الطب فى الحضارة الإسلامية :
المستشفيات فى الحضارة الإسلامية :
كان المسلمون هم أول من عرف المستشفيات وأنشأوا أول مستشفى فى العالم فى عهد الخلافة الأموية ، وذلك قبل أن تعرف أروبا المستشفيات بتسعمائة سنة ، بل وإنهم عرفوا المستشفيات المتخصصة فهناك مستشفيات للعيون ومستشفيات للولادة ومستشفيات للكسور وغيرها ، وفى عهد الخلافة العباسية كان هناك حى كامل فى بغداد يسمى بالحى الطبى يحتوى على المستشفيات المختلفة ، وعلى سكن للأطباء ، وعلى حدائق تزرع فيها النباتات الطبية وعلى معامل لصناعة الأدوية .
علم التشريح :
حفظ المسلمون كتب جالينوس وأبوقراط فى التشريح والتى فقدت أصولها اليونيانية ، ليس هذا فقط بل عدلوا عليها وأرشدوا إلى مواطن الخطأ فيها .
وسبق ابن النفيس الإنجليزى ( وليام هارفى ) فى اكتشاف الدورة الدموية الصغرى ( الدورة الرؤية ) بمئات السنين ، وسبق سرفيتيوس بثلاثة قرون فى اكتشاف وإثبات أم الدم ينقى فى الرئتين ، وكان ابن النفيس أيضا أول من اكتشف وجود أوعية داخل جرم القلب تغذيه ، وبذلك كان أول من وصف الشريان الإكليكى وفروعه.
علم الجراحة :
تميز المسلمون فى هذا العلم تميزا منقطع النظير ، فجاء الرازى بموسوعته (الحاوى فى الطب ) والذى ضمنه فصول عدة ومواضيع عديدة فى مختلف فروع الجراحة ، ثم جاء ابن سينا بقانونه الدي ورد فيه الشيء الكثير من الأمور الجراحية والعمليات العديدة ، ثم جاء أسطورة الجراحة أبو القاسم الزهراوى بكتابه ( التصريف لمن عجز عن التأليف ) فقفز بعلم الجراحة إلى الصدارة بين العلوم الطبية الأخرى, واعتُبِرَ الزهراوي بحقٍّ أوَّلَ من فرَّق بين الجراحة والمواضيع الطبية, وأول من جعل أساس هذا العلم قائماً على التشريح لأنه اعتمد هذين الركنين أساساً في بحثه الذي خصصه للجراحة في كتابه, واعتبر الجزء من كتابه (المقالة الثلاثون) التي أفردها للجراحة أول ما كُتِبَ في علم الجراحة مقروناً برسوم إيضاحية كثيرة للأدوات والآلات الجراحية وظل هذا الكتاب هو المرجع الوحيد لدراسة الطب فى أوربا لمدة خمسة قرون ... ليس أحد المراجع بل المرجع الوحيد .
وهنا لابد من وقفة مع ما أبدعه المسلمون فى هذا العلم – علم الجراحة - :
أولا الجراحة العامة :
*علم الكائنات الدقيقة وعدوى الجروح :على الرغم مما يقال من أن المفهوم الكامل عن الكائنات الدقيقة والبكتيريا كمُسَبِّبٍ للمرض
قد أقامه(باستير) واستمر به (ليستر)، فقد كان لدى العلماء المسلمين قديما فكرة عن البكتيريا -وإن تكن غامضة- فقد ذكر ابن خاتمة في بداية القرن 14 أن هناك "أجساما صغيرة تسبب أمراضا "
*التحكم في النزف
لا زال النزيف أهم مشاكل الجراحة اليوم. ومن المدهش أن الطرق الحديثة لا تضيف شيئا جوهريا لما كان يتبعه الجراحون المسلمون. فاستخدام الضغط بالإبهام أو الرباط أو الإسفنج وحتى الكي بالنار والتبريد (الماء البارد), أو فصل الأوعية إذا كانتا غير منفصلتين تماما, وربط اماكن النزف بالعقد من الخيوط الجراحية أو غيرها, كل هذا وغيره ذكره الزهراوي بالتفصيل والإجمال, بل زاد في تحذيره من الضماد الضاغط بزيادة.
* صرف الخراريج
يذكر "كتاب التصريف " بالتفصيل الكامل تفاصيل صرف الخُرَّاج، مكان وطريقة الفتح، تعبئة الجرح، تهيئة أطراف الجلد، ودلالة وأهمية الصرف المضاد، واستعمال الضغط البطيء المستمر التدريجي لتفريغ التجاويف الكبيرة خصوصا أثناء الحمل وأطراف العمر.
ثانيا الجهاز البولى :
كان المسلمون هم أول من اخترع المناظير الجراحية واستطاع الزهراوى منذ حوالى ألف سنة استخدام المنظار الجراحى لرؤية ما بداخل المثانة البولية ، بل واستطاع تفتيت حصوات المثانة واستخراجها بواسطة المنظار ، وهى العملية التى ليست باليسيرة حتى زماننا هذا.
ثالثا جراحة الأنف والأذن والحنجرة :
كان المسلمون هم أول من أجرى الفغر الرغامى (tracheostomy ) ، وأول من اكتشف العلاقة بين الدراق (goitre ) وبين الجحوظ ( exophthalmos ) هو الجرجانى ( المتوفى 1136هـ ) ، ويُقِرُّ إمام الجراحة الأمريكية هالستر بأن استئصال الغدة الدرقية لعلاج الدراق تمثل "في الغالب أفضل من أي عملية وهي النصر الأكيد لفن الجراحة".وأول نجاح في قطع الدرقية أَداه الزهراوي في 952 م في مدينة الزهراء.
رابعا طب الأسنان :
هناك العديد من الكتب التي أنتجها جراحو طب الأسنان المسلمون، فيها ورد ذكر استخدام السلك لتثبيت الأسنان السائبة، واستخراج جذور الأسنان المكسورة وأجزاء الفك بواسطة ملقط خاص، بل تركيب الأسنان المصنعة من عظام الثور. وكلها أجراها الزهراوي لأول مرة وبنجاح. ويذكر الزهراوي أيضاً استخدام الكي الأنبوبي في كي اللثة وعلاج الباسور الفمي الجلدي.
خامسا علم الأورام :
حَذَّرَ معظمُ الجراحين المسلمين من استعمال السكين في الأورام الخبيثة، وقد خَصَّها بالذكر كل من الزهراوي وابن سيناء مع التشديد علي أن الأورام الخبيثة، يجب أن تُزَالَ في جراحة قطع متوسعة والوصول بالحوافِّ إلى نسيج حي (صحيح) سليم معافي. كذا ذكروا علاج الأورام الخبيثة بالأدوية والكي.
إبداعاتهم فى الجراحة :
كان المسلمون أول من تمكّن من استخراج حصى المثانة لدى النساء ـ عن طريق المهبل، كما توصلوا إلى وصف دقيق لعملية نزف الدم, وقالوا بالعامل الوراثي في ذلك، حيث وجدوا أن بعض الأجسام لديها استعداد للنزف أكثر من غيرها، وتابعوا ذلك في عائلة واحدة لديها هذا الاستعداد وعالجوه بالكي، كما نجحوا في إيقاف الدم النزيف أيضًا بربط الشرايين الكبيرة ، وبرعوا في قدح الماء الأزرق ( glucoma )من العين، وكانت هذه العملية أمرًا يسيرًا ونتائجها مضمونة. وذكروا أكثر من ست طرق لاستخراج هذا الماء من العين منها طريقة الشفط. وأجروا العمليات الجراحية في القصبة الهوائية، بل إن الزهراوي (ت 427هـ، 1035م) كان أول من نجح في عملية فتح الحنجرة (القصبة الهوائية) وهي العملية التي أجراها على أحد خدمه. ويقول الرازي في هذا الصدد: "العلاج أن تشق الأغشية الواصلة بين حلق قصبة الرئة ليدخل النَّفَس منه، ويمكن بعد أن يتخلص الإنسان وتسكن تلك الأسباب المانعة من النَّفَس أن يخاط ويرجع إلى حاله،
كما مارس الجراحون العرب إجراء العمليات الناجحة في البطن، والمجاري البولية، والولادة القيصرية، وتجبير الكسور، والخلع، وعمليات الأنف والأذن والحنجرة، وكانوا يخيطون الجروح خياطة داخلية لا تترك أثرًا ظاهرًا من الجانب الخارجي. وخاطوا مواضع العمليات بخيط واحد باستخدام إبرتين، واستخدموا الأوتار الجلدية وخيوطًا صنعوها من أمعاء القطط وحيوانات أخرى في جراحات الأمعاء ورتق الجروح؛ إذ إن الجسم يمتصها دون أن تلحق به أذىً. وتوصلوا إلى أساليب في تطهير الجروح وطوروا أدوات الجراحة وآلاتها. وكان للجراحين العرب فضل كبير في استخدام عمليتي التخدير والإنعاش على أسس تختلف عما نقلوه من الأمم الأخرى..