والله يا جماعة الخير طبعا لستُ مصدر فتوى ! لكني سمعتها من فقيه : لا كفّارة في هذه الحالة، بل يكون قضاء يوم لو لم يكن هناك اجتهاد لبيان سبب الإفطار حسب أحد المعايير. ما معنى ذلك ؟ ربما تجدون تفسيرا ضمن البيان التالي :
بيان من الفلكيين (وأعضاء اللجنة العلمية) حول رؤية هلال عيد فطر 1432
ربما لم يشهد أي شهر هجري فيما مضى أخذا وردّا حول صحة رؤية الهلال كما شهد شوال 1432 هذا، إذ أعلنت السعودية ومصر والجزائر ثبوت رؤية الهلال يوم الإثنين 29 رمضان 1432 هـ الموافق 29 آب/أغسطس 2011م ، في الوقت الذي كان فيه 22 من الفلكيين المسلمين قد صرحوا في بيان وزّع قبل ذلك بأكثر من أسبوع أن مثل تلك الرؤية لن تكون ممكنة، وكذلك جاءت تصريحات من فلكيين آخرين، هيئات وأفرادأً.
ونرى من واجبنا كفلكيين مسلمين ولجنة علمية من المتخصصين في موضوع الهلال (كثير منا نشر أبحاثا في المسألة في دوريات عالمية محكّمة)، ومعظمنا أساتذة فلك وباحثون في جامعات، أن نبيّن الحقائق بهدوء ووضوح. ونشير أيضا الى أن الهواة في علم الفلك كثيرا ما يملكون خبرات عالية بل ويقومون باكتشافات يحييها ويتبناها المتخصصون، إذ السماء مفتوحة للجميع، والأجهزة والتقنيات الجديدة صارت في متناول الكثيرين بأسعار معقولة، فلا يصحّ وصف الناس بـ"الهواة" تقليلاً من شأنهم. ومن باب المسؤولية العلمية والاجتماعية والدينية، نرى أنه من واجبنا إيضاح الحقيقة لمن يبحث عنها، فرؤية الهلال من منطقتنا العربية يوم الاثنين 29 آب / أغسطس لم تكن ممكنة، سواء بالعين المجردة أو باستخدام التلسكوب.
ونودّ أن نؤكّد أن نقدنا هو ليس لإعلان العيد ذاته، فنحن لا يزعجنا كفلكيين أن يكون العيد الثلاثاء أو الأربعاء، فهذا القرار يعود للمؤسسات المختصّة والمخوّلة والتي تبني قرارها على رأي فقهي معين. وبالفعل، كانت هناك عدة خيارات أمام الفقهاء والمسؤولين مساء الإثنين، كما نبيّن باختصار أدناه، وإنما الإشكالية عندنا وموضع نقدنا هو أن يعطي بعض الفقهاء والمفتين لأنفسهم صلاحية الحكم على الهلال إن كان يُرى أو لا يُرى، إذ هذه مسألة فلكية بحتة. فكما أن الفقهاء لا يسمحون للفلكيين الحكم في هذا الرأي الشرعيّ أو ذاك، فإننا لا نفهم كيف يصرّ بعض الفقهاء (في مقالات موقعة بأسمائهم) على الحكم على الهلال من حيث قابليته للرؤية!
لنلخّص سريعا الحقائق الفلكية بالنّسبة لمساء التاسع والعشرين من آب / أغسطس: في النصف الشّمالي من العالم الإسلامي (شمال مدينة الرياض تقريبا)، كان القمر يغرب قبل غروب الشمس. وفي الجزء الجنوبي، كان القمر يغرب بعد غروب الشمس بمدّة جدّ قصيرة (أقل من 10 دقائق، بل في كثير من الأحيان أقل من 5 دقائق، علماً بأن الرّقم القياسي العالمي لمكث الهلال المرصود بالعين المجردة هو 29 دقيقة وبالتلسكوب هو 20 دقيقة) ما يعني أن مكث القمر مساء التاسع والعشرين لم يكن ليسمح برؤيته. ولم تكن الرؤية ممكنة بالتلسكوب إلا في أقصى جنوب إفريقيا، وبالعين المجردة في أقصى جنوب القارة الأمريكية فقط.
وعليه، فلقد كانت للفقهاء ثلاثة خيارات معقولة علمياً ودينياً:
1.الأخذ بوجود القمر (لا برؤية الهلال) في السماء على ارتفاع معيّن هنا أو هناك، والتقرير بدخول الشهر (شوال) مباشرة (أي يوم 30)، وهو المبدأ الذي تسير عليه تركيا وماليزيا مثلا.
2.القبول بإمكانية الرؤية فقط في جنوب إفريقيا أو جنوب القارّة الأمريكية ( سواءً مع انتظار تحقّق تلك الرؤية أو مع عدم انتظارها )، والتقرير بدخول الشهر يوم 30، وهو ما اعتمده المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث.
3.الاعتماد على الرؤية والشهادة محليا (كما تفعل كثير من الدول) وحينها لا يكون عيد الفطر لعام 1432 هـ في الدول الإسلامية إلا يوم 31 آب/أغسطس، وهو ما أعلنته سلطنة عُمان بشكل جدّ حضاري قبل أكثر من أسبوع من الموعد، وهو ما تسير عليه المملكة المغربية عادة.
أما أن يقرر البعض أنّ أي قمر يغرب بعد الشمس هو قابل للرؤية كهلال، فهذا تعدٍّ للخبرات والصلاحيات العلمية وضرب بالحائط لمئات الأبحاث وآلاف الأرصاد التي نتحدى أي شخص أن يثبت لنا (بالمرجع) عكسها. قال تعالى "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (سورة الأنبياء، آية 07).
أما ما يشنّ من حملة إعلامية ضد الفلكيين عموما والاتهامات التي وجهت لهم باتباع الهوى والخرافة ونحو ذلك، فهي حملة نأسف أن يسير فيها أي مسلم، خاصة ذوو العلم والمسؤولية.
وندعو الله أن يلهمنا جميعا رشدنا وأن يرفع أعمالنا ويخدم بنا الأمة وصورتها أمام العالم وأن يلمّ شملنا على الحقّ.
اللهم قد بلّغنا، اللهمّ فاشهد.
الموقعون:
( 24 توقيعا لمرجعيات فلكية وشرعية )