المحرر موضوع: وأذن في الناس بالحج  (زيارة 11074 مرات)

0 الأعضاء و 2 ضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
وأذن في الناس بالحج
« في: 2008-12-05, 18:55:25 »


الحج


{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} (آل عمران 97)

مما يؤسف له أن كثيرا من الناس يعتقدون أن الحج نافلة لا فريضة، أو فريضة اختيارية من أحب أداها ومن شاء تركها، ولا يشكل كونها الركن الخامس من أركان الإسلام أي ثقل على ضميرهم، فترى الواحد منهم يتعلل بعدم استطاعته الحج لانشغال أو أعمال أو جمع مزيد من المال والتطاول في البنيان، فيؤخر ويؤخر أداء هذا الركن العظيم، وكم عرفت من أناس سافروا وساحوا في مشارق الأرض ومغاربها، ولمّا يؤدوا بعد فريضة الله التي في أعناقهم، وكم وكم من أناس  ولدوا ونشؤوا في هذه البقاع الطاهرة أو قريبا منها، أو أكرمهم الله تعالى بالعمل والإقامة فيها، ثم يمر العام تلو العام والموسم إثر الموسم ولا يحجون ولا يتأثمون، فنعوذ بالله من الغفلة ومن قسوة القلوب.
وقد وصف الله تعالى من يعرض ويتقاعس عن أداء هذه الفريضة رغم استطاعته بالكفر، وأخبره أنه لن يضر الله شيئا لأن الله غني عن العالمين. {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ}

وقد بين العلماء حدود الاستطاعة: أن يملك من المال والزاد ما يكفيه للذهاب والعودة، وما هو زائد عن قوت أبنائه وعياله، (قوتهم وليس كمالياتهم ورفاهياتهم ومجوهراتهم وملابسهم الفاخرة وأقساط مدارسهم الباهظة المخصصة لأثرياء القوم، فنحن في زمن تحولت فيه الضروريات إلى ملغيات، والكماليات إلى أساسيات، ولا حول ولاقوة إلا بالله من انقلاب المفاهيم). 
مع أمن الطريق، وتوفر المحرم بالنسبة للمرأة، فمن توفرت له هذه الامور ولم يبادر للحج فقد قصر في حقوق الله
والحج من اعظم العبادات، إذ تجتمع فيه العبادة القلبية بالبدنية بالمالية في نظام غريب، وتتجلى فيه وحدة المسلمين، فيتعارفون ويتآلفون، ويكون بمثابة معسكر تدريبي لهم على توديع الحياة المرفهة، وتعود حياة الجهاد والمجاهدة.
لهذا فالحج المبرور ليس له من جزاء إلا الجنة.

ومن حج فلم يرفث ولم يفسق عاد نقيا من الذنوب والخطايا كيوم ولدت أمه.

 وهو فرصة عظيمة ليستشعر المسلمون فيها امتدادهم الجغرافي والتاريخي

الجغرافي حين يجدون اجتماع الابيض والأسود والاسمر والأشقر والاحمر والأصفر في مكان واحد.
اختلاف الملامح والألوان واللغات والألسن، واتحاد القلوب والأفعال والمناسك والمشاعر في اتساق غريب وتنظيم عجيب.

وامتداده التاريخي حين يستشعر أنه يؤدي نفس المناسك التي أداها أجداده وأجداد أجداده، والتابعون والصحابة، وقبلهم نبيهم العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن قبله أبو الانبياء إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام الذي أذن في الناس بالحج من سالف الزمان، فما زالت الاجيال تلو الاجيال تلبي ذلك النداء الطاهر، وتهتف من أعماق قلوبها، وبكل ذرة في كيانها: لبيك اللهم لبيك.

فيشعر المسلم أنه ليس نبتة غريبة نبتت على سطح الأرض إثر عاصفة ممطرة، بل هو شجرة عريقة طيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
ولئن ادلهمت الخطوب من حوله، وحاربته دولته أو مجتمعه أو اسرته لتمسكه بدينه، فشعر أنه غريب، فهو غريب في المجتمع الفاسد، لكنه ليس غريبا في تاريخ الانسانية، ولا غريبا في ارض الله وملكوته، فهاهم مئات الالوف بل ملايين البشر مثله يحملون نفس همومه وآماله وأشواقه ومشاعره، تفيض أعينهم بنفس الدموع، وتلهج ألسنتهم بنفس الأذكار، وتخفق قلوبهم بنفس المشاعر، وترفرف أرواحهم في نفس الاجواء القدسية الطاهرة.

إنه ليس غريبا في مسار التاريخ، فهو مرتبط بسلسلة نسب عريقة طاهرة، تضرب بجذورها في أعماق الزمن، وتمتد عراقتها آلاف السنين، وتربطها حلقات من النبوة الطاهرة، والصحبة الصالحة، والإيمان الطاهر الشفيف
رحلة عبر الزمان والمكان، تغسل المؤمن من أدرانه، وتعيده كيوم ولدته امه.
منهم من يكتسب منها طهرا، ومنهم من تكون له عطرا، ومنهم من تكون له عقد عمل في سلك الخدمة الربانية والدعوة الإلهية، فلا حرمنا الله أجرها، ولا نفحاتها ووطهرها، ورزقنا وإياكم أداءها على الوجه الذي يرضيه عنا هذا العام وكل عام.
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: وأذن في الناس بالحج
« رد #1 في: 2008-12-13, 16:02:29 »
وفود الملك



نظرت حولي .... أتأمل المنظر المهيب.... هذه الجموع الغفيرة السائرة الجادة في السير، منها الأبيض والأسمر، والأسود والأشقر، الذكور والإناث، الشباب والمسنون، العرب والاعاجم، بلباس واحد وهتاف واحد...
هذه تحمل صغيرها، وذاك يحمل متاعه، وآخر يدفع بكرسي أبيه المسن، وتلك تمسك يد أختها وتجري، وهذا يقود موكبا من الناس رافعا لهم راية يعرفونها..
أولئك جلسوا في خيمة يستظلون بها، وهؤلاء التحفوا السماء، وهذا اتخذ لنفسه كرتونا فارغا جلس عليه... أتراه يحسبه سجادة أصفهانية؟... تراك تقبل أن ندفع لك ألوف الدنانير مقابل أن تأخذ كرتونا فارغا أو كيسا من البلاستيك فتبسطه وسط أحد شوارع مدينتك وتجلس ساعة من الزمن أو ساعات ؟؟
لكن هناك من يدفع مدخرات حياته من أجل أن يتحصل على كرتونة يجلس عليها في هذه البقعة العجيبة ليكون فرداً من هذا الوفد الكريم!!..

وفد ضيوف الملك الديان، العظيم الشان، ذي الجلال والإكرام...

سبحانك يا ألله...

هذه الجموع الغفيرة، مختلفة الأشكال والألوان والمستويات والطبقات، اجتمعت كلها هنا، ومالها إلا أمل واحد: أن تظفر برضاك وتحظى بعطائك..


وهاقد مالت شمس يوم عرفات للمغيب، وهب الناس وقوفاً مستقبلين القبلة، يجتهدون في الدعاء في هذه اللحظات المباركات... يغتنمونها قبل أن تنقضي، كأنها كنز يخشون فواته...

منهم من يردد الأدعية عن ظهر قلب، ومنهم من يتلوها من صفحات كتاب أو كتيب، ومنهم من يهتف من أعماق فؤاده، ومنهم من تهيم روحه في سماء ملكوتك، ومنهم من يلهج ثغره بالدعاء فتفيض عبرته، ومنهم من يغلبه البكاء والنحيب فيتلعثم لسانه ويحار بيانه....

ولكن ملك الملوك يسمعهم جميعا، ويقبلهم جميعا، ويمن عليهم جميعا..
فلكل منهم عطاء، ولكل منهم رزق ونصيب...

لن يرجع أي منهم محروما اليوم، لأنهم لم يطرقوا باب عبد لئيم، بل رب كريم رحيم حليم.. رب غني واسع، واجد ماجد، لا تنفد خزائنه ولا تنقطع عطاياه، يسمع سؤلهم، ويعلم سرهم ونجواهم، لا تشتبه عليه الأصوات، ولا تثقله الحاجات، ولا يُمله كثرة الإلحاح... ولا يشغله دعاء عن دعاء، ولا يختلط عليه سؤال بسؤال..  فيعطي كلا منهم حاجته، ويتجلى لهم برحمته ومغفرته...

هنا... وفي بعض اللحظات، يجوب المرء بعينيه ليرى هذه الجموع المتلاحمة من حوله، التي أتت من كل فج عميق...
هذه الجموع الغفيرة... والكثرة الكاثرة الوفيرة...
يخفق القلب بشدة، ويلهج اللسان بالتضرع...

يارب!!!... قبلت كل هؤلاء.... فهل قبلتني؟
غفرت لهم فهل غفرت لي؟
جبرت خاطرهم فهلا جبرت خاطري؟
يارب!! مالنا مولى سواك فندعوه، ولا رب إلاك فنرجوه
وقفنا بأعتابك يا ملك الملوك، وأنخنا مطايانا ببابك، فلا تردنا خائبين،
كما قبلتهم اقبلنا
وكما وصلتهم صِلنا
وكما مننت عليهم امنُن علينا

فقراؤك ببابك... عبادك على أعتابك.. مساكينك الشعث يتضرعون إليك..
مالنا حول ولا قوة إلا بك
مقصرون.. غافلون.. مذنبون.. مالنا عمل يصلح للعرض عليك..
ولكن...
إن لم تقبلنا فمن يقبلنا
وإن لم تجبر كسرنا فمن لنا؟
يا دليل الحائرين.. ويا أمان الخائفين.. ويا غياث المستغيثين
أغثنا أغثنا أغثنا توكلنا عليك يارب العالمين
ونفوض أمورنا إلى الله
إن الله بصير بالعباد


وإذ تختلط الدموع بالزفرات
والنبضات بالعبرات
يتوقف اللسان، وترتجف الأركان، وتسبح كل ذرة في جسم الإنسان هاتفة من أعماقها:
ألا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين وأنت أرحم الراحمين..

ويرقب المرء شمس عرفة وهي تغيب بين سحابات الدموع، وروحه ترتجف خوفا وأملا أن تغيب معها ذنوبه وخطاياه، وتطوى صفحة تقصيره وغفلته، ليبدأ مع ربه صفحة جديدة ناصعة، كثياب الحجيج البيضاء التي تملأ الأرجاء من حوله..

يعجز القلم عن رسم المشهد المهيب ونقل المشاعر الغريبة..
فلا يجد وسيلة إلا ان يدعو لقارئ هذه السطور أن يكرمه الله بأن يكون في العام القادم فردا من هذا الوفد العظيم، فيشهد هذا الموكب الملكي الجليل، ويستشعر بنفسه ما عجز القلم عن بيانه وتسطيره، إنك يا مولانا سميع قريب.


 ::roses2::


حج عام 1429 هـ
« آخر تحرير: 2008-12-13, 16:19:22 بواسطة ماما هادية »
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

حازرلي أسماء

  • زائر
رد: وأذن في الناس بالحج
« رد #2 في: 2008-12-13, 16:15:14 »
وفود الملك




يعجز القلم عن رسم المشهد المهيب ونقل المشاعر الغريبة..
فلا يجد وسيلة إلا ان يدعو لقارئ هذه السطور أن يكرمه الله بأن يكون في العام القادم فردا من هذا الوفد العظيم، فيشهد هذا الموكب الملكي الجليل، ويستشعر بنفسه ما عجز القلم عن بيانه وتسطيره، إنك يا مولانا سميع قريب.


 ::roses2::

اللهم آمييييييييييين
تقبل الله منك أختي الحبيبة وغفر ذنبك وشكر سعيك وزادك منه قربا،وهو الحنّان المنّان الكريم فهل يردّ الحنان دمع عبده الراجي.....

غير متصل ذات النطاقين

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 191
رد: وأذن في الناس بالحج
« رد #3 في: 2008-12-13, 22:58:27 »
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال . اللهم عاملنا بالإحسان إذ الإحسان منك وإليك .[/color]

غير متصل ناصح أمين

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 267
...
« رد #4 في: 2008-12-14, 10:04:52 »


عذراً .. قمت بحذف هذه المداخلة

آخر ما نزل من القرآن الكريم : قول الله تبارك وتعالى : (((واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون)))

نسأل الله أن يجعل خير أعمارنا أواخرها ، وخير أعمالنا خواتمها ، وخير أيامنا يوم نلقاه

« آخر تحرير: 2009-12-27, 06:56:12 بواسطة ناصح أمين »


بالله عليكم : سامحوني

(((واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)))

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه


غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: وأذن في الناس بالحج
« رد #5 في: 2008-12-14, 10:50:57 »
هل تقصد ان الله تعالى أكرمك بالحج يا أخ ناصح أمين؟
ولكنك تحسرت على اختلاف قلوب المسلمين؟

في الحقيقة خطر في بالي هذا الخاطر بالفعل عندما شاهدت الجموع الغفيرة في الطواف والمسعى خصوصا الافواج المترابطة التي ترفع صوتها بالدعاء خلف قائدها وتدفع في طريقها كل من يقترب منها ، فكرت لو ان هذه الجموع وهذه القوى موجهة لتحرير أراضينا وهذا الدفع والقوة مستخدمة ضد أعادينا، كان ربع هذه الجموع كافيا لتحرير كل الاراضي...
ولكن....
{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسْجِدِ الحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ} (التوبة 19)

يوما ما يصبح باطننا مثل ظاهرنا، او خيرا منه، وعندها تتحد قلوبنا، ويتغير حالنا وتنهض أمتنا
وعساه لا يكون بعيدا

بهمتكم وهمتنا، وصدقكم وصدقنا... وعندها يأتي نصر الله ولينصرن الله من ينصره


*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ناصح أمين

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 267
...
« رد #6 في: 2008-12-14, 11:40:37 »


عذراً .. قمت بحذف هذه المداخلة

آخر ما نزل من القرآن الكريم : قول الله تبارك وتعالى : (((واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون)))

نسأل الله أن يجعل خير أعمارنا أواخرها ، وخير أعمالنا خواتمها ، وخير أيامنا يوم نلقاه

« آخر تحرير: 2009-12-27, 06:56:28 بواسطة ناصح أمين »


بالله عليكم : سامحوني

(((واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)))

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه


حازرلي أسماء

  • زائر
رد: وأذن في الناس بالحج
« رد #7 في: 2008-12-15, 10:23:18 »

أظنُ أن من أكرمهم الله بالحج إنما هم صفوة من المسلمين ، إلا أنني بعدما عاينتُ أحوال هؤلاء الصفوة أصبحتُ أرى أن نصر الله لأمتنا ما يزالُ بعيداً جداً

أسأل الله أن يصلح حالنا

أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ البقرة 214

يقول سيد قطب رحمه الله :

هذه هي سنة الله القديمة , في تمحيص المؤمنين وإعدادهم ليدخلوا الجنة , وليكونوا لها أهلا:أن يدافع أصحاب العقيدة عن عقيدتهم ; وأن يلقوا في سبيلها العنت والألم والشدة والضر ; وأن يتراوحوا بين النصر والهزيمة ; حتى إذا ثبتوا على عقيدتهم , لم تزعزعهم شدة , ولم ترهبهم قوة , ولم يهنوا تحت مطارق المحنة والفتنة . . استحقوا نصر الله , لأنهم يومئذ أمناء على دين الله , مأمونون على ما ائتمنوا عليه , صالحون لصيانته والذود عنه . واستحقوا الجنة لأن أرواحهم قد تحررت من الخوف وتحررت من الذل , وتحررت من الحرص على الحياة أو على الدعة والرخاء . فهي عندئذ أقرب ما تكون إلى عالم الجنة , وارفع ما تكون عن عالم الطين:
(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة , ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم , مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه:متى نصر الله ? ألا إن نصر الله قريب). .
هكذا خاطب الله الجماعة المسلمة الأولى , وهكذا وجهها إلى تجارب الجماعات المؤمنة قبلها , وإلى سنته - سبحانه - في تربية عباده المختارين , الذين يكل إليهم رايته , وينوط بهم أمانته في الأرض ومنهجه وشريعته . وهو خطاب مطرد لكل من يختار لهذا الدور العظيم
وإنها لتجربة عميقة جليلة مرهوبة . . إن هذا السؤال من الرسول والذين آمنوا معه . من الرسول الموصول بالله , والمؤمنين الذين آمنوا بالله . إن سؤالهم: (متى نصر الله ?)ليصور مدى المحنة التي تزلزل مثل هذه القلوب الموصولة . ولن تكون إلا محنة فوق الوصف , تلقي ظلالها على مثل هاتيك القلوب , فتبعث منها ذلك السؤال المكروب: (متى نصر الله ?). .
وعندما تثبت القلوب على مثل هذه المحنة المزلزلة . . عندئذ تتم كلمة الله , ويجيء النصر من الله:
(ألا إن نصر الله قريب). .
إنه مدخر لمن يستحقونه . ولن يستحقه إلا الذين يثبتون حتى النهاية . الذين يثبتون على البأساء والضراء . الذين يصمدون للزلزلة . الذين لا يحنون رؤوسهم للعاصفة . الذين يستيقنون أن لا نصر إلا نصر الله , وعندما يشاء الله . وحتى حين تبلغ المحنة ذروتها , فهم يتطلعون فحسب إلى (نصر الله), لا إلى أي حل آخر , ولا إلى أي نصر لا يجيء من عند الله . ولا نصر إلا من عند الله .
بهذا يدخل المؤمنون الجنة , مستحقين لها , جديرين بها , بعد الجهاد والامتحان , والصبر والثبات , والتجرد لله وحده , والشعور به وحده , وإغفال كل ما سواه وكل من سواه .


. .
« آخر تحرير: 2008-12-15, 10:27:23 بواسطة حازرلي أسماء »

غير متصل ناصح أمين

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 267
...
« رد #8 في: 2008-12-15, 10:56:08 »


عذراً .. قمت بحذف هذه المداخلة

آخر ما نزل من القرآن الكريم : قول الله تبارك وتعالى : (((واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون)))

نسأل الله أن يجعل خير أعمارنا أواخرها ، وخير أعمالنا خواتمها ، وخير أيامنا يوم نلقاه

« آخر تحرير: 2009-12-27, 06:56:45 بواسطة ناصح أمين »


بالله عليكم : سامحوني

(((واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)))

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه


غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: وأذن في الناس بالحج
« رد #9 في: 2008-12-15, 11:06:51 »
جزاكِ الله خيراً أختاه

وقد أشرتُ في ردي على "ماما هادية" في صفحتها على "الوعد الحق" إلى شيء من أسباب ألمي

فراجعيه إن شئتِ

أكرمنا الله وإياكم

ليتك تتكرم بنقله الى هنا يا أخي

*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*

غير متصل ناصح أمين

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 267
رد: وأذن في الناس بالحج
« رد #10 في: 2008-12-15, 11:43:24 »
سمعاً وطاعة


قلتُ :


منذ نعومة أظفاري وأنا أتعجب من أمرٍ ما ، وما زال عجبي إلا عندما عاينتُ ما عاينت

كنتُ أعلم أن الله يباهي بأهل عرفات ملائكته ، حيث يدنو من عباده : يغفر لهم ، ويستجيب لدعائهم ، ويتغمدهم برحماته

كنتُ أعلم أن الملايين من المسلمين يقفون هذا الموقف يسألون الله من خيري الدنيا والآخرة ، ويرجعون يتحدثون أن الله قد أعطاهم ما سألوه في هذا اليوم العظيم ، ويسألون من يذهب أن يدعو لهم هناك ؛ لما عاينوه من إجابة الدعاء

فكان يتملكني العجب : أما من مسلمٍ صادقٍ يدعو الله في هذا الموقف أن يرفع عن أمتنا ما لحقها من ذلٍ وعارٍ ومهانة ؟!! أما من مسلمٍ صادقٍ يدعو الله أن يرحم المستضعفين من الشيوخِ والنساء والأطفال الذين يُسامون سوء العذاب في شتى بقاعِ الأرضِ لمجرد كونهم من أهل الإسلام ؟!! أما من فردٍ واحدٍ في هذه الجموع الحاشدة يحمل هم أمته ليدعو لها في هذا الموقف ؟!!

أي دعاء قد يشغل المؤمن حقاً عن هذا الدعاء ؟!! وأي رجاء يتمناه المؤمن حقاً غير هذا الرجاء ؟!!

فلما رأيتُ أهل الموقف يوم عرفة وهم يدخنون علمتُ السر !!

لما رأيتُ أهل الموقف يوم عرفة وهم يدهس بعضهم بعضاً ويقاتلون لخطف الوجبات المجانية التي توزع هناك علمتُ السر !!!

لما رأيتُ حجاج البيت الحرام وهم يتدافعون أثناء الطواف ، بل يأمر بعضهم بعضاً أن يدفع من أمامه (إي والله سمعتها بأذني) علمتُ السر !!!

لما رأيت حجاج البيت الحرام في المسعى لا يعبأون لشيخٍ كبيرٍ ولا لضعيفٍ علمتُ السر !!

لما رأيتُهم وهم منشغلون يوم عرفة وأثناء الطواف برفع أكف الضراعة ودعاء الحسين والمناداة عليه من دون الله علمتُ السر !!

وياليتني ما علمت !!!

والله صرتُ أحمد الله أن رحمته سبقت غضبه فلم يخسف بالجميع

فكما هو معلومٌ أن الجماعة قد يؤاخذها الله بذنب الفرد الواحد منها ، ومصداق ذلك ما رواه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( غزا نبي من الأنبياء ، فقال لقومه : "لا يتبعْني رجل ملك بُضْعَ امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها ، ولا أحد بنى بيوتاً ولم يرفع سقوفها ، ولا أحد اشترى غنماً أو خَلِفاتٍ وهو ينتظر ولادها" ، فغزا ، فدنا من القرية صلاةَ العصر أو قريباً من ذلك ، فقال للشمس : "إنك مأمورة وأنا مأمور ، اللهم احبسها علينا" ، فحُبِسَتْ حتى فتح الله عليه ، فجمع الغنائم ، فجاءت (يعني النار) لتأكلها ، فلم تطْعَمْها ، فقال : "إن فيكم غُلولاً ، فليبايعني من كل قبيلة رجل" ، فلَزِقَتْ يدُ رجلٍ بيده ، فقال : "فيكم الغُلول ، فليُبَايِعْني قبيلتك" ، فلَزِقَتْ يدُ رجلين أو ثلاثةٍ بيده ، فقال : "فيكم الغُلُول" ، فجاءوا برأسٍ مثل رأس بقرة من الذهب ، فوضعوها ، فجاءت النار فأكلتها ))

وكان نزول نارٍ من السماء تأكل الغنائم علامة قبول الجهاد في شريعتهم ، فلم يقبل الله جهادهم لأن رجلين أو ثلاثة من الجيش غلوا من الغنيمة !!

فسبحان الحليم العظيم الرؤوف الرحيم

إن أسفي على حال حجاج بيت الله الحرام لا يعني بحال اليأس والتقاعس ، وإنما أفاقني على حقيقة كنتُ أظن عكسها

كنتُ أرى حرص الناس على الذهاب للحج فأستبشر خيراً عظيماً ؛ إذ أنني لم أكن أتصور أن يذهب أحد إلى هذه المشاعر ويعيش هذه الحالة الإيمانية الفريدة ثم يرجع بنفس القلب والروح التي ذهب بها !!

كنتُ أتصور أن كل من يذهب يرجع مولوداً جديداً على حد تعبير رسول الله صلى الله عليه وسلم (( كيوم ولدته أمه )) ، بهمةٍ عالية وروحٍ سامية ، بعدما عاين عزة الإسلام وعظمته التي جمعت ألواناً وألسناً وأشكالاً لا يجمعها إلا الإسلام وإجابة نداء الله الذي رفعه الخليل إبراهيم عليه السلام

فكنتُ أستبشر خيراً كثيراً ، وأن النصر يقترب ، وإنما هو صبر أيام كأن مدتها أضغاثُ أحلام

فأفقتُ ، وعلمتُ أن الطريق ما يزالُ طويلاً ، والميدان ما يزال بحاجة إلى الكثير والكثير من الجهد

لا أعني أن جهد الدعاة وشباب الصحوة هو الذي يصنع التغيير ، كلا وحاشا ، وإنما الحاجة إلى هذه الجهود المضاعفة لاستمطار رحمة الله ، وحتى يرى الله منا الجد فيتكرم علينا بما تقر به عيون المؤمنين

والله غالب على أمره


بالله عليكم : سامحوني

(((واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)))

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه


جواد

  • زائر
رد: وأذن في الناس بالحج
« رد #11 في: 2008-12-16, 01:55:20 »
جزاكم الله خيرا على الموضوع،

كلماتك ثقيلة جدا أخى "ناصح أمين"

لكن ترى لو أن أهل عرفات جميعهم قاموا بقلوب صادقة فدعوا الله أن يهلك اسرائيل ويحرر فلسطين،

ثم رجع كل منهم الى أهله وعاش حياته "الحلال" كما كان يعيشها من قبل ،

ترى هل ستحرر فلسطين ؟

غير متصل ناصح أمين

  • شباب نشيط
  • **
  • مشاركة: 267
...
« رد #12 في: 2008-12-17, 09:40:46 »


عذراً .. قمت بحذف هذه المداخلة

آخر ما نزل من القرآن الكريم : قول الله تبارك وتعالى : (((واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون)))

نسأل الله أن يجعل خير أعمارنا أواخرها ، وخير أعمالنا خواتمها ، وخير أيامنا يوم نلقاه

« آخر تحرير: 2009-12-27, 06:57:20 بواسطة ناصح أمين »


بالله عليكم : سامحوني

(((واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)))

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه


Al-Muslim

  • زائر
رد: وأذن في الناس بالحج
« رد #13 في: 2008-12-22, 10:18:01 »
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً إخوتي ناصح أمين وماما هادية، وكل حجاج بيت الله الحرام.

سبحان الله، كم يواجه الحاج من مصاعب ومتاعب وكم تستوقفه مواقف مستفزة ومشاهد سلبية، ولكنه ما إن يعود من رحلته حتى لا تبقى في ذاكرته إلا الذكريات الجميلة، فلا يقوم ويقعد ولا يأكل ويشرب إلا وشريط الذكريات الأبيض يطوف به بين طواف وسعي ودعاء وبكاء.

ما أجمل ما وصفت يا ماما هادية، وكم قرأت من قبل وكم سمعت وكم شاهدت، ولكن ليس راء كمن سمع، ولعل هذا ما يجعلني أحجم عن الوصف كلاماً أو كتابة، بل أكتفي بالدعاء لمن يسألني بأن يكون من حجاج بيت الله العام القادم.

اللهم ارزقنا العودة ثم العودة ثم العودة. "إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد".

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وكل عام وأنتم بخير.

جواد

  • زائر
رد: وأذن في الناس بالحج
« رد #14 في: 2008-12-24, 13:58:29 »
جزاكم الله خيرا على الموضوع،

كلماتك ثقيلة جدا أخى "ناصح أمين"

لكن ترى لو أن أهل عرفات جميعهم قاموا بقلوب صادقة فدعوا الله أن يهلك اسرائيل ويحرر فلسطين،

ثم رجع كل منهم الى أهله وعاش حياته "الحلال" كما كان يعيشها من قبل ،

ترى هل ستحرر فلسطين ؟



أرى أنهم لو استقاموا على أمر ربهم كما أمرهم وقاموا في هذا الموقف يسألون الله ذلك بإخلاص فسوف يهيء الله لهم أسباب النصر ويوفقهم للأخذ بها .. يومها لن يرجعون بقلوبٍ كتلك التي هي في صدورهم اليوم (إلا من رحم الله)

والله المستعان


المفهوم الذى تتكلم عنه دقيق جدا أخى الكريم،

فمن يسأل الله أسباب النصر بصدق يجب أن يكون حالة موافق لذلك،

أى أنه يسعى بالفعل للأسباب ويسأل الله السداد والتوفيق،

أما أن يسأل المسلم الله أن يهيئ للأمة أسباب النصر ثم يذهب الى بيته دون ان يتغير داخله شيئ ويتغير حالة تبعا لذلك فكيف يكون صادقا ؟


غير متصل ماما هادية

  • أحلى.شباب
  • *****
  • مشاركة: 15901
  • الجنس: أنثى
  • احفظ الله يحفظك
رد: وأذن في الناس بالحج
« رد #15 في: 2014-10-01, 14:21:22 »
للرفع بمناسبة الحج هذا العام 1435 هـ
رفع الله قدركم في الدنيا والاخرة
*رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ*