هايدي
قصة هايدي قصة سويسرية للكاتبة جوانا سبيري.. كتبتها منذ مائة عام تقريبا..
قرأتها باللغة الانجليزية
تحكي القصة عن طفلة صغيرة، توفيت والدتها، فأحضرتها خالتها لجدها لأبيها ليكفلها، لأنها كانت تريد العمل في مدينة أخرى، ولم تعد قادرة على الاهتمام بهايدي..
شخصية الجد شخصية عجيبة، فهو شخص غليظ القلب، خشن الطباع، يقيم في أعلى إحدى قمم جبال الألب ، في كوخ صغير، يهتم بعنزاته، وزراعة حديقته، ويعتزل العالم ساخطا عليه... (لا أذكر السبب).. وكان غير راض عن زواج ابنه الفقيد بأم هايدي، لذا كان لا يشعر بأي عاطفة نحو الطفلة، وشعر أنها عبء شديد عليه، وإزعاج بغيض أضيف إلى حياته المنفردة... ولذا كان الجميع يشفق على مصير هذه الطفلة الغضة مع هذا الرجل القاسي.
لكن الطفلة ببراءتها وحيويتها ومرحها، تبدأ في التسلل إلى شغاف قلب هذا الكهل الفظ، وتبدأ طباعه بالتغير رويدا رويدا..
وبعد شهور من تعود الجد، والجيران في القرية التي في سفح الجبل على هايدي ومرحها وبراءتها وطيبة قلبها، تأتي الخالة لتقول أنها وجدت مسكنا أفضل لهايدي، إذ ستقيم هايدي لدى أسرة ثرية تتبناها، مقابل أن توفر هايدي الصحبة الحلوة لابنتهم الطفلة المقعدة... وبالطبع فالإقامة لدى أسرة ثرية، تحت رعاية مربية متدربة، وحيث الأب الحنون، والابنة المقعدة المهذبة، والجدة الوقور، والدروس التعليمية، والطعام الجيد المنوع، أفضل بكثير من الإقامة المنعزلة في أعلى الجبل الأخضر مع الجد العجوز الفظ، هكذا كان تفكير الخالة... التي انتزعت الطفلة من جدها، وكأنها انتزعت منه روحه، وتركته ليعود لحزنه ووحدته ووحشته...
وكان وداع هايدي لجدها وأهل القرية الجبلية مؤثرا جدا...
وتقيم هايدي لدى الأسرة الثرية، وتضفي على البيت البهجة والحبور، وتدخل السرور على قلب الطفلة المقعدة، لكن هايدي تبدأ بالذبول كزهرة قطفت من البستان، ووضعت في مزهرية فخمة... وتلاحظ الجدة المتدينة هذا الذبول والحزن والتغير على هايدي، فتنصحها أن تصلي لله وتدعو له أن يحقق لها ما تريد...
وتسافر الجدة فترة ثم تعود، لتجد هايدي قد ازدادت ذبولا، رغم ازدياد عمق العلاقة بينها وبين الحفيدة المقعدة التي صارت هايدي كل شيء في حياتها، وتسألها الجدة إن كانت تعمل بوصيتها وتدعو الله، فتخبرها هايدي أنها تركت الدعاء والصلاة لأنها لم تجد فائدة، ولأن الله لا يستجيب لها، فتحدثها الجدة عن رحمة الله وحبه وعطفه على عباده، وأنه حتى لو تأخر في الإجابة، فهذا ربما لأنه يدبر لها أمرا خيرا مما تطلبه هي، أو لأن ما تطلبه لم يحن الوقت المناسب له ليتحقق بأفضل صورة، فعليها أن تثق بالله، ولا تكف عن الصلاة والدعاء...
فتواظب هايدي على دعاء ربها أن يعيدها للجبل الأخضر الجميل، حيث الطبيعة الطلقة، والأزهار الغضة، والعنزات الصغيرة، والجد الحبيب، والجيران الطيبون، دون أن يفصلها عن صديقتها الجديدة الطيبة...
لا أذكر تماما ما الذي حدث بعد ذلك، لكن أعتقد أن الطبيب الذي يعالج الحفيدة لاحظ ضعف هايدي، فأخبرهم أن علاجها أن تعود لجدها في الجبل، واقترح عليهم أن تصحبها الحفيدة، فهي ستنتفع أيضا من الهواء الطبيعي النقي والجو المنفتح في أعلى الجبل...
وتطير هايدي من الفرح، لأنها ستعود لجدها وقريتها وكوخها وجبلها، دون أن تبتعد عن صديقتها الجديدة... وتشعر بالامتنان لربها الذي استجاب دعاءها وحقق أمانيها..
وتقيم الطفلتان فترة في الجبل مع الجد، الذي تدب الحياة في أوصاله من جديد، وتعود النضارة والحياة للزهرة الحلوة هايدي، وتتحسن صحة الحفيدة بشكل ملحوظ، ثم تحاول وتحاول حتى تتغلب على ضعف ساقيها، وتتخلص من عجزها وشللها...
حقا نسيت نهاية القصة بالتفصيل، لكنها كانت نهاية سعيدة وهنية..
ما اعجبني في القصة هو الموضوع المختلف تماما عن الموضوع التقليدي الذي قتلوه بحثا، حب واحد لواحدة، ثم الزواج أو الموت.... إنها قصة بطلتها طفلة، لا يمكن أن تستمر فصلين في القصة إلا وتكون قد أحببتها من كل قلبك...
ثم البعد الديني الجميل في القصة -وكأن المؤلفة مسلمة- فعلا ملفت للنظر، رغم أن المؤلفة نمساوية، وهو أكبر دليل على أن الفطرة السوية النقية لا بد أن تتجه لخالقها بإخلاص وإيمان.. وأسلوب عرض القصة الرشيق الجميل... لغة راقية.. صور بديعة... كأنك تستنشق عبير الجبل، وشذى أزهاره، وأريج أعشابه البرية، وتتقافز مع العنزات البيضاء بين المراعي والصخور والينابيع، وتتذوق الجبنة السويسرية الطازجة التي يشويها الجد للحفيدة، وتستشعر خشونة فراش القش وطقطقاته تحت الجسد المتعب المضنى... وصغر الكوخ العتيق مع اتساع الطبيعة وانطلاقها من حوله...
وطيبة القلوب التي تذيب الصخور، وتشفي العليل، وتحقق المعجزات..
قصة استمتعت بكل سطر منها، وأتمنى لو أجد وقتا لأعيد قراءتها والاستمتاع بها من جديد..
إنها حقاً قصة رائعة و أجمل ما فيها البعد الدينى و ربما يا ماما هادية تكون المؤلفة مسلمة .... أنا متأكد أن تلك القصة مليئة بصور جمالية كثيرة و أسلوب رصين و سهل فى نفس الوقت....
و لى عندك سؤالان يا ماما هادية:
هل مغزى القصة : الحب الفطرى للعائلة مثلاً و العودة لحضنها أم ماذا ؟
حدث فتور لهايدى و لم تعد تدعى .... هل من الممكن أن تخبرينا بالمزيد عن أسباب قبول الدعاء ؟