يقول الأستاذ محمد قطب في كتابه واقعنا المعاصر:
ولكن الذين استغلوا هذا الوضع ليطلقوا دعوتهم لم يكن همهم الحقيقي رفع الظلم عن المرأة ، إنما كان رائدهم الأول هو تحطيم الإسلام ، وإخراج المرأة فتنة متبرجة في الطريق لإفساد المجتمع الإسلامي .. ولم تكن الفوضى الخلقية التي عمت المجتمع فيما بعد مفاجئة لهم ، ولاشيء مستنكراً من جانبهم يشعرهم بالندم على ما قدمت أيديهم .. بل كانت شيئاً محسوباً ومتوقعاً ومرغوباً بالنسبة إليهم ، وقد كانوا يرون تجربة الغرب ماثلة أمام أعينهم ، ويعرفون ما يؤول إليه الأمر في المجتمع المسلم حين يتجه الوجهة ذاتها ، ويسير على الخطوات ذاتها .
• ولا ينفي هذا بطبيعة الحال وجود مخدوعين مستغفلين يتلقفون الدعوة بإخلاص .. ولكنه إخلاص لا ينفي الغفلة ! وهم بغفلتهم - أدوات معينة للشياطين ، يستغلون موقفهم لتقوية دعوتهم ، لأن الناس ترى إخلاصهم فتظن أنهم على خير فيتبعونهم ، فيتم ما أراد الشياطين !
• وقد كان هناك بديل ثالث للمصلح المخلص ، الذي يريد الله ورسوله ، ويريد تصحيح الأوضاع في المجتمع المنحرف ، ورفع الظلم عن المظلومين ، وهو الدعوة – والجهاد – لإعادة المجتمع الإسلامي إلى صورته الصحيحة التي ينبغي أن يكون عليها . ولكن أحداً من [ المصلحين ] القائمين يومئذ لم يدع إلى ذلك البديل الثالث .
وظلّ الخيار المعروض دائماً هو إما الإبقاء على الأوضاع السيئة المتخلفة الجامدة الظالمة ، وإما محو الإسلام ونبذه والانسلاخ منه ، والاتجاه إلى أوروبا من أجل التقدم والتحضر والرقي ..