الجزء السابع بعد الأخير
حكاية قلب.
لطالما أشتاق اليها وأنسج فى خيالى حالي معها،
لطالما تمنيت أن أسبح فى قلبها دون قلق وأن أستأنس برأيها دون كثرة تفكير ومراجعة،
ولطالما ظل قلبي مكلوما يعلم أنه يعيش على مستحيل قد قدر أمره وأنتهي.
وان كان رضاؤنا بقضاء الله عنوان قلوبنا فإن بوحها سلوى وعبراتها تذكرة وحكايتها عبرة.
حين أسرعت المسير سنين عمري وجف ينبوع الهوى فى قلبي تمنيت ان كان لي أمّ كما رسمتها.
أمّ تشربني حب الله قبل لبنها، وتغمرني بحب المصطفى قبل أحضانها،
لكنا فى نهاية الحال لا نملك الا الرفق لحالها أيا كانت، فلا شك أنها بذلت قصارى جهدها بحسب علمها.
وسيظل هذا الحاجز الكبير بين اختلاف الأهداف والطموحات وبين اختلاف الرؤى والتطلعات عقبة تخنق المشاعر وتمنع النهر من الفيضان.
أسوق اليكم اليوم حكاية الأم كما تمنيتها وأسأل أمي أن تسامحني فلقد طمح قلبي فيها أكثر مما طمحت هي في.
القصيدة التالية لشاعر لمس الابن الغريب بداخلي وأفصح ببيان كلماته عن أمنيات ظلت حبيسة خواطري.
غفر الله لأمهاتنا وجزاهم عنا خير الجزاء وأجزل لهم العطايا والثواب.
أماه كم علمتني معنى الحياة وكم وكم
وغذوتني بالصبر حلو العيش فى دنيا الألم
وسقيتنى بالشكر كيف سجود قلبي فى الحرم
علمتنى كيف السمو بأن أسامح من ظلم
علمتنى أن المذلة للورى شر النقم
علمتنى أن التقى صحو الضمير فلم ينم
علمتنى وسقيتني وغذوتني أزكى النعم
أتريننى أجد الوفاء بكل ذا، لا لن ولم
لكنني سأقص للدنيا حديثك حيث تم
لترى الخليقة كلها أمى كما خط القلم
وحديثها فى ليلة ألفيت امى جالسه
ترفو ملابس مزقت عبر السنين العابسه
وشفاهها تشدو كلالاً أغنيات ناعسه
وبحجرها أختى الرضيعة وهى فينا الخامسه
وعلى الحصير أخ يعالج كسرة متيبسه
والفقر والبرد اللعين بصحبة متجانسه
تردى حياة المعوذين الى مهاوٍ يائسه
فوقفت والشيطان ينفث شره و وساوسه
وصرخت يا أماه ما هذى الحياة البائسه
اني كرهت العيش فى دنيا الشقاء المفلسه
وكأنما أمى اصابتها بقولي فاجعة
وكأنما شهدت بليل الكرب رؤيا مفزعة
وكأنما حلت بنا توا جميعا قارعة
فتغيرت وتنمرت ورمت باختى الوادعة
وتناولت كتفى وفيها نظرة مترفعة
ولدي كفرت تراك؟ أم بك جِنة متقوقعة؟
أتراك تنكر ما لدينا من عطايا رائعة
أرأيتني يوماً شكوت الى الزمان مواجعه؟
إن الشقى هو الكفور هو الحسود الإمعة
فاشكر إلهك إننا سعداء نحيا فى دعة
وذهلت كيف؟ أنحن يا أماه فى خير بديع
وغذاؤنا لم يكف يوما لا الفطيم ولا الرضيع
وكساؤنا مِزَق وأفضل ما به خيط رفيع
نقضى الليالى ساهرين مؤرقين من الصقيع
هذاك باك، ذاك شاك، ذا سقيم، ذا وجيع
أماه نحن من اليتامى واليتيم هنا قطيع
هاتيك دنيا تشترى حق اليتيم ولا تبيع
هاتيك دنيا سادها ظلم رقيع أو وضيع
أين العطاء وذا بلاء حالك طحن الجميع
إني سئمت وما فهمت إلام نحيا كالقطيع
وتسمرت أمي وعيناها تغطيها الدموع
أظننت يا ولدي بأن الفقر فى عري وجوع
أوكان فقرا أن نعيش على ذبالات الشموع
الفقر فى النفس الذليلة أشربت معنى الخنوع
الفقر فى العصيان ينزع منك أنوار الخشوع
الفقر أن ترضى بغير الله يوما فى ركوع
الفقر، أين الفقر من قلب أبيٍّ أو قنوع
الفقر خوف والهدى أمن بآلآف الدروع
الفقر حاشا، فالرضى بين الحنايا والضلوع
ما عدت لى ولدا إذا لم تأت ربك فى خضوع
يتبع ان شاء الله.