ذكريات لا تنسى
قبل أن يمحوها تلون الأيام وتعاقب الخطرات وتقلب الذكريات أسجلها هنا , فمن يدرى ما تخبئ لنا الأقدار اليوم أو غدا , لعلنى أعود لها هنا أبتسم منها حينا , وأبكى منها أحيانا أخرى وربما يبكينى غدا ما يضحكنى اليوم .. من يدرى ؟!
(1)
جلست أمامها أنا وأختى أتأملها وهى نائمة تستريح من بعض عنائها , ونراجع سويا فى سورة الزخرف , ليطرق باب الغرفة معلنة وقت الغداء – لنا وليس لها بالطبع – وكم كان صعبا على النفس أن نأكل وهى لم تذق الطعام منذ ما يزيد عن الشهور , وأن نشرب وقد منعها الأطباء هذا اليوم من الشرب بسبب العلاج وهى تترجانا فى كل مرة تتحدث فيها أن تشرب ولو غرفة بيدها .
أنهينا الطعام معا وقد استيقظت من الألم وهى تتأوه فنادينا الممرضة لتخبرنا أنه قد حان وقت بعض العلاج وعلىّ أنا الانتظار بالخارج .
خرجت قليلا ثم دخلت وأنا أتحاشى النظر لها وهى فى هذه الحالة وجلست على السرير المقابل لها أتناول قليلا من فتات الخبز الذى تبقى فى الطبق .. حتى سمعت صوت الممرضة وأختى .. وهى تضحك معهم !!
لفت انتباهى كثيرا صوت أختى : الله انت بتضحكى اهه , الحمد لله انى ما روحتش الكلية عشان أشوف القمر وهو بيضحك
نظرت لها غير مصدق لأرى ابتسامتها الجميلة الرقيقة على وجهها المتعب , يا الله
هكذا تعود الحياة للنفوس
أعيديها بالله عليكِ
ثم أفاجئ بما هو أكثر وأكثر
ترسل قبلة لأختى فى الهواء
نعم هى بضعف
لكنها رائعة
ثم تبتسم أكثر وأكثر
فدنوت منها طالبا منها قبلة على جبينى
فتبتسم بوهن
وتطبع عليه قبلة صغيرة
يا الله !!
اللهم احفظها من كل سوء وأدم علينا هذه الابتسامة على وجهها ..
الغيرة تملأ أختى لتحاول مثلما حاولت
لكن هيهات
سبقتها بها
ثم تطلب من أختى أن تحضر لها كحل !!
نضحك جميعا بصوت عالٍ
- ما انتى قمر كده
- ( بصوت أرهقه التعب والمرض ) لا .. انزلى هاتيلى كحل
فتأخذ أختى حقيبتها وتسرع لتنقذ طلبها البسيبط , لكنه العظيم عندنا لأبعد الحدود ..
وتطلب منى كريم الوجه لتضع منه قليلا على يديها ووجهها
يا الله
يا رحمتك يا الله
ترسل لنا فى أصعب المواقف ما يدخل السرور علينا ويثبتنا ويعطينا ما نحيا به ولو قليلا ..
ثم تعود فى هدوء إلى غيبوبتها