المحرر موضوع: مذكّرات الطبيب  (زيارة 35315 مرات)

0 الأعضاء و 3 ضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
مذكّرات الطبيب
« في: 2011-11-10, 15:01:59 »


مذكرات طبيب.....

منذ حوالي خمسة أشهر (في مارس 2010م) تسلّمتُ العمل طبيبًا للامتياز في أحد المستشفيات التعليمية في القاهرة (مستشفى الساحل بروض الفرج).......

كان محيط المستشفى شعبيا...... وأكثر المرضى لا تعنيهم اللياقة كثيرًا..... فقط الحصول على الخدمة "الآن وهنا"...... وبكل استخفاف يتعامل المستهترون والخارجون على القانون والمرضى النفسيون مع الأطباء........

لم يمض يومها أكثر من شهر وبعض شهر على اشتعال ثورة يناير...... وفي غياب الشرطة ومع هروب الآلاف من المجرمين كان معتادا أن يفد علينا في كل يوم عشرات القتلى والجرحى....... وكم تذكرت قصة قصيرة لأنطون تشيخوف اسمها المنزل ذو العلية وهي حكاية رسام دخل في جدل جاد مع امرأة عقلانية مهتمة بالقضايا العلمية البحتة....... أصر الرسام على عبثية الطب وخلافه إذا كان الضمير غائبا..... بالفعل كان الطب عبثا لأن البلطجي يشرح أخاه ألف مرة في لحظات ونقوم نحن بتطبيبه في ساعات ربما تطول وربما يحتاج إلى عملية كبرى ومكلفة..... كان الضمير والقانون كفيلين براحتنا لو أرادا ذلك من البداية.......



(في مستشفى الشيخ زايد المركزي) باقتراب نهاية النهار...... جاءت زمرة من الأطفال.. كأنّها الخرق البالية........ إنهم يعملون في الحقول..... تحملهم سيارة نقل البهائم في الصباح وترجع بهم قبل الغروب.... في ذلك اليوم انقلبتْ السيارة فمات عدد منهم وحملتْ سيارة الإسعاف عددًا أكبر إلى مستشفانا.......

بدأتُ أفحص الصغار مع زميلي..... بعضهم كان بحاجة إلى خياطة جروحه......

الخيطان شحيحة.... والموجود منها سميك جدًّا كأنه حبل......... لكنْ ما العمل إذا كان هذا مقام الفقراء عند أولي الأمر؟؟

بدأتُ بإعطاء الصغير حقنة مخدر تحت الجلد..... وبدأ الدم يسيح من الفرجة بين حافتي الجرح....... وأخفى الولد عينيه بكفيه...... لم يصرخ..... لأن هؤلاء الصغار صرخوا كثيرًا من قبلُ وعلموا كم هو عبثي أن يصرخوا......... أما أولاد الأغنياء فإنهم يصرخون قبل أن يلمسهم الطبيب أو عندما يرش على جروحهم الماء فقط الماء........

أطفال كالخرق البالية...... ثيابهم ممزقة ومتسخة ووجوهم حائلة....... كتبتُ لكل ولد دواءً مناسبًا..... ترى هل في قدرتهم أن يشتروا شيئًا من كل ما كتبتُ؟... أشكّ طبعًا.......


كان اليوم طويلًا وفارغًا...... وبدأ زملائي...... وقلّ أن يكون لديّ زملاء في هذا المستشفى البعيد هناك..... (بعيد عن العين.... وتحت حرّ الجبال)..... وبدأنا نتكلّم مع النائب..... عن كل شيء....... عن الله والوجود والنسبية والعدمية ونيتشه وزرادشت....... وكلمة تجرّ كلمة..... ورائيل يجرّ مصطفى محمود........

مساكين هم الأطبّاء...... كل هذه الأفكار تستغرقهم...... وليس سهلًا أن يفضوا بها...... لمن أيها القارئ؟!!.... ليس طيّبًا أن تقوّي علاقتك بالممرضين والعمّال........ لأنّك لن تسيغ في النهاية مزاحهم ومركّب النقص السابح في شرايينهم........ والمرضى كذلك....... لا بدّ من الاحتفاظ بأكبر قدر من القدسيّة –والصمت من أوّليّاتها- أمام المريض......... تمامًا كالكاهن........

لأيّ شيء يهتمّ الطبيب؟!...... وصباحاته بلون الدم.... وطعم النار...... والليل..... لم يعد سكنًا...... فقط لحظة التوقيع في دفتر الحضور وحدها من تحتفظ بدلالتها..... كل شيء بهت........ الألم.... والموت...... والعورات...... والأمومة...... والطفولة..... كل شيء أصبح ميتا..... أنا عندما أخيط إنسانًا أراه وسادة...... ولو شعرت للحظة أنه إنسان.... فسيخسر كثيرًا وسأخسر نفسي...........


ليس شرطًا أن يكون ما أكتبُ جميلًا..... الناس كلهم يكتبون...... يكتبون باللسان...... وبالأصابع... والشفاه..... للجسد لغة ذات حضور أقوى وأثر أوقع في النفس.. للصمت لسان من الذهب... الصمت مَلِك الزمان..

أنا عندما أرجع إلى بيتي..... أرجع إلى نفسي.... وتنمو الأشواك..... تنمو وتنمو...... وتنقصف بانقصاف إحساسي بالنفس في يوم العمل....... يوم العمل.... عندما تختفي عنّي نفسي التي أكرهها حتى البكا..... تختفي هناك....... وراء السهر والوحدة والكلفة ومباسطة الزبون....... والنوم على لوح من الخشب..... والصحو لأجل من يكره رأسه أو يكرهه رأسه أو بطنه أو ساقه.......... والقراءة حتى السُّكر..... والراديو الذي يثرثر ليل نهار....... كل هذا لخنق هذه النفس........ التي ترجع في البيت...... في البيت قبل أن أدير المفتاح في فتحة الباب وتهرع الدموع........ لأجل أشياء كثيرة مكرّرة...... (فحزننا مكرر....... وموتنا مكرّر.... ونكهة القهوة في شفاهنا مكرّرة)....... وجعنا بالعزوبيّة...... وانتظار ورقة بيضاء لأجل القلم الذي أترعه الحبر....... وانتظار وردة جميلة لأجل طائر قتلتْه القصائد...... وانتظار معركة لأجل سلاح صدئ سلاحه......... والتبارير والتعازي والآمال....... كل شيء تكرّر حتى القبح... العيش عزبًا.... شقّ إنسان.... أعور... أعرج..... نصف عقل...... نصف قلب..... الليل للهموم..... والصبح لليل جديد تملؤه الهموم...... اسمنا عند الناس كان طلبة..... واليوم ملائكة الرحمة...... فمن ملاكنا.... ومن يسمعنا ويحتمل حرننا وجنوحنا؟؟!!!!..... لنا الله!

ترى أي شيء جنيناه من الحياة الحديثة؟!!!!..... وسائدنا غاضت في ماء عيوننا ونبت الحزن فيها (أشجارًا.... أشجارًا)....... غرفنا..... ترجّع زفراتنا....... ساعاتنا حبلى بالهموم..... وشهادات وفاة لأعمارنا التي اختارتْها لنا الحياة الحديثة ولم نخترها....... إن ميلادنا لجيل أنس القعود عن العمل حتى العشرين وعن الزواج حتى الثلاثين لن يغيّر من فطرة الله التي تحرقنا في كل خطرة....... في كل خطرة....... يذكر العزب وجعه....... فالسماء والأرض والشجر والحجر والطير والنسيم كل هذه الأشياء خميلة لزهرة في خياله........ كلّما سعد تاقتْ نفسه إلى من يشاركه أفراح قلبه........ أو حزن احترق لأجل من يحمل عنه صليبه......... تلبٍّستْ المرأة كل تفاصيل الحياة......... المرأة التي نقرأ عنها فقط في الروايات ودواوين الشعر...........


مذكّرات الطبيب..... وأي إنسان هو الطبيب!..... عندما تفتح أمّ قلبها لي وتبكي من العقوق والصدّ..... أقول لنفسي يبدو أنّ وجهي لا يجيد الكشف عن آلامي.... يا أمي أنا أيضا موجوع بوحدتي ربما أكثر منك..... أو تكشف فتاة حلوة عن آلامها..... أقول يبدو أن شبابي ولّى....... وإلا فأين أنا من كل ما انكشف أمامي الآن؟!... ألا أستحق أنا خجلًا؟!........ نحن ملائكة أيها الإخوة....... ملائكة..... نبلع الزلط...... ونبلع القبح..... ونبلع العريّ........ ونبلع الدم..... ونبلع البقشيش في النهاية......... تدجّنتْ النفس....... فلا تمرّ ولا تحلي.........


« آخر تحرير: 2011-11-10, 15:07:59 بواسطة عبد الرؤوف النجولي »

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #1 في: 2011-11-10, 15:54:39 »
تعبت............ قرأت كثيرا............ وسمعت كثيرا............ وجاء دوري لأتكلّم.........

في الربيع الماضي......... وبعد أقل من شهرين من اشتعال الثورة المصرية........ بدأ الامتياز....... النقلة الجديدة من التنظير إلى التطبيق كانت صعبة.........

الألم والدم والموت والعورة........... كل هذه الأشياء بهتتْ....... وبدأتُ أشعر أنني آلة........ عيني منظار......... ويدي مجسّ......... والمفترض بي أن أتحمل عن الناس ألمهم....... وأن أبدو متألما أنا أيضا......... وبطلا....... والطبيب في عيون الناس هو نبي معلّم......... أو ربما إله عليم......... لا تعزب عنه مثقال ذرة....... وليس من حقه أن يقول: "آسف..... لا أعلم"......

المرضى أشكال وألوان........ لصوص.... ومدمنون......... ومرضى نفسيون....... وطبيب الاستقبال هو (الحيطة المايلة)........ النوّاب نائمون أو في (البرايفيت) أو يشربون الشاي أو يدخّنون............ وأهل المرضى يصرخون ويتوعّدون بالتشكي للوزير وأحيانا بالسلاح الأبيض والأسمر........... والممرضون يعتبرون الأطباء الممتازين لعبة........ والنوّاب يعتبرونهم عبيدًا....... والإخصائيون لا يعترفون بوجودهم أصلا........

بعد أيام بدأت النوبتجيات.......... حتى الليل والنهار ذابا تماما......... وأصبح كل شيء رماديا........... وأصبح الهروب هدفا............ وأصبحت ساعة الإمضا هي الساعة المعتبرة الوحيدة......... حتى الصلاة مخطوفة........ وعلى الغداء مكالمة تستعجلك........ وبعد شرب الشاي كلمة عتاب وقرصة أذن.......

الأرض دارتْ وتوقّفت تحت قدمي........... هنا بالضبط......... فالشمس تشرق وتغرب......... والأعياد تعود....... والشجر ينمو وييبس.......... والحيوانات تتكاثر وتلد...... وهنا فقط ماتت كل عملياتالتمثيل الغذائي وتوقفت أجرام السماء.......... الدموع يائسة....... والكلمات تبددتْ لأنها لا تجد من يسمعها......... لأن الكلمات تظل افتراضا......... والنقود وحدها هي التي تمنح وجودنا شرعيّته......... يا رب من لهذا القلب الذي تفتت ألف مرة؟؟؟؟؟؟

دارت دموعي....... ودارت......... وسقطت........ هكذا بلا ثمن....... في الوسادة....... وفي التراب......
وفي القلب...... تمطر......

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6546
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #2 في: 2011-11-10, 16:37:47 »
رائعة يا عبد الرؤوف ....رائعة

رغم ما يكتنفها من حزن وأسى وخوف من تبلّد الشعور مع ما تصبح عليه وتمسي من حاجتك للجَلَد وللتجلد وللتصبر ولأن تخفي كل انفعال ....

اكتب يا عبد الرؤوف ....فكلنا آذان صاغية .... اكتب فأنت تكتب لمن يفهمك .... ويفهم أنك تحرص على مشاعرك ألا تتبلد وعلى أحاسيسك ألا تتصقّع ....
ومعك حق فمع ما يتكرر معكم أنتم الأطباء من الصعب الذي عليكم مجابهته وإيجاد حل له بأسرع ما يمكن وبالقليل الممكن المتوفر بين أيديكم لك الحق في أن تساورك المخاوف على أحاسيسك .....

اكتب يا عبد الرؤوف ....فللكتابة فوائد ذات أوجه ....من أهمها أنك تفرغ شيئا مما بداخلك، أنك تكتب لمن يفهمك، أنك تجد رجعا لصدى نفسك، أنك توثق تاريخا سيأتي يوم ما تجد أنه أصبح تاريخا ....وأصبح ماضيا ....ساعة يمن الله عليك بالنفس التي ستؤنسك وستشد من أزرك وستزهر حياتك بمعيتها وستذهب عنك كل وحشة ..........

اكتب يا عبد الرؤوف ...فكتاباتك رائعة ولا يجب أن تبخل بها على نفسك أولا لتداوي من جراحاتها وأنت تكتب، وعلى غيرك ليعرف ما يعاني الطبيب المداوي من آلام .........

كلنا آذان صاغية  emo (30): بارك الله بقلمك ونفع به ....

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #3 في: 2011-11-10, 20:18:19 »
اقتباس
كلنا آذان صاغية  بارك الله بقلمك ونفع به ....

قل: آذان مصغية....... ولا تقل: آذان صاغية........

صغى صاغ وصاغية....... مال........ قال تعالى: "ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة".

وبارك الله فيكم........ أكتب إن شاء الله........ وتتابعون الكتابة.........

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل أحمد سامي

  • شباب منتج
  • ****
  • مشاركة: 1258
  • حائط برلين لم يهدم عندنا حتى الان يعيش داخلنا
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #4 في: 2011-11-10, 21:46:27 »
دراسة الطب ليست مثل اي دراسة ......... و اتكلم عن مجال الصحة عامة و على رأس الهرم الطبيب.......فعليك بدفع الثمن....... و قد بدأت الدفع منذ الدراسة فالمواعيد عجيبة ليست مثل اي كلية اخرى بل و كل جامعة تختلف عن الأخرى........ثم انت تعمل في اغلى ما يملكه الإنسان .......صحته و صحة عائلته ........و عملك الأساسي هو ان تسمع شكوى الناس فزيارة الطبيب او المستشفى ليست نزهة........ و تسلم النوبتجيات عند الإمتياز مثل الجيش ......... كل رتبة تعطي الأوامر للرتبة الأقل......الطب عذاب للشخص العادي لأنه اذا اراد النجاح عليه ان يذاكر طوال عمره فعندما تقرأ يافطة طبيب  فكل كلمة على اليافطة من ماجيستير الى دكتوراة الى دبلومة الى الى زمالة الخ الخ الخ........كل كلمة تعني مذاكرة لعدة سنوات و اجتهاد للحصول عليها.

و العذاب مضاعف لمن عنده حس و ضمير ......... لأن الم المرض ليس بالشئ الهين حتى لو كان المريض شخص لا تحبه و لا تطيقه ممن يتوافدون كل يوم على المستشفى و يصرخون في وجهك و يهددونك و انت مطالب ان تكون ساحر و بهلوان و طبيب و فتوة و و و....... ولكن احمد الله انك عند سرير المرض تنظر دائما لأسفل.....و لست تنظر الى الدنيا لأعلى ....... فعند سرير المرض من ينظر لأعلى يرى الدنيا من وجهة نظر مختلفة....... احساس بالذل كلما اراد ان يفرغ كيس تجمع البول عن طريق الممرضة عندما يمتلئ أو ريد من يسنده ليتمشى أو يدخل الحمام أو يريد من يعدل له وضعية نومه خاصة في مستشفى تعليمي مجاني  حيث الممرضات اشرس من الحيوانات المفترسة.

احمد الله يا اخي انك عند سرير المرض تنظر لأسفل........ فأصعب شئ في مجال الصحة ان يتبلد الشعور و يصبح المرض مجرد شئ عابر....... و لكن للأسف موت القلب تجاه المرض  هو النتيجة الحتمية في هذا المجال ......... فالطبيب الذي يشفق على  المريض بطريقة درامية أو يرتبك عند تفاقم الحالة لا يمكنه ابدا ان يعالج اي شخص.
« آخر تحرير: 2011-11-10, 21:49:03 بواسطة أخوكم أحمد »
‏{‏لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ()إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا‏}‏

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #5 في: 2011-11-10, 22:01:28 »
أحسنت قولا يا أحمد

لكنني لا أتفق معكما في هذا الوصف للطبيب
ربما لأن أبا العيال طبيب... وهو يعشق مهنته، ويتفانى فيها... ولطالما عاد الى المنزل وهو يقول لي أبشري فقد وصلتك اليوم انت وأولادك عشرات الأدعية من المرضى الذين يساعدهم.. ويقول لي ان هذا يساوي الدنيا وما فيها
إنه يعمل لأنه يشعر انه بعمله يساعد الناس ويخفف من آلامهم.. وهذا عنده اجمل متاع...
وهو لا يذهب الى عملية الا بعد ان يصلي ركعتين لله تعالى، ويقرأ سورة يس، ويتصل بوالدته ويثير شفقتها على المريض (او المرضى) ويطلب منها الدعاء لهم.. ثم يطلب مني ... ثم يذهب..
معظم المرضى الذين يعالجهم يظفرون بدعائنا لهم بالشفاء والصحة والعافية...
وعندما يبدأ العملية ويشعر ان المريض خائف.. وويسأله المريض هل سأشفى يا دكتور.. يقول له إنما أنا آلة وأداة، والشافي والمعافي هو الله، فادع الله وأنت موقن بالاجابة..
وبما انه يجري عملياته بتخدير موضعي.. فإنه اذا شعر بأي عسر اثناء العملية يتوجه للمريض نفسه ويطلب منه ان يدعو الله وان يذكره ويستغفر... فييسرالله تعالى له امره ويجري الشفاء على يديه...

يدخل على مرضاه ويذكرهم ان يتوكلوا على الله وان يحمدوه.. بل ويذكرهم بالصلاة، ويسعى في احضار التراب لهم ليتيمموا ويعلمهم كيفية الصلاة بحسب وضعهم الصحي ويحثهم عليها

نعم... الطبيب شيء كبير جدا عند المريض.. خاصة المرضى البسطاء.. يشعرون فعلا انه المنقذ والمسعف وطوق النجاة.. لهذا على الطبيب ان يحسن فهم موقعه الذي استعمله الله تعالى فيه، ويؤدي حقه من حمد وشكر ودعوة لله تعالى ..

--------------------

وأما آلام العزب والعزوبية فنكلها الى الله تعالى

بوركتم
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل أحمد سامي

  • شباب منتج
  • ****
  • مشاركة: 1258
  • حائط برلين لم يهدم عندنا حتى الان يعيش داخلنا
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #6 في: 2011-11-11, 00:00:37 »
و لهذا قلت ان العذاب مضاعف لمن عنده ضمير و مضاعف أكثر للمتدين.  فهو مطالب بالإثنين في نفس الوقت رقة الفلب مع جدية التعامل مع المرض دون ان تمنعه تلك الرقة قالثانية عمليا أهم من الأولى.

و لأن الله الأكرم  فإن مكسب المال لا يمنع أبدا مكسب الأجر عند الله بعكس استخدام الناس دائما لفظ (لوجه الله) في الأفعال المجانية. فإن حسن المعاملة لوجه الله و تعقيم الغرفة و الأدوات لوجه الله و الدعاء للمريض في السر و العلن لوجه الله و صرف الدواء المخزن في ظروف جيدة و تاريخه لا يزال صالحا فهو لوجه الله.

لطالما كنت اقول ان الحمل الكبير جدا يقع على عاتق مهنتين و لا يحس بهذا الحمل سوى الشخص المتدين الذي يعرف انه سيلقى الله يوما.

الطبيب و من يعمل في مجال الصحة عامة  ثم المحامي.

فالأول غلطته قد تكلفك صحتك او حياتك و الثاني غلطته قد تكلفك حريتك أو مالك.

‏{‏لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ()إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا‏}‏

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6546
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #7 في: 2011-11-11, 11:11:48 »
اقتباس
كلنا آذان صاغية  بارك الله بقلمك ونفع به ....

قل: آذان مصغية....... ولا تقل: آذان صاغية........

صغى صاغ وصاغية....... مال........ قال تعالى: "ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة".

وبارك الله فيكم........ أكتب إن شاء الله........ وتتابعون الكتابة.........

شكرا لك يا عبد الرؤوف .... ولكن قمت ببحث صغير ودققت، فوجدت في "لسان العرب" :

صغا إليه سمْعي يَصْغُو صُغُوّاً وصَغِيَ يَصْغى صغاً: مال.
وأَصْغى إليه رأْسَه وسَمْعه: أَماله.
وأَصْغَيْتُ إلى فلانٍ إذا مِلْت بسَمْعك نحوهَ.

وبالتالي ونحن نقول: كلنا آذان صاغية بمعني كلنا آذان مائلة للسمع، أي كأن تلك الجارحة بذاتها (الأذن) هي كل الإنسان لشدة اهتمامه بما يسمع .

فأراه تعبيرا صحيحا .....ف : صغا إليه سمعي أي مال ، فهو صاغ، وصغت إليه أذني أي مالت فهي صاغية.

----------

أما عن الطبيب الأريب الذي يخفف عن المريض بقدر ما يحتويه نفسيا، وبابتسامة وباستقبال حفيّ، فهذا نعاني من فقده جدا مع الأطباء، وكم نرتاح قبل شرب الدواء حينما نجد طبيبا يحسن الاستقبال والتواضع، والتعامل مع المريض، وأن يبدأ باسم الله تعالى جاهرا بها، وأن يدعو للمريض بالشفاء، وأن يذكره أن الله الشافي المعافي وأنما هو سبب، وأن المريض لم يأتِ لتاجر ينتظر المقابل لا شيء غير المقابل .... ووووو

كل هذا نفتقده بحق .... وسل مجربا ولا تسل طبيبا عن هذا emo (30):، فحينما يمرض الواحد منا ويضطر للذهاب إلى طبيب يحتاج أن يحتوي الطبيب نفسيته احتواء الوقار، والاحترام والطيبة وتذكر الله فيه ......  كما ذكرت يا هادية عن زوجك .

ولهذا أرى أن عمل الطبيب على المستوى النفسي مع المريض له أهمية قصوى في عملية الشفاء ذاتها، وزرع الأمل ...... وكذلك أحببت أن أحثك يا عبد الرؤوف على أن تحاول قدر الإمكان رغم تعودك على تكرار المواقف الصعبة ورغم لزوم تجلدك،أن تشعر المريض بأنك تشعر بآلامه، لأن لذلك دورا كبيرا في ارتياح المريض لدواء الطبيب أصلا .... فكم يعاني الناس من أطباء مثلهم كمثل الحجر .......

وطبعا من كل هذا بقدر، أي ألا يتعدى لأن يكون تبسطا عن حسن نية من الطبيب مثلا، قد تفهمه فتاة على أنه شيء آخر .... يعني توخي الحكمة في التعامل مع كل صنف، والوسطية اللازمة .....

لا أريد أن أفسد عليك بوحك يا عبد الرؤوف كما تريد وكما ترى، ولكن فقط للناس أيضا بَوح نريد أن نوصله لك من خلالنا  emo (30):


ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #8 في: 2011-11-11, 11:48:00 »
أحببت -إن أذنتم لي- أن أضيف لمحات اخرى من سمو مهنة الطب، ووجوب اعادة هذا السمو والاشراق لها... ولعلمكم فإن الفقهاء يعدونها من أشرف المهن بعد الاشتغال بعلوم الدين... فحياة الجسد وصحته تأتي تالية لحياة الروح والمجتمع وصحتمهما والتي يعنى بها علماء الشريعة (الحقيقيين)

لقد أنجبت بعض أبنائي في كندا، وبعضهم في السعودية، وسئلت أين شعرت براحة اكبر، فكانت إجابتي انه لا مجال للمقارنة، وأنني ارتحت في السعودية اكثر بكثير طبعا، إذ يكفي هنا انهم يراعون حرمة النساء وخصوصيتهم، ولا تحتاج الولادة فوق آلام المخاض وتعبه الى ان تعين حارسا امينا على بابها يصد عنها الممرضين الذكور وعمال النظافة وغيرهم من العمال الذين يدخلون ويخرجون في كندا دون مراعاة لستر ولا حرمة..
ويكفي ان الطبيبة (او الطبيب) يبدأ الكشف باسم الله.. ويلهج لسانه بذكرالله طوال معالجته او كشفه على المريض
بل إن الأطباء هنا يتعلمون أن يؤذنوا في أذن الصغير ويقيموا الصلاة في اذنه الاخرى بمجرد ان يستلموه من أمه، خشية ان ينشغل الاهل فلا يقومون بهذه السنة

وأذكر في آخر ولاداتي وكانت قيصرية، كيف أيقظني طبيب التخدير (وكان مصريا) إذ ناداني باسمي، فرددت.. سألني هل تسمعيني؟ قلت نعم .. قال فرددي خلفي: الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور... ولكم اطمأن قلبي بهذا الدعاء العذب ودمعت عيناي وأحسست بفضل الله تعالى يغمرني

الطبيب اذا اتقى الله تعالى فهو ملاك فعلا، ويستطيع ان يخدم الاسلام ويدعو الى سبيله خيرا من اعظم داعية
لكنه ان عبد الدرهم والدينار تحول الى شيطان بقرنين وذيل
:emoti_6:
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #9 في: 2011-11-11, 17:11:12 »
 :Pc:::

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6546
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #10 في: 2011-11-11, 17:20:22 »
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #11 في: 2011-11-11, 17:21:31 »
 :emoti_419:

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #12 في: 2011-11-11, 21:20:03 »
يعني ايه؟؟   emot::
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #13 في: 2011-11-11, 21:22:24 »
 emo (17):

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6546
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #14 في: 2011-11-11, 22:22:20 »
يعني ايه؟؟   emot::

طيب الترجمة :  :emoti_277:

:Pc:::

ما أن قلت "يا مسهل"  وبدأت البوح، فبين شكوى وحزن مبثوث، وحِمل ثقيل أحاول أن أستخفه ببوحي، وجو صعب، وصعاب ومصاعب، حتى بدأتم بَوْحَكم أنتم، فهذه نصائح، وهذه توجيهات، وتلك انتقادات، ومسؤولية أخرى بثقلها تلقونها على عاتق مثقل مهموم محزون، آل "لا نريد أن نفسد عليك بوحك " آل  :emoti_144:

:emoti_419:

الرحمة الرحمة يا ناس، لقد جئتكم أشتكي همي، وأبث حزني، فإذا بكم تزيدون على حملي حملا ....الرحمة....ارحموا طبيبا يشكو آلامه

emo (17):

النجدة....النجدة ....أكل هذا وترون أنكم لم تفعلوا شيئا ؟؟ فماذا إذا فعلتم إذن....لكنت هجرت المنتدى بكله وكلكله  :emoti_213:

والآن نقول لك نحن يا عبد الرؤوف :
نحن  :blush::   و    emo (9):  فبُح أنت وتكلم  ::)smile:
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل أبو دواة

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 640
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #15 في: 2011-11-11, 22:24:33 »
 laugh::::-0

يا دولة الظلم امّحي وبيدي.........

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #16 في: 2011-11-12, 04:17:56 »
هيك لكان يا أسماء
ايه ما بدها لف ودوران... قولي لنا بالعربي الفصيح (بيعينا سكوتك) وانا بوافق دغري.. خاصة اذا السعر مناسب
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل حازرلي أسماء

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 6546
  • الجنس: أنثى
  • غفر الله لنا ما لا تعلمون
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #17 في: 2011-11-12, 09:20:25 »
هيك لكان يا أسماء
ايه ما بدها لف ودوران... قولي لنا بالعربي الفصيح (بيعينا سكوتك) وانا بوافق دغري.. خاصة اذا السعر مناسب


 :emoti_282:

ولكننا في الهواء سواء  يا هادية، وكلنا قد باح .... (كانت "مذكّرات الطبيب"، فقلبناها "كيف تكون طبيبا صادقا" :emoti_282:، ولكنها كلها كلمات رائعة وصادقة ومفيدة والحمد لله     emo (30):  )
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهبْ لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

غير متصل saaleh

  • شباب جديد
  • *
  • مشاركة: 67
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #18 في: 2011-11-12, 18:18:30 »
أخي عبد الرؤوف

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 لا تغضب مني يا عبده
ولن أتعلل أوعتذر.. فلا يعلم الأعذار إلا الله

 أشارك في موضوعك

 لم لا...

 موضوعك هو يوميات طبيب وأنا كنت كتبت ذكريات طبيب.. وكان فيها شيء من اليوميات...

 قرأت مقالتك الأولى..

ضعت فيها تماما
 كان من الأفضل أن تقسمها لعدد من المقالات  حتى يستطيع من يقرأها أن يحتفظ بنفس الروح التي يحملها كل مقطع أوفقرة  وكان من الأفضل أن تحتفظ باليوميات ولا تنتقل للذكريات إلا كمقدمة للموضوع فأنت مازلت جديد عهد بالطب وذكرياتك قصيرة المدى وقليلة الكم
عد واكتب يومياتك
ولا تكتب ما لا يستحق الكتابة
 في كل مقالة ضع موقف واحد وأكّد على فكرة تريد إظهارها دون شطط ممل ولا اختصار مخل ولا تذهب لفكرة إخرى أبداً بل انهِ المقالة وابدأ مقالة جديدة إن كنت تريد االكلام عن فكرة جديدة

 أما في طريقة العرض فأنا أود أن تنقص من النقاط
لا تنقط إلا عند اللزوم

النقطة لإنهاء الجملة وثلاث نقط إن كنت تريدأن يعلم القارئ أنه يجب أن يذهب بعيداً في تفكيره أو إن كنت تريد أن توحي أن للفكرة أبعاد أو تتمة وتفاصيل . ولا تزيد على ثلاثة إلا في أندر من النادر
 
أما بعد الجمل القصيرة فلا تضع هذا العدد الكبير من النقاط التي تشتت فكر القارئ، بل ضع فاصلة.. وكذلك إشارات التعجب لا تفرط بها إلا عندما تريد أن تجذب الانتباه لأقصى حد لأنك تسيء للمعنى...

 أنتظر منك الجديد


 أخوك

 وضاح

غير متصل saaleh

  • شباب جديد
  • *
  • مشاركة: 67
  • الجنس: ذكر
رد: مذكّرات الطبيب
« رد #19 في: 2011-11-12, 18:20:04 »
أيضا أمر آخر

 لا تضع عدة ألوان في المقالة إلا إذا أردت أن تنبه القارئ إلى أمر معترض مهم فيها ولا تستخدم أكثر من لونين أبداً