خالتي الفاضلة...
في العشية، جلستُ وأبي على (البسطة) تظلّنا سماء الريف الطاهرة، و(يناغشنا) البعوض المبثوث مع بداية الربيع الحارّ... وقد تأخّر شروق القمر علينا مع أيام الشهر العربيّ البيضاء...
كنتُ قد عرضتُ على أبي الحلقة الثلاثين من مسلسل (التغريبة الفلسطينية)؛ هذا المسلسل الذي أحبّه كثيرًا، وأحتفظ بحلقاته كاملةً على حاسوبي -أو مِحْسَابي كما عند الطنطاوي-...
الحلقة تصوّر الأيام ما قبل عدوان 5 يونيو حزيران 1967م ... وتصوّر اليوم المشئوم نفسه... في مخيم طولكرم والقاهرة وعمّان وبيروت... وكيف انكسرتْ أنفس الناس...
قال أبي -والعبارة لي-:
-وكان عندنا -يومَها- امتحان فسيولوجيا شفوي... وتأجّل الامتحان -كالذي تقول اللافتة المعلقة- (إلى أجل غير مسمّى)... وعشنا في الذي قالوه... وأسقطنا عشرات الطائرات... وحلّقنا مكانها... وكنّا يومها كثيرين بمصريّتنا... فريدين بشرفنا... فأصبحنا فإذا مجدنا أثر بعد عين... وإذا الذي رفعنا في السماء يحطنا في أدنى الأرض... لقد حطمونا... حطمونا بعدما أطعمونا أملًا.......
تراها -يا خالة فرح- توابع الهزيمة ؟!... هزيمة الكرامة والنخوة والشجر... الشجر الذي يأبى إلا التلطخ بالأوحال والقاذورات مع نخوتنا وكرامتنا ؟!
فما الجديد إذن ؟!