تَبْقَى له بقيَّةٌ من نَفْسِه وهَوَاه، وذلك يَستلزِمُ محبَّةَ ما يُـحبُّه الله من الأقوالِ والأعمالِ، وكَراهةَ ما يكرهُه من ذلك، وكذلك من الأشخاصِ، ويَلْزَمُ من ذلك مُعامَلَتُهم بمُقْتَضَى الحبِّ والبُغضِ، فمَنْ أحَبَّه الله أكْرَمَهُ وعامَلَهُ بالعَدْلِ والفَضْلِ، ومَنْ أبغَضَهُ الله أهانَهُ بالعدلِ، ولهذا وصف اللـه المُحِبِّينَ له بقولِه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) [المائدة]. فلا تَتِمُّ محبَّةُ الله ورسولِه إلَّا بمحَبَّةِ أوليائِه ومُوالَاتِهم، وبُغْضِ أعدائِه ومُعَادَاتِهم.

وهنا نقف مع بعض أقوال العلماء والأئمة في توضيح أهمية هذه المنزلة وبيان عظمتها:

يقول ابن القيم في كتاب إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان:

"فأصل كل فعل وحركة في العالم من الحب والإرادة، فهما مبدأ لجميع الأفعال والحركات كما أن البغض والكراهية مبدأ كل ترك وكف إذا قيل إن الترك والكف أمر وجودي كما عليه أكثر الناس وإن قيل إنه عدمي فيكفي في عدمه عدم مقتضيه ...

فانقسم الترك إلى قسمين قسم يكفي فيه عدم السبب المقتضى لوجوده، وقسم يستلزم وجود السبب الموجب له من البغض والكراهة وهذا السبب لا يقتضي بمجرده كف النفس وحبسها.

والإلتئام مسبب عن المحبة، والإرادة تقتضي أمرا هو أحب إليه من هذا الذي كف نفسه عنه، فيتعارض عنده الأمران فيؤثر خيرهما وأعلاهما وأنفعهما له وأحبهما إليه على أدناهما فلا يترك محبوبا إلا لمحبوب هو أحب إليه منه ولا يرتكب مبغوضا إلا ليتخلص به من مبغوض هو أكره إليه منه.
 
ثم خاصية العقل واللب : التمييز بين مراتب المحبوبات والمكروهات بقوة العلم والتمييز وإيثار أعلى المحبوبين على أدناهما واحتمال أدنى المكروهين للتخلص من أعلاهما بقوة الصبر والثبات واليقين.

فالنفس لا تترك محبوبا إلا لمحبوب ولا تتحمل مكروها إلا لتحصيل محبوب أو للتخلص من مكروه آخر وهذا التخلص لا تقصده إلا لمنافاته لمحبوبها فصار سعيها في تحصيل محبوبها بالذات وأسبابه بالوسيلة ودفع مبغوضها بالذات وأسبابه بالوسيلة،
 فسعيه في تحصيل محبوبه لما له فيه من اللذة وكذلك سعيه في دفع مكروهه أيضا لما له في دفعه من اللذة كدفع ما يؤلمه من البول والنجو والدم والقيء وما يؤلمه من الحر والبرد والجوع والعطش وغير ذلك.

وإذا علم أن هذا المكروه يفضي إلى ما يحبه يصير محبوبا له وإن كان يكرهه فهو يحبه من وجه ويكرهه من وجه وكذلك إذا علم أن هذا المحبوب يفضي إلى ما يكرهه يصير مكروها له وإن كان يحبه فهو يكرهه من وجه ويحبه من وجه

فلا يترك الحي ما يحبه ويهواه مع قدرته إلا لما يحبه ويهواه ولا يرتكب ما يكرهه ويخشاه إلا حذار وقوعه فيما يكرهه ويخشاه لكن خاصية العقل أن يترك أدنى المحبوبين وأقلهما نفعا لأعلاهما وأعظمهما نفعا ويرتكب أدنى المكروهين ضررا ليتخلص به من أشدهما ضررا

فتبين بذلك أن المحبة والإرادة أصل للبغض والكراهة وعلة لهما من غير عكس فكل بغض فهو لمنافاة البغيض للمحبوب ولولا وجود المحبوب لم يكن البغض بخلاف الحب للشيء فإنه قد يكون لنفسه لا لأجل منافاته للبغيض وبغض الانسان لما يضاد محبوبه مستلزم لمحبته لضده وكلما كان الحب أقوى كانت قوة البغض للمنافي أشد
ولهذا كان أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله وكان من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان".
« آخر تحرير: 2012-08-05, 15:37:27 بواسطة فارس الشرق »
"وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى
وفيها لمن خاف القلى متعزل
لعمرك ما بالأرض ضيق على امرئ
سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل"
الشنفرى

غير متصل فارس الشرق

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 827
  • الجنس: ذكر
  • وحشيتي سرج على عبل الشوى نهد مراكله نبيل المحزم
رد: أوثق عرى الإيمان
« رد #1 في: 2012-06-12, 18:02:59 »
جاء في جامع العلوم والحكم، لابن رجب، ما يأتي:

"وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( ولا تباغضوا )) : نهى المسلمين عن التباغض بينهم في غير الله ، بل على أهواء النفوس ، فإن المسلمين جعلهم الله إخوة ، والإخوة يتحابون بينهم ، ولا يتباغضون ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( والذي نفسي بيده ، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، ألا أدلكم على شيء إذا فعلمتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم )) خرجه مسلم. وقد ذكرنا فيما تقدم أحاديث في النهي عن التباغض والتحاسد .

وقد حرم الله على المؤمنين ما يوقع بينهم العداوة والبغضاء ، كما قال :
{ إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}
وامتن على عباده بالتأليف بين قلوبهم ، كما قال تعالى : { واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا }، وقال : { هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم }.
ولهذا المعنى حرم المشي بالنميمة ، لما فيها من إيقاع العداوة والبغضاء ، ورخص في الكذب في الإصلاح بين الناس ، ورغب الله في الإصلاح بينهم ، كما قال تعالى : { لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراعظيما }، وقال : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما }، وقال : { فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم }.
وخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي الدرداء ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟ )) قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : (( صلاح ذات البين ؛ فإن فساد ذات البين هي الحالقة )) .
 وخرج الإمام أحمد وغيره من حديث أسماء بنت يزيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( ألا أنبئكم بشراركم ؟ )) قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : (( المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الباغون للبرءاء العنت )) .

وأما البغض في الله ، فهو من أوثق عرى الإيمان، وليس داخلا في النهي ، ولو ظهر لرجل من أخيه شر ، فأبغضه عليه ، وكان الرجل معذورا فيه في نفس الأمر ، أثيب المبغض له ، وإن عذر أخوه ، كما قال عمر : إنا كنا نعرفكم إذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا ، وإذ ينزل الوحي ، وإذ ينبئنا الله من أخباركم ألا وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد انطلق به ، وانقطع الوحي ، فإنما نعرفكم بما نخبركم ، ألا من أظهر منكم لنا خيرا ظننا به خيرا ، وأحببناه عليه ، ومن أظهر منكم شرا ، ظننا به شرا ، وأبغضناه عليه ، سرائركم بينكم وبين ربكم - عز وجل - )).
وقال الربيع بن خثيم : لو رأيت رجلا يظهر خيرا ، ويسر شرا ، أحببته عليه ، آجرك الله على حبك الخير ، ولو رأيت رجلا يظهر شرا ، ويسر خيرا أبغضته عليه ، آجرك الله على بغضك الشر.


ولما كثر اختلاف الناس في مسائل الدين ، وكثر تفرقهم ، كثر بسبب ذلك تباغضهم وتلاعنهم ، وكل منهم يظهر أنه يبغض لله ، وقد يكون في نفس الأمر معذورا ، وقد لا يكون معذورا ، بل يكون متبعا لهواه ، مقصرا في البحث عن معرفة ما يبغض عليه ، فإن كثيرا من البغض كذلك إنما يقع لمخالفة متبوع يظن أنه لا يقول إلا الحق ، وهذا الظن خطأ قطعا ، وإن أريد أنه لا يقول إلا الحق فيما خولف فيه ، فهذا الظن قد يخطئ ويصيب ، وقد يكون الحامل على الميل مجرد الهوى ، أو الإلف ، أو العادة ، وكل هذا يقدح في أن يكون هذا البغض لله ، فالواجب على المؤمن أن ينصح نفسه ، ويتحرز في هذا غاية التحرز ، وما أشكل
منه ، فلا يدخل نفسه فيه خشية أن يقع فيما نهي عنه من البغض المحرم .

وهاهنا أمر خفي ينبغي التفطن له ، وهو أن كثيرا من أئمة الدين قد يقول قولا مرجوحا ويكون مجتهدا فيه ، مأجورا على اجتهاده فيه ، موضوعا عنه خطؤه فيه ، ولا يكون المنتصر لمقالته تلك بمنزلته في هذه الدرجة ؛ لأنه قد لا ينتصر لهذا القول إلا لكون متبوعه قد قاله ، بحيث أنه لو قاله غيره من أئمة الدين ، لما قبله ولا انتصر له ، ولا والى من وافقه ، ولا عادى من خالفه ، وهو مع هذا يظن أنه إنما انتصر للحق بمنزلة متبوعه ، وليس كذلك ، فإن متبوعه إنما كان قصده الانتصار للحق ، وإن أخطأ في اجتهاده ، وأما هذا التابع ، فقد شاب انتصاره لما يظنه الحق إرادة علو متبوعه ، وظهور كلمته ، وأن لا ينسب إلى الخطأ ، وهذه دسيسة تقدح في قصد الانتصار للحق ، فافهم هذا ، فإنه فهم عظيم ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم" .
« آخر تحرير: 2012-07-05, 11:41:45 بواسطة فارس الشرق »
"وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى
وفيها لمن خاف القلى متعزل
لعمرك ما بالأرض ضيق على امرئ
سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل"
الشنفرى

غير متصل فارس الشرق

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 827
  • الجنس: ذكر
  • وحشيتي سرج على عبل الشوى نهد مراكله نبيل المحزم
رد: أوثق عرى الإيمان
« رد #2 في: 2012-07-04, 16:17:54 »
وجاء في مجموع الفتاوى لابن تيمية قوله:

"إنما عبد الله من يرضيه ما يرضي الله؛ ويسخطه ما يسخط الله؛ ويحب ما أحبه الله ورسوله، ويبغض ما أبغضه الله ورسوله؛ ويوالي أولياء الله ويعادي أعداء الله تعالى، وهذا هو الذي استكمل الإيمان. كما في الحديث: {من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله: فقد استكمل الإيمان} وقال: {أوثق عرى الإيمان: الحب في الله، والبغض في الله}. وفي الصحيح: عنه: {ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار}، فهذا وافق ربه فيما يحبه، وما يكرهه فكان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأحب المخلوق لله لا لغرض آخر، فكان هذا من تمام حبه لله، فإن محبة محبوب المحبوب من تمام محبة المحبوب؛ فإذا أحب أنبياء الله وأولياء الله لأجل قيامهم بمحبوبات الحق لا لشيء آخر، فقد أحبهم لله لا لغيره. وقد قال تعالى: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين}.
ولهذا قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} فإن الرسول يأمر بما يحب الله وينهى عما يبغضه الله ويفعل ما يحبه الله ويخبر بما يحب الله التصديق به؛ فمن كان محبا لله لزم أن يتبع الرسول فيصدقه فيما أخبر ويطيعه فيما أمر ويتأسى به فيما فعل، ومن فعل هذا فقد فعل ما يحبه الله؛ فيحبه الله؛ فجعل الله لأهل محبته علامتين: اتباع الرسول؛ والجهاد في سبيله. وذلك لأن الجهاد حقيقته الاجتهاد في حصول ما يحبه الله من الإيمان والعمل الصالح؛ ومن دفع ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان. وقد قال تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم} إلى قوله: {حتى يأتي الله بأمره} فتوعد من كان أهله وماله أحب إليه من الله ورسوله والجهاد في سبيله بهذا الوعيد. بل قد ثبت عنه في الصحيح: أنه قال: {والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده، والناس أجمعين}. وفي الصحيح: أن {عمر بن الخطاب قال له: يا رسول الله، والله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي: فقال: لا يا عمر، حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال: فوالله، لأنت أحب إلي من نفسي فقال: الآن يا عمر}. فحقيقة المحبة لا تتم إلا بموالاة المحبوب، وهو موافقته في حب ما يحب، وبغض ما يبغض، والله يحب الإيمان والتقوى، ويبغض الكفر والفسوق والعصيان، ومعلوم أن الحب يحرك إرادة القلب، فكلما قويت المحبة في القلب طلب القلب فعل المحبوبات، فإذا كانت المحبة تامة استلزمت إرادة جازمة في حصول المحبوبات، فإذا كان العبد قادرا عليها حصلها، وإن كان عاجزا عنها ففعل ما يقدر عليه من ذلك كان له كأجر الفاعل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئا؛ ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا}. وقال: {إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم. قالوا: وهم بالمدينة. قال: وهم بالمدينة حبسهم العذر}.
"وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى
وفيها لمن خاف القلى متعزل
لعمرك ما بالأرض ضيق على امرئ
سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل"
الشنفرى

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: أوثق عرى الإيمان
« رد #3 في: 2014-09-29, 10:51:59 »

وهاهنا أمر خفي ينبغي التفطن له ، وهو أن كثيرا من أئمة الدين قد يقول قولا مرجوحا ويكون مجتهدا فيه ، مأجورا على اجتهاده فيه ، موضوعا عنه خطؤه فيه ، ولا يكون المنتصر لمقالته تلك بمنزلته في هذه الدرجة ؛ لأنه قد لا ينتصر لهذا القول إلا لكون متبوعه قد قاله ، بحيث أنه لو قاله غيره من أئمة الدين ، لما قبله ولا انتصر له ، ولا والى من وافقه ، ولا عادى من خالفه ، وهو مع هذا يظن أنه إنما انتصر للحق بمنزلة متبوعه ، وليس كذلك ، فإن متبوعه إنما كان قصده الانتصار للحق ، وإن أخطأ في اجتهاده ، وأما هذا التابع ، فقد شاب انتصاره لما يظنه الحق إرادة علو متبوعه ، وظهور كلمته ، وأن لا ينسب إلى الخطأ ، وهذه دسيسة تقدح في قصد الانتصار للحق ، فافهم هذا ، فإنه فهم عظيم ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم" .


جميل جدا هذا الموضوع
وهذا الملح الذي نببه عليه الإمام مهم جدا وينبغي نشره وتعميمه
جزاك الله خيرا يا فارس
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*