دون تعصب يا جماعة، وبتفكر عقلاني هادئ... ما مصلحة اي حكومة خليجية في دعم الثورة المضادة في مصر او تحريضها؟
صحيح كانت لهم مصالح قوية مع مبارك وحاولوا دعمه لاخر لحظة
لكن بعد ان سقط واستحالة ان يرجع فمصلحتهم تقول ان يمدوا جسور التواصل مع النظام المصري الجديد ايا كان وعدم استعدائه
فما مصلحتهم في ثورة مضادة؟؟
ام تقصدون ان المصلحة هي افشال الثورة حتى لا تفكر شعوبهم بالحذو حذوها ؟؟
أولا واضح جدا أن مجلس التعاون الخليجي هو لأكثر حرصا في المنطقة على إحماد الثورات .. وهم يحاولون بكل قوة إفشال الثورات التي نجحت في سبيل هذا .. بالإضافة إلى معرفتنا لمن الكلمة العليا في الخليج ولمن القوة على الأرض وفي البحر وفي الجو وفي القرار السياسي .. ونعرف طبعا الضغوط الصهيونية القوية جدا جدا على العالم كله وعلى رأسه الولايات المتحدة لإفشال الثورة في مصر وإخماد بقية الثورات بكل قوة وحسم .. وطبعا القوات الخليجية في البحرين وجرائمها كل يوم أبلغ من أي قول .. وتغاضي العالم أجمع عنها بل والتأييد الأمريكي القوي والمدافع عنها بليغ جدا أيضا .. وإيواء بن علي كان بليغا جدا أيضا .. ومحاولة تدخلهم الآن في اليمن دليل قوي أيضا .. ناهيكم عن الحروب التي قاموا بها في اليمن ضد الشعب أصلا وبالوكالة عن الولايات المتحدة ..
أما في مصر فالموضوع أصبح في حكم المؤكد ولا يحتاج لنقاش كبير .. بداية من الدعم العلني جدا لمبارك من قبل وحتى قبل سويعات من تنحيه .. ثم معلومات متناثرة في كل مكان عن دعم السعودية للثورة المضادة أيام أحمد شفيق .. ثم هدم الأضرحة في أسلوب سعودي واضح جدا لا يمكن تصديقه على السلفيين المصريين .. ومع نقل مبارك أرصدته بكل صورها من الغرب إلى الخليج وتعهد الخليج بعدم الكشف عنها بأي حال من الأحوال .. ومع زيارة وزير الخارجية السعودي للمجلس العسكري والذي أكدت مصادر أنه جاء ليهدد المجلس العسكري بطرد المصريين لو تمت محاكمة مبارك .. وبعدها تأكيد المجلس العسكري بوضوح وصراحة في أكثر من مناسبة أن " دولة عربية كبرى " تضغط على المجلس العسكري لكيلا يحاكم مبارك وقول عضو آخر أن دول عربية شقيقة تعرض أموالا سخية جدا جدا في سبيل عدم محاكمة مبارك ولكن مبارك أمره سينظر فيه القضاء ولن ينظر فيه المجلس العسكري .. وأخيرا إذاعة رسالة مبارك الصوتية على قناة العربية ..
وطبعا يمكن فهم كل هذا في إطار فهمنا لسياسة محور "الإعتدال" طوال السنوات السابقة .. ومحور الاعتدال كان على رأسه لمن لا يتذكر " مصر - السعودية - الأردن " .. ولما كان النظام المصري صهيونيا بهذه الدرجة التي عرفتوها جميعا وانفضح كثير منها على مدى السنوات السابقة وانفضح أكثر في الشهور الأخيرة .. وكان الغرب ينظر للسعودية ومصر والاردن نظرة متساوية بل بدأ يُفضل السعودية ويعلي من شأنها أكثر وأكثر في السنوات القليلة الماضية على الرغم من التنازلات الخرافية التي كانت القيادة المصرية تقدمها لحظة تلو الأخرى وعلى الرغم من أن مصر في خط المواجهة مباشرة مع إسرائيل وبيدها ملفات المصالحة والمفاوضات وبيدها اتفاقية الغاز والسلام والحدود ومعبر رفح وأشياء كثيرة جدا .. فيمكن بالتالي فهم أن النظام السعودي بدأ مؤخرا يقدم ما يعدل ذلك كله بل ما يرجحه عليه .. ويمكن بمنتهى البساطة العقلانية لا العاطفية فهم أن من يسمونه خادم الحرمين ربما يقصدون بها حرمين آخرين غير الحرميين الشريفين الذين نعرفهما ونقدسهما وهم أهم بالنسبة له ولنظامه منهما ..
يمكننا تفسير ذلك بسهولة ولكن السؤال الأهم الذي كان يحجمنا كثيرا من قبل هو " لماذا " ؟! وهذا ما أجاب عنه مجلس التعاون الخليجي مؤخرا بصراحة شديدة ولم يخجل من الاعتراف به (ربما لأن شعوره بالخوف أكبر من أي اعتبار الآن) وهو أنهم يعتبرون إيران أكبر خطرا عليهم من إسرائيل ..
وفي إطار ذلك نستطيع أن نفهم الزيارة السرية التي قام بها رئيس الموساد الإسرائيلي نفسه إلى المملكة منذ أقل من عامين لينسقا معا لفتح المجال الجوي السعودي للطيران الصهيوني لو شنت إسرائيل حربا على إيران .. ويفسر الكراهية الشديدة من المملكة لكل اشكال المقاومة حتى المقاومة الفلسطينية وحماس لأنها ترى أنها ذراع إيراني في المنطقة ومصدر قوة لإيران .. ويفسر دعم المملكة لتيار المستقبل في لبنان حتى الآن على الرغم من تخلي أغلب شيوخ وعلماء السنة هناك عنه وافتضاح أمره وأمر حكومته ونظامه وعمالته لإسرائيل وتأييد إسرائيل الجارف له ووقوفه الشرس البشع في وجه كل أنواع المقاومة ..
الكلام بصراحة شديدة في هذا الموضوع موجع ومقلق ومرعب ويهز الإنسان هزا ويدمي القلب .. ولكنه لا يختلف كثيرا عن نفس الإحساس الذي كان يروادنا في بدايات الحديث منذ عامين تقريبا حول "صهيونية نظام مبارك" .. وكانت بدايات هذا الحديث أيضا مؤلمة بنفس الطريقة وكانت تصاحبها استنكارات واستهجانات عظيمة أو صمت مطبق ولكن في النهاية اتضح الأمر للجميع وزالت كل الشكوك وانتهى الأمر كما رأى العالم أجمع .. فقط الأمر يزداد ألما ووجعا عندما نتحدث عمن يدعي "حماية الحرمين وخدمتهما" ولكن للأسف هم لم يضعوا أي اعتبار للحرمين أصلا وهم يتخذون كل قرارتهم طوال تاريخهم الأسود في العقود الأخيرة ..
وما أشبه اليوم بالبارحة حينما كان من أشد أعداء صلاح الدين حكام مماثلين مسلمين ويحكمون بلادا إسلامية ولكن صلاح الدين اضطر لقتالهم أعواما أطول من تلك التي قاتل فيها الصليبيين .. واحتاج لـ " فتح " بلادهم وانتزاعها من بين أيديهم قبل أن يشرع في استعادة المسجد الأقصى المبارك ..
وأدعو الله أن ينقذ أرض الحرمين مما أتخيل أنه سيحدث لو لم ينصلح حكامها قريبا بشكل أو بآخر .. فما أتوقعه سيكون أسود عشرات المرات من أي ثورة أو حرب أهلية تتخيلونها ..