أعتذر عن تقصيري في متابعة الموضوع
بالنسبة لسؤال زينب الذي طرحته هنا من شهور
من وجهة نظري ان هناك فرقا بين القصة المكتوبة، وبين القصص التي تحدث في الواقع في ناحية معينة
القصة المكتوبة يفترض بها أنها تروى لتعطينا عبرة ما.. او تمرر لنا رسالة ما
وأما الواقع فإنه دروس يومية قد نعيها وقد نغفل عنها، وقد تكون خاصة او عامة، وقد تكون ابتلاءات ومحن..
ففي الواقع قد يمد الله تعالى للظالم، ويستمر في طغيانه وظلمه، ثم يموت في داره بسكينة وهدوء، وتقام له جنازة حافلة كأنه أحد العظماء، كما حدث لعبد الناصر وكمال أتاتورك وغيرهما...
فأين العبرة في هذه القصة؟
إنها امتحان لإيمان الناس واختياراتهم... ويقينهم ان الجزاء الحقيقي في الآخرة لا في الدنيا
أما القصة، فيفترض ان يكون لها بعد أخلاقي ورسالة هادفة، فإذا ما كتبت قصة كهذه: عاش الظالم وظلم وطغى وعمر طويلا وخلف بنين وبنات، أورثهم جنات وعيون، ثم مات فأقيمت له جنازة مهيبة وشيع الى مثواه الاخير بمزيد حفاوة وتكريم، وأقيم في ساحة البلد تمثال عظيم يخلد ذكراه...
فهذه قصة غير أخلاقية، تحث على المنكر وتصد عن المعروف.. مع أنها واقعية وتتكرر كثيرا على مر الدهور...
طيب... بالنسبة للقصة التي ذكرتها
فإن عرض شخصية سيئة شريرة كهذه الشخصية، تجعل القارئ يتوقع كل لحظة والاخرى ان يعرف جزاءها على ما اقترفته يداها الأثيمة
وإذا به يفاجأ في نهاية القصة انها تابت وصلحت وفازت بالاخرة ولم تعاقب على شيء مما فعلته
لم تشعر حتى بعذاب الندم
بل انك كقارئة للقصة نسيت كيف تحولت الشخصية فجأة الى التوبة... مما يدل ان التحول لم يكن من خلال حدث مؤثر يترك أثرا في مشاعرك وذاكرتك
وبهذا تشعرين ان القصة تزين المعصية ولا تبين عاقبتها الوخيمة، تحت ستار أو شعار ان التوبة تجب ما قبلها وان باب التوبة مفتوح
وهذا حق.. لكن مرروا من خلاله كثيرا من الباطل
ثم عن ماذا تابت تحديدا؟ عن الاساءة لزوجها الراحل؟ ام عن لقائها الرجال بزينتها السريرية؟
من خلال تلخيصك تعرض هذه الفاحشة الكبرى، وكأنها فقط اهانة لمشاعر زوجها، لا أنها معصية وبيلة، ولا أنها تستتبع اغتصابا او زنى او فحشاء
عادي.. تلقى الرجال بزينتها السريرية وكل ما يحدث انها تأسرهم بجمالها وترضي غرورها
وهذا تهوين فظيع للمعاصي، وصرف للناس عن مآلات مثل هذه الأفعال، للانشغال فقط بواقع الحال... وحرف للمنكرات عن اتجاهها الحقيقي، فبدل ان تظهر انها معصية لله عز وجل، تصور على انها تقصير في حق الزوج فقط، فإن سامحها فلا مشكلة...!!
هل اتضحت الفكرة الاخيرة
يعني الفيلم الذي يصور لك فتاة تخرج مع الشباب وترقص وتلبس العاري.... ثم لا يحدث لها جراء ذلك الا مشكلة بسيطة مثلا مع خطيبها مثلا... هذا يهون من خطورة المعصية ويخفي آثارها الوخيمة عن عيون الشباب والفتيات معا، فيقبلون عليها غير خائفين ولا وجلين ولا حذرين... فما أكثر ما يمكن أن يحدث؟؟ كله تحت السيطرة... مع ان هذه الامور هي اكثر وأسرع الامور خروجا عن السيطرة...
ولهذا لا أحب هذه النوعية من القصص، وأشعر انها هدامة لا بناءة
والله اعلم