أيها القلب القدسي طر في الأجواء …طر… طر ولا تخف فما من حصار على أجواء القلوب، وما من حصار على بحار القلوب، وما من حصار على أراضي القلوب….
أيتها النبضات القدسية تَقَوَّيْ، تقوَّي وأسمِعي العالم دويّك ودقّك، أسمعي القنابل المتساقطة على تلك الأرض صوتك…. فلن تعدَمي الحيلة ….
هل تخشين الحصار؟؟؟ هل تخشين النار؟؟؟
لا لا …فالأغبياء ظنوا أنّ قطع الطريق أو قطع السماء أو قطع الماء بخيط الحصار صعب ….
لا أيتها النبضات القوية، لا أيتها الحية، أيتها الذكية …..لا تأبهي لغباء الأغبياء ….
طر أيها القلب القدسي، حلق ….حلق عاليا شامخا ، طر فلن يعترض دربك النوراني قطّاع الدروب
طر وحلق عاليا ، طر وأسرع….أسرع فأنت أسرع طائر وأقوى طائر وأشجع طائر….
طر فالسماء سماؤك، والأرض أرضك والبحر بحرك …..طر ولا تأبه للأغبياء ….
أيها القلب القدسي احمل على جناحك القويّ دمعك مع قهقهات ضحكك البريئ، احمل حزنك مع رقرقات فرحك الجريئ ، احمل على جناحات الشوق شوقك وحبك وطر وحلق ….
طر إليهم ….طر إليهم ….أسرع يا طائرا لن يثنيه حصار، يا طائرا تخترق أطرافه النار، يا طائرا يقول للأغبياء طبتم بالغباء وطابت أحلامكم الحمراء وطاب حسن ظنّكم بالنوم عن طيور القلوب القدسية، عن صوت النبضات الذكية ….
طر إلى حيث أرضك، إلى مسقط رأسك يا قدسيّ النبضات يا قدسيّ القوة ، يا قدسيّ الإيمان ….
طر ولا تخشَ الفخاخ التي تنصب للحدأة والغربان....
طريقك بَيّن، ومسارك بيّن، والمسافة قصيرة.... قصيرة، مبتدؤها نبضك من نبض الحياة ومنتهاها نبض الحياة من نبض الشوق للأحبة والإخوان ….
الأغبياء يقولون، إنما هي أصوات لأفواه ما تفتؤ تلجم أو تكمّم ، فقد تعودنا الأصوات …!!!
دعهم يقولون يا قدسيّ وطِر....، دعهم يحلمون وحلق، دعهم يتعودون وحطّ هناك ….
حطّ واغدُ يا قدسيّ طائرا يتكلم، واغدُ طائرا ينثر السلام، ينثر درر السلام ...، حطّ واقرأ مع كل شهيد يشهد حروف الشهادة....، مع كل شهيد لا يخشى الموت ولكنه يخشى ألا يشهد، فيرفع السبابة، يرقبها بما بقي من شتات الحياة،... يرقبها ويسأل الموت أن يبطئ قدر ما تعمل السبابة عملها، يتوسل الموت أن يبطئ حتى تسمع أذناه آخر ما تسمع كلماتِ التوحيد،….
يرفع صوته ببقايا شتات الحياة وكأنما يقسم على الموت أن يترك له قدر ما يسمع …..حطّ عنده أيها القدسيّ واشهد….اشهد مع الشمس المشرقة بوجهه شمس الحياة الأخرى، شمس الحياة السرمدية، شمس الجنان والخلود، اشهد وأسمعه صوتك المدويّ بالشهادة وانقلب يا قدسيّ سبابة قدسيّة تشدّ أزر سبابته الملوّحة بالشهادة، الفرِِحة بالشهادة، لتعلو فيسمعها العالَم، فهي تلك الكلمة وهي التي وَيْح الأغبياء أرادوا محو حروفها قد سمع ذبذباتِها السماوية العالَمُ كله!!!! ....
انحنِ أيها القلب القدسيّ ...انحنِ لهامته المرفوعة.....................
انحنِ لحبات التراب التي اختيرت لتحمله من دنيا الناس إلى دنيا الملائكة، من عالم الحزن والفرح إلى عالم الفرح الأبديّ، من النهاية إلى بداية لا تعرف غير البداية، ما تنفك تتجدد بداية وفي كل مرة هي بداية لحياة جديدة غير الحياة،لا تتعدد ولا تتكرر، بل في كل مرة هي أخرى، في كل مرة هي الأجمل من كل مرة ....!!!
عُبَّ أيها القلب القدسيّ من الأحمر نورا يتلألأ ....عبّ من قطراته المِسْكِيّة دررا تصنع منها عقدا لؤلئيا تزيّن به وجه السماء في نهار سوّدته أدخنة النار المحاصرة.....
اقتبس يا قدسيّ من عينيه المدبرتين عن الدنيا المقبلتين على الخلود نورا يعبّد لك دربا ظنّ الأغبياء أنّهم قد أطفؤوا نار هداه .....
حلّق حلق يا قلبي القدسيّ مع رَوح روحه نسيما على الجنان المتزينة له....حلق وتعلّق بأثر هامته التي ظنّ الأغبياء أنهم أركعوها للموت ....ظنوا !!!....ليت شعري أيّ ظنّ ؟؟؟ شتان بين ظنّ الكاره وشوق المحبّ ....!!!
طر أيها القلب القدسي ....طر ...طر .......وحُطَّ حيث الباكية خمسا، والباكي خمسا، حطّ عند حيث التي تذكرهنّ وتحمد الله، حطّ عند مدمعيها وارقب تلك العبَرات المؤمنات، وترقب سيل عزّ ينهمر من هاتيك العيون، أرسل النبضات يا قدسيّ تستقي من دمعاتها الصابرات علما اسمه الصبر والاحتساب ....
قل لها أخبرها ، أخبرها وإن غلب نبضاتك صوت النحيب قل لها أفصح ....أفصح أنك متعلم ينشد العلم المفيد.... انقلب يا قلبي القدسيّ تلميذا بين يديها يطلب الحكمة،..... انقلب تلميذا ينشد من معلمه الصبر على قلة صبره....
حطّ يا قلبي القدسيّ هناك حيث هو، حيث الخمس الذاهبات وحيث عينه الشاردة يمنة ويسرة، ألق ما بجعبتك القلبية، وارمقه بعين الإجلال والإكبار....وقل له تشرد العين منه ويحتسب ويحمد الله ربَّه : ألا أيها الأب المكلوم علمني كيف يكون جَلْد الجلاد بسياط الحمد والاسترجاع والاحتساب والإيمان رغم آهات الفراق أوجع من متفجراته بعقر دارك التي كانت بين الديار وهي اليوم حطام وأطلال....علمني كيف يكون جَلْده بجَلَدك..........
طر أيها القلب القدسي....طر يا طائرا حرا لا يخشى خيط الحصار ولا يخشى ضرب النار....طر وحطّ حيث الجراح أسماء وحيث الأسماء جراح....حطّ حيث كل طرف من أطراف الأبيّ على كل طرف من أطراف غزّة منهنّ جزء .....ادعهنّ يأتينك سعيا، فالبادي أنها أشلاء وأجزاء والحقيقة أنها كل يكمّل كلا ....
....
احمل كل طرف عزيز وابحث عن طرفه....احمل كل كلٍّ كمّله لكلّه .... أخبره أنّ الأطراف وإن بعدت فإن لها قلوبا تلتحم بالقلوب، أنّ للقلوب قوة لا تعرفها دبابات العدو ولا تعرفها طائراته الضاربات، ولا تعرفها بوارجه الحاملات للضاربات .....
ضمّد يا قلبي القدسي بجناحاتك المرفرفة جراحات تلك الطفلة الحبيبة التي تغيب عن آلامها بنومة ملاك مغميّ لا يقوى على الحراك....ضمّد جراحاتها فالدم يُفصح من تحت الضّماد لونِ رأسها من بعد ما صار عُرْف القنابل ألا تخطئ رؤوس الصغار كما لا تخطئ رؤوس الكبار ....!!!
قبل جبينها الملائكي نجِيَّ الملائكة وناجِه بقبلة حرّاقة يا قلبي القدسيّ الطائر ......
حطّ عند دمائها المفصحات من تحت الضماد وامسح على وجنتيها المبتلتين بها وقل لها : لن تَعدَمي الورد يا وردة الورد يداعب هذه الخدود....
طر أيها القلب القدسيّ وسالم كل طير حر....طر وعادِ وفجّر كل طائر يطير للعدوّ يقذف الحرب على أرض العزة غزة
....
طر واجعل فوق عين العزة تاجا لترتقي فتصير غزة ....طر يا طائري القدسيّ وحطّ حيث العين وتوجها ملكة اسمها غزة ....
طر يا قلبي القدسي طائرا وكن صوتا لا يسمعه الأغبياء، صوت ظنوا أنّه لن يكون أو ظنوا أنه اللاقوة....طر فأنت قوة القوة، وعندما تعود ابقَ يا طائري معهم ....ابقَ معهم ورفرف على قلوب هنا وعلمها منطق الطير القدسيّ حتى إذا ما فطن الأغبياء فاتهم الأوان ووجدوا لفيفا من القلوب القدسية تستعصي على الحصار والنار، وتستعصي على كل قوة يدّعيها الأغبياء.....تدخل المسجد الأقصى أفواجا مسبحة مستغفرة مؤذنة بالفتح والنصر ......