مرحباً بكم جميعاً، وأرجو لكم مقاماً طيباً.
سأخصص الحديث في هذه المداخلة عن صاحب أعلى المراتب من بين المتعبدين بتلاوة القرآن والسبب في ذلك.
أكثر من يستطيع تحصيل الأجر من بين كافة المتعبدين بالقرآن أيها الإخوة هو الحافظ لكتاب الله.
فالحافظ يراجع القرآن باستمرار فترى له ورداً يومياً صباحاً أو مساءً أو في قيام الليل ونحو ذلك. وإلا فمهما تمكن الحافظ من حفظه فبدون مراجعة ينسى ما كان حفظ. ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: "تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها". وهذا من عزة القرآن. (ولهذا سمي حافظ القرآن بحامل القرآن، لما يلقاه من صعوبة في حفظه).
ومعلوم فضل حافظ القرآن على سائر القارئين له في الدنيا قبل الآخرة. ففي الدنيا يكرمه الله ويعظمه، كما في حديث أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط".
أما في الآخرة، فحسب الحافظ ما روى ابن ماجة عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ القرآن وحفظه أدخله الله الجنة، وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد استوجب النار".
وفي الجنة لهم شأنهم، فهم "عرفاء أهل الجنة" (الطبراني)، وهم "مع السفرة الكرام البررة" (البخاري)، ويقال لواحدهم: "اقرأ واصعد، فيقرأ، ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه" (ابن ماجة).
وكل تلك أحاديث صحيحة تختص بحفظة القرآن حصراً وليس التالين غير الحافظين كما يظن البعض.