يكمل صاحبنا القصة فيقول :
انقضى شهر رمضان ... و بعد أيام العيد الثلاثة (و هذه عطلة عيد الفطر بمصر ) وجدتني أجمع أشيائي لأذهب إلى السكن الجامعي .
و رغم أن الدراسة لم تكن قد بدأت إلا أنني أتوق لهذا الأمر و لا أحب الانتظار .
ذهبت .. و دخلت المبنى ... و على بعد خطوات من الغرفة سمعت صوتاً .. إنه هو .. ما هذا يا إلهي ؟ لم أكن أتوقع أن يأتي في مثل هذه الأيام !!
إنني محظوظ حقاً ..
دخلت الغرفة و إذا بذات الأحضان تتكرر و في كل مرة تزيد لذتها .. و ربما لهفتها أيضاً .
الأمر إلى الآن يبدوا طبيعي جداً جداً ..
و لم أكن أدري ساعتها أن الأقدار تخبيء لي أكثر من ذلك ... سكن مريح و متعة بين الأصدقاء .. حتى بدا لي فيما بعد أن الأمر أعمق من ذلك ..
أعمق بكثير ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عجمي ... عجمي ...
هكذا كنا نناديه رغم فصاحة لسانه و ياللعجب أن تنادي أفصح أصدقاءك بالعجمي .
و لكن الأمر لا يبدو غريباً إلى هذا الحد حيث أنه قد أطلق عليه هذا اللقب في ملابسات ربما لا يحب أن يتذكرها هو لأسبابه الخاصة و أحب أن أتذكرها أنا لسبب واحد هو أن تلك الملابسات جمعتني به .
أذكر تلك الليلة كما هي .. فبعد صلاة العشاء تقريباً كان الشيخ قد أنهى درسه الأسبوعي ..
و بعد انتهاء الدرس و انصراف الطلاب وقف بعضنا يتحدث في أمر الدرس و أمور أخرى تابعة لذلك ..
و لا أدري أينا قذف به إلى الآخر ...لكن الذي أذكره جيداً أننا التقينا وجهاً لوجه .. و لأول مرة .. رغم أننا زملاء في الكلية منذ عام و نصف تقريباً !!
يالها من ليلة سعيدة .. و الله إنها لمن أسعد أيام حياتي .. أعلم أنه لا يتذكرها بل أنا على يقين من ذلك .. و لكنها كانت نقطة انطلاق حياتي أنا لا حياته هو فلا عجب إن تذكرتها و نسيها هو و أحببتها و لم يعبئ بها هو .
بدأت في التعرف عليه و عرفته بنفسي و إلى مكان السيارة التي تقل كلاً منا إلى منزله مشينا ..
و في أثناء ذلك استمعت إلى حديثه ... لم يكن بالحديث المؤثر بقدر ما كان بالحديث الممتع ..
آسف سأضطر أن أتركك إذا أتت السيارة .. هكذا قال لي .
و أجبته أنني لن أتركه حتى يتركني هو .
أتراه يتذكر هذا ... لا أظن بل أظنه يتعجب لتلك القصة التي مرت على كل منا و اختزنت في ذاكرته بينما حفرت في قلبي .