أما اليوم فهي التي تقول، هي هي التي طالما ردّت، اليوم هي التي تقول .....يا أصحاب
قالت : كم قيل لك يا صاحبي، وكم رددتَ قائلا....، كم قيل لك يا صاحبي وأنت الذي ما تنفكّ منكرا ذاتك، ناسيا، متناسيا، وكأنّما قولهم كله الزور وقولك وحده الحقّ علِيٌّ وليس عليه يُعلى ، وكأنما قولهم كله الخيال وقولك وحده الحقيقة ....
كم قيل لك يا صاحبي وكنت تردّ وأنت لِمَا يقال سامع وعن صوت حقّ يتردّد بداخلك أصمّ ، صوت لم تعد تسمعه من بعد يقينك بكلمات ليتك قلّبتَها يوما، ونظرت فيها، وتملّيتها من قبل أن تبخس نفسك حقها.... يا صاحبي أوَكُلَّ ما تسمعه من أنّك الذي لا مثيل له في زمن الغثاء، هو ذاته غثاء الأصوات الذي لا يملأ أذنيك إلا كما يجعلها صماء عنه،ولا يملأ عينيك إلا كما يجعلها عمياء عنه ؟؟؟ !!!
ألم تتأمل يوما، لعلّ ابتسامتك الهادئة تلك رسم تضع خطوطه الحديدية كُرها وغصبا فوق أصوات النفس المتعالية تحاول جاهدا إخراصها؟؟ لعلّ تلك الكلمات التي تردّ بها ما هي إلا طبقات الإسمنت المسلّح تضرب بها على علمك ويقينك بتميّز نفسك ؟؟ لعلّ كل ما كان منك كلمات إنْ هي إلا فقاقيع الهواء المتطايرة مجتمعةً تبدو للناظر جميلة بهيّة، وسرعان ما تختفي الواحدة منها في مهبّ الهواء تَلحَقُها أختها تَخلُفُها خُفيةً واختلاسا، تخدع الأبصار فتخال أنها ما تزال ترمق تلك الأولى المختفية الذاهبة ؟؟
تأمل لعلّ كلماتك وردودك سراب، سراب يحسبه المادح ماء قد ارتوى منه ساعة أعرب الممدوح عما زاد شأنه عند مادحه إعلاء من فرط ما غاب النشاز عن لحن ألّفته رقرقات التواضع ، فروته نغماتها من قبل أن تلثم النفس الصادية
لا تردّ على قولي يا صاح، فقد جئتك أسألك التأمّل والترقّب،وما جئت أسألك الكلمات.... جئتك يا صاحبي أصدقك النصح والإرشاد، أصدقك البوحَ والإمداد، جئت أسألك أن تسمع كلماتي كما تُسمع الجمعَ الكلمات.... لا تردّ عليّ يا صاح ...
تريّث فلعلّك ظانّ بي الشر والإفساد..... كلّ من قال لك، كان حلو الكلمات، ولكنّ قولي لك أنّك الظالم، الجاحد المغالي، المنكر حقا بداخلك تلوي عنقه بالكلمات......... فهذه لك كلماتي وليس للحلاوة فيها من مكان .... فهل أنت جالس إليّ، محدّثي من بعد أن تكون سامعي ...لعلّ في الأمر أمرا، ولعلّ الذي خلتَه من نكرانك لي هو أصل الباطل وأصل البهتان وأصل الخطأ وتظن ّأنك وحدك على حق وأنني لا أعرف غير سبيل الباطل، ولا أعرِّفُ بغير سبيل الباطل .....
لم أظفر منك يوما بجلسة ولا بانتباهة ولا حتى بلحظات من المصاحبة على سبيل التعارف ... ! فإن شئت بعدها أقبلت وإن شئت عني أدبرت... ! جربني...... جربني فلعلك تندم عن ساعات لم تومِض بفكرك فيها لمعة محاولة سماعي....
اسمعني فهذه المرة الأولى التي أنجح فيها بالوصول من بعد مرات فاشلات كلها، أرهقتْنِي لم أعرف فيها غير ذلّ وهوان من بعد سعيي ودأبي ودَيْدَن لهثي خلفك أنشد من قلبك شيئا من فعل القلوب لكلماتي،وأنا التي فعلتْ في القلوب كلماتي....
أنا الناصحة المريدة خيرا من حيث مثلك يظنّ أنّي الشريرة ....وكم من ظنّ الشرّ بأهل الخير يا صاحب الحِكَم وَهْمٌ وسوء ظنّ وسوء وزن يحسب به الحكيم نفسه حكيما ....
اسمعني وابحث بين ثناياي عن ظلمك لي،وبخسك حقي،وقد امتدحك الكل ورأوا فيك الذي ليس له النظير ولا الشبيه في الرحمة والعدل ، ابحث بين ثناياي، أفتكون المحقّ العادل المنصف المقسط،وأنا التي أتعذّب كلما جنيتَ عليّ بكلماتك المصدّقة أفعالك تلك التي تقتلني فيها يا صاحبي ولا تبالي ....تقول إنّ قتلك لمَن مثلي حياة لك...فيا ما أكبر ظلمك لي يا ظالما يرى في الظلم عدلا وكرامة !!....
تريّث ...لا تطردني كعادتك في طردي وأنا التي لا أملّ العودة لك في كل مرة، لا أسأم، بل أستصغر استحقارك لي من فرط حبي لك ولخيرك،وليتك يوما سامعي.... اسمعني فقد آن أوان أن تلقي لي من بالك شيئا،ومن قلبك شيئا ومن وقتك شيئا، فكم صبرت على انعدام كلّه منك لي،وليتني بؤت ولو بالمعاذير تلقيها، إن أنت إلا مدبر لا تلوي على شيء فيّ ولا منّي ...
ولقصة صاحبنا والجديدة القائلة له بقية ...فهل أكمل ؟؟