قرار المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة
في دورته السابعة 1404هـ
حول التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب( 1)
أولاً- أحكام عامة :
(أ) إن انكشاف المرأة المسلمة، على غير من يحل شرعا بينها وبينه الاتصال الجنسي، لا يجوز بحال من الأحوال، إلا لغرض مشروع يعتبره الشرع مبيحا لهذا الانكشاف.
(ب) إن احتياج المرأة إلى العلاج من مرض يؤذيها، أو من حالة غير طبيعية في جسمها، تسبب لها إزعاجا، يعتبر ذلك غرضا مشروعا، يبيح لها الانكشاف، على غير زوجها لهذا العلاج، وعندئذ يتقيد ذلك الانكشاف بقدر الضرورة.
(ج) كلما كان انكشاف المرأة على غير من يحل بينها وبينه الاتصال الجنسي مباحا لغرض مشروع، يجب أن يكون المعالج امرأة مسلمة -إن أمكن ذلك- وإلا فامرأة غير مسلمة، وإلا فطبيب مسلم ثقة، وإلا فغير مسلم بهذا الترتيب. ولا تجوز الخلوة بين المعالج والمرأة التي يعالجها، إلا بحضور زوجها أو امرأة أخرى.
ثانياً : حكم التلقيح الاصطناعي :
1- إن حاجة المرأة المتزوجة، التي لا تحمل، وحاجة زوجها إلى الولد، تعتبر غرضا مشروعا، يبيح معالجتها بالطريقة المباحة، من طرق التلقيح الاصطناعي.
2- إن الأسلوب الأول( 2) ( الذي تؤخذ فيه النطفة الذكرية، من رجل متزوج، ثم تحقن في رحم زوجته نفسها، في طريقة التلقيح الداخلي ) هو أسلوب جائز شرعاً، بالشروط العامة الآنفة الذكر، وذلك بعد أن تثبت حاجة المرأة إلى هذه العملية لأجل الحمل.
3- إن الأسلوب الثالث: (الذي تؤخذ فيه البذرتان الذكرية والأنثوية من رجل وامرأة زوجين أحدهما للآخر، ويتم تلقيحهما خارجيا في أنبوب اختبار، ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة نفسها صاحبة البويضة ) هو أسلوب مقبول مبدئياً في ذاته، بالنظر الشرعي، لكنه غير سليم تماماً من موجبات الشك، فيما يستلزمه، ويحيط به من ملابسات، فينبغي أن لا يلجأ إليه إلا في حالات الضرورة القصوى، وبعد أن تتوفر الشرائط العامة الآنفة الذكر.
4- إن الأسلوب السابع ( الذي تؤخذ فيه النطفة والبويضة( 3) من زوجين وبعد تلقيحهما في وعاء الاختبار، تزرع اللقيحة في رحم الزوجة الأخرى للزوج نفسه، حيث تتطوع بمحض اختيارها بهذا الحمل عن ضرتها المنزوعة الرحم ) يظهر لمجلس المجمع، أنه جائز عند الحاجة، وبالشروط العامة المذكورة.( 4)
5- وفي حالات الجواز الثلاث يقرر المجمع: أن نسب المولود يثبت من الزوجين مصدر البذرتين،( 5) ويتبع الميراث، والحقوق الأخرى، ثبوت النسب، فحين يثبت نسب المولود من الرجل أو المرأة، يثبت الإرث وغيره من الأحكام، بين الولد ومن التحق نسبه به. أما الزوجة المتطوعة بالحمل عن ضرتها (في الأسلوب السابع المذكور) فتكون في حكم الأم الرضاعية للمولود، لأنه اكتسب من جسمها وعضويتها أكثر مما يكتسب الرضيع من مرضعته، في نصاب الرضاع الذي يحرم به ما يحرم من النسب.
6- أما الأساليب الأربعة الأخرى من أساليب التلقيح الاصطناعي في الطريقين الداخلي والخارجي - مما سبق بيانه- فجميعها محرمة في الشرع الإسلامي، لا مجال لإباحة شيء منها، لأن البذرتين الذكرية والأنثوية فيها ليستا من زوجين، أو لأن المتطوعة بالحمل هي أجنبية عن الزوجين مصدر البذرتين.
هذا، ونظراً لما في التلقيح الاصطناعي بوجه عام من ملابسات حتى في الصور الجائزة شرعاً، ومن احتمال اختلاط النطف، أو اللقائح في أوعية الاختبار، ولاسيما إذا كثرت ممارسته، وشاعت، فإن مجلس المجمع ينصح الحريصين على دينهم أن لا يلجأوا إلى ممارسته إلا في حالة الضرورة القصوى، وبمنتهى الاحتياط والحذر، من اختلاط النطف أو اللقائح. هذا ما ظهر لمجلس المجمع في هذه القضية ذات الحساسية الدينية القوية من قضايا الساعة، ويرجو من الله أن يكون صواباً. والله سبحانه أعلم وهو الهادي إلى سواء السبيل وولي التوفيق.
____________________________________________________________________
( 1) المصدر: موقع الفقه الإسلامي:
http://www.islamfeqh.com/Kshaf/Search/ViewDecisionDetails.aspx?DecisionID=892( 2) سيرد تفصيل هذه الأساليب في القرار التالي للمجمع الفقهي في دورته الثامنة، دون ذكر الأسلوب السابع، ولكنه مذكور هنا بالتفصيل.
( 3) اعترض الشيخ علي الطنطاوي على لفظ البويضة هذا واختار لفظ (بييضة)
( 4) حرم بعض العلماء هذه الصورة في حينها، لأنها تعرض الزوجة الثانية لانكشاف عورتها دون حاجة عندها أو ضرورة لها تبيح ذلك، ومنهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
( 5) وكان هذا موضوع اعتراض الشيخ علي الطنطاوي في فتواه، فقد رأى أن الأم ليست صاحبة البذرة، بل التي حملت وولدت.