عبرات..
لنعد إلى الوراء بعيداً ، فثمةً تنهدات تلتهب في الصدر .
وهناك ..
وهناك ذكريات لا تنسى ..
فصبراً أندلساً ، فلن ننساك وإن شطَ بنا المدى ..
ولن نخذلك فنحن إليكِ قادمون .
ما نسينا خبروها ****** كيف ينساها الولوع
كيف يسلوها محب **** بعدها عاف الهجوع
شهد الليل عليه ****** ضحكت عنه الدموع
أنها حبُ مكين ****** عرشه بين الضلوع
كم تمنى أن يراها ****** لو لِما فات رجوع
صار بعد الوصل دهرا ****** بشذى الذكرى قنوع
قطفوا الزهرة منّا ****** زهرة كانت تضوع
قد سقيناها دمانا ****** مثلُها كيف يضيع
جنة عنها لُهينا ****** فطُردنا بالجموع
وبها عشنا قروناً ****** للدياجير شموع
يُعجِب الشرق علاها ****** ولها الغرب خضوع
ياربى الأندلس الـــ ****** خضراء يا طيب الربوع
كم لك اشتاق فؤاد ****** وبك هام ولوع
نسأل الرحمن يوما ****** فيه نأتيك جموع
هكذا انسابت كلمات المنشد حارة حزينة تبحث عن مستقر لها،
وما أقسى العتاب حين يخرج من قلب صادق فيلقى آخرا مكلوما جريحا،
وتنزف العبرات حمما تحرق أفئدة المحبين وتشعل صبابة العاشقين الصادقين.
ولعبرات المخلصين تاريخ كذاكرة الأمم تتنوع أشكالها وأحوالها فى كل نائبة أو إرث جديد ينتظر الطامحين.
عبرة تشكو حال النفس وهوانها ومدى ضعفها واستكانتها أمام رغباتها،
وكأنما هو قيد ثقيل يرزح فى القدم فيعيق خطوات الأمل،
فإلى متى نظل نخسر فى حربها والى متى نستسلم لأسلحتها؟
والى متى سيظل العجب يرتع فى ساحاتها؟
فإذا ما جفت الأولى انهمرت أختها لتلحق بها، تتحسر على ضياع اندلسها واغتصاب فلسطينها وانتهاك حرمات أمتها،
تنظر بعين الخزى الى من سالم عدوها وقدم القرابين لأصنامهم ورضى بالدنية فى دينه.
وعدمنا رجالا كأبى عبيدة وعمر وأصحابهما..
وعبرة تشكو حال دعاتنا ومن رفع لواء القدوة وارتضى حمل الأمانة فلم يعرف حقيقتها ولم يتركها لحالها،
فالتبس الحق بالباطل والحلال بالحرام وتاه الناس وسط غابات الجديد البراق يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الا غرورا.
والكل يصفق لناديه بلا تدبر أو تمييز.
عبرة تشكو حال ملتزمينا اذا ما غضوا الطرف عن التزامهم أمام المال والنساء،
لا تشبع بطونهم ولا تمل أفئدتهم من تززيف الحقائق ومنافقة النفس بما ليس فيها،
تزرف العيون على صدى الكلمات ثم تتحجر العبرات اذا ما دعوا الى تنفيذ وتطبيق،
ولا بأس من مشادات وصراعات على سفاسف الأمور فلم يعد عندنا مشاكل أو هموم.
وعبرة على حال أهلنا فى غزة،
فإن كنا خذلناهم فما كان يليق بهم أن يخذلوا أنفسهم فيصل بهم الذل الى جر الحمير والحملان يسترجون العطف من ذنب الشيطان.
أهكذا يمتهن المسلم نفسه فيساويها بالنعام ؟
أهكذا يفقد المسلم عقله فيرجوا العدل من زبانية الشيطان ؟
الى متى نظل حيارى نبحث فقط عن حياة ...
نطرق الغرب والشرق ولا ننظر الى تنزيل رب العالمين..
أم تراها عبرة أخرى على ألوية الوطنية والعروبة الخرقاء،
نفرق بها بين أخوتنا فى الدين ونعود الى جاهلية بعد عزة الإسلام.
وأخيرا عبرة حارة على من ليس لدية عبرات.
وعبرة حمراء على من اكتفى بعبرته ووقف يعدد عبرات الناس فذهبت حياته دون أن تنبت العبرات.