المحرر موضوع: تواتر القرآن الكريم  (زيارة 80804 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
تواتر القرآن الكريم
« في: 2009-04-26, 13:16:48 »
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الموضوع التالي هو استجابة لطلب الأخ الكريم (أخوكم أحمد) في موضوعه التالي:
http://www.ayamnal7lwa.net/forum/index.php?topic=2910.0;topicseen

وهو فقرات مقتبسة من موضوع قديم لي نشر في بعض المنتديات، بعنوان (منهج البحث العلمي عند أهل السنة)

أتمنى أن يفي بالغرض ويحقق الفائدة المرجوة

والحمد لله تعالى أولاً وآخراً

*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #1 في: 2009-04-26, 13:22:57 »

تعريف القرآن الكريم

القرآن الكريم هو:
كلام الله لفظا و معنى ، المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، بواسطة جبريل عليه السلام، المعجز في لفظه، المتعبد بتلاوته ، المنقول لنا بالتواتر، المتحدي بأقصر سورة منه، المكتوب في المصاحف، من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس.

كلام الله: فخرج بذلك كلام البشر، وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم الذي هو وحي أيضا.
كلام الله لفظا ومعنى: فلو ترجمت معانيه إلى لغات أخرى لا يكون الحاصل قرآنا، لأنه بقي المعنى (وإن عجزت أي ترجمة على الإحاطة بالمعاني كلها) ولكن ذهب اللفظ، والقرآن هو اللفظ والمعنى معا.
المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يخرج بذلك ما نزل على غيره من الأنبياء من كلام الله، كالتوراة والإنجيل والزبور.

بواسطة جبريل عليه السلام: إثبات أن الملك المختص بالوحي هو جبريل عليه السلام.
المعجز في لفظه: فهو معجز بمجمله، ومعجز بأقصر سورة منه، ووجوه إعجازه عديدة ومتنوعة.
المتعبد بتلاوته: أي المأمور بقراءته على وجه العبادة.
المنقول لنا بالتواتر: أي نقله جمع عن جمع، تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، عن مثلهم، من أول السند إلى منتهاه، وكان مستندهم الحس (أي السمع المباشر).
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #2 في: 2009-04-26, 13:45:23 »
تفسير التواتر:

التواتر هو أن ينقل الخبر جمع كثير عن جمع مثله، تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، من أول السند إلى منتهاه، وكان مستندهم الحس

فقولهم (جمع كثير من الناس): اشترط  بعض العلماء أن يفوق العشرة ، وبعضهم قال يفوق العشرين ، وبعضهم قال يفوق الأربعين، أي أن العدد الأدنى المطلوب لنقول إن الخبر منقول بالتواتر أن يكون قد نقله عشرة من الناس .

تحيل العادة تواطؤهم على الكذب: ويشترط في هؤلاء الناس أن يكونوا مختلفين، بحيث يستحيل عادة أن نتخيل أنهم من الممكن أن يتفقوا ويتواطؤوا ويكذبوا، لاختلاف أماكنهم أو انتماءاتهم أو أمزجتهم... إلخ...
فقد يتفق ثلاثون بل وحتى مائة شخص على كذبة ما، ويروجونها بين الناس، فهل نقول إنها حقيقة لأنها نقلت بالتواتر عن جمع كثير من الناس؟  لا؛... لأننا نعرف أن هؤلاء مثلا من عائلة واحدة، أو عصبية عرقية أو حزبية أو طائفية معينة، وأنهم مجتمعون في مكان وزمان واحد، بحيث من الممكن أن يكونوا قد اتفقوا معاً على اختلاق هذه الكذبة..
ولو نظرنا لجيل الصحابة لوجدنا ما يلي:
أولاً- عُرف عن الصحابة صدقهم وعدالتهم بحيث يستحيل عليهم الكذب.
ثانيا- كان الصحابة من أعمار مختلفة، وانتماءات قبلية مختلفة، وانساحوا منذ حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في بلاد مختلفة لتعليم الناس، ووقع بينهم خلاف بل وحتى اقتتال بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعندما يتطابق رغم كل هذا كل ما نقلوه من نصوص القرآن بالحرف والكلمة دون أدنى اختلاف، فهنا يستحيل أن يقال إنهم اتفقوا على هذه النصوص وتواطؤوا عليها فيما بينهم، ولا يقول بذلك إلا مجنون أو مخبول.

جمع كثير من الناس عن جمع مثله: ثم عن ذلك الجمع الكبير من الصحابة، نقله جمع كبير من التابعين، من مختلف الأمصار والبلدان، وتطابقت رواياتهم رغم اختلاف أماكنهم وأنسابهم وأعمارهم ومشاربهم، فيستحيل أن يكونوا متواطئين على الكذب أو التأليف، وعددهم أكبر من أن نبحث في حياة كل منهم أصلاً، إذ لا حاجة لذلك ما دامت جميع رواياتهم متفقة ولم يشذ منها شيء.
  ثم نقله عن هذا الجمع جمع آخر في الجيل التالي... وهكذا
من أول السند إلى منتهاه: من أول السند (أي ما وصلنا مكتوباً في المصاحف أو الكتب ومحفوظاً في صدور الحفاظ) إلى منتهاه (وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنسبة للحديث، أو جبريل عن ربه عز وجل بالنسبة للقرآن(.

وكان مستندهم الحس:  أي أن يكون الخبر المنقول خبرا حسيا، وليس عقليا.

فالخبر العقلي الحكم على صحته بصحة فحواه وعدم مناقضته للعقل، ولا عبرة بعدد الناقلين، سواء كان واحدا أو ألفاً... (فهل الله تعالى واحد أو ثالث ثلاثة، هذه قضية تثبت بالمناقشة العقلية والتفكر، لا بالبحث عن طريق نقل الخبر هل هو متواتر ام لا)

أما الأخبار الحسية فهي نوعان: أخبار غيبية تقصر الحواس عن إدراكها، وأخبار حسية اتصل بها  إحساس المخبرين عنها، سواء أبصروها أو سمعوها او عايشوها بطريقة من الطرق..
فوقوع معركة اليرموك مثلا أمر حسي... تواتر نقله... فيفيدنا القطع بحدوثه
الأمور الغيبية، ان انتهى النقل المتواتر لها لبشر عاديين، لا يفيدنا الخبر شيئا، لأن البشر العاديين ليس لهم وسيلة اتصال بالغيب..
فلو تواتر الخبر أن أحمد ياسين مثلا تنبأ بسقوط دولة اليهود خلال عشرين عاما، فهذا لا يفيدنا القطع بصحة الخبر، بل فقط بصحة صدوره عن أحمد ياسين..
لكن ان انتهى الخبر الغيبي لبشر ثبت بالمعجزات والدلائل الاخرى انه نبي، فهذا يعني أنه مبلغ صادق امين عن ربه، وبالتالي يفيدنا التواتر صحة الخبر بذاته، وبالتالي وجوب الإيمان  به...


الخلاصة:

إذا كان الخبر حسيا غير غيبي فيفيدنا التواتر القطع بثبوته
اذا كان الخبر غيبيا، فلا يفيدنا التواتر في اثبات مضمونه الا اذا اتصل السند بنبي  ثبتت نبوته بالمعجزة
فعندها نستفيد القطع بمضمون الخبر
إذا كان الخبر عقليا فلا يؤثر التواتر عليه لا نفيا ولا إثباتا، لأنه يدرك بالعقل..

والله اعلم




(لو هناك تصويب من إخوتنا طلبة الشريعة فنرجو ألا يتأخروا)
« آخر تحرير: 2009-04-28, 11:29:54 بواسطة ماما هادية »
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

أحمد

  • زائر
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #3 في: 2009-04-26, 16:14:36 »
بسم الله الرحمن الرحيم

ماشاء الله، لا قوة إلا بالله، جميل هذا الكلام، جزاكم الله خيرا، وجزى الأخ الكريم "أخوكم أحمد" خيرا أن فتح لنا الحديث في هذا الباب


ولكن اسمحوا لي أن أضع حاشية على هذا الكلام (ومعنى أن أضع عليه حاشية أنه صار متنا مهما يحتاج إلى شروح وحواش) :emoti_282:

أصل الكلام في التواتر كلام علماء أصول الدين في مصادر المعرفة، وقد ساروا في هذا الباب سيرا منهجيا لا نظير له بأي ثقافة أو حضارة سابقة أو تالية، فهم أولا يتكلمون عن "إمكان المعرفة" أي أن الإنسان لديه القدرة على التعلم، ثم يتكلمون عن المصادر الصحيحة للعلم، والمصادر غير الصحيحة، ثم يتكلمون عن قوة كل مصدر صحيح ومدى إفادته، هل يفيد القطع واليقين أو الاحتمال والظن أو غير ذلك؟

وسريعا، فقد قسم علماؤنا مصادر المعرفة الصحيح إلى ثلاثة أقسام:
الحواس الخمسة
النظر العقلي
الأخبار المنقولة

وتكلموا عن شروط كل مصدر من هذه المصادر حتى يؤدي إلى المعرفة على وجهها الصحيح، ويهمنا الآن كلامهم عن الأخبار المنقولة، فماذا قالوا؟

قالوا: لا يفيد القطع واليقين من الأخبار إلا نوعان:

- خبر الواحد المؤيد بالمعجزة. أي خبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل، لأن الله عز وجل أيده بالمعجزة التي تعني تصديق الله تعالى له. - وفي هذا تفصيل ليس هذا محله -
- الخبر المتواتر. وهو كما عرفته "ماما هادية"

الكلام كان في مصادر المعرفة الصحيحة، ثم صار في شروط هذه المصادر حتى تفيد القطع واليقين، فلابد حين نقول إن التواتر يفيد القطع بصحة الخبر أن نعني القطع بصحة مضمون الخبر لا مجرد القطع بنسبته لقائله، تماما كالخبر الذي ينقله واحد مؤيد بالمعجزة مقطوع بصحة "مضمونه" لا مقطوع بصحة نسبته لله عز وجل فقط.

لأجل هذا اشترط العلماء للتواتر أن يكون الأمر المنقول حسيا، لا سبيل لمعرفته إلا لمن أحسه(1) أو أُخبر به، لأن الحدث الحسي إذا انتهى انقطع السبيل لمعرفته إلا بالإخبار عنه، أما النظر العقلي فيبقى ممكن المعرفة ما بقيت فينا عقول.

فعلى هذا تفسير قول العلماء "ومستندهم الحس" لا يصح فيه إلا اشتراط أن يكون المنقول حسيا لا عقليا، فقد وضعوا هذا الشرط ليخرجوا الأمور العقلية التي اتفقت عليها أمم العقائد الباطلة، أما تفسير قولهم هذا بأن يكون السند متصلا بالسماع فغير صحيح، لأن اشتراط اتصال السند موجود مسبقا في قولهم: أن ينقله كافة عن مثلهم..." ولأن السماع ليس الطريقة الوحيدة الصحيحة لتحمل الرواية، بل طرق التحمل ثمانية الصحيح منها خمسة على الأقل والسماع إحداها!!

بقي أن نقول: النظر العقلي المنقول في القرآن عن الله عز وجل، هل تواتر القرآن لا يفيده؟
الجواب: النظر العقلي ثابت بالعقول لا بالخبر، لكن نقله في القرآن يفيده الإلهية التي تحتم علينا اعتقاده
فمثلا: 1+1=2 قضية عقلية
و: الله أحد قضية عقلية
لكن الأولى ليست إلهية والثانية إلهية يجب الإيمان بها والتعبد بذلك لله جل شأنه

والله أعلم

________________________________
(1) أحس به هنا يشمل إدراكه بأي حاسة من الحواس

غير متصل أحمد سامي

  • شباب منتج
  • ****
  • مشاركة: 1258
  • حائط برلين لم يهدم عندنا حتى الان يعيش داخلنا
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #4 في: 2009-04-27, 00:08:00 »
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

نعم هكذا ....... هذا هو ما أريد

بهذا الشكل و الأسلوب في تلك المشاركة أستطيع تحدي أي شخص يثير شبهة تعديل أ تحريف في القرأن الكريم فحتى علماء الكلام الغربيين عند قرائتهم لتواتر القرأن و كيفية جمعه و إنتشاره ........ أقروا بأن القرأن هو الكتاب الوحيد الذي لا يخضع لأي تصنيف بشري معروف حتى الأن لأن الطريقة التي إنتشر بها لم تحدث قبله و لن تحدث بعده.

أطمع في المزيد لو يوجد ( أسماء المراجع و الكتب مهمة أيضا  و الدلائل النقلية )

شكرا
‏{‏لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ()إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا‏}‏

حازرلي أسماء

  • زائر
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #5 في: 2009-04-27, 06:27:34 »
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لم أقرأ بعد .أسجل للمتابعة ولي عودة بإذن الله
« آخر تحرير: 2009-04-27, 06:32:23 بواسطة حازرلي أسماء »

ماما فرح

  • زائر
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #6 في: 2009-04-27, 06:59:32 »


ماشاء الله

جزاكم الله خيراً

المتن جميل والحاشية زادته جمالا  emo (30):

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #7 في: 2009-04-27, 10:57:08 »
جزاك الله خيرا يا أحمد على الحاشية والتصويب
وجزاكم خيرا على المتابعة


--------------------------
حفظ القرآن الكريم وجمعه


لقد هيأ الله سبحانه وتعالى من الأسباب ما يكفل للقرآن الكريم الحفظ والبقاء مع السلامة من التحريف والتبديل، ولقد احتاط النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم لهذا الكتاب غاية الاحتياط، فلم يكتفوا بحفظ القرآن في الصدور فقط، بل جمعوا إلى ذلك كتابته في السطور في الرقاع والعُسُب والأقتاب والأكتاف ، فتحقق للقرآن الكريم الحفظ والبقاء عن طريق حفظ الصدور وكتابة السطور.

حفظ الصدور:

أولاً- عناية النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ القرآن:

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد العناية بحفظ القرآن حتى بلغ من شدة عنايته به أنه صلى الله عليه وسلم كان يحرك به لسانه عند القراءة خشية أن يضيع شيء منه، حتى طمأنه الحق سبحانه وتعالى بحفظه في قلبه إذ قال:

{لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ *  فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ *  ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}     

وكان من الدواعي القوية لحفظ النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وتثبيته في قلبه معارضة جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم القرآن في كل عام، حتى كان العام الذي توفي فيه، فعارضه به مرتين.
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان ، حين يلقاه جبريل ، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ ، يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن : فإذا لقيه جبريل عليه السلام ، كان أجود بالخير من الريح المرسلة"

كما أن القرآن كان شغل النبي صلى الله عليه وسلم الشاغل في صلاته وتهجده وسفره وحضره وسائر أوقاته، فكان هذا كله دليلاً على شدة حرصه صلى الله عليه وسلم على حفظ القرآن.

ثانيا- حفظ الصحابة رضوان الله عليهم:

 لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه القرآن حفظه ثم ألقاه إلى أصحابه رضوان الله عليهم، فحفّظهم إياه، وعلمهم كيف يحفظون الألفاظ ويفهمون المعاني، ولقد أحل الصحابة رضوان الله عليهم القرآن في المحل الأول من نفوسهم، وأنزلوه المنزلة اللائقة به، يتنافسون في حفظه وفهم معانيه، وجعلوه أنيسهم في ليلهم ونهارهم، ولم يكن همهم مجرد الحفظ، وإنما جمعوا بين الحفظ والإدراك والعمل، وكان اعتمادهم على التلقي والمشافهة، وكانوا يحرصون على تعليم غيرهم هذا القرآن، حتى كان يُسمع للمدينة دوي كدويّ النحل بقراءة القرآن، فتحقق للقرآن الكريم الحفظ والبقاء والنقاء.

كتابة السطور:

إن من الأسباب التي ساعدت على تواتر القرآن، ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتابة القرآن في العُسُب والأكتاف واللخاف وغير ذلك، وكل هذا كان تأييداً لحفظ الصدور. وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم كُتّابٌ للوحي بلغوا أكثر من أربعين كاتباً، منهم الخلفاء الأربعة، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبي بن كعب، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، والزبير بن العوام وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين. 
وكانوا يكتبون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يأمرهم بذلك، ويبين لهم أين يكتبون كل مجموعة من الآيات وفي أي سورة.

ولم يتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا والقرآن كله مكتوب، ولكنه كان مفرقاً بين الصحف وغيرها.




______________________


  والعسب: جريد النخيل. واللخاف: صفائح الحجارة. والأقتاب: الخشب الذي يوضع على ظهر البعير، والأكتاف: هي عظام الكتف المسطحة.

« آخر تحرير: 2009-04-27, 11:05:17 بواسطة ماما هادية »
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل أحمد سامي

  • شباب منتج
  • ****
  • مشاركة: 1258
  • حائط برلين لم يهدم عندنا حتى الان يعيش داخلنا
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #8 في: 2009-04-27, 11:32:34 »
السلام عليكم و رحمة الله

لن اكثر من المدح فالله أعلم با في قلبي ......... جعله الله في ميزان حسناتكم

شكرا
‏{‏لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ()إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا‏}‏

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #9 في: 2009-04-27, 12:00:42 »
السلام عليكم و رحمة الله

لن اكثر من المدح فالله أعلم با في قلبي ......... جعله الله في ميزان حسناتكم

شكرا

 ::)smile:

بارك الله بك يا أخ أحمد وعلمنا وإياك ما ينفعنا ونفعنا بما علمنا وزادنا علما
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

حازرلي أسماء

  • زائر
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #10 في: 2009-04-28, 08:40:16 »
قرأت الجزء الأول من الموضوع يعني المتن والحاشية
بقي إخوتي لو سمحتم بعض الاستيضاح لأنّ أمورا  استشكلت عليّ فأسألكم التوضيح بارك الله فيكم emo (30):

أولا ماماهادية يبدو لي -والله أعلم- من خلال سياق الحديث وما يراد أنّ "جمع كثير من الناس"  الأولى هي التي تعني التابعين بحكم أنهم الناقلون عن غيرهم، و"جمع كثير مثله" هي التي تعني الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين

بينما عند شرح "جمع كثير من الناس " كان التركيز على الصحابة وعن صفاتهم  والصحيح أن نتحدث عن التابعين لأنهم المعنيون

أرجو أن أكون قد أبنت :emoti_138:


ثم عن النقطة التي جاءت لأجلها الحاشية : :emoti_138:

وكان مستندهم الحس

لو سمحت يا أحمد عن هذا المقطع :

ولأن السماع ليس الطريقة الوحيدة الصحيحة لتحمل الرواية، بل طرق التحمل ثمانية الصحيح منها خمسة على الأقل والسماع إحداها!!

ما هي هذه الطرق الثمانية، أهي الحواس المختلفة؟ فإن كانت كذلك فعددها خمسة، فما أصل هذه الثمانية؟ ثمّ إن لم يكن السماع هو أساسها فماذا يكون غيرها من بين الحواس؟ هل ينقل بالرؤية؟ وكيف ذلك للقرآن الكريم؟ هل ينقل بالشمّ؟ بالذوق؟؟ إن لم تنحصر في السماع الذي هو أصل في نقل القرآن الذي أبلغه لنا الرسول صلى الله عليه وسلم لفظا ومعنى بنطقه وبالتالي تلقفوه سماعا؟

ثم لو سمحت يا أحمد أريد توضيحا لما أوردت:

بقي أن نقول: النظر العقلي المنقول في القرآن عن الله عز وجل، هل تواتر القرآن لا يفيده؟
الجواب: النظر العقلي ثابت بالعقول لا بالخبر، لكن نقله في القرآن يفيده الإلهية التي تحتم علينا اعتقاده


هل تعني أن تواتر القرآن حسب التعريف الذي رأينا لا يفيد النظر العقلي المنقول في القرآن؟ وإذا كان كذلك فكيف؟ وما المقصود؟؟ ثم ما المقصود أصلا من النظر العقلي المنقول في القرآن ؟ في الحقيقة لم أفهم . :emoti_64: :blush::

معذرة إخوتي ولكن بحق أريد التوضيح بارك الله فيكم حتى لا تختلط الأمور برأسي :emoti_351:

أحمد

  • زائر
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #11 في: 2009-04-28, 10:21:02 »
بسم الله الرحمن الرحيم

طرق التحمل هي السماع والقراءة والإجازة والمناولة والإعلام والمكاتبة والوجادة والوصية

ليس المجال تفصيلها إذ ظننت أن ماما هادية تعني بالسماع السماع من طرق التحمل لا السماع الحسي.

أما السؤال الثاني فالله المستعان:


أي معلومة نستفيدها إما أن نستفيدها بحواسنا أو بعقولنا.. هذا هو الأصل

لكن الحواس قد تقصر عن الإدراك، أو المحسوسات قد تنتهي قبل أن تبلغها حواسنا

فالملائكة والجان لا يمكننا الإحساس بهم بأي حاسة من الحواس الخمس

والحوادث التي وقعت قبل أن نولد أو في أماكن غير التي نعيش بها قد انتهت قبل أن تبلغها حواسنا

هذه القضايا الحسية نستعيض عن إدراكها بحواسنا بإدراكها بإخبار الثقات

أما القضايا العقلية فإن لم تثبت في العقل فلا ينفع الإخبار بها لأنني لو لم أقتنع بها لم ينفعني أن فلانا اقتنع بها أو رفضها
تماما كأن أقف أمام فضاء ويخبرني الناس أن أمامي حائط، فمادمت لم أره فلا يمكنني الاقتناع بوجوده حتى أراه، وإن كنت قد رأيته فلا يفيدني أن الناس رأوه أيضا.

إذن الإنسان يستفيد معلوماته بواسطة الحس، والعقل، والإخبار عن المحسوسات

أما الإخبار عن المعقولات فلا يفيد صحة المخبر به أو يضعفه لبقاء قدرة العقل على الإدراك.

والأخبار منها ما يفيد القطع ومنها ما يفيد الظن.. فما يفيد القطع نوعان:
الخبر المتواتر
وخبر الواحد المؤيد بمعجزة

فإذا تواتر الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بالملائكة، والنبي واحد مؤيد بالمعجزة.. قطعنا بوجود الملائكة
أما إذا تواتر الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجوب وجود الله، والنبي واحد مؤيد بالمعجزة.. فهل هذا ما يدفعنا للقطع بهذه المعلومة؟!
الجواب: لا
لأن وجوب وجود الله قضية عقلية الأصل فيها أن نقتنع بها..

لكن من الناحية الشرعية فإن تواتر نقلها عن النبي يوجب شرعا الإيمان بها، إذ ليس كل قضية عقلية يجب الإيمان بها شرعا

هذا خلاصة تبيين شرط العلماء في التواتر استناد الخبر للحس

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #12 في: 2009-04-28, 11:42:41 »
 :emoti_133:

جزاك الله خيرا يا أسماء على ملاحظتك

عدلت المشاركة بناء على ملاحظتك، وإضافات وتصويبات أحمد.. وقد اطلع عليها أحمد وقال أنها أصبحت صحيحة بعد التعديل

اطلعوا عليها، وأخبروني إن كانت الامور قد اتضحت أم ليس بعد...
فإما أن نحاول التوضيح أكثر، او نتابع الموضوع .. فلا زال فيه نقاط يجب استكمالها

والله المستعان


*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

حازرلي أسماء

  • زائر
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #13 في: 2009-04-28, 17:35:06 »
جزاكما الله خيرا، وهكذا بزغت شمس الفهم في رأسي  ::)smile:

الخلاصة:
إذا كان الخبر حسيا غير غيبي فيفيدنا التواتر القطع بثبوته
اذا كان الخبر غيبيا، فلا يفيدنا التواتر في اثبات مضمونه الا اذا اتصل السند بنبي  ثبتت نبوته بالمعجزة
فعندها نستفيد القطع بمضمون الخبر
إذا كان الخبر عقليا فلا يؤثر التواتر عليه لا نفيا ولا إثباتا، لأنه يدرك بالعقل..


وهكذا أجد حالي معكما مثلا،وأنا أقرأ لكما ما تكتبان...فالقرآن وقد أخذ بالحس قد أفادني التعرف إلى التواتر بكل شروطه وأركانه القطع بثبوته،وكل أمر غيبي قطعت بمضمونه بنبوة الحبيب صلى الله عليه وسلم، وكل أمر عقلي أرى عقلي لا يستسيغه إلا إذا تلاحمت جدران العقل كلها تقيم بنيانه ....

وهي المنهجية العلمية في التعرف إلى الحقيقة

وفي الحقيقة لدي ملاحظة  emo (30):... كل طريق للاستفادة من معلومة أراها تمرّ بالعقل، يَميز بين صحيحها وخاطئها، فهذا التواتر بشروطه القوية واتحاد عوامل قوية تدعم فاعليته، يحكم عليه عقلي بالدقة، وأبدأ فهذا الكون العظيم ومعرفتي لله من آياته الكونية معرفة عقلية تجعلني أتدرج في المعرفة والتصديق لأصدق بحاجة الأرض لمنهاج ينزل من عنده، وبالتالي تصديقي لبعثته أنبياء ومن ثمة تصديق كل ما يأتي به النبي المصطفى وهكذا ....وربما كانت هذه المعرفة التدرجية من الأول إلى الآخر وهناك المعرفة التدرجية من الآخر إلى الأول وكلاهما يوصل للحقيقة، وربما بانتهاجنا للمعرفة التدرجية للحقائق الكونية الكبرى -كما يصفها الدكتور البوطي- لا نترك مجالا لمن يتألى فيقول مثلا "وكيف لي أن أصدق أنّ كل أولئك الرجال الذين نقلوا كانوا ثقات ؟؟؟" وقد يشكك، لا طمعا في معرفة الحقيقة ولكن التشكيك للتشكيك، وهو إذ يفعل يعطّل عقله ويغلّق أبوابه ونوافذه...

"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30)وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ(31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ(32) " -البقرة-

 emo (30):
بارك الله فيكما
وقد عرفنا الحواس الجديدة بالمرة :emoti_64: emo (30):
« آخر تحرير: 2009-04-28, 19:10:42 بواسطة حازرلي أسماء »

غير متصل nader

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 245
  • الجنس: ذكر
  • _ _ ( وربنا الرحمن المستعان على ما يصفون ) _ _
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #14 في: 2009-04-28, 19:08:31 »
موضوع رائع جدا ما شاء الله

ربنا يجزى كل من ساهم فيه خيرا

طبعا أنا لسه ما قرأتهوش كله

إن شاء الله لما أرجع بكره من الكلية   :emoti_317:

أحمد .. عيش بقى معنى الاستبدال , وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم  ::)smile:

Now I’m alone filled with so much shame

For all the years I caused your pain

If only I could sleep in your arms again

Mother
.. I’m lost without you



You were the sun that brightened my day

Now who’s going to wipe my tears away

If only I knew what I know today

Mother..  I’m lost without you





غير متصل الميماس

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 479
  • الجنس: ذكر
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #15 في: 2009-05-02, 21:52:59 »
ليس لي الا أن أدعو لكم جزاكم الله خيرا 
وأين حمص وما تحويه من نزهٍ  :  ونهرها العذب فياضٌ وملآنُ

لاتكتب( إنشاء الله) بل اكتب إن شاء الله

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #16 في: 2009-05-02, 23:00:28 »
ليس لي الا أن أدعو لكم جزاكم الله خيرا 

وجزاك كل خير أخي الكريم

وشكرا ان ذكرتني باستكمال هذا الموضوع...

توكلنا على الله


وشكرا لك يا نادر... وأتمنى أن تكون قد قرأت الموضوع الآن واستفدت منه

« آخر تحرير: 2009-05-02, 23:02:57 بواسطة ماما هادية »
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #17 في: 2009-05-02, 23:04:07 »

جمع القرآن

1- الجمع على عهد سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه:

تم هذا الجمع في السنة الثانية عشرة من الهجرة، بعد معركة اليمامة التي استُشهد فيها كثير من الصحابة رضي الله عنهم، فقد أشار سيدنا عمر بن الخطاب بهذه الفكرة على سيدنا أبي بكر رضي الله عنهما، بعد أن خشي أن يضيع شيء من القرآن باستشهاد الصحابة القراء من حفاظ القرآن في حروب الردة؛ وقد اختارا زيد بن ثابت رضي الله عنه لهذه المهمة الجليلة، لأنه كان شابًا عاقلاً أميناً، وكان أحد كتاب الوحي، وكان قد شهد العرضة الأخيرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام.

وقد سلك زيد بن ثابت منهجاً فريداً في جمعه للقرآن، تتجلى فيه شدة الحيطة والدقة في هذا الجمع، فقد كان يجمع الآيات التي كتبت في العسب والأكتاف والرقاع، ولا يقبلها إلا إذا شهد شاهدان أنها كتبت في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يعرضها على حفظة القرآن، ثم يثبتها ويكتبها، وقد استغرق هذا العمل الجليل قرابة عام كامل.

ولنستمع لسيدنا زيد بن ثابت –رضي الله عنه-  وهو يروي لنا حكاية جمع القرآن، قال:

"أرسل إليّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال: "إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر". قال زيد: قال أبو بكر: "إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه". فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمراني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله؟ قال: هو والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم...} حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنه."

وقد راعى زيد بن ثابت نهاية التثبت، فكان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة، وقوله في الحديث: "ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع غيره" لا ينافي هذا، ولا يعني أنها ليست متواترة، وإنما المراد أنه لم يجدها مكتوبة عند غيره، وكان زيد يحفظها، وكان كثير من الصحابة يحفظونها كذلك، لأن زيدًا كان يعتمد على الحفظ والكتابة معاً، فكانت هذه الآية محفوظة عند كثير منهم، ويشهدون بأنها كتبت، ولكنها لم توجد مكتوبة إلا عند أبي خزيمة الأنصاري.
 أخرج ابن أبي داود من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال:
"قدم عمر فقال: من كان تلقى من رسول الله شيئاً من القرآن فليأت به، وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعُسُب، وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شهيدان"                   "
وهذا يدل على أن زيداً كان لا يكتفي بمجرد وجدانه مكتوباً حتى يشهد به من تلقاه سماعاً، مع كون زيد كان يحفظ، فكان ذلك منه مبالغة في الاحتياط؛ قال أبو شامة: "والمراد أنهما يشهدان أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. "

ونتيجة لهذا الجمع صار القرآن كله مكتوباً في مصحف واحد، مرتب الآيات والسور، مشتملاً على الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.



*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

حازرلي أسماء

  • زائر
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #18 في: 2009-05-07, 10:44:14 »
جزاك الله خيرا ماما هادية

سبحان الله كم من الأجر لسيدنا زيد بن ثابت الذي أوكلت به هذه المهمة الصعبة الدقيقة التي جعله الله بها السبب في وصول القرآن مجموعا كما اليوم مكتوبا إلينا ؟؟؟ سبحان الله، هؤلاء النجوم، مصابيح الهدى...!!

ولنلاحظ كيف كان سيدنا أبو بكر وقد عرض عليه سيدنا عمر هذا الأمر ينشرح صدره من بعد المراجعة، وكذلك سيدنا زيد من بعد مراجعة سيدنا أبي بكر له مرات... كانوا يخافون إتيانهم ما لم يأتِ به الحبيب صلى الله عليه وسلم، إلا أن يهديهم الله سبحانه لتمام خيره رغم بيان خير فعله .... سبحان الله، وإنّ لانشراح صدورهم هم على وجه الخصوص لأثرا  خاصا وطعما خاصا ومعنى أدقّ غير انشراح صدر أي مؤمن غيرهم، فهم المقرّبون من الحبيب صلى الله عليه وسلم، وأنوارهم أشدّ  إشعاعا من غيرهم، وبصائرهم أثقب من بصائر غيرهم ...
وإني لأتخيّل جمعهم وهم مقبلون على سيدنا زيد يعرضون عليه، ويشهدون عنده ويقدمون له ما عندهم emo (30):، فإذا هم كخلايا النحل المتهافت نحلها على الشهد المصفّى يجمعونه، والتقوى رأس حالهم جميعا وكلمات القرآن ونوره غمامتهم المظلة لهم وللأمة ساعتها .... لله درّهم، وهنيئا لهم باختيار المولى عز وجل لهم أصحاب الحبيب صلى الله عليه وسلم وأصحاب أصحابه الكرام عليهم جميعا رضوان الله، هنيئا لهم بعيشهم تلك النفحات، ومعرفتهم القرآن وهو الجديد بينهم، هم أول من تلقى أنواره تصبغهم بصبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ...

ولله الحمد والمنة أننا أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم، أمة القرآن الكريم المحفوظ من رب العزة، له الحمد أنّه بيننا كما جمعه سيدنا زيد، وجمع على عهد سيدنا أبي بكر الصديق، وبعرض من سيدنا عمر، وهم النجوم يستمدّون من النور نورهم، ويرسلونه إلى الأرض قاطبة .... لله الحمد أننا نقرأ الحروف التي قرأها أولئك العظام، وأننا نقرأ العبارات التي قرؤوها ........... ولم يقرؤوها فحسب وإنما بها عملوا ولها وبها عاشوا ..... وهنا يكمن السرّ ....


اقتباس
ونتيجة لهذا الجمع صار القرآن كله مكتوباً في مصحف واحد، مرتب الآيات والسور، مشتملاً على الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن

نطمع بتفصيل هذا السطر، ولو أنّي لا أشكّ أنه آت من قبل سؤالي إياه  emo (30):
« آخر تحرير: 2009-05-07, 10:48:28 بواسطة حازرلي أسماء »

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: تواتر القرآن الكريم
« رد #19 في: 2009-05-07, 20:44:13 »
 :emoti_133:


2- الجمع على عهد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه:

تم هذا الجمع في السنة الخامسة والعشرين من الهجرة المباركة، وقد كان صاحب الفكرة هو سيدنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، حيث أشار بهذا الجمع على الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وذلك لخشيته من اختلاف القراءات، فقد اتسعت الفتوحات الإسلامية، وتفرق القراء في الأمصار، وأخذ أهل كل مصر قراءتهم عمن وفد إليهم من الصحابة والتابعين، وكانت وجوه القراءة التي يؤدون بها القرآن مختلفة باختلاف الأحرف التي نزل بها القرآن، فكانوا إذا ضمهم مجمع واحد، عجب البعض من وجوه هذا الاختلاف، وقد يؤدي الأمر إلى الملاحاة ثم اللجاج والتأثيم.
(ومن العلماء من يعلل سبب اختلاف الناس في القراءات في ذلك الوقت بأن المسلمين الجدد على اختلاف ألسنتهم ولهجاتهم، كانوا يكتبون القرآن كما يسمعونه، بقواعد لهجاتهم المختلفة، مما أدى إلى تحوير تدريجي في اللفظ من متلق لقارئ لثالث(.

فلما كانت غزوة أرمينية وغزوة أذربيجان، كان فيمن غزاهما حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، فرأى اختلافاً كبيرًا  في وجوه القراءات، وبعض ذلك مشوب باللحن ،  مع مماراة كل شخص لغيره ممن خالفه، وبلغ ذلك بهم إلى حد تكفير بعضهم بعضاً، ففزع إلى عثمان رضي الله عنه، ولنقرأ  نص الحديث الذي يشرح ذلك:

روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القريشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق."

قد قام سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بذلك بموافقة الصحابة وتأييدهم، فكان منهم إجماعاً. والأرجح أن مصحف عثمان كتب على حرف واحد من الأحرف السبعة.
قال ابن جرير الطبري:"وجمعهم على مصحف واحد، وحرف واحد، وحرق ماعدا المصحف الذي جمعهم عليه، وعزم على كل من كان عنده مصحف مخالف للمصحف الذي جمعهم عليه أن يحرقه."

فكان جمع أبي بكر الصديق رضي الله عنه جمع لجميع الأحرف في مصحف واحد، مرتب السور والآيات. وكان جمع عثمان رضي الله عنه جمعاً للمسلمين على حرف واحد هو حرف قريش، برسم خاص يحتمل ما أمكن من وجوه القراءات والأحرف الأخرى، وإحراق الباقي، على اعتبار أن  القراءة بالأحرف الأخرى مجرد رخصة سهل الله بها على العرب قراءة القرآن بلهجاتهم المختلفة، فلما أوشكت الرخصة أن تؤدي لمفسدة من تحريف القرآن واختلاف الناس عليه، قدّم سيدنا عثمان العزيمة على الرخصة وألزمهم بلسان قريش الذي هو لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم ووحّدهم عليه، فجزاه الله تعالى عن أمة الإسلام خيراً.

وبهذا تم جمع القرآن الكريم في المصاحف، وتناقلته الأجيال جيلاً بعد جيل بالتواتر، مشافهة من أفواه الرجال، وحفظاً في الصدور، وكتابة في السطور، لم يزد فيه حرف واحد ولم ينقص على مر العصور، ولله الحمد والمنة إنه الرحيم الغفور، الذي تعهد بحفظ هذا الكتاب حين أنزله فقال عز من قائل: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} ومن أصدق من الله قيلاً.



*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*