لم أكن قد جربت التدريس من قبل , لكن الحياة من حيث لا أدري جعلت مني مدرسة الرياضيات الجديدة في تلك المدرسه الإعدادية للبنات القابعه بجوار بيتنا , وفي يومي الأول رأيت طالباتي زهور تتفتح تنتظر أن يسقيهن أحد بعلوم الكون , لكن بعد مرور الأيام إكتشفت أن هناك الكثير من الزرع الضار يلتف حول هذه الزهور , حزنت لما رأيتهن مكبلات , و زاد حزني لما رأيتهن لا يدركن ذلك , نظرت الى كتاب الرياضيات , الملئ بالصور , و الرسومات الجميله و التمارين الجذابه و قلت في نفسي أياليتني درست هذا الكتاب , لاختلف عقلي عن هذا اليوم , و جائت بي الذكريات الى أيام المدرسه الإعداديه في اليوم الذي قام مدرسي برمي كرسي و مكتبي بعنف على الأرض لأني سألته أن يعيد الشرح , و على صوت صراخ عدت إلى أرض الواقع لأجد طالباتي يقفزن على الكراسي كما القردة لا يعبأن بالدرس الذي حضرته لهن على برنامج الباور , و الذي راعيت فيه التشويق , و نظرت الى الصف الخلفي فإذا بي أراه يضج باللهو , و لاحظت أن لا أحد ينظر الى الصبورة , ولا إلى لعبة المعادلات التي حاولت أن أجذب بها إهتمامهن , و اكتشفت أنه من الممكن أن يكون لديك كل شيئ لكن لا ىتحقق أي شيئ لأنك تفتقد إلى أهم شيئ , ألا و هو الرغبه الحقيقية في أن تتعلم , أو لنقل الجديه في الحياة , و أشفقت على حال الفتيات ليس لأجل الرياضيات , و لكن لأن الدنيا خدعتهن مبكرا جدا , و لم تنتظر أن يكبرن و لو قليل , و تمنيت لو أن بريق من البراءة يعود يوما كما في الماضي , عجبت لجيلي و لكن عحبت أكثر للأجيال القادمه , أجيال لا يهمها الا أن تلهو و تستمتع بالحياه ... أجيال فقدت أهم متعه , متعه التعلم , التأمل , التعمق في بحور الكون