عندما تصبح الحياة في أعيننا شجرة نستظل بظلها إلى حين .... ونرى الدنيا بيتا حللنا به ضيوفا ، ولا صاحب للبيت غير موجده وموجد مَن فيه....
عندما نتشوّف لغد نراه قريبا لا بعيدا، ونحنّ ونتشوّق للعودة إلى أول منزل نحن الضيوف ....
عندما نخشى أن يكون زاد راحلتنا قليلا، وماء رحلتنا شحيحا .... ونخشى أن نكون كمن جاء فلم يفعل إلا أن بهت بالبيت وبزينته ، واغترّ بظليل الظلّ فنسي ما عليه ،وما حسب إلا أنه ضيف على صاحب البيت حسن ضيافته وشأنه هو التمدّد والراحة والدَّعة والارتخاء .... وعلى صاحب البيت القيام بأمره كله وعليه هو الأخذ والأخذ بلا أدنى عطاء....
عندما نخشى أن تأخذنا الزينة وتأخذنا الألوان ويأخذنا الأصفر البراق ويأخذنا مِن بني درهم ودينار نقد وأوراق ....
عندما نخشى أن نظنّ بأنفسنا دماثة خلق وخفّة ظلّ وأننا ضيوف كرام خِفاف ظِراف لِطاف نعرف لصاحب البيت حق قدره و نعرف قدر أنفسنا فلا نثقل ولا نستثقل عبء التكاليف والقيام بما نؤمر ونحسن الرباط على حِمى أنفسنا دون دنس أو رجس أو حياد عن درب الهدى والرشاد ....
عندما نخشى أن نظنّ بأنفسنا حسن الصنع وما حقيقتنا إلا ضلال سعي ....
عندما نخشى من قَولة : إنما أوتيته على علم عندي وإن كانت إيماءة بين الإيماءات، أو نأمة بين النأمات، وإن كان الصوت فيها لا صوت وإن كانت بين أطراف موطن السرّ دبيبا لا يكاد يحدث بين جيران جَنبه جلبة ، وإن كان سَرْيا بصفحة ظلماء لا تكاد تعرف من النور ومضة ....
عندما نرى الدنيا كما نرى القارب الذي يقلّنا من شاطئ إلى شاطئ محاذ قريب غير بعيد، نخشى أن يصيب لَوحَه نقب أو تمتدّ له أيدينا بثَقب أو يصيب دُسُرَه صدأ، فنغرق في لجّ بحره ونحسب أنّ أنفاسا مضطربات متململات متقلقلات مشرفات على النفاد تكفينا وتخلدنا وتبقينا بعمق البحر أحياء لا يعرف الموت إلينا سبيلا .... عندما نخشى أن نظنّ بيَبَس النَفَس أخضرا حيا محييا وبعِجاف الأطراف فتلا من عضل لا يُنقض .... !
عندما نرى القارب على وشك الوصول وأنه إلى هناك حيث الشاطئ القريب له مرفأ ...وأنّ الأمواج وإن تلاطمت وتضاربت وتصارعت وأرادت أن تفتّ في عضدنا وتنخر في ساعدنا المحرّك نخر الأرَضَة بالخشب العتيق فإنما هي عبثا تحاول أن تفعل... وأن قاربنا الصغير أقوى من كل قوة تزعمها لنفسها ....
عندما نقلّب الدنيا بين أيدينا فإذا هي في أعيننا لوحة تلوّح بالصدق ورسمها كاذب، وألوان تترا وتصطفّ وتعلو طباقا وهي الزائفة ما أن تُبْصَر فتُرجى فتصبح المنى حتى تمسح على القلب بلون الديجور وهيهات هيهات أن يصنّف الديجور لونا ...
عندما نقلّب الدنيا فإذا هي الساحرة لا تسحر لنا عينا ولا تسترهبنا، وإذا القلب يلقف ما تأفك، ويقول لها ملء شدقيه وغاية عرض مَبسَمه لستُ من تبحثين عنه لفعلك يا غَرور فاعدلي ، لستُ مَنْفَث سمّك يا سموم فولّي ....
عندما نحبها ليس لما في ما فيها ولكن لسلعة تعرض فيها على بعضها ختمها وعلى الآخر ختم الآخرة، فكانت ذات ختم الآخرة مشترانا وكانت هي السوق وهي الثمن الذي دفعنا ....
عندمــــــــــــــــــــــــــا ...................
ترى أيها الإخوة هل نرى الدنيا كذلك ؟؟؟ تراه هو ذاك الذي يدعى زهدا فإذا صاحبه شاذ لا يقاس عليه، وإذا حاله خاصة فليس يطلبها الكل وما من داع لأن يطلبوها ؟؟ ترى هل حقا توشك أعيننا أن ترى الدنيا على هذا المنوال ؟؟؟