الخبراء المصريين قالوا أن أصل المشكلة ينبع من مصر نفسها .. النظام الحالي في مصر تبرأ من أفريقيا كما تبرأ من الإسلام والعروبة ولا يعير أي أحد انتباها .. مصر قبل وبعد الثورة كانت تربطها بدول النيل صداقة وعلاقات استراتيجية قوية .. مصر هي التي كانت تقيم المشاريع الزراعية والمائية لهذه الدول الفقيرة .. مصر هي التي كانت ترعى التنمية في هذه الدول .. مصر كانت تسيطر على منابع النيل بلغة المصالح وليس بلغة القوة .. مصر والسودان كانتا بلدا واحدا قبل الثورة وكان أغلب الجيش المصري في السودان لحماية منابع النيل .. صحيح أن جمال عبد الناصر لم يتحمل بعض المطالب المنطقية جدا للإخوة السودانيين من الاهتمام بالسودان أكثر وتعيين بعض الوزراء من السودان وغيرها ففصل مصر عن السودان ولكنه لم يقطع العلاقات ..
ظلت علاقات مصر بدول حوض النيل وأولها السودان علاقات متميزة جدا جدا .. ولم يكن هناك أحد على وجه الأرض يجرؤ على التدخل في شئون النيل من الخارج .. ولكن اتفاقية الاستسلام لاسرائيل التي وقعها الرئيس السابق السادات في 1979 كانت بداية التراجع والسقوط .. بعدها بدأ السادات يردد بأنه يرغب بتوصيل المياه لإسرائيل فقوبلت هذه التصريحات برفض شديد من دول النيل .. استنكروا ورفضوا جدا ولكن السادات في تصعيد عجيب من نوعه هددهم بأنه سيحاربهم كلهم ! سيحارب 10 دول !!!! ومن أجل من ؟! من أجل إسرائيل ؟! المهم القدر لم يمهل السادات كثيرا لتنفيذ مخططه وحدثت واقعة الاغتيال الشهيرة وجاء النظام الحالي ...
النظام الحالي لم يجرؤ على القول بأنه سيحارب دول النيل من أجل توصيل المياه لإسرائيل .. والنظام الحالي لم تكن هذه من أولوياته .. بل كانت أولوياته هي تثبيت السلام والأمن في المنطقة .. طبعا سلام وأمن إسرائيل .. وإسرائيل بدورها أدركت أن مصر لا يمكن الاعتماد عليها وحدها لتنفيذ مشروع توصيل المياه هذا فاتجهت بنفسها إلى دول النيل وبدات تستبدل دور مصر تدريجيا .. تنشئ مشاريع مائية وتبنى سدود صغيرة وتزرع أراضي زراعية وأشياء سلمية بسيطة من التي يفعلها اليهود دوما تدريجيا لكي يصلوا في النهاية إلى السيطرة المطلقة على الجميع والتحكم في قرارات الدول .. وطبعا النظام الحالي بدأ تدريجيا يتخلى عن كل روابط مصر بجيرانها .. فبعد أن تخلت الأنظمة السابقة عن رابطة الإسلام واستبدلتها بالعروبة أتى النظام الحالي ليترك العرب ويترك الأفارقة ويترك الجيران والأشقاء ويتخلى عن كل شيء لمصلحته الشخصية .. ضعفت علاقات مصر بدول حوض النيل جدا حتى وصل الامر إلى الإعلان صراحة أن مصر مع الغزو الأمريكي للسودان ولولا أن السودان حصلت على صواريخ إيرانية وهددت بقصف السد العالي لولا تراجعت أمريكا ومصر عن المخطط .. طبعا هذا كله كان بسبب أن السودان ساهمت في فك الحصار عن العراق ..
المهم ...
المخطط الجاري تنفيذه الآن هو الضغط على مصر حكومة وشعبا والتلويح بورقة تقليل حصص مصر من النيل بينما هي تبحث زيادة حصتها .. والشعب يصيبه الرعب والحكومة تقول أنها تبذل قصارى جهدها ثم تخرج إسرائيل واثيوبيا بالحل العبقري الذي يكمن في تنفيذ مشروع ضخم جدا في اثيوبيا يهدف إلى زيادة حصة مصر من المياه بشرط أن تحصل اسرائيل على نصف هذه الزيادة والكل يصبح سعيد ومبسوط وراضي والحياة حلوة بس نفهمها ...