مات إذاً عمر بن الخطاب !!!!

[ناصح أمين]

بكيتُ بكاءً مُراً وأنا أنقل لكم هذه القصة

من بريدي


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


كان شيء من خوفٍ ممتزجٍ بوجومٍ يكسو وجه زوجتي عندما فتحت لي الباب ظُهر اليوم

سألتُها : ((ماذا هناك ؟!!))

قالت بصوتٍ مضطرب : ((الولد !!))

أسرعتُ إلى غرفة أطفالي الثلاثة مُنزعجاً ، فوجدته فوق السرير منزوياً في انكسار ، وفي عينيه بقايا دموع !!

احتضنته ، وكررت سؤالي : ((ماذا حدث ؟!!))

لم تجبني .. وضعتُ يدي على جبهته .. لم يكن هناك ما يوحي بأنه مريض

سألتُها ثانيةً : ((ماذا حدث ؟!!))

أصرت على الصمت .. فأدركتُ أنها لا تريد أن تتحدث أمام الطفل الصغير .. فأومأت إليها أن تذهب لغرفتنا ، وتبعتها إلى هناك بعد أن ربتُ فوق ظهر صغيري

عندما بدأت تروي لي ما حدث منه وما حدث له أيضاً هذا الصباح : بدأتُ أدرك ؛ فالقصة لها بداية لا تعرفها زوجتي ؛ هي شاهدت فقط نصفها الثاني

رحتُ أروي لها شطر القصة الأول كي تفهم ما حدث ويحدث

القصة باختصار : أني أعشق النوم بين أطفالي الثلاثة : "أسماء" ، و"عائشة" ، وهذا الصبي الصغير .. وكثيراً ما كنت أهرب من غرفة نومي لأحشر نفسي بقامتي الطويلة في سريرهم الصغير .. كانوا يسعدون بذلك ، وكنتُ في الحقيقة أكثر سعادة منهم بذاك

بالطبع كان لابد من حكايات أسلي بها صغاري

كانت "أسماء" بنت الثمانية أعوام تطالبني دائماً بأن أحكي لها قصة سيدنا "يوسف"

أما "عائشة" فكانت تحب سماع قصة "موسى" و"فرعون" ، أو الرجل الطيب والرجل الشرير كما كانت تسميهما هي

أما صغيري فكان يستمع دون اعتراض لأي حكاية أحكيها سواء عن سيدنا "يوسف" أو عن سيدنا "موسى"

ذات ليلة سألتُ سؤالي المعتاد : ((سيدنا "يوسف" أم سيدنا "موسي" ؟!!))

صاحت كل واحدة منها تطالب بالحكاية التي تحبها .. فوجئت به هو يصيح مُقاطعاً الجميع : ((عمر بن الخطاب))

تعجبت من هذا الطلب الغريب !! فأنا لم أقص عليه من قبل أي قصة لسيدنا "عمر" !! بل ربما لم أذكر أمامه قط اسم "عمر بن الخطاب" !! فكيف عرف به ؟!! وكيف يطالب بقصته ؟!!

لم أشأ أن أغضبه ، فحكيت له حكاية عن "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه

ارتجلت له هذه الحكاية بسرعة : حدثته عن خروجه بالليل يتحسس أحوال رعيته ، وسماعه بكاء الصِبية الذين كانت أمهم تضع على النار قدراً به ماء وحصى وتوهمهم أن به طعاماً سينضج بعد قليل ليسدوا به جوعهم .. حدثته كيف بكي "عمر" وخرج مسرعاً ، ثم عادَ وقد حملَ جوال دقيق على ظهره ، وصنع بنفسه طعاماً للصبية ، فما تركهم حتى شبعوا وناموا

نام صغيري ليلتها سعيداً بهذه الحكاية

في الليلة التالية : فوجئت بصغيري يعلن أنه سيحكي لنا قصة "عمر بن الخطاب" .. قلتُ له مستهزئاً : ((أتعرف ؟!!)) ، فأجابَ في تَحَدٍّ : ((نعم))

لا أستطيع أن أصف دهشتي وأنا أسمعه يحكيها كما لو كان جهاز تسجيل يُعيد ما قلته !!

في ليلة أخرى : أحبَّ أن يسمع حكايات ثانية لـ"عمر بن الخطاب"

حكيتُ له حكاية ابن القبطي الذي ضربه ابن "عمرو بن العاص" ، وكيف أن "عمر بن الخطاب" وضع السوط في يد ابن القبطي وجعله يضرب ابن العاص

في الليلة التالية : أعاد على مسامعي حكايتي .. كان قد حفظها هي الأخرى

وهكذا أمضينا قرابة شهر : في ليلة أحكي له قصة عن عدل "عمر" ، أو عن تقواه ، أو عن قوته في الحق .. فيعيدها على مسامعي في الليلة التالية

في إحدى الليالي : فاجأني بسؤالٍ غريب !!

((هل مَاتَ "عمر بن الخطاب" ؟))

كِدتُ أن أقول له : ((نعم ، مات))

لكني صَمَتُّ في اللحظة الأخيرة ؛ فقد أدركتُ أنه صَارَ مُتعلقاً بشخص "عمر بن الخطاب" ، وأنه ربما يُصدم صدمة شديدة لو عَلِمَ أنه قد مات

تهربتُ من الإجابة

في الليلة التالية : سألني ذات السؤال !!

تهربتُ أيضاً من الإجابة

بعدها بدأتُ أتهرب من النوم مع أطفالي ؛ كي لا يحاصرني صغيري بهذا السؤال

صباح اليوم : خَرَجَ مع والدته

في الطريق : لقي امرأةً وعلى كتفها صبي يبكي ، كانت تسأل الناس شيئاً تُطعِم بِهِ صغيرها

فوجئ الجميع بصغيري يصيح بها : ((لا تحزني ؛ سيأتي "عمر بن الخطاب" بطعامٍ لكِ ولصغيرك))

جذبته أمه بعد أن دست في يد المرأة بعض النقود

بعد خطوات قليلة : وَجَدَ شاباً مفتول العضلات يعتدي على رجل ضعيف بالضرب بطريقةٍ وحشيه

صاح صغيري في الناس كَي يُحضروا "عمر بن الخطاب" ليمنع هذا الظلم !!

فوجئت أمه بكُل من في الطريق يلتفت نحوها ونحو صغيري .. قررت أن تعود إلى المنزل بسرعة

لكن قبل أن تصل إلى المنزل : اعترض طريقها شَحَّاذ رَث الهيئة وطَلَبَ منها مساعدة

دست في يده هو الآخر بعض النقود وأسرعت نحو باب المنزل ، لكنها لم تكد تصعد درجتين من السلم حتى استوقفتها زوجة البواب ؛ لتخبرها أن زوجها مريض في المستشفي وأنها تريد مساعدة

هنا صاح صغيري بها : ((هل مَاتَ "عمر بن الخطاب" ؟!!!!))

عندما دَخَلَت الشقة : كان صوت التلفاز عالياً ، وكان مذيع النشرة يحكي ما فعله اليهود بالقدس ومحاصرتهم للمسجد الأقصى

أسرع صغيري نحو التلفاز ، وراح يحملق في صورة الجنود المدججين بالسلاح وهم يضربون المصلين بقسوة بالهراوات والرصاص المطاطي

التفت نحو أمه وهو يقول : ((مات إذاً "عمر بن الخطاب" !!))

رَاحَ يبكي ويكرر : ((مات "عمر بن الخطاب" !! مات "عمر بن الخطاب" !!))

دَفَعَ صغيري باب الغرفة .. صمتت أمه ولم تكمل الحكاية .. لم أكن محتاجاً لأن تكملها ؛ فقد انتهت

توجه صغيري نحوي بخطواتٍ بطيئة وفي عينية نظرة عتاب ، وسألني : ((مات "عمر بن الخطاب" ؟))

رفعته بيدي ، حتى إذا صَارَ وجهه قبالة وجهي : رسمتُ على شفتي ابتسامة ، وقلتُ له : ((أمك حامل .. ستلد بعد شهرين إن شاء الله .. ستلد "عمر"))

صَاحَ في فرح : ((عمر بن الخطاب ؟!!))

قلت له : ((نعم ، نعم .. ستلد "عمر"))

ضحكَ بصوتٍ عالٍ ، وألقى نفسه في حضني وهو يكرر : ((عمر بن الخطاب .. عمر بن الخطاب))

حبستُ دموعي وأنا أترحم على "عمر بن الخطاب"


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


فمن يُجَارِي "أبا حفصٍ" وسِيرَتَهُ ؟!! *** أم مَن يُحَاوِلُ للفَارُوقِ تشبيها ؟!!

أتعبت مَن بعدك يا "عُمر" !!

[حازرلي أسماء]

دخلت المنتدى معتزمة نقل هذه القصة من بريدي إليه ....فوجدتك قد نقلتها ...

لله درّ من كتبها فصاغها بهذه الطريقة إن كانت من وحي آلامه.... ولله درّ الوالدين  إن كانت حقيقة

[ماما هادية]

بارك الله بك

فعلا قصة رائعة

بارك الله في كاتبها وجزاه كل خير

ورزق هذه الأمة بعمر جديد

[elnawawi]

حكيتُ له حكاية ابن القبطي الذي ضربه ابن "عمرو بن العاص" ، وكيف أن "عمر بن الخطاب" وضع السوط في يد ابن القبطي وجعله يضرب ابن العاص

هذا الحديث يا أخي الحبيب موضوع لا أصل له ولا تجوز روايته باعتقاد صحته وبدون بيان وضعه .. بارك الله بك .. عدل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يحتاج للأكاذيب لنثبته .. وعلامات الوضع في القصة واضحة جدا ..

[ماما هادية]

قصة القبطي موضوعة؟

[elnawawi]

هل تعرفين لها سندا فنحققه ؟

[أحمد]

وهل كل ما لا سند له موضوع!

[ماما هادية]

هذا ما وجدته:

فأتى رجل من أهل مصر كما حدثنا عن أبي عبدة عن ثابت البناني وحميد عن أنس إلى عمر بن الخطاب فقال يا أمير المؤمنين عائذ بك من الظلم قال عذت معاذا قال سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته فجعل يضربني بالسوط ويقول أنا ابن الأكرمين فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه ويقدم بابنه معه فقدم فقال عمر أين المصري خذ السوط فاضرب فجعل يضربه بالسوط ويقول عمر اضرب ابن الأكرمين قال أنس فضرب فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه ثم قال عمر للمصري ضع على صلعة عمرو فقال يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذي ضربني وقد اشتفيت منه فقال عمر لعمرو مذكم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا قال يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتني
الكتاب : فتوح مصر وأخبارها
المؤلف / أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله عبد الحكم بن أعين القرشي المصري
دار النشر / دار الفكر - بيروت - 1416هـ/ 1996م
عدد الأجزاء / 1
الطبعة : الأولى
تحقيق : محمد الحجيري
===============

وأصل القصة في كنز العمال وذكرها جلال الدين السيوطي في مسند عمر لكن دون سند

ولم يقل أحد أنها موضوعة، بل استشهد بها كثيرون جدا كابن الجوزي في مناقب عمر والكاندهلوي في حياة الصحابة وآخرون

[elnawawi]

علامات الوضع (أو البطلان) كثيرة في القصة سندا ومتنا ..
ولكن هل حقا ترغبون في مناقشة هذا في المنتدى ؟

[ماما هادية]

علامات الوضع (أو البطلان) كثيرة في القصة سندا ومتنا ..
ولكن هل حقا ترغبون في مناقشة هذا في المنتدى ؟

لا أحبذ هذا

كما لا أحب التسرع في الأحكام دون روية، أو تقليدا لبعض المتسرعين من طلاب العلم

فالقصة قبلها كبار العلماء قديما وحديثا واستشهدوا بها ورووها

وهم من هم رسوخ قدم في علم الحديث والشريعة... فكيف تقارعهم؟

[elnawawi]

لا أحب أن انحرف بمجرى الموضوع عن هدفه الحقيقي ... لذا أرجو فصل هذا الموضوع في مكان مستقل لو أردنا نقاشه ..
ولكن إذا تحدثنا عن الحديث .. فهل صححه أو حسنه أحدهم أصلا لتتحدثي عن مقارعتهم ؟
ورواية الحديث لا تعني أي شيء وكم من خرافات وأساطير واباطيل في أمهات الكتب ولم يضرهم هذا ؟ يكفي أن يذكر المؤلف السند ليبرا ذمته منه .. أو يكفيه أن يذكر المصدر أو حتى يرويه بصيغة التمريض مثلا ..

تفرد مؤلف فتوح مصر وأخبارها أصلا بحديث مثل هذا أحد علامات الوضع .. وخاصة أن في الرواية تقول أن الرجل سافر من مصر للحجاز ليشتكي ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما .. وأمير المؤمنين استدعي حاكم مصر وابنه إلى الحجاز وعاقبهما .. حادثة مثل هذه كانت ستشتهر وتصل إلى الكثير من كتب المتون والسيرة بل وكانت ستشتهر في الرواة وفي طبقاتهم .. أليس كذلك ؟
متن القصة كذلك .. أصلا القصة فيها طعن في عدل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأن حكمه بأن يضرب عمرو بن العاص كذلك هو حكم غير عادل وينافي النص القرءاني "ولا تزر وازرة وزر اخرى" ..
وفيها طعن في ابن عمرو بن العاص كذلك بفعله ذلك ..
وفيها ألفاظ سيئة وردت على لسان أمير المؤمنين في حق عمرو بن العاص ..
وفيها عدة أشياء لو صحت القصة لكان استنبط منها الفقهاء أحكام كثيرة ..
والقصة اشتهرت بانها حدثت مع رجل قبطي .. أين هو ذكر القبطي في الرواية أصلا ؟

[ماما هادية]

لا أوافقك على انتقاداتك على المتن

فمعاقبة سيدنا عمرو بن العاص ليست ظلما، لأن الابن تسلط على الرعية بسلطة أبيه، ولم ينهره الأب أو يمنعه، وهو راع ، فهذا تقصير منه، فاستحق العقاب بالسياسة الشرعية
أرجو مراجعة أحكام السياسة الشرعية وصلاحيات ولي الأمر

ولم ترد ألفاظ سيئة بحق سيدنا عمرو بن العاص، وقد كان الصحابة يغضب بعضهم من بعض وينهر بعضهم بعضا، فهم بشر، يجري عليهم ما يجري على البشر... وهناك أحاديث صحيحة فيها تصرفات أغلظ وألافاظ اقسى من سيدنا عمر بحق صحابة آخرين من ولاة الأمور، لأنهم ولاة.. وقد كان تشدده مع ولاته من السمات البارزة لحكمه

ومعظم القصص التاريخية رويت بأسانيد غريبة أو ضعيفة .. فقد كانت همة العلماء منصرفة لتحقيق السنة النبوية المشرفة... ولو أردت ان تحكم عليها بالوضع للنسفت معظم التاريخ وبددته...

ثم الوضع لا يجوز الحكم به الا لو ثبت ان احد الرواة كذاب... أما الانقطاع أو ضعف الراوي او الجهالة فهذه تفيد ضعف الحديث ...

[elnawawi]

لا أفهم لماذا تدافعين عن حديث هو في أحسن أحواله - لو تغاضينا عن أشياء كثيرة جدا - هو حديث ضعيف ؟؟