والله لا أحسن المقارنة، ولا أضمن نتائجها
لكن دون شك
الحالة السياسية في سوريا كانت أسوأ بكثير من مصر، وربما من أي دولة عربية أخرى، وكان القمع لا مثيل له.. في عهد الرئيس السابق
كان الحجاب (وليس فقط النقاب) ممنوعا في المدارس، وأشيعت شائعات قوية أنه سيمنع في الجامعات أيضا، لكن هذا لم يحدث بفضل الله...
وكانت المواظبة على الصلاة في المسجد شبهة كافية للقبض على أي شاب وإرساله وراء الشمس...
وكنا نسمع الهجوم على الإسلام والإسلاميين والمبادئ الاسلامية جهارا نهارا في وسائل الاعلام والمدارس ولا نستطيع ان ننبس ببنت شفة
وكنا نردد صباحا بعد تحية العلم أن أهدافنا: وحدة حرية اشتراكية، وشعارنا: أن نقاوم الرجعية والامبريالية والصهيونية ونسحق أداتهم المجرمة عصابة الاخوان المسلمين العميلة
وصدر مرسوم جمهوري شفهي (لا ادري ان تم توثيقه، ولكننا سمعناه في التلفاز) أنه إذا ارتاب اي شخص ان من معه من الاخوان المسلمين واستطاع ان يقذفه من سطح بناء ليقتله فإنه لا يُسأل عن دمه بل يعتبر قد خدم الوطن
ووصلت الحالة الاقتصادية الى مستويات متردية جدا من الفقر مقابل غلاء فاحش في المعيشة، حتى صار أي موظف، وخاصة المعلم موضع تندر ونكت... حتى أنني أذكر النكتة التالية:
"ان معلما تقدم ليتزوج من فتاة، فقالت أسرتها كيف نزوجها لحتة أستاذ، ونحن تقدم لنا شحاذ في الاسبوع الماضي فرفضناه"
"وأن شخصا ذكر فاكهة الموز أمام آخر، فدهش منه وقال له ما هذا وما معناه؟"
إلخ
لكن..
الشعب بقي متماسكا بفضل الله، ولهذا كانت المواساة والتكافل الاجتماعي الشعبي يخفف كثيرا من وطأة التردي الاقتصادي وأبقى معدل الفقر في النطاق المحتمل ... ليس كدول أخرى
واستطاع الشعب بفضل المخلصين والدعاة وطبيعته المتدينة ان يحافظ على دينه وسط هذا القمع، ويخرج من عنق الزجاجة أكثر تدينا وتماسكا وحفاظا على قيمه ومبادئه...
ويتميز التدين في الشام بالوضوح والتميز، فلا تجدين شابا متدينا على علاقة غرامية بفتاة، او شابة متدينة تستبيح لنفسها العلاقات المختلطة المفتوحة.. الخطوبة ليست غطاء للحب قبل الزواج، بل المسارعة لكتب الكتاب والتزام الضوابط الشرعية
الفتوى عموما واضحة وحاسمة، ولا يوجد تمييع باسم التساهل والتيسير...
تلك كانت السمات العامة للمجتمع كما نشأت فيه
ولكن لا أنكر اننا مع الفضائيات المفتوحة، وغزو الانترنت، والدعاة التلفزيونيين ونماذجهم الدينية الجديدة ، قد بدأنا نلمس تغيرا واسعا وسلبيا في نطاق الجيل الشاب، وفي نفس الوقت صار هناك انفتاح سياسي واقتصادي في عهد الرئيس الجديد
فالمجتمع يتغير... في بعض الجوانب للأفضل وفي بعضها للأسوأ...
نسأل الله تعالى السلامة والعناية والرعاية، والحماية من الفتن ، ما ظهر منها وما بطن، لنا ولجميع المسلمين
والله متم نوره ولو كره الكافرون