المحرر موضوع: تعريفات مختصرة للعلوم الدينية ( محو الأمية الدينية)  (زيارة 40854 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

أحمد

  • زائر
طيب يا اخوانا أنا أكتب على الموبايل.. !!!
..‏ ‏الله المستعان

اتفقنا أن كلامنا سيكون عن العلوم الدينية وعرفنا المقصود بها

أرسل الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة بأحكام أمره بتبليغها وأمر الناس بالتزامها
 
بلغ الرسول هذه الأحكام من خلال القرآن والسنة

فلزمت دراسة القرآن والسنة لمعرفة هذه الأحكام

شملت هذه الدراسة:
١- ثبوت نسبتهما إلى الله
وهذا الثبوت على مرحلتين
ثبوت النسبة إلى النبي
وثبوت تلقي النبي عن الله

٢-‏ ‏معرفة المراد منهما
وذلك على مرحلتين كذلك
المراد من كل نص على حدة
المراد من كل النصوص الواردة في الموضوع الواحد

على هذا الأساس نشأت كل العلوم الدينية رغم ما يظهر من تباينها

فاصل..

غير متصل سيفتاب

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 7766
  • الجنس: أنثى
  • إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ

متابعة بشغف

جزاكم الله خيرا.
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

أحمد

  • زائر
بسم الله..

من المهم أن نعرف أن كلمة العلم تطلق على ثلاثة معان:
الملكة الراسخة في النفس
المسائل المعدودة
الفن المدون في كتب ورسائل

وهي تترتب في الواقع عودا على بدء بمعنى:
الذي في نفسه ملكة العلم يعدده في مسائل ثم يدونها في كتب
يستفيد المتعلم من هذه الكتب لتتحصل مسائل في ذهنه ومع استمرار التحصيل تتكون لديه تلك الملكة الراسخة... وهكذا
فهذه الملكة هي مبلغ العلم البشري وسنعرف إن شاء الله أنها نوعان بحسب العلوم المختلفة
المهم.. نستفيد الآن من هذا أن كتابة العلم شيء وحصوله في النفس شيء آخر
فليس بالضرورة أن يدون في العلم كل عالم ذي ملكة راسخة
بل ربما دون الطالب شيئا كي لا ينساه فأقبل عليه الناس واعتبروا كتابه من أهم الكتب مثل أكثر كتب الإمام النووي مثلا..
وربما يعتمد المعلم طريقة أخرى في التعليم غير تعديد المسائل أو تدوين الكتب ويصل المتعلم مع ذلك إلى تحصيل ملكة العلم كما علم الحبيب أصحابه
وفائدة كل ذلك أن تدوين المتأخرين ربما يكون أفضل من المتقدمين الذين ربما لم يدونوا أصلا ومع ذلك يكون المتقدمون أعلم

غير متصل إيمان يحيى

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 3597
  • الجنس: أنثى
  • لا يأس مع الحياة


جزاك الله خيراً يا أحمد

 sad:(

ولكن كما ترى في الوجه التعبيري .. لم أفهم من الكلام إلا أقل القليل

فمن للبائسين أمثالي ؟

انزل بخطابك لمستوى رجل بسيط يستمع لخطبة الجمعة مثلا ونريد أن يخرج منها فاهماً معنى علم الفقه وضرورته وتاريخ نشأته مثلا

أو مستوى طالب في المرحلة الإعدادية نريد أن نوصل له أهمية تعلم العلم وحقيقة علوم الشرع وكيفية التعرف عليها مثلا


أحمد

  • زائر
خيرا.. هل من الممكن أن تقتبسي العبارات الصعبة؟

غير متصل elnawawi

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 5374
  • الجنس: ذكر
  • يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
بصراحة شديدة ... كله تقريبا ..

أحمد

  • زائر
سامحكم الله


طيب بكرة بقى نقعد نتكلم إن شاء الله

عشان أنا كده فصلت شحن


بس عايزين نركز مع بعض كده عشان هم يومين وماشي ومش هايبقى فيه نت تاني

أحمد

  • زائر
بسم الله

اتفقنا أن هناك علوما شرعية وأخرى غير ذلك

واتفقنا أن الضابط الذي يفرق بينهما ويميز العلوم الشرعية عن غيرها هو أن العلوم الشرعية نشأت لتخدم الوحي "القرآن والسنة" بينما العلوم الأخرى نشأت لأغراض أخرى

وهذا الضابط مهم.. لأن هناك علوما شرعية لم يأت فيها أمر من الله أو رسوله، وهناك علوم غير شرعية أمر بها الله ورسوله.. فأحببت أن أنبه إلى الفارق الصحيح بينهما لئلا يظن أحد أن العلوم الشرعية هي التي أمرنا بها وما لم نؤمر به فليس من العلوم الشرعية

أيضا كلمة "العلوم الشرعية" لا تعني أن العلوم الأخرى غير شرعية بمعنى أنها حرام أو مكروه.. إنما بمعنى أنها لم تنشأ لخدمة الوحي، فربما تكون واجبة كتعلم فنون القتال للجيش وهكذا..
لذا الأفضل أن نقول علوم دينية وغير دينية .. لأن كلمة غير شرعية توحي بأنها غير مشروعة!


ثم عرفنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام مرسل من ربه ليبلغ الناس حكم الله تعالى في كل أفعالهم واعتقاداتهم

هذا التبليغ إنما يكون من خلال الوحي "القرآن والسنة"

من هنا كان لزاما على كل من يريد أن يعرف حكم الله تعالى في أمر ما أن يفهم  الكتاب والسنة

ولكي يتم هذا الفهم لابد أن ندرس.. فماذا ندرس؟!!

قبل أن نعرف ماذا ندرس أحببت أن أنبه أن كلمة "العلم" لها ثلاثة معان

الملَكة الراسخة في النفس.. ما معنى الملَكة؟ يعني الشيء الذي يكتسبه الإنسان حتى يصبح عنده كأنه سجية .. فطرة .. شيء طبيعي خلقه الله فيه منذ مولده .. كده!!
يعني لو قلنا الطب مثلا:
فهناك طبيب يفحص المريض ويقرأ تقارير الأشعة والتحاليل ثم يبدأ في التشخيص والتعامل مع المريض بحنكة..
وهناك آخر يقوم بنفس الإجراءات لكنه يظل يرتب الأمر في ذهنه.. الأشعة تقول كذا، والتحاليل كذا.. والآن بين يدينا الضغط كذا والنبض كذا و... يبقى هذا له ثلاث احتمالات اما كذا او كذا او كذا.. نبدأ بكذا فنفعل كذا..

وهكذا.. :emoti_282: .. يبدأ العلاج في خطوات بطيئة وغير مأمونة .. لكن الأول كأن لديه حاسة سادسة !!

الأول عنده الطب "ملكة" والثاني: مسائل مرتبة في ذهنه.. وهذا هو المعنى الثاني للعلم

وهناك طالب مسكين لسة في الكلية بيذاكر من الكتب.. هذه الكتب فيها علم.

وهذا هو المعنى الثالث للعلم


هذا التفصيل لمعنى كلمة العلم مهم .. لماذا؟

لأن الطبيب الحاذق ربما لا يستطيع أن يرتب مسائل الطب في ذهنه ليعلمها لتلاميذه
وربما كذلك لا يستطيع أن يجمعها في كتاب

مع أنه أعلم الأطباء..

وإذا اقتضت الضرورة أن يؤلف كتابا أو يلقي محاضرات فسيكون الكتاب ورقات قليلة فيها معلومات متناثرة والمحاضرات عبارة عن شرح عملي وقليل جدا من النظريات

فإذا أخذ تلاميذه منه هذا وظلوا معه فترة طويلة حتى اكتسبوا منه الملكة التي لديه.. وتوجهوا هم لتأليف كتاب أو إلقاء محاضرة فسيستفيدون مما كتبه الأستاذ قديما ويزيدون عليه ويقدمونه بشكل افضل .. وهكذا..

ولا يعني هذا أن ملكة الطب التي لديهم صارت أحسن من التي كانت لديه

هذا التفصيل سيفيدنا في الكلام عن الدراسات التي قامت على الكتاب والسنة.. وكيف أن علماء الصحابة رضي الله عنهم كانوا أعلم من المجتهدين من بعدهم رغم أنهم لم يؤلفوا شيئا ولم يشرحوا مسائل .. بل كلما تقدم الزمن.. ضعفت الملكة في النفس وصارت الكتب والمحاضرات أوضح وأفضل!!
لأن الملكة هذه هبة من الله يمنحه من يشاء .. ولها عوامل تضعف مع مرور الزمن .. بينما التأليف والشرح يزداد الناس فيه خبرة جيلا بعد جيل ويكمل كل جيل ما فات الذي قبله

تمام لحد كده؟

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

أحمد

  • زائر
::ok::

ده يعني كده  ان الكلام صار كما تريد ماما فرح:



انزل بخطابك لمستوى رجل بسيط يستمع لخطبة الجمعة مثلا ونريد أن يخرج منها فاهماً معنى علم الفقه وضرورته وتاريخ نشأته مثلا

أو مستوى طالب في المرحلة الإعدادية نريد أن نوصل له أهمية تعلم العلم وحقيقة علوم الشرع وكيفية التعرف عليها مثلا




فنكمل؟

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
أرى هذا والله أعلم

على أية حال أكمل مادام الوقت متوفرا لديك الآن، وقد يشح في الأيام التالية، وسأنوب عنك في الشرح إن غبت وغم عليهم
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل إيمان يحيى

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 3597
  • الجنس: أنثى
  • لا يأس مع الحياة


الله الله الله

هذا هو الكلام

أكمل يا مولانا وسنسأل ماما هادية لو غبت


غير متصل سيفتاب

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 7766
  • الجنس: أنثى
  • إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

غير متصل elnawawi

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 5374
  • الجنس: ذكر
  • يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
أيوه كده يا شيخنا ..

أحمد

  • زائر
بسم الله..

لاحظوا ترتب العلوم بعضها على بعض..


الله المستعان

قبل أي شيء أليس علينا أن نتثبت أولا أن هذا الكلام وحي إلهي صحيح النسب إلى الله تعالى حتى يلزمنا أمره ونهيه وتصديق خبره ووعده ووعيده؟!

لأجل هذا التثبت نشأت علوم كاملة، وفروع في علوم أخرى، فتعالوا معا نتصفح هذا الأمر:


- أولا هناك بحث في علم العقيدة عن "تفرد الله تعالى وحده بالحكم بين العباد" وهو ما يسمى بمسألة "الحاكمية" .. يقرر فيها علماء العقيدة ما اتفقنا عليه  من أن الأحكام الشرعية تستوعب جميع أفعال العباد.. وأن الأحكام الشرعية لابد أن تعود في النهاية إلى الله تعالى وليس لأحد من الخلق أن يشرع أحكاما من عنده!

ثانيا: هناك بحث في علم العقيدة أيضا  عن "صفة الكلام لله تعالى" وعن وحي الله تعالى لأنبيائه استمدادا من هذه الصفة

ثالثا: هناك بحث في علوم القرآن  عن أقسام الوحي المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم ..فهناك وحي باللفظ والمعنى يتعبد بتلاوته "القرآن"  وهناك وحي باللفظ والمعنى دون تعبد بتلاوته "الحديث القدسي"  وهناك وحي بالمعنى دون اللفظ "الحديث النبوي"

وهناك بحث آخر عن كيفية تلقي النبي صلى الله عليه وسلم للوحي المنزل باللفظ

رابعا: هناك بحث في علم العقيدة عن وجوب صفة التبليغ والأمانة للرسل جميعا عليهم السلام بحي يثبت في هذا البحث أنه يستحيل أن يمتنع الرسول عن تبليغ أي

شيء مما أمر بتبليغه أو أن يحرف فيه أو يبدل.

...

نلاحظ إذن أن الوحي الإلهي قد ثبت بلوغه النبي صلى الله عليه وسلم من الله بطريق اليقين بلا شبهة
وأنه صلى الله عليه وسلم قد بلغه للناس كما أنزل عليه .. لم يكتم شيئا ولم يحرف شيئا.

وأن هذا الثبوت قد استفيد من مباحث معينة في علوم مختلفة.. هي العقيدة وعلوم القرآن (وسيأتي تفصيل الكلام عن هذين العلمين فيما بعد.. إن شاء الله تعالى)


وسيلاحظ الدارس لهذه العلوم أن هذا الثبوت عقلي أي أنه قائم على حجج تقنع جميع الناس .. المسلمين وغيرهم!


لكن كيف بلغنا نحن هذا الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم؟

في إجابة هذا السؤال نشأت دائرتان متسعتان جدا.. كل دائرة منهما تشمل علوما مختلفة

هاتان الدائرتان هما: علوم القرآن وعلوم الحديث

أما دائرة علوم القرآن فقد شملت كل بحث يتعلق بالكتاب الكريم من حيث هو وحي منزل من الله تعالى.. فتشمل تعريف القرآن وموضعه من سائر أقسام الوحي ثم

جمعه وكتابته وقراءاته وأسباب نزوله.

ونركز هنا أن علم القراءات يدرس الأوجه المختلفة لأداء القرءان كما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وبلغه لأصحابه وتبليغ الصحابة له من بعدهم ..وهكذا.

فهو يدرس أمرين:

طرق الأداء نفسها..
والأسانيد التي نقلت لنا هذه الطرق

وعلم جمعه وكتابته يدرس رسمه وإملاءه وعلامات الضبط فيه وما استحدثه الناس من تجزيء وتحزيب وتربيع ونحو ذلك..


وأما علوم الحديث فقد شملت العلوم التي تكشف عن درجة ثبوت الحديث.

فهي تدرس إسناد الحديث.. فتنظر في تفرده واجتماعه وفي اتصاله وانقطاعه وفي حال رواته من حيث عدالتهم وضبطهم ومخالفة بعضهم بعضا
وتدرس متن الحديث .. فتنظر في اندراج لفظة من أحد الرواة فيه وفي غريب ألفاظه وفي مشكل معانيه وفي اختلاف الروايات وفي وقوع علة في معناه

..

ومن جملة هذين العلمين يتبين لنا القراءات المتواترة للقرآن التي يصح التعبد بها، والقراءات المشهورة التي يحتج بها بعض العلماء في الفقه، والقراءات الشاذة التي لا يجوز التعبد بها ولا الاحتجاج بها
ويثبت لنا بالدليل العقلي اليقين في صحة نقل اللفظ القرآني من العلماء عن النبي صلى الله عليه وسلم.. وقد ثبت لنا من قبل صحة نقل النبي له عن الله تعالى.

ويتبين لنا كذلك انقسام الحديث إلى متواتر نقطع بثبوته، وإلى مشهور نطمئن لثبوته، وإلى آحاد.. منه المقبول الذي نظن ثبوته والمردود الذي نظن عدم ثبوته

ونعرف من خلال تطبيق قواعد علوم الحديث أيضا حال كل حديث من حيث ثبوته


في هاتين الدائرتين نجد علوما شتى مثل:
الاعتماد على علم النحو في توجيه القراءات وفهمها
الاعتماد على علم الحديث لمعرفة أحاديث أسباب النزول
ظهور علم الرجال الذي يميز الراوي الذي تقبل روايته والذي ترد
ظهور علم مختلف الحديث ومشكل الحديث وعلل الحديث .. وهي علوم تهتم بدراسة الروايات المختلفة للحديث الواحد والروايات التي تعارض القرآن والأحاديث التي وقعت فيها أسباب خفية تقتضي عدم قبولها
علم تخريج الحديث الذي نجمع به أسانيد الحديث من الكتب المختلفة
علم دراسة الأسانيد الذي نطبق فيه قواعد قبول الحديث ورده بناء على ما استخرجناه للحديث من أسانيد بواسطة علم التخريج



ومن هاتين الدائرتين نستطيع معرفة الوحي الذي أنزله الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم الذي بلغه لنا .. لنعرف منه الأحكام الشرعية التي أمرنا بالتزامها في كافة أفعالنا.


إذا اتفقنا على أن الوحي الإلهي "القرآن والسنة" هما مصدر جميع الأحكام الشرعية

وكانت هذه الأحكام الشرعية تستوعب كل أفعال العباد منذ أنزل الله حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم رسولا إلى الناس كافة وحتى تقوم الساعة.

مع أن هذا الوحي مجموعة من النصوص المحدودة في الكتاب الكريم والأحاديث النبوية، وأفعال العباد لا تنتهي !

فكيف تستخرج أحكام تستوعب أفعال العباد التي لا تنتهي من مجموعة نصوص محدودة؟

« آخر تحرير: 2010-03-07, 18:52:30 بواسطة أحمد »

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
جميل

جزاك الله خيرا
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

أحمد

  • زائر
عذرا.. تحملوني الليلة فلعلي لا أعود إلا بعد مدة!!


انتهينا إلى هذا السؤال:

كيف نستخرج أحكاما تستوعب أفعال العباد التي لا تنتهي من مجموعة نصوص محدودة؟

الجواب:

النصوص المحدود تدل بألفاظها على بعض الأحكام، وتدل على بقية الأحكام بواسطة القياس.

فكيف يدل اللفظ على الحكم؟ وما هو القياس وكيف يدل على الحكم؟

هذا هو علم أصول الفقه!

فهو العلم الذي يضبط كيفية استفادة الحكم من النص الشرعي.. سواء كانت الاستفادة من اللفظ مباشرة أو عن طريق القياس.

واستفادة الحكم من الفاظ الوحي تعني بالضرورة دراسة اللغة التي نزل بها الوحي .. فنشأت علوم اللغة كلها لتخدم "كيفية استفادة الحكم من الفاظ الوحي .. كتابا وسنة" وسنتكلم عن تفصيل علوم اللغة إن شاء الله

ولأن ثمرة علم أصول الفقه هي الحكم الشرعي .. فإن علماء الأصول يبدأون دراسة هذا العلم بمقدمة عن الحكم الشرعي وتعريفه وأقسامه وهكذا.. مما كان ينبغي أن يكون أصله في علم الفقه.!
ولأن أصول الفقه مبني على أن الحاكم هو الله وعلى أن الحكم الشرعي مستفاد من كلام الله.. أدخل علماء الأصول في كتبهم  مسائل من علم العقيدة مثل بعض الأحكام المتعلقة بمسألة أفعال الله عز وجل وصفاته ونحو ذلك..
ولأن استفادة الحكم الشرعي تتوقف على ثبوت النص المستفاد منه الحكم .. أدخل علماء الأصول في كتبهم مسائل من علوم القرآن والحديث
ولأن استفادة الحكم الشرعي من النص عمل صعب يستلزم أن يكون المستفيد عالما مجتهدا .. تكلم علماء الأصول عن شروط الاجتهاد وصفات المجتهد وأحكام التقليد .

أما أصل علم الأصول الذي يتفرد به عن سائر العلوم هو كيفية استفادة الحكم من النص بطريق دلالات الألفاظ أو بطريق القياس

وطريق دلالات الألفاظ مبني على علوم اللغة
يبقى طريق القياس أخص خصائص علم أصول الفقه ..

فما هي دلالات الألفاظ وكيف تستفاد منها الأحكام وما هو القياس وكيف يستفاد منه الأحكام؟

أولا: دلالات الألفاظ.

1- درس العلماء الكلمة العربية من حيث معناها في الجملة فوجدوا أن حرفها الأخير (غالبا) يتغير بتغير هذا المعنى.. فرصدوا هذا التغير اللفظي والمعنوي ووضعوا له قواعد سموها علم النحو

فأنا أقول: جاء محمدٌ ورأيت محمداً ومررت بمحمدٍ .. فتغير حرفها الأخير بتغير معناها في الجملة من الفاعلية إلى المفعولية المباشرة إلى المفعولية غير المباشرة

2- ودرسوا الكلمة من حيث معناها الذي تدل عليه في نفسها فوجدوا أن صيغتها تتغير بتغير معناها الذي تدل عليها .. فرصدوا هذا التغير اللفظي والمعنوي ووضعوا له قواعد سموها علم الصرف

فأنا أقول: ضرب زيد عمرا فزيد ضارب وعمرو مضروب

فمادة ضرب لم تتبدل .. لكن تغيرت صيغتها من ضرب إلى ضارب إلى مضروب فتغيرت دلالة الكلمة من فعل إلى اسم فاعل إلى اسم مفعول.

3- ثم درسوا دلالة اللفظ على معناه فوجدوها على قسمين:
 قسم لغوي تختص به كل لغة عن الأخرى .. كدلالة لفظ الأسد على الحيوان المعروف .. الذي تقابله دلالة كلمة lion في الإنجليزية على نفس المعنى

فجمعوا هذه الدلالات في  علم اللغة الذي كتبت فيه القواميس والمعاجم

قسم عقلي تشترك فيه جميع اللغات .. كدلالة قيام الفعل بالفاعل عند إسناده إليه.
فقولي: قام زيد. دل على أن زيد هو الذي قام .. هذه الدلالة تثبت بمجرد إسناد أي فعل لأي فاعل بأي لغة.

فرصدوا هذه الدلالات وجمعوها في علم "الوضع"

4- ثم رصدوا قوانين النحو والصرف والوضع .. واستفادوا منها نظريات كلية في نشأة اللغة ونموها وعلاقة المعنى باللفظ وما يسمع فيها من غريب وشاذ ونادر .. واختلاف اللهجات وطرق النطق بالحروف.. وسموها علم "فقه اللغة"

فوضعوا فيه نظرية: الحقيقة والمجاز. والأصل والفرع. والضرورة ونحو ذلك

5- ودرسوا كيفية الدلالة على المعنى بأنسب عبارة.. وسموه علم المعاني.
وكيفية الدلالة على المعنى بأكثر من عبارة .. وسموه علم البيان
وكيفية تزيين العبارة وسموه علم البديع.
وجمعوا كل هذا تحت اسم علوم البلاغة .. وهي العلوم التي تستهدف التعبير عن المعنى بأحسن صورة تطابق الحال المناسب لها.

والذي يدرس البلاغة يجدها مبنية على فقه اللغة والعلوم التي منها استمد العلماء فقه اللغة.

فالبلاغة خاتمة علوم اللغة.



بعد تشريح علماء اللغة اللفظ العربي باعتبار بنيته الداخلية وباعتبار موضعه في الجملة وباعتبار وضعه اللغوي ووضعه العقلي وبعد النظر في جملة ذلك وكيفية أداء المعنى على أحسن وجه..

يأخذ علماء الأصول منهم هذا وينظرون للفظ باعتبار دلالته على معناه  فإما أن يكون المقصود به فردا معينا أو مجموعة يشملها كلها أو مجموعة يختص منها بواحد .. وقد تكون هذه الدلالة ظاهرة أو خفية ولهذين الظهور والخفاء مراتب وقد يعبر عن المعنى الموضوع له مباشرة وقد يعبر عنه بقرينة وقد يدل على المعنى بنفسه وقد يدل عليه بمفهومه .. وهذا المفهوم إما أن يكون موافقا أو مخالفا

وهكذا.. قواعد لغوية واسعة جدا.. يبنيها علماء الأصول على خلاصة جهد كبير بذله علماء اللغة لتشريح البيان العربي ومحاولة استنطاقه الحكم الدال عليه

ولا عجب.. فالقرآن يؤكد مرارا وتكرارا على عربية الوحي الإلهي .. وعلى لزوم تدبره والنظر فيه والتفكر والتعقل .. وأنى يكون ذلك بأقل من هذا؟!!


ثانيا: القياس.

القياس مبني على فكرة أن الأحكام الشرعية الثابتة بالنصوص .. هي مع ثبوتها بالنصوص .. ليست مرتبطة بظاهر الفعل الذي حكمت عليه فقط. إنما مرتبطة بمعنى كامن في هذا الفعل.
بحيث إذا تحقق هذا المعنى في أي فعل آخر .. ثبت له نفس الحكم الثابت للفعل الأول.

مثال: حرم الله تعالى شرب الخمر.
نقول: هذا التحريم حكم على فعل هو شرب الخمر.
ولكن هذا التحريم ليس مرتبطا بهذا الفعل فقط.. إنما هو مرتبط بمعنى فيه هو حصول الإسكار منه.
فإذا ثبت أن فعل شيء آخر يُسكر.. فإنه يحكم عليه بحكم فعل شرب الخمر .. وهو التحريم.
وهكذا..
وهذا المعنى يسميه العلماء "علة"



وتعرف هذه العلة من الوحي .. بطريق من طرق دلالات الألفاظ .. (العلة المؤثرة)
وقال بعض العلماء: ويمكن استنباطها بالعقل .. (العلة الملائمة)
وقال آخرون: ويمكن استفادتها من القواعد العامة للشريعة (المصلحة المرسلة)

وتكون براعة الفقيه في استنباطه علة الحكم المستفاد من دلالات الألفاظ، وإثباته تحقق هذه العلة في الأفعال التي لم يرد فيها حكم مستفاد من دلالات الألفاظ.


هذه خلاصة طرق استفادة الحكم من الوحي. وكل مصدر يذكر في كتب الأصول يرجع لهذه المصادر: الكتاب والسنة (عن طريق دلالات الألفاظ) والقياس (على حكم مستفاد من  دلالات الألفاظ)

أما الإجماع فلا ينشئ أحكاما شرعية.. لأن الإجماع هو اتفاق العلماء في عصر واحد على حكم شرعي في مسألة.
واتفاقهم لا يكون صحيحا إلا إذا بنى كل واحد منهم رأيه على مستند (دليل معتبر)
فغاية الإجماع أنه يرفع الحكم الشرعي من درجة الاحتمال إلى القطع واليقين.

والقياس كذلك لا ينشئ الحكم الشرعي .. بل يكشف عن الحكم الشرعي لهذا الفعل غير المنصوص على حكمه. عن طريق العلة التي استنبطها العالم.


لذلك اشتهر بين العلماء هذه العبارات:

- القرآن يؤسس الأحكام، والسنة تفصلها، والإجماع يرفع الشبه، والقياس يكشف عن الحكم
- دلالات الألفاظ هي العمود الفقري لعلم أصول الفقه
- القياس الأصول .. يعني كأن القياس هو كل الأصول لصعوبة فهمه ووعورة مسالكه.



غير متصل إيمان يحيى

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 3597
  • الجنس: أنثى
  • لا يأس مع الحياة

بارك الله لك

سأعود للقراءة إن شاء الله


أحمد

  • زائر
.. الله المستعان


اتفقنا أن الله تعالى هو وحده الحاكم على أفعال العباد

وأن أحكامه تعالى تشمل جميع أفعالهم

وأن أحكامه تعالى تستفاد من الوحي إما من خلال دلالات ألفاظه مباشرة أو بالقياس.. وذلك علم أصول الفقه

وقبل استفادة الحكم من الوحي لابد من التثبت من أنه وحي إلهي حقا.. وذلك من خلال أبحاث في علم العقيدة ينبني عليها علوم القرآن وعلوم الحديث

بقي أن نعرف أن نتلك الأحكام ثلاثة أقسام:

أحكام اعتقادية، وهي تشمل اعتقاد المكلف في الله تعالى وفي رسله عليه السلام وفي الغيبيات التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم .. سواء مما كان من أخبار سابقة أو كائنات واقعة كالملائكة أو وقائع ستكون كالقيامة
أحكام عملية، وهي تشمل أعمال المكلف الخاصة بعلاقته بربه كالعبادات المحضة أو علاقته بالناس كالمعاملات المحضة أو ما يجمعهما معا كالحدود
أحكام خلقية وهي الطباع الباطنة في النفس التي تكتسب من خلال الممارسة العملية لسلوك معين موافق لاعتقاد السالك



هذه الأحكام لابد أن تستفاد من الوحي  - بعد التثبت منه -  عن طريق أصول الفقه.


وهذه الأحكام الاعتقادية هي علم العقيدة وهو يسمى بعلم أصول الدين وعلم الفقه الأكبر وعلم الكلام وعلم التوحيد ... وله أسماء كثيرة
وهذه الأحكام العملية هي علم الفقه
والأحكام الخلقية هي علم التصوف



وهذه العلوم الثلاثة لكل منها: أصول، وفروع

أما الأصول فيهي الأحكام الثابتة فيها بطريق القطع.. سواء بدلالات لفظية قاطعة أو بقياس قطعي
والفروع هي الأحكام الثابتة بطريق يحتمل الصواب احتمالا راجحا والخطأ احتمالا مرجوحا..

فالأصول لا تقبل الاختلاف بينما الفروع تقبل الاختلاف بشرط أن يكون المخالف مقيدا في استفادته الحكم الذي يدعيه بعلم أصول الفقه


لكن هنا إشكال:

أن ثبوت نسبة الوحي لله تعالى اعتمدت على بحوث في علم العقيدة، فكيف تستمد أحكام العقيدة من الوحي؟


والجواب:

علم العقيدة - دون سائر العلوم - جزءان:

جزء عقلي .. أي يمكن استفادته بالنظر العقلي المجرد .. وهو الجزء الذي يثبت نسبة الوحي لله تعالى ويثبت لزوم أحكامه تعالى جميع أفعال العباد. وأنه وحده الحاكم.. وسائر ما يدخل علوم القرآن والحديث وأصول الفقه من مباحث اعتقادية ... كل هذا يمكن استفادته بالنظر العقلي المجرد الذي يقنع المسلم وغير المسلم.

وجزء نقلي لا يمكن استفادته إلا من الوحي بواسطة علم أصول الفقه. وهذا لا ضرر في توقفه على الوحي لأن الوحي قد ثبتت نسبته لله في الجزء العقلي..

ومع هذا .. فإن الجزء العقلي لا يعتد به حكما اعتقاديا إلا إذا ثبت في الوحي ما يشهد له ويقر به.

ليس فقط لا يعارضه.. وإنما لابد أن يشهد له ويؤيده

وذلك لأن هذه الأحكام الاعتقادية العقلية إن لم يشهد لها الوحي ويؤيدها ستصبح مثلها مثل أي حكم عقلي صحيح .. مثل: 1+1=2 .. فهل يجب علينا شرعا اعتقاد أن 1+1=2؟!!

صحيح أن من لم يعتقد ذلك مجنون.. لكنه غير آثم شرعا.. لأن هناك عمليات حسابية كثيرة جدا .. لم تخطر على بالنا أصلا.. وحقائق علمية كثيرة جدا نحن نجهلها .. وهي قواطع علمية.
فبالتالي ليس كل حكم عقلي يكون من علم العقيدة.. وإنما يكون كذلك إذا أيده الوحي وشهد له.

ولذلك يقول العلماء:

تثبت العقيدة على العقل استنادا، وبالشرع اعتدادا

أي أنها تثبت بالأدلة العقلية .. لكن حتى يعتد بها شرعا ويجب اعتقادها.. لابد أن يؤيدها شاهد شرعي من الوحي .. يستفاد منه بواسطة أصول الفقه.

قد يقول قائل :

عدنا لما فررنا منه.. فهاأنت أوقفت الاعتداد بالأحكام الاعتقادية على الوحي .. والوحي ثبت بالأحكام الاعتقادية.. !

فالجواب:

الوحي ثبتت صحته من الأحكام الاعتقادية.. أما الأحكام الاعتقادية فثبت وجوب اعتقادها شرعا من الوحي.. أما هي فثابتة في نفسها بمجرد ثبوتها عقلا .. سواء شهد لها الشرع أو لم يشهد. ..

والجواب أيضا:

الوحي ثبت بالأحكام الاعتقادية التي يتوقف الاعتداد بها عليه وبتأييد المعجزة أيضا.. فإن المعجزة في معنى قول الله تعالى: صدق عبدي في كل ما أخبر به.