جاءني مرة وكنت في عنفوان الشباب أكتب في أوائل كتاباتي في الرسالة ،ثلاثة من الغرباء عن البلد ،لم يعجبني شكلهم،ولم يطربني قولهم،فوقفت على الباب أنظر اليهم فأرى الشكل يدل على أنهم غلاظ وينظرون إلي فيرون بي (ولداً) فقالوا هذه دار فضيلة الشيخ الطنطاوي؟ قلت كارها :نعم فقالوا :الوالد هنا
قلت: في مقبرة الدحداح على الطريق المحاذي للنهر من جهة الجنوب. قالوا: يزور الموتى؟
قلت:لا .قالوا : اذن؟ قلت : هو الذي يزار ...فصرخ أحدهم في وجهي صرخة أرعبتني وقال: مات كيف مات؟ قلت:جاء أجله فمات قالوا: عظم الله أجركم،إنا لله وإنا إليه راجعون ،يا خسارة الأدب قلت: إن والدي كان من أجل أهل العلم ولم يكن أديباً قالوا: مسكين لا تعرف أباك .
وانصرفوا وأغلقوا الباب وطفقت أضحك وحدي كالمجانين ،وحسبت المسألة قد انتهت فما راعني الا الناس يتوافدون علي فأستقبلهم فيجلسون صامتين ان كانوا لا يعرفون شخصي ،ومن عرفني ضحك وقال: ما هذه النكتة السخيفة؟ قلت: أي نكتة؟ فأخرج أحدهم جريدة وقال :هذه هل تتجاهل؟ فأخذتها وإذ فيها نعي الكاتب ال...... كذا وكذا ..علي الطنطاوي !!
من حديث النفس
علي الطنطاوي