المحرر موضوع: قطارها و هضبة الصمت ..  (زيارة 8899 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ريحان المسك

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 3329
  • الجنس: أنثى
  • جاي النصر جاي الحرية
قطارها و هضبة الصمت ..
« في: 2009-02-09, 13:26:52 »
لا تعلم لماذا , لا تعلم كيف , لا تعلم متى , كل هذه المجهولات تؤلمها , الوقت يمر بسرعة و هي لا تشعر به , في تلك الليلة , وقفت امام المرآة , بالفعل كبرت , و ربما يكون اجلها قريب , ربما ...

تأملت وجهها جيدا , و كان الصمت سيد الموقف , لم تنبس بكلمة واحدة , واقفة متعجبة , بالفعل كبرت , لم تكن كذلك , كانت تلك الفتاة الصغيرة , التي كان اللعب همها , و الشقاوة جزء منها , و الكلام العفوي طبيعة فيها ...

الان

الان تغير كل شيء , اصبحت تلك الفتاة الجادة , التي لم يتبقى في وجهها ملامح الطفولة التي تعودت عليها , تتأمل و هي في قلق شديد من حاضرها , من مستقبلها , من عمرها ...

سنة وراء سنة تجري وراء بعضها البعض  بسرعة  تلك الرياح الشديدة , تهب عليها تاركة اثرها فقط , تاركة الماضي , تاركة الذكريات و الايام و الصور لكي نحيي ماضيها عندما تحن له و تشتاق لمحياه ...

شعرت بأن قطار زمنها يجري على سكة حياتها بسرعة الريح , و لكن هي , اين هي ؟؟؟
هي خارج قطارها , واقفة امامه بدور المتفرجة , متفرجة لشريط حياتها الذي يمر امام عينيها و ليس بإستطاعتها ايديها الإمساك به ...

تملكها ذلك الشعور بعدم السيطرة و خروجها من بين يديها , تلك السيطرة التي كانت في نفسها عندما كنت صغيرة , عندما كانت داخل قطارها ...
ها هي تقترب و تقترب , و لكن , هناك حاجز كبير جدا يحول عن دخولها لقطارها الذي يمكن في أي لحظة ان ينقطع و لا تراه مجددا الا بعد احياء ربها لها في يوم الوعد ..
ما آلمها فعلا هو امر ذلك المارد الذي صادفته في طريقها , جعل ذاك  الحاجز زجاجي غير كل الحواجز , فأمكنها ان ترى كل شيء من خلاله , بإمكانها ان ترى قطارها الذي تحب ان تكون فيه , بإمكانها ان ترى من خلاله من تحب و من تكره , بإمكانها ان ترى من خلاله ماضيها و حاضرها ...
و لكن ان تدخل في  ذلك العالم وارء هذا الحاجز هو بالشيء المستحيل , هذا الحاجز زجاجي ليس ككل الزجاج , زجاجي لا يكسر و لا يهدم , مهما كانت الطرق , مهما كانت الاحوال , بالصوت العالي , بالمطرقة , بالضرب , بقطرات الدموع , دون جدوى , الحاجز لم و لن يكسر ...
و ها هي ذا , تقف مكتوفة الأيدي من خلفه , لا حول لها و لا قوة الا ان تتابع مسلسل حياتها من خلال قطارها , و رؤية عائلتها و اصدقائها و ذكرياتها من شبابيكه الكبيرة الجميلة الواسعة ...
يلوحون لها من تلك الشبابيك و يشيرون لها بالقدوم , و لكن للأسف , تتكلم و تصرخ و تبكي , و يأبى الحاجز بتمرير ذلك الصوت المحتاج , يمضي القطار بأول كبينة له مع شبابكها الأربع و بما تحتويه من ذكريات الفرح و الالام , و هاهي كبينة اخرى تشير بقدومها , فرصة اخرى لها لكي تكون في قطارها , نعم , فرصة اخرى ...
للأسف , مرت كاللتي قبلها , و لكنها لم تمر بها كاللتي قبلها , كانت المرارة امر , الدموع احر , و المحاولات اكثر , و المناداة اقوى , لا تغير , لا أثر , ما حدث في الماضي حدث في الحاضر , و من يعرف ربما في المستقبل , فما تراه الان من وراء حاجزها بعيدا عن قطارها جازاها بقوة التحمل في التعامل مع الامور بلغة الصمت القاسية ,,,

مرت الكبائن  و سار القطار اميالا و اميال , و هي لاتزال في مكانها متفرجة عليه راضية بما كان نصيبها منه دون اعتراض بعد المر و الأسى في ما سبق من الزمان , تعودت العيون على البكاء حتى نشفت , و الأيدي على التلويح حتى تعبت , و الفم تخلى عن ابتسامة الأمل حتى حلت مكانها رهبة الوحدة ...

و ما ان علمت بما سيحدث عند مرور كل كبينة جديدة , اختارت لها مكانا على هضبة عالمها الكبير ملكة عليه هو فقط , لا يوجد احد غيرها , فجلست تراقب قطارها و هو يمشي كعادته مسرعا دون توقف , تلوح بين الحين و الاخر , تبتسم بين الحين و الاخر ...

و لكن

لبس لقطارها
ليس لمن فيه
ليس لمن يطل عليها من شبابيكه
بل لمعرفتها بما آل إليه حالها , و بمعرفتها لمستقبلها المرير الوحيد البارد الذي لا يملك اشجارا تدفئه و لا بشر تؤنسه و لا بسمة تشرق عليه كالشمس التي لا تطل عليه ابدآ ...
نعم
اختارتها يائسة , اختارت هضبة الصمت  :emoti_404:...
« آخر تحرير: 2009-02-09, 19:01:52 بواسطة ريحان مسك »
نحن أمة عظيمة في التاريخ .. نبيلة في مقاصدها .. قد نهضت تريد الحياة .. و الحياة حق طبيعي و شرعي

غير متصل ريحان المسك

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 3329
  • الجنس: أنثى
  • جاي النصر جاي الحرية
رد: قطارها و هضبة الصمت ..
« رد #1 في: 2009-02-09, 14:52:46 »
للتوضيح

ما كتبته في هذه الخاطرة كان ارتجالا بسيطا و لكنه اعجبني جدا فأحببت ان اضعه هنا , ربما ليس لهذه الكتابة فائدة تذكر انما فقط كلام من هنا و هناك و لكن لا اعلم اعجبتني  emo (30):

اليست الساحة لمشاركة الذكريات و الخواطر :emoti_317:
نحن أمة عظيمة في التاريخ .. نبيلة في مقاصدها .. قد نهضت تريد الحياة .. و الحياة حق طبيعي و شرعي

غير متصل أبو بكر

  • شباب إيجابي
  • ***
  • مشاركة: 705
  • الجنس: ذكر
  • إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم
رد: قطارها و هضبة الصمت ..
« رد #2 في: 2009-02-09, 16:28:24 »
:emoti_133:

جميلة أوي الخواطر دي يا أخت ريحان :good:
و أنصحك بالاستمرار في كتابة مثل هذه الخواطر لأنها تنمي الملكة الأدبية لدى الإنسان ... و بالذات إذا كان هذا الإنسان يريد أن يعمل بالصحافة emo (30):
اللهم انصر الأحرار في كل مكان، و أهلك كل فرعون وهامان....اللهم نصراً لليبيا وسائر بلاد المسلمين

غير متصل ريحان المسك

  • أحلى شباب
  • *****
  • مشاركة: 3329
  • الجنس: أنثى
  • جاي النصر جاي الحرية
رد: قطارها و هضبة الصمت ..
« رد #3 في: 2009-02-09, 16:30:12 »
شكرا يا اخ ابو بكر على التشجيع   :emoti_282:

اكيد هستمر  :emoti_317:


« آخر تحرير: 2009-02-18, 12:44:38 بواسطة ريحان مسك »
نحن أمة عظيمة في التاريخ .. نبيلة في مقاصدها .. قد نهضت تريد الحياة .. و الحياة حق طبيعي و شرعي